أول عميدة بلدية منتخبة في ليبيا تشيد بعهد القذافي

الفيتوري تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عن «مخططات» لتمزيق النسيج الاجتماعي

الزائرة المقطوف خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك)
الزائرة المقطوف خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك)
TT

أول عميدة بلدية منتخبة في ليبيا تشيد بعهد القذافي

الزائرة المقطوف خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك)
الزائرة المقطوف خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك)

قالت الزائرة الفيتوري، أول امرأة عميدة منتخبة لبلدية في تاريخ ليبيا، إن نجاحها يشكل «انتصاراً جديداً وتاريخياً للمرأة» في بلادها، مشيرة إلى أنها «تواجه تحدياً صعباً» في عودة الحياة لبلدتها المهمشة زلطن على مدار عقود عدة. كما أشادت بعهد القذافي في نصرة قضايا المرأة، وقالت إن النساء الليبيات تقلدن في عهده مناصب ومسؤوليات رفيعة.

وتحدثت الفيتوري لـ«الشرق الأوسط» عن «تقدم ملحوظ» في ملف حقوق المرأة خلال السنوات الأخيرة، كما رأت أن نظام القذافي «لم يهدر حقوق المرأة» كما يتردد.

وفازت الفيتوري بعمادة بلدية زلطن (130 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس)، في اقتراع أُجري الاثنين الماضي بمقر مكتب الإدارة الانتخابية الساحل الغربي، فيما وصفته المفوضية العليا للانتخابات «سابقة هي الأولى من نوعها في التاريخ الليبي، وفي مسيرة الديمقراطية والانتخابات».

ورغم أن المجتمع الليبي لا يزال «محافظاً»، وفق تعبير الفيتوري، فإنها رفضت ما يقال عن «ممارسات تمييزية» ضد المرأة، مستندة في ذلك إلى وصولها إلى منصبها المشرف، وقالت إن المرأة الليبية «أصبحت وزيرة عدل ونائبة». كما أنصفت في حديثها النظام الليبي السابق، نافية أنه كان يهدر حقوق المرأة، بقوله إن المرأة الليبية «كانت ضمن حرس القذافي، وقائدة طائرة ومحامية ومعلمة، وتتساوى مع الرجل، ولا صحة لهذا الحديث».

الزائرة الفيتوري (يسار) مع وزيرة شؤون المرأة في غرب ليبيا حورية الطرمال (صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك)

واجتازت الفيتوري عقبات عديدة في طريق فوزها بمنصبها، أبرزها «الترشح في القائمة العامة»، حسب تقدير المفوضية الوطنية للانتخابات.

وعلى غرار الأوضاع المتردية في بلديات ليبية، عانت بلدتها زلطن عقوداً من التهميش والإهمال؛ ولذلك ينتظر العميدة المنتخبة مشكلات كبيرة، تتعلق بـ«البنية التحتية المتهالكة»، وتغول «الفساد والإهمال الإداري المتوارث في البلدية».

تقول الفيتوري: «ازدحم مكتبي منذ اليوم الأول من العمل بتحديات تفرضها ملفات أزمات مياه الشرب، والطرق المتهالكة، وعدم وجود مستشفى طوارئ في بلد يعاني دوامة حوادث الطرق، ووجود 3 مبانٍ حكومية فقط».

ورغم أن رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، يقود مشاريع إعمار في غرب ليبيا تحت لافتة «عودة الحياة»، بإجمالي مشروعات قدرت بنحو 1345 مشروعاً في مايو (أيار) الماضي، فإن مدينة زلطن يبدو أنها خارج هذه الحسابات، وفق مراقبين.

وفي زلطن، التي تقع على الحدود الليبية - التونسية، قرب معبر إجدبر الحدودي، تبدي العميدة دهشتها من «غياب الاهتمام» بمنطقة يؤهلها موقعها كواجهة سياحية. ومع ذلك، فإن الطريق أمام أول عميدة ليبية لا تخلو من التحديات، رغم وعود من الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011 بدعم المرأة، بل تخصيص وزارة لشؤون المرأة في حكومة غرب البلاد.

