«هدنة غزة»: «تفاؤل حذر» و«ضغوط» لإبرام «الصفقة»

إعلام إسرائيلي يتحدث عن «أسبوع حاسم» بمفاوضات الدوحة

فلسطينيون يحملون جثة شخص قُتل في غارة إسرائيلية أصابت منزلاً بحي الشجاعية شمال غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون جثة شخص قُتل في غارة إسرائيلية أصابت منزلاً بحي الشجاعية شمال غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: «تفاؤل حذر» و«ضغوط» لإبرام «الصفقة»

فلسطينيون يحملون جثة شخص قُتل في غارة إسرائيلية أصابت منزلاً بحي الشجاعية شمال غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يحملون جثة شخص قُتل في غارة إسرائيلية أصابت منزلاً بحي الشجاعية شمال غزة (أ.ف.ب)

جولة مفاوضات جديدة بالدوحة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن قوبلت بـ«تفاؤل حذر» في الإعلامين الإسرائيلي والأميركي، وسط حديث عن إمكانية إبرام صفقة جديدة قبل أو مع تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي.

ويرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك ضغوطاً على إسرائيل و«حماس» لإبرام الصفقة، خصوصاً مع ازدياد قتلى الرهائن ومحاولات بعضهم الإقدام على الانتحار مع تأجيل الاتفاق أكثر من مرة، بسبب طلبات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وسط توقعات بتأجيل النقاط الخلافية إلى المرحلة الثانية.

وعاد الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة، و«عقد نتنياهو مؤتمراً هاتفياً موسعاً مع كبار الوزراء ورؤساء الفريق التفاوضي لمناقشة المواقف الإسرائيلية في هذه الجولة الحاسمة»، وفقاً لما ذكره موقع «أكسيوس» الأميركي، الجمعة.

وأبدى مسؤولون إسرائيليون، للموقع ذاته «تفاؤلاً حذراً بإمكانية التوصل إلى صفقة في الأسابيع المقبلة، في ظل ضغوط مزدادة من الوسطاء»، وتهديدات صريحة من ترمب، الذي حذر من أنه «سيكون هناك جحيم يجب دفع ثمنه» في الشرق الأوسط، إذا لم يتم الإفراج عن المحتجزين بحلول 20 يناير الحالي.

وتحدث موقع «أكسيوس» عن أن المرحلة الأولى من الصفقة المحتملة تتضمن خطة طموحاً للإفراج عن 34 محتجزاً، بعضهم على قيد الحياة والبعض الآخر متوفى، مقابل وقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة تتراوح بين 6 و7 أسابيع.

وتكشف تقديرات استخباراتية إسرائيلية، بحسب ما أفاد الموقع الأميركي، عن وجود نحو 100 محتجز لا يزالون لدى «حماس» في غزة، من بينهم 7 مواطنين أميركيين، وسط ترجيحات منها أن «نحو نصف هؤلاء المحتجزين لا يزالون على قيد الحياة».

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات (رويترز)

ويواجه الاتفاق المحتمل بين «حماس» وإسرائيل خلافات بشأن وجود الجيش الإسرائيلي في بعض الأماكن والممرات، وطلب إسرائيلي بنفي بعض السجناء الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم، ووتيرة الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين بعد بدء الهدنة، وتحديد موعد إطلاق المفاوضات حول المرحلة الثانية من الصفقة.

وتصر «حماس» على موقفها بشأن رفض تقديم قائمة مفصلة بالمحتجزين الذين تحتجزهم، وتنوي الإفراج عنهم في المرحلة الأولى، التي من المفترض أن تشمل النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرجال دون سن الخمسين ممن يعانون من حالات طبية خطيرة، وفق الموقع الأميركي.

كما نقل موقع «والا» الإسرائيلي، تقديرات مشابهة، وكان من أبرزها الحديث عن «تفاؤل حذر» في إسرائيل بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وأن الوسطاء وأعضاء فريق ترمب يضغطون على «حماس» وإسرائيل للمضي قدماً في اتفاق الرهائن.

وبتقدير المحلل السياسي الفلسطيني، إبراهيم المدهون، فإن «المفاوضات هذه المرة مختلفة عما سبق، في ظل واقع دولي مختلف، ودفع الولايات المتحدة نحو التوصل إلى اتفاق بعد تصريحات ترمب، وواقع إسرائيلي ضاغط (على نتنياهو) بعد الفشل في تحرير الأسرى، فضلاً عن رغبة (حماس) لوقف العدوان بأسرع وقت ممكن في ظل الوضع الكارثي بالقطاع».

لذا يرى الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن «العد التنازلي المستمر نحو 20 يناير، في صالح إبرام صفقة وسط ضغوط جادة على الطرفين، في ظل تحركات الوسطاء، لا سيما من القاهرة والدوحة بشكل ملموس، وقد يقود لاتفاق قريب مع تأجيل الخلاف لمراحل تالية».

أطفال ينظرون بينما يتفحص فلسطينيون الأضرار في مخيم يؤوي النازحين عقب غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

وفي هذا الصدد، يتوقع مسؤولون إسرائيليون وفقاً لـ«أكسيوس»، أن يكون هذا الأسبوع «حاسماً في تحديد مسار المفاوضات ومدى إمكانية تجسير الفجوات المتبقية»، وهي التقديرات ذاتها التي نقلتها صحيفة «يسرائيل هايوم»، مشيرة إلى أن إسرائيل قدّرت أن هذا الأسبوع «حاسم في هذه الجولة من المفاوضات العائدة بعد تعثر».

يأتي ذلك بالتوازي مع حديث المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، الجمعة، عن أن إدارة الرئيس جو بايدن ترى أن التوصل إلى اتفاق أمر «مُلح وممكن»، داعياً «حماس» إلى الموافقة على الصفقة المطروحة.

بينما أعلنت «حماس» استئناف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بشأن الهدنة، الجمعة، في قطر، موضحة أن «الجولة ستركز على أن يؤدي الاتفاق إلى وقف تام لإطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة وتفاصيل التنفيذ، وعودة النازحين إلى بيوتهم التي أخرجوا منها في كل مناطق القطاع».

دخان تصاعد من غارات إسرائيلية على رفح في جنوب قطاع غزة خلال وقت سابق (أ.ف.ب)

ونقلت «رويترز» عن قيادي في «حماس» قوله إن جولة جديدة من محادثات وقف إطلاق النار استؤنفت في الدوحة، و«من المهم التوصل إلى صفقة في أقرب وقت».

ويتوقع المدهون أن تكون هناك طرق تفاوضية مختلفة عما سبق «تسرع من وتيرة التوصل إلى اتفاق بهذه الجولة ليتم قبل تنصيب ترمب»، مرجحاً أن «(حماس) معنية لأن تذهب بأسرع وقت لاتفاق في ظل الوضع الإنساني الكارثي بما تحمله الكلمة من معنى، والإهمال والضعف الدوليين في تقديم المساعدات».

ويرجح أهمية أن يلعب الوسطاء «دوراً أكبر في الضغط على (نتنياهو)»، موضحاً أن «تقدير الموقف حتى اللحظة أن نتنياهو غير معني بالتوصل إلى اتفاق جاد، هو يريد تحرير أكبر عدد من الأسرى ويبرم اتفاقاً محدوداً ومرحلياً، على أن يستأنف بعده العدوان والإبادة».

ويرى أنور أن نتنياهو تحت ضغوط داخلية أيضاً وقد فشل حديثه عن أن التصعيد العسكري هو من سيعيد الأسرى، خصوصاً بعد الضربات من غزة تجاه إسرائيل طيلة الأيام الماضية، وحديث «الجهاد» عن محاولة انتحار أسير. ويتوقع استمرار نتنياهو في المماطلة والضغط والابتزاز حتى الساعات الأخيرة، ويعلن موافقته على الصفقة قبل تنصيب ترمب ليروج أنه ضغط بقوة، وحتى لا ينسب الإنجاز لبايدن، مرجحاً أن يكون أسبوع التفاوض في الدوحة «حاسماً والصفقة متبلورة وجاهزة، و(حماس) أبدت مرونة واضحة، ولا تزال الكرة في ملعب نتنياهو».


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية مشاهد من حيفا لنظام القبة الحديدية الإسرائيلي خلال اعتراض صواريخ (أرشيفية - رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن، بعد وقت قصير من انطلاق صفارات الإنذار في مناطق من البلاد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مواطنون فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل بغزة (رويترز)

اليوم التالي في غزة... دعوة «حماس» لتبني مقترح «الإسناد المجتمعي» تلقى «تحفظاً»

دعوات جديدة من «حماس» بشأن «لجنة إدارة قطاع غزة» في اليوم التالي من الحرب، تطالب حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس بالتجاوب مع جهود تشكيلها

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية متظاهرون يقطعون طريقاً في تل أبيب خلال احتجاج يطالب بالإفراج الفوري عن الرهائن في غزة (رويترز)

بسبب الحرب... الإسرائيليون يعانون من تكلفة المعيشة

أفاد تقرير إخباري، السبت، بأنه مع بداية 2025، يواجه الإسرائيليون فاتورة حرب تقدر بنحو 40 مليار شيقل (11 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يظهرون في مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين في نابلس بالضفة الغربية (أرشيفية - أ.ب)

قتيل وتسعة جرحى بعملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل شاب وإصابة تسعة فلسطينيين آخرين، بينهم أربعة جروحهم خطرة، في عملية نفّذها الجيش الإسرائيلي في مخيّم بلاطة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

مساعٍ سياسية في الجزائر للإفراج عن صحافي يواجه تهماً جنائية خطيرة

الصحافي والناشط المعارض عبد الوكيل بلام (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)
الصحافي والناشط المعارض عبد الوكيل بلام (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)
TT

