ليبيا: استمرار جهود احتواء تداعيات السيول في توكرة وأجدابيا

وسط اتهامات لسلطات البلاد بـ«عدم التأهّب الجيد للأمطار»

استمرار عمليات كسح مياه الأمطار (وكالة الأنباء الليبية)
استمرار عمليات كسح مياه الأمطار (وكالة الأنباء الليبية)
TT

ليبيا: استمرار جهود احتواء تداعيات السيول في توكرة وأجدابيا

استمرار عمليات كسح مياه الأمطار (وكالة الأنباء الليبية)
استمرار عمليات كسح مياه الأمطار (وكالة الأنباء الليبية)

وسط اتهامات لحكومة الوحدة «المؤقتة» في ليبيا، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بعدم اتخاذ إجراءات استباقية للتعامل مع أزمة سوء الأحوال الجوية، تحدثت وسائل إعلام محلية عن «احتجاجات» بمنطقة الكابوط في صبراتة للمطالبة بحل أزمة شبكة الصرف الصحي، التي ارتدت على المنازل بعد الأمطار، وتسببت في إغراق الشوارع ودخلت منازل المواطنين.

وطبقاً لشهود عيان، فقد أشعل الأهالي، مساء الجمعة، النار في الإطارات، وأغلقوا الطريق للمطالبة بوضع حل سريع للأزمة، وهددوا بإسقاط المجلس البلدي.

وأعلنت بلدية أجدابيا استمرار عمل لجنتها للطوارئ، عبر جولة ميدانية، شملت عدة أحياء في المدينة، فيما مددت مراقبة التربية والتعليم بالمدينة عطلة الدراسة، يومي الأحد والاثنين، بسبب تقلبات الطقس.

وقال الهلال الأحمر الليبي، ببلدية توكرة، إن المنطقة تحت السيطرة بفضل انخفاض منسوب المياه، وبعد فتح المسارات وعملية الشفط وفتح الطريق الساحلي، مشيراً إلى تضرر نحو 30 منزلاً، جراء السيول التي تعرضت لها منطقة بوجرار بالبلدية، دون أن يتم تسجيل أي إصابات.

من جهتها، أكدت الشركة العامة للمياه والصرف الصحي، استمرار أعمال فك مختنقات مياه الأمطار، وتنظيف خطوط الصرف الصحي في عدد من المدن والمناطق، لكن ارتفاع منسوب المياه أدى إلى إغلاق كامل لمفترق طريق البيفي في تاجوراء، الذي يربط بين شرق العاصمة طرابلس وغربها. وفي هذا السياق، ذكر مركز بنغازي الطبي أنه استقبل أكثر من ألف حالة طارئة خلال أسبوع في قسم الطوارئ، موزعة بين وحدتي الباطنة والجراحة، منذ إعلان حالة الطوارئ نتيجة المنخفض الجوي.

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية استمرار الأمطار على مناطق الغرب والشرق، وانخفاض فاعليتها، غداً الأحد، لتصبح متفرقة وغير قوية.

الأمطار الغزيرة تسببت في إقفال بعض الشوارع الرئيسية بعدد من البلدات والمدن الليبية (أ.ف.ب)

بدورها، قررت بلدية سرت تعليق الدراسة بجميع المدارس، وتأجيل الامتحانات إلى موعد لاحق، نظراً للأمطار الغزيرة التي تسببت في إقفال بعض الشوارع الرئيسية. كما طالبت مديرية أمن سبها سائقي المركبات على الطريق الساحلي بتوخي الحذر، خاصة في المناطق الواقعة غرب بوابة الدافنية، بسبب التجمعات المائية لمياه الأمطار وجريان بعض الأودية التي تشكل مستنقعات مائية على الطريق.

من جهة أخرى، اعتبر الدبيبة، خلال حفل ذكرى تأسيس جامعة مصراتة، أن التعليم العالي يعد أهم ركيزة لبناء الدولة، ضمن خطة عودة الحياة الحكومية، لافتاً إلى دخول 8 جامعات ليبية في التصنيف العالمي، لأول مرة منذ 50 عاماً.

وكان الدبيبة قد أكد لدى حضوره، مساء الجمعة، حفل اختتام المؤتمر الثالث للجمعية الليبية لجراحة السمنة وأمراضها بمصراتة، أهمية هذه المؤتمرات العلمية المتخصصة في تطوير القطاع الصحي، مشدداً على التزام الحكومة بدعم الجمعية الليبية لجراحة السمنة وأمراضها، وتقديم ما يلزم من خدمات طبية بالتنسيق مع جهاز دعم وتطوير الخدمات العلاجية.

اجتماع القائم بأعمال السفارة الأميركية مع وزير الاقتصاد بحكومة الوحدة (السفارة الأميركية)

إلى ذلك، أعلن القائم بأعمال السفارة الأميركية، جيريمي برنت، أنه ناقش، مساء الجمعة، في تونس مع وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة المؤقتة، محمد الحويج، سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين الولايات المتحدة وليبيا، وأهمية الشفافية لتحسين مناخ الأعمال في ليبيا بالإضافة إلى تعزيز الروابط التجارية والاستثمارية.

في شأن آخر، أعلنت حكومة الدبيبة اجتماع وفد يمثلها، اليوم السبت، في سوريا، برئاسة وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية، وليد اللافي، مع القائد العام للإدارة الجديدة، أحمد الشرع، مشيرة إلى أن الوفد ضم وزير العمل والتأهيل، علي العابد، ومدير إدارة الاستخبارات العسكرية، محمود حمزة.

لقاء حكومة الوحدة مع أحمد الشرع في سوريا (أ.ب)

وحسب بيان حكومي فقد نقل اللافي للشرع تحيات الدبيبة إلى القيادة والشعب السوري، مؤكداً دعم حكومة الوحدة للشعب السوري، وموقفها الداعم لحقوقه وحريته، مشيراً إلى أن الاجتماع ناقش تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وبحث آفاق التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، والمخاطر التي تشهدها المنطقة، إلى جانب القضايا ذات الاهتمام المشترك، التي تسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، لافتاً إلى تشديد الطرفين على أهمية تطوير آليات العمل المشترك وتعزيز الحوار، بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين.


مقالات ذات صلة

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

تحليل إخباري وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة بحوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

يتداول حقوقيون ليبيون صوراً ومقاطع فيديو تظهر أشخاصاً من ذوي البشرة السمراء يتعرضون للضرب بخراطيم وأعواد خشبية وآخرين على أجسادهم آثار تعذيب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا طائرة عسكرية روسية تقترب من قاعدة حميميم الجوية على ساحل اللاذقية بسوريا في 14 ديسمبر 2024 (رويترز)

روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها بعد سقوط حليفها الأسد

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة في حوض البحر المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا جانب من الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة طرابلس (الشرق الأوسط)

ليبيون يطالبون بعزل الدبيبة... و«الوحدة» تنفي «حالة الطوارئ»

شهدت طرابلس احتجاجات واسعة مساء الاثنين للمطالبة برحيل الحكومة، بعد ساعات من بث نجلاء المنقوش، تفاصيل اجتماعها السري مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش في لقائها مع «منصة 360» التابعة لقناة «الجزيرة» القطرية

المنقوش: لقاء كوهين كان بتنسيق بين إسرائيل وحكومة الدبيبة

في أول ظهور إعلامي لوزيرة الخارجية المقالة بحكومة «الوحدة» الليبية، نجلاء المنقوش، قالت إن اللقاء الذي جمعها بنظيرها الإسرائيلي كوهين كان بتخطيط من «الوحدة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
TT

تعذيب «مهاجرين» طلباً للفدية يذكّر مجدداً بـ«تجارة الرقيق» في ليبيا

من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)
من عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين بغرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

أثارت صور متداولة عن احتجاز مهاجرين في «مخازن سرية» بمدينة الكفرة، الواقعة جنوب شرقي ليبيا، بقصد طلب فدية من عائلاتهم صدمة في الأوساط الليبية، وذكّرت مجدداً بـ«تجارة الرقيق» الحديثة بالبلاد.

وتداول حقوقيون ليبيون صوراً ومقاطع فيديو، تظهر أشخاصاً من ذوي البشرة السمراء وهم يتعرضون للضرب بخراطيم وأعواد خشبية، وآخرين على أجسادهم آثار تعذيب، وسط دعوات بضرورة التحقيق في هذه «الجرائم».

خفر السواحل بغرب ليبيا خلال عملية إنقاذ عدد من المهاجرين (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)

وكشف الحقوقي الليبي طارق لملوم، رئيس منظمة «بلادي لحقوق الإنسان»، جانباً من هذه «الجرائم»، وقال إن «عائلات صومالية تتلقى عشرات الاتصالات ومكالمات فيديو من أبنائها المحتجزين بالكفرة من داخل مخازن وبيوت يشرف عليها أجانب وبحماية ليبيين».

وأوضح لملوم في تصريح صحافي أن العصابات التي تحتجز عشرات المهاجرين من الشباب والقصّر «تُخضعهم للتعذيب بقصد مساومة أسرهم على دفع الفدية»، لافتاً إلى أنه «في حال عدم حصولها على الأموال المطلوبة، فإنها تستمر في التعذيب وربما القتل».

وترصد تقارير منظمات معنية بالهجرة غير المشروعة، أن الفدية تتراوح ما بين 5 و10 آلاف دولار. ونقل بعض الناجين من غرق قارب في «المتوسط» مؤخراً أن كل واحد منهم سدد للعصابة التي سهلت هروبهم ما بين 6 إلى 7 آلاف دولار.

وتم إنقاذ 7 مهاجرين فقط من إجمالي 26 شخصاً كانوا يستقبلون قارباً انطلق من المنطقة السياحية في العاصمة طرابلس في الأول من يناير (كانون الثاني) الحالي من بينهم 22 سورياً.