وفي مارس (آذار) الماضي، أبدت الأمم المتحدة تضامنها مع النساء في ليبيا؛ «تقديراً لصمودهن ومساهمتهن الثابتين في المجتمع».

وفي مقابل التحديات التي ألمحت إليها الأمم المتحدة، لا تتوقف انشغالات العميدة الليبية عند المسائل الخدمية، بل يبدو أنها تتطلع إلى دور في تحقيق «المصالحة الوطنية» في ليبيا، وهي ترى أن «أطرافاً خارجية ومخططات غربية استغلت الأوضاع الهشة لتمزيق لحمة ليبيا منذ 2011، وحاولت قطع العلاقات بين أبنائها».

ورغم ما عانته ليبيا من حوادث قتل وتعذيب، خلفت بعض الآثار السلبية في النسيج الاجتماعي، فإن الفيتوري تستند إلى تجربتها في العمل التطوعي، وما تقول إنه «رصيد من الثقة» في بلديات بشرق البلاد وجنوبها، علماً أن عملها الأساسي هو اختصاصية علاج طبيعي.

وتعوّل الفيتوري على «علاقات النسب والمصاهرة في التقارب بين الليبيين»، مشيرة إلى أن تكاتف المواطنين خلال كارثة الإعصار دانيال في درنة هو «أكبر دليل» على ذلك.

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي «الوحدة الوطنية» في طرابلس، والأخرى مكلَّفة من مجلس النواب، وتدير المنطقة الشرقية وأجزاء من الجنوب، ويقودها أسامة حمّاد.

شعبياً، كان الاهتمام بادياً من جانب وسائل إعلام محلية ليبية بفوز أول امرأة بهذا المنصب، لكن بعض الأصوات في صفحات التواصل الاجتماعي الليبية دعت الفيتوري إلى التنازل عن منصبها لرجل، إلا أن الفيتوري ترى أن «الطموح لن يتوقف لخدمة بلدها، ويقتضي منها وضع استراتيجية لعلاج مشكلات مدينتها المهمشة لمدة 30 عاماً».

بهذا الخصوص، تقول الناشطة والمحامية، هالة بوقعيقيص، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «نجاح العميدة الفيتوري مرهون بقدرتها على إثبات كفاءتها في العمل المؤسسي، وتعزيز دور المرأة في القيادة المحلية؛ مما يُمهد الطريق لمزيد من التمكين السياسي للنساء في ليبيا».


مقالات ذات صلة

ليبيا: مطالب بالتحقيق مع الدبيبة والمنقوش بسبب «لقاء كوهين»

شمال افريقيا اجتماع الدبيبة مع سفير تركيا وملحقها العسكري (حكومة الوحدة)

ليبيا: مطالب بالتحقيق مع الدبيبة والمنقوش بسبب «لقاء كوهين»

وصول آليات عسكرية مفاجئة إلى طرابلس وقوات «الوحدة» تعزز مواقعها في الزاوية

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جل الليبيين عبّروا عن مخاوفهم من عودة الاقتتال إلى البلد (أ.ف.ب)

ليبيون يتخوفون من احتمال انهيار «اتفاق وقف النار» بين الحكومتين المتنازعتين

عوامل عديدة دفعت الليبيين خلال الأيام القليلة الماضية للقلق والخوف من احتمالية من عودة الاقتتال بين السلطتين المتنازعتين على السلطة في شرق البلاد وغربها.

