مصر تُعمق حضورها الأفريقي بتعزيز التعاون مع الغابون

عبد العاطي يزور ليبرفيل بعد العاصمة التشادية

وزير الخارجية والتكامل دون الإقليمي والغابونيين بالخارج ريجيه أونانجا ندياي خلال استقبال عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والتكامل دون الإقليمي والغابونيين بالخارج ريجيه أونانجا ندياي خلال استقبال عبد العاطي (الخارجية المصرية)
TT

مصر تُعمق حضورها الأفريقي بتعزيز التعاون مع الغابون

وزير الخارجية والتكامل دون الإقليمي والغابونيين بالخارج ريجيه أونانجا ندياي خلال استقبال عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والتكامل دون الإقليمي والغابونيين بالخارج ريجيه أونانجا ندياي خلال استقبال عبد العاطي (الخارجية المصرية)

فيما بدا استمراراً لمساعي القاهرة الرامية لتعميق حضورها الأفريقي، وصل وزير الخارجية المصرية، الدكتور بدر عبد العاطي، الجمعة، إلى العاصمة الغابونية ليبرفيل، في ثاني محطات جولته الأفريقية التي بدأت، الخميس، بالعاصمة التشادية نجامينا.

وأكد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن زيارة عبد العاطي إلى تشاد والغابون تأتي في إطار توسيع علاقات التعاون الاستراتيجي بين مصر ودول القارة السمراء، وتعزيز التعاون في مجالات التنمية ومكافحة «الإرهاب» و«الفكر المتطرف».

وبحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف، فإن زيارة الوزير عبد العاطي للغابون تأتي «في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، ومواصلة التنسيق المشترك حول القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

ونهاية الشهر الماضي، توافقت مصر والغابون على «أهمية استمرار التشاور والتنسيق بين مختلف القضايا بما يضمن تحقيق السلم والأمن في القارة الأفريقية»، وذلك خلال زيارة الرئيس الانتقالي للغابون بريس أوليغي نغيما، إلى القاهرة.

وكان وزير الخارجية المصري، قبل وصوله للغابون، عقد لقاء، الجمعة، أيضاً، بالرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، في العاصمة نجامينا، حاملاً رسالة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تؤكد «أواصر العلاقات التاريخية الوطيدة التي تجمع البلدين والرغبة في الارتقاء بالعلاقات الثنائية في المجالات كافة»، وفق متحدث «الخارجية المصرية».

وشهدت السنوات الأخيرة نشاطاً مصرياً مكثفاً في القارة السمراء، وزيارات متبادلة على مستوى الرؤساء ووزراء الخارجية. وأكد عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، أن «مصر جزء من القارة الأفريقية، وساهمت على مدار عقود في دعم حركات التحرر والاستقلال في الدول الأفريقية، كما استضافت عدداً من الفعاليات الأفريقية وتعاونت مع دول القارة في ملفات عدة».

وقال الحفني إن «القاهرة حاضرة بالفعل في أفريقيا»، مشيراً إلى «أهمية العلاقات مع الغابون، التي زار رئيسها القاهرة أخيراً، كما زار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ليبرفيل منذ سنوات زيارة كانت الأولى من نوعها».

زيارة بدر عبد العاطي إلى الغابون تأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية (الخارجية المصرية)

وعام 2017 زار الرئيس المصري الغابون وتشاد ضمن جولة أفريقية شملت تنزانيا ورواندا، وقالت «الهيئة العامة للاستعلامات» في مصر آنذاك، إن «الجولة تمثل ترجمة حقيقية لحركة السياسة الخارجية المصرية في قارة أفريقيا، وحرصها على مواصلة تعزيز علاقاتها بدولها في المجالات كافة»، مشيرة حينها إلى أن «زيارة السيسي للغابون هي الأولى من نوعها لرئيس مصري، منذ بداية العلاقات بين البلدين في عام 1975».

ولفت الحفني إلى أن «التحركات المصرية الأخيرة في القارة الأفريقية، وإنشاء خطوط طيران مع تشاد والصومال وجيبوتي، تستهدف توسيع دائرة العلاقات المصرية في أفريقيا، لا سيما مع رغبة تلك الدول في الاستفادة من التجربة المصرية، في مجالات التنمية ومكافحة الإرهاب والفكر المتطرف».

بدوره، قال نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير صلاح حليمة، إن «زيارة عبد العاطي إلى الغابون وتشاد تأتي في إطار سلسلة من الزيارات الأفريقية لتوسيع علاقات التعاون الاستراتيجي مع دول القارة سواء على مستوى مكافحة (الإرهاب)، أو على المستوى السياسي وتنسيق الرؤى بشأن القضايا الإقليمية».

ولفت حليمة إلى «الشق الاقتصادي في زيارة عبد العاطي المتمثل في اصطحاب عدد من ممثلي الشركات المصرية»، وقال إن «مصر حريصة على دعم المسار الاقتصادي في هذه الدول، ودعم البنية التحتية خاصة فيما يتعلق بمشروعات الطرق والسدود وغيرها».


مقالات ذات صلة

وفاة زعيم محلي في مالي اختطفه تنظيم «القاعدة»

أفريقيا تييرنو أمادو تال اختطفه تنظيم «القاعدة» وتوفي في ظروف غامضة (صحافة محلية)

وفاة زعيم محلي في مالي اختطفه تنظيم «القاعدة»

أعلن تنظيم «القاعدة» أن زعيم مجموعة محلية يتمتع بنفوذ واسع في مالي وغرب أفريقيا توفي حين كان رهينة بحوزة مجموعة تابعة للتنظيم في حادثة أثارت ردود فعل غاضبة

الشيخ محمد (نواكشوط )
شمال افريقيا سيارات تابعة لضباط أمن صوماليين متوقفة بالقرب من فندق سيل مسرح هجوم جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» في مقديشو بالصومال 15 مارس 2024 (رويترز)

«داعش» يتبنى هجوماً دامياً على قاعدة عسكرية في الصومال

أعلن تنظيم «داعش»، اليوم (الأربعاء)، مسؤوليته عن هجوم على قاعدة عسكرية في منطقة بونتلاند شمال شرقي الصومال، أمس (الثلاثاء)، أودى بحياة ما لا يقل عن 20 شخصاً.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
شمال افريقيا الرئيس التشادي إدريس ديبي خلال لقاء بدر عبد العاطي في إنجامينا (الخارجية المصرية)

مصر تعزز تعاونها مع تشاد عبر مشروع «ربط بري»

تعزز مصر تعاونها مع تشاد عبر مشروع طريق «الربط البري» بين البلدين، وأكدت مصر أن «المشروع سيدعم جهود التنمية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا وزير خارجية مصر رفقة السكرتير التنفيذي لتجمع دول الساحل والصحراء أمس في إنجامينا (رئاسة مجلس الوزراء المصري)

مصر تبحث مع تجمع دول الساحل والصحراء سبل الحرب على الإرهاب

أعرب وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن استعداد القاهرة لدعم تجمع دول الساحل والصحراء في مواجهة «التحديات المشتركة»، ولكنه ركز على مكافحة الإرهاب.

الشيخ محمد (نواكشوط)
العالم العربي عناصر من الجيش الوطني الصومالي (رويترز)

اتهامات صومالية لإثيوبيا تلقي بظلالها على «اتفاق المصالحة»

اتهامات صومالية لإثيوبيا باستهداف قواتها تعد الأولى منذ إعلان المصالحة بين البلدين برعاية تركية في 11 ديسمبر الحالي وبعد نحو عام من الخلافات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ليبيون يتخوفون من احتمال انهيار «اتفاق وقف النار» بين الحكومتين المتنازعتين

جل الليبيين عبّروا عن مخاوفهم من عودة الاقتتال إلى البلد (أ.ف.ب)
جل الليبيين عبّروا عن مخاوفهم من عودة الاقتتال إلى البلد (أ.ف.ب)
TT

ليبيون يتخوفون من احتمال انهيار «اتفاق وقف النار» بين الحكومتين المتنازعتين

جل الليبيين عبّروا عن مخاوفهم من عودة الاقتتال إلى البلد (أ.ف.ب)
جل الليبيين عبّروا عن مخاوفهم من عودة الاقتتال إلى البلد (أ.ف.ب)

بات جل الليبيين، خلال الأيام القليلة الماضية، يعبّرون عن قلقهم وتخوفاتهم من احتمال عودة الاقتتال بين السلطتين المتنازعتين على السلطة في شرق البلاد وغربها، مما ينذر بانهيار «اتفاق وقف إطلاق النار»، الذي أُبرم بينهما منذ أكثر من 4 سنوات.

جانب من اجتماع سابق لـ«اللجنة العسكرية» الليبية (البعثة الأممية)

وتعود أسباب هذه التخوفات لعوامل عديدة، فإلى جانب استمرار حالة الجمود السياسي، وتنازع الحكومتين على السلطة، فوجئ الجميع بإعلان «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، اقتحام أحد المعسكرات في جنوب غربي البلاد، والسيطرة عليه من شخصية عسكرية موالية لحكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

ولم تمر سوى أيام قليلة على ذلك، حتى أعلنت حكومة الدبيبة شنّ عملية عسكرية بمدينة الزاوية (غرب)، تردد أن أهدافها لا تنحصر فقط على ضرب أوكار مهربي البشر والوقود، بل تمتد لـ«تصفية حسابات» مع مجموعات موالية لسلطات شرق ليبيا بتلك المدينة، خصوصاً شقيق وأقارب عصام أبو زريبة، وزير الداخلية بالحكومة المكلفة من البرلمان.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الوطنية (الوحدة)

إلا أن سياسيين وخبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» استبعدوا إقدام أي من القوى المسلحة في ليبيا على خطوة، يمكن أن تشكل خرقاً جدياً لاتفاق وقف إطلاق النار، الموقع في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 برعاية الأمم المتحدة، وأرجعوا ذلك لتوافق القوى الإقليمية والدولية، التي تتشارك مصالحها في هذا البلد الثري بالنفط، في الحفاظ على الاستقرار الراهن وتدعيمه، فضلاