توالي الزلازل في إثيوبيا يجدد مخاوف مصرية بشأن أمان «سد النهضة»

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
TT
20

توالي الزلازل في إثيوبيا يجدد مخاوف مصرية بشأن أمان «سد النهضة»

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

جدد توالي الزلازل في إثيوبيا خلال الأيام الأخيرة مخاوف مصرية بشأن أمان «سد النهضة»، الذي أقامته أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير أزمة مع دولتي المصب (مصر والسودان).

ورغم أن الزلازل التي شهدتها إثيوبيا أخيراً تبعد عن المنطقة المقام عليها «السد»، فإن خبراء حذروا من «وقوع زلازل شديدة الخطورة قد تطول بنية (السد)»، وقالوا إن «مشروع (السد) مقام على منطقة فوالق أرضية ما يثير القلق باستمرار بشأن سلامته الإنشائية».

وشرعت إثيوبيا في بناء «السد» منذ عام 2011 بداعي إنتاج الكهرباء. وتطالب مصر والسودان بإبرام «اتفاق قانوني ملزم» ينظم قواعد تشغيل «السد»، بما يؤمِّن حصتيهما من مياه النيل، لكن المفاوضات بين الأطراف الثلاثة لم تنجح في الوصول إلى ذلك الاتفاق على مدار السنوات الماضية.

وتعرضت إثيوبيا على مدار الأسبوع الماضي لسلسلة من الزلازل، كان من بينها زلزال وقع على مسافة 142 كيلومتراً شرق العاصمة أديس أبابا، السبت، وبلغت شدته 5.8 درجة، وفق «هيئة المسح الجيولوجي الأميركي». وذكرت «الهيئة» أن «إثيوبيا تعرضت لسلسلة من الزلازل أقل قوة تجاوزت 30 زلزالا على مدار الأسبوع الماضي».

ورغم أن غالبية الزلازل التي تشهدها إثيوبيا تقع في منطقة «الأخدود الأفريقي» البعيدة عن «سد النهضة»، وفق أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، فإن «قوة الزلزال الذي وقع، السبت، أثارت مخاوف بشأن احتمالية امتداد تأثير الهزات الأرضية إلى المنطقة المقام عليها (السد)».

ويرى شراقي أن «إثيوبيا تشهد موجة غير مسبوقة من الزلازل حاليا، والقلق أن يصل النشاط الزلزالي إلى المنطقة المقام عليها (السد) ما يجعله أكثر عرضةً للانهيار»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «بنيان السد الإثيوبي، تهدد سلامته الفيضانات والزلازل، وهو ما يزيد المخاوف».

بنايات على نيل القاهرة (تصوير عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير عبد الفتاح فرج)

وسبق أن طالبت القاهرة، الجانب الإثيوبي، بتقديم «دراسات فنية تفصيلية» بشأن «السد»، ومعاملات الأمان المتعلقة بالإنشاءات والتشغيل، وحذر وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم، خلال «المنتدى العالمي العاشر للمياه» الذي عُقد بإندونيسيا في مايو (أيار) الماضي، الجانب الإثيوبي، من مخاطر «الاستمرار في بناء (السد) من دون تقديم دراسات فنية تفصيلية حول آثاره البيئية والاقتصادية على دول المصب».

بينما حذر أستاذ نظم علوم الأرض والاستشعار بجامعة تشابمان الأميركية، هشام العسكري، من تأثير الخصائص الجيولوجية للمنطقة المقام عليها مشروع السد الإثيوبي، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «(السد) بُنِيَ على منطقة فوالق أرضية، وازدياد نسب تخزين المياه قد يؤدي إلى تشققات وانزلاقات أرضية تسبِّب حدوث زلازل»، مشيراً إلى أن «البحيرات المائية خلف السدود، دائماً ما تولِّد نشاطاً زلزالياً».

ويرى العسكري أن «الربط بين ازدياد نشاط الزلازل في إثيوبيا أخيراً، مع ارتفاع نسبة التخزين في بحيرة (السد)، يستدعي مزيداً من الدراسات العلمية، لقياس أثر الحمل المائي على المنطقة»، ودعا إلى «ضرورة إجراء دراسات جيولوجية وبيئية للمنطقة المحيطة بـ(السد)، وتقييم دوري لسلامته».

وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، في وقت سابق، «اكتمال بناء مشروع السد»، وقال في أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد سيصل إلى 70 مليار متر مكعب بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2024».

وبحسب خبير المياه الدولي، ضياء القوصي، فإن «الحكومة الإثيوبية تجاهلت جميع التحذيرات التي قدمها الخبراء بشأن أمان (السد) وزيادة السعة التخزينية من المياه»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «إقامة السد على منطقة فوالق أرضية تزيد من عمليات تسرُّب المياه، وهذا يشكل خطراً على أمان السد إنشائياً، خصوصاً إذا تعرضت المنطقة لنشاط زلزالي».

ورأى تقرير صدر في مايو (أيار) 2013 عن (لجنة الخبراء الدوليين)، المُشَكَّلة من الدول الثلاث لتقييم الجوانب الفنية لمشروع السد الإثيوبي، أن «الدراسات الإثيوبية عن السد غير كافية». وانتقد التقرير الذي جاء حينها بعد تقييم 153 دراسة قدمتها إثيوبيا عن مشروع السد، «غياب دراسات أساسية مثل تأثير انهيار (السد)، وتقييم الآثار البيئية والاجتماعية».

وفي رأي القوصي فإن «أمان السد إنشائياً كان يستدعي عدم زيادة السعة التخزينية للمياه خلفه، وفق دراسات أميركية سابقة».

وتنظر القاهرة لأمنها المائي بوصفه «قضية وجودية»، حيث تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حاليا تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات الري المصرية.

وجددت مصر والسودان، الشهر الماضي، رفضهما «أي مساس بحقوقهما المائية من نهر النيل»، وأكدا على «مخاطر إنشاء (سد النهضة) من دون أي تشاور مع دولتي المصب»، وأشارا إلى أن تحركات أديس أبابا لفرض سياسة الأمر الواقع «تمثل انتهاكاً لقواعد القانون الدولي».


مقالات ذات صلة

مصر تؤكد التزامها بمكافحة جرائم الأموال «غير المشروعة»

شمال افريقيا مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

مصر تؤكد التزامها بمكافحة جرائم الأموال «غير المشروعة»

قرّر النائب العام المصري، المستشار محمد شوقي، «إحالة 237 قضية» إلى «محاكم الجنايات الاقتصادية» بتهم «ارتكاب جرائم غسل الأموال» خلال عام واحد.

أحمد إمبابي (القاهرة )
رياضة عربية عماد النحاس (الاتحاد السكندري)

الأهلي المصري يعين النحاس مدرباً مؤقتاً... ويوسف مديراً رياضياً

أعلن الأهلي حامل لقب الدوري المصري الممتاز لكرة القدم، الأحد، تعيين نجمه السابق محمد يوسف في منصب المدير الرياضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ميدان التحرير في وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر تدعو الهند وباكستان لضبط النفس بسبب تداعيات «حادث كشمير»

دعت مصر كلاً من الهند وباكستان إلى «التهدئة وضبط النفس» على خلفية تداعيات الهجوم الإرهابي في كشمير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يطالب بـ«عبور مجاني» للسفن الأميركية في قناتَي بنما والسويس

حضّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب، السبت، على جعل عبور السفن الأميركية في قناتَي بنما والسويس مجانياً، طالبا من وزير خارجيّته معالجة هذه القضية «فوراً».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا وزارة التعليم العالي أكدت أن الدولة المصرية تولي اهتماماً كبيراً لتنمية شبه جزيرة سيناء (مجلس الوزراء المصري)

الحكومة المصرية تكثف خطط التنمية في سيناء للرد على «ادعاءات التهجير»

أعلنت الحكومة المصرية عن مزايا وتسهيلات لإقامة مشروعات استثمارية وتنموية وخدمية تشمل التعليم.

هشام المياني (القاهرة)

مصر تؤكد التزامها بمكافحة جرائم الأموال «غير المشروعة»

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT
20

مصر تؤكد التزامها بمكافحة جرائم الأموال «غير المشروعة»

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

أكّدت مصر التزامها بمكافحة جرائم الأموال «غير المشروعة»، ولا سيما وقائع «غسل الأموال» لحماية الاقتصاد القومي.

وقرّر النائب العام المصري، المستشار محمد شوقي، «إحالة 237 قضية» إلى «محاكم الجنايات الاقتصادية» بتهم «ارتكاب جرائم غسل الأموال» خلال عام واحد، حسب إفادة لـ«النيابة العامة» المصرية، الأحد. وذكرت «النيابة» أن إحالة المتهمين في قضايا «الأموال غير المشروعة» جاءت بعد قيام نيابة الشؤون الاقتصادية «بمباشرة التحقيقات في تلك الوقائع».

ويبلغ إجمالي الأموال المضبوطة في قضايا «غسل الأموال» خلال عام نحو «7 مليارات و748 مليوناً و472 ألف جنيه مصري»، إلى جانب «319 مليوناً و313 ألف دولار»، ونحو «4 ملايين و59 ألف يورو»، ونحو «552 ألفاً و930 جنيهاً إسترلينياً»، حسب بيان النيابة العامة المصرية (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنك المركزي المصري).

وقال مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق للأموال العامة، عضو مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، اللواء فاروق المقرحي، إن «نسبة كبيرة من جرائم الأموال غير المشروعة تأتي من أشخاص يتعاملون في تجارة المواد المخدرة أو السلاح»، مشيراً إلى «مشاركة أجهزة أمنية ورقابية في ملاحقة مثل هذه الجرائم».

وتؤكد وزارة الداخلية المصرية على ملاحقة جرائم «الأموال غير المشروعة»، وتعلن باستمرار عن ضبط أشخاص يرتكبون هذه الجرائم.

المقرحي يرى أن كثرة قضايا غسل الأموال التي تم ضبطها خلال عام «تعكس تطوراً كبيراً لدى الأجهزة الرقابية المصرية، في ملاحقة ممارسات غسل الأموال»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن هناك «صحوة أمنية في التصدي لهذه الجرائم، خصوصاً في المحافظات المصرية».

مقر النيابة العامة المصرية في القاهرة (النيابة العامة المصرية)
مقر النيابة العامة المصرية في القاهرة (النيابة العامة المصرية)

وفي وقت سابق، أشار رئيس «وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب» (وحدة تابعة للبنك المركزي المصري)، المستشار أحمد سعيد خليل، إلى «تطور وتحديث الضوابط الرقابية في مصر، بما يتناسب مع متغيرات التكنولوجيا الرقمية، وارتفاع مستويات مخاطر الجرائم السيبرانية».

وقال خلال فعاليات «الملتقى السنوي لرؤساء إدارات المخاطر في المصارف العربية»، الذي عقد في أكتوبر (تشرين أول) الماضي بمدينة شرم الشيخ المصرية، إن «الجماعات الإجرامية تعمل على استغلال ما يشهده العالم والمنطقة من تطورات، لارتكاب مزيد من الجرائم، التي ينتج عنها تدفقات مالية غير مشروعة».

وبحسب المقرحي، فإن «هناك عقوبات مشددة لجرائم غسل الأموال في القانون المصري»، مشيراً إلى أن «العقوبات تشمل الحبس، مع مصادرة الأموال المضبوطة». وعدّ الإعلان عن قضايا الأموال غير المشروعة «إجراءً مهماً، يساهم في ردع مثل هذه الممارسات».

وتنصّ المادة «14» من قانون «مكافحة غسل الأموال» بمصر، على «معاقبة كل من ارتكب أو شرع في جريمة غسل الأموال، بالسجن مدة لا تجاوز 7 سنوات، وبغرامة تعادل مثلي الأموال أو الأصول محل الجريمة»، إلى جانب «مصادرة الأموال أو الأصول المضبوطة والمتحصلات الناتجة عن جريمة غسل الأموال».

وأكّدت النيابة العامة المصرية، الأحد، «التزامها بتتبع الأموال غير المشروعة، دعماً للنزاهة، والشفافية في معاملات الأفراد والمؤسسات المالية».