عدد من المهاجرين السريين داخل أحد مراكز الإيواء في طرابلس (الشرق الأوسط)

ووفق تقارير أممية ومحلية، تتكرر في ليبيا عمليات تعذيب المهاجرين السريين قصد إجبار أسرهم على دفع الفدية مقابل إطلاق سراحهم. لكن السلطات تقول إنها تتصدى لهذه الجرائم.

وإلى جانب الصوماليين، الذين كشف عنهم الحقوقي الليبي، تكررت المأساة مع مهاجرين آخرين بمدينة الكفرة، حيث أظهرت صور متداولة احتجاز عشرات منهم في مخازن تسيطر عليها عصابات، وتعذيبهم لمساومة عائلاتهم على دفع أموال لإطلاق سراحهم، الأمر الذي يبقي ملف الهجرة «ورقة رابحة» في قضية «تجار البشر».

وتصدرت صورة نعيمة جمال (20 عاماً)، المتحدرة من مدينة أوروميا بإثيوبيا، وهي مقيدة بحبل ومعصوبة الفم، مواقع منظمات حقوقية ووسائل إعلام ومنصات «السوشيال ميديا» في بلدها. وظهر في الصورة خلفها قرابة 50 من المهاجرين، جالسين على الأرض برؤوس مخفية بين أرجلهم.

ووفق المعلومات، التي نشرت مع الصورة ونقلتها منظمة «ميديتيرانيا سايفينج هيومن»، فقد اختطفت نعيمة بعد وقت قصير من وصولها إلى ليبيا في مايو (أيار) عام 2024، وطالبت عصابة من تجار البشر في الكفرة بفدية تعادل ستة آلاف دولار أميركي من عائلتها مقابل إطلاق سراحها. وقالت المنظمة إن «العصابة أرسلت مقطع فيديو يظهر نعيمة، وهي تتعرض للتعذيب مع تهديدات قاسية، وطالبت بدفع الفدية».

وتعد الواقعة أحدث عمليات الخطف والاتجار بالبشر المتكررة في ليبيا على مدى السنوات الأخيرة، ومنذ إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي ومقتله عام 2011، وتمثل ليبيا قبلة آلاف المهاجرين اليائسين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، الذين يرغبون في الوصول إلى السواحل الأوروبية، هرباً من الفقر والصراعات، وهناك يقع كثير منهم فريسة لتجار البشر.

وبينما يظل مصير نعيمة والضحايا الخمسين الآخرين في الكفرة غير مؤكد، تنقل المنظمة في رسالة عبر موقعها أن المتاجرين «يمارسون نشاطهم علانية، بفضل الإفلات من العقاب، وتواطؤ الأنظمة التي تغض الطرف عن هذا الرعب»، وقالت إن تجارة الرقيق «لا تزال مستمرة بصوت عال ودون انقطاع».

وتقول السلطات المعنية بالهجرة غير النظامية في ليبيا، إنها تكافح عمليات تهريب المهاجرين، وتعتقل عشرات الأوكار التي تديرها عصابات للاتجار بالبشر، لكنّ حقوقيين لا يبرئون بعض الأجهزة الأمنية والعسكرية بشرق ليبيا وغربها من الاتجار في المهاجرين.

وتقول «المنظمة الدولية للهجرة» إن خفر السواحل الليبي اعترض 21 ألفاً و762مهاجراً في البحر المتوسط، خلال عام 2024، بعد انطلاقهم من ليبيا وأعادهم إليها ثانية. وبحسب شهادات بعض المهاجرين وتقارير المنظمات الحقوقية، فإن المهاجرين يتعرضون للاحتجاز والتعذيب عند إعادتهم إلى ليبيا.

وتعمل السلطات الليبية على الإعادة الطوعية للمهاجرين إلى دولهم، أو إلى بلد ثالث.

قنصل العراق في ليبيا (الشرق الأوسط)

وقال جهاز مكافحة الهجرة في طرابلس، الثلاثاء، إن رئيس مركز إيواء المهاجرين، العميد نور الدين القريتلي، التقى القنصل العام لسفارة العراق مظاهر السراي، وذلك لبحث تسهيل إجراءات ترحيل مهاجرين عراقيين.

ونوه الجهاز بأنه سبق أن تسلم عدداً من المهاجرين العراقيين من عمليات الإنقاذ البحري، أثناء محاولتهم الإبحار إلى أوروبا، وأبدى السراي استعداده لتسريع إتمام إجراءات استخراج وثائق السفر تمهيداً لترحيلهم.

عدد من المهاجرين العراقيين يُطلعون قنصل دولتهم على أوضاعهم في مقر للإيواء بطرابلس (جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة)

وتفرض العمليات المتكررة لضبط أعداد من المهاجرين غير النظاميين داخل ليبيا، أو توقيفهم وإعادتهم من البحر المتوسط، أسئلة كثيرة تتعلق بمدى حقيقة الجهود المبذولة للحد من تسرّبهم إلى أوروبا. غير أن المعنيين بهذا الملف في ليبيا يشيرون إلى أن المتورطين بعمليات تهريب المهاجرين باتوا معروفين للسلطات.