مساعٍ سياسية في الجزائر للإفراج عن صحافي يواجه تهماً جنائية خطيرة

الصحافي والناشط المعارض عبد الوكيل بلام (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)
الصحافي والناشط المعارض عبد الوكيل بلام (حسابه الخاص بالإعلام الاجتماعي)

بينما قضى الصحافي والناشط السياسي الجزائري المعروف عبد الوكيل بلام، الأحد، أول ليلة له في إطار حبس احتياطي يرجح أنه سيطول، يبحث حقوقيون وناشطون طريقة للتواصل مع الرئاسة في البلاد، بغرض إطلاق سراحه على أساس أن تهم «الإرهاب» التي يواجهها، «سياسية في الأصل».

وأعلنت النيابة بـ«محكمة الشراقة» بالعاصمة، في بيان الأحد، أن قاضي التحقيق بها أودع شخصاً، رمزت إليه بالأحرف «ب.ع.و»، الحبس بـ«تهمة المشاركة في تنظيم إرهابي، ونشر أخبار كاذبة بين الجمهور، ما من شأنه المساس بالأمن العمومي وسلامة الوحدة الوطنية».

رئيس فريق الدفاع عن الصحافي عبد الوكيل بلام (حسابات ناشطين)

وأكد المحامي عبد الغني بادي، على حسابه بالإعلام الاجتماعي، أن الشخص المعني هو الصحافي مؤسس المنصة الإخبارية «أوراس»، عبد الوكيل بلام، من دون عرض أي تفاصيل عن الوقائع التي بنى قاضي التحقيق عليها التهم.

وحضر بادي، رفقة المحامي والحقوقي البارز مصطفى بوشاشي، مع الصحافي، جلسة الاستجواب في النيابة ثم جلسة التحقيق القضائي. وكان بلام قضى أسبوعاً في مقار الأمن الداخلي؛ حيث تم استجوابه حول كتاباته وعلاقاته بناشطين خارج الجزائر.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن محامين أطلقوا مسعى للتواصل مع رئيس البلاد عبد المجيد تبون، لإشعاره بأن تهم «الإرهاب التي وجهت للصحافي لا تعدو أن تكون تأويلاً مضخماً لمواقفه المعارضة للسلطة». ويرغب أصحاب الفكرة، إشراك حزب «حركة مجتمع السلم» في المسعى، بحجة أنه مقرَّب من قيادته التي بإمكانها، في تقديرهم، إشعار السلطات العليا في البلاد، بثقل الحكم الذي ينتظره بلام، في حال تم الاحتفاظ بالتهم.

وفي وقت سابق، أثمرت تدخلات حزبية لدى الرئاسة لصالح الصحافي إحسان القاضي، تقليص مدة حبسه من 5 سنوات إلى عامين، وكان متهماً بـ«تسلم أموال من الخارج بغرض تقويض الأمن في الداخل».

أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

وبحسب النيابة، فإن الصحافي بلام «كان يعرف أغراض ونشاط التنظيم الإرهابي»، الذي تواصل مع عناصره.

وأكثر ما أزعج السلطات، في مواقف بلام، حسب محامين، هو منشور له في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال فيه: «صقورٌ... أثبت وثائقي الترهيب مرة أخرى، أنهم زواوش»، في تلميح إلى عمل بثته التلفزيون العمومي، يتهم فيه المخابرات الفرنسية بـ«التخطيط لضرب الاستقرار في البلاد»، بواسطة شاب عائد من سوريا، حيث كان عضواً في «داعش». ونسب العمل التلفزيوني «إحباط المؤامرة الفرنسية»، للمخابرات الجزائرية بوصف رجالها بـ«الصقور». وقدَّرت النيابة بأن إطلاق صفة «زواوش (عصافير)» عليهم، بمثابة «إهانة لهيئة تابعة للجيش»، من جانب الصحافي، على الرغم من أنه لم يُسمِّ الجهاز الأمني في منشوره بشكل واضح.

واجهة المحكمة حيث جرى التحقيق مع الصحافي (متداولة)

كما تناول بلام، في منشورات لاحقة، أحداثاً أثارت غضب السلطات، من بينها تعليقه على سقوط حكم بشار الأسد في سوريا، وأن النظام في الجزائر «قد يلقى المصير نفسه». زيادة على تهكّمه على جولة حوار سياسي يرتقب أن تعقد قريباً بين الرئاسة والأحزاب.

ويتحاشى دفاع بلام الخوض في تفاصيل القضية، مخافة من «ملامسة سرية التحقيق» بينما هو جارٍ، الأمر الذي يمنعه القانون، خصوصاً ما تعلق بـ«الإرهابيين» الذين تحدث بيان النيابة عنهم. لكنه حريص على التأكيد أن الوقائع المنسوبة للصحافي، «مرتبطة بمواقفه من السلطة وبآرائه في الأحداث الجارية بالبلاد».