جاكلين زاهر (القاهرة )
تحليل إخباري وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

تحليل إخباري بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة بحوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

يتداول حقوقيون ليبيون صوراً ومقاطع فيديو تظهر أشخاصاً من ذوي البشرة السمراء يتعرضون للضرب بخراطيم وأعواد خشبية وآخرين على أجسادهم آثار تعذيب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا طائرة عسكرية روسية تقترب من قاعدة حميميم الجوية على ساحل اللاذقية بسوريا في 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها بعد سقوط حليفها الأسد

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض البحر المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«المساعدات المالية» و«الهجرة» يتصدران محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي في القاهرة

مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«المساعدات المالية» و«الهجرة» يتصدران محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي في القاهرة

مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مقر تابع لوزارة الخارجية المصرية في القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

يتصدر ملفا «المساعدات المالية» و«الهجرة» محادثات رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، خلال زيارتها إلى القاهرة، الأربعاء والخميس.

ووفق إفادة لوفد الاتحاد الأوروبي إلى مصر، الأربعاء، فإن الزيارة تأتي في إطار تعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر، و«المناقشات الجارية حول مساعدات الاتحاد الأوروبي المالية الكلية، والوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط والمنطقة المجاورة».

وفي مارس (آذار) الماضي، توافقت مصر والاتحاد الأوروبي على ترفيع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة». ووقع الاتحاد الأوروبي ومصر في نهاية يونيو (حزيران) الماضي، اتفاقية تمويل استثماري بوصفها جزءاً من حزمة أكبر بقيمة 7.4 مليار يورو تهدف لتعزيز التعاون الاقتصادي ودعم استقرار مصر في ظل التحديات الإقليمية والدولية.

وأكد بيان وفد الاتحاد الأوروبي أن اجتماعات ميتسولا في القاهرة «تعد فرصة لمناقشة العلاقات البرلمانية، بما في ذلك تنظيم الاجتماع البرلماني المقبل بين الاتحاد الأوروبي ومصر في القاهرة، والمساعدة المالية الكلية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي لمصر التي تجري مناقشتها حالياً في البرلمان الأوروبي، وتدفقات الهجرة واللجوء».

صورة للبرلمان الأوروبي بستراسبورغ (د.ب.أ)

وأشار الوفد إلى أنه من المقرر أن تجتمع ميتسولا، الخميس، مع وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، حيث تتركز المناقشات على عدد من الموضوعات، من بينها «الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، والمساعدات المالية الكلية للاتحاد الأوروبي، والوضع الجيوسياسي في المنطقة، بما في ذلك الحاجة إلى إعادة تنشيط عملية السلام في الشرق الأوسط والوضع في غزة والتطورات الأخيرة في سوريا».

وعلاقات مصر بالاتحاد الأوروبي الوثيقة، ويعد «الأوروبي» أيضاً المستثمر الرائد في مصر، حيث يبلغ رصيد الاستثمار المتراكم نحو 38.8 مليار يورو، يمثل نحو 39 في المائة من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر. وتظل مصر ثاني أكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبي المباشر من الاتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحسب معلومات بعثة الاتحاد الأوروبي إلى مصر عبر موقعها الإلكتروني.

وكان وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي المصري، محمود فوزي، قد أكد، الثلاثاء، حرص بلاده على تعزيز العلاقات مع البرلمان الأوروبي ومواصلة التشاور بين النواب البرلمانيين المصريين والأوروبيين، «بما يخدم المصالح المشتركة ويدعم الحوار البنَّاء، وتوطيد أواصر التعاون البرلماني بين الجانبين».

وأشاد الوزير المصري خلال استقباله في القاهرة سفيرة الاتحاد الأوروبي ورئيسة بعثة الاتحاد إلى مصر، أنجلينا إيخهورست، «بالتطورات الإيجابية التي تشهدها العلاقات المصرية مع الاتحاد الأوروبي منذ صدور الإعلان المشترك حول الشراكة الاستراتيجية والشاملة في مارس الماضي، خلال زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية للقاهرة»، مؤكداً «اعتزاز مصر بالعلاقات الوثيقة التي تجمعها بالاتحاد الأوروبي، خصوصاً بعد الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، والتطورات الإيجابية التي يشهدها التعاون بين الجانبين في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، إلى جانب التنسيق في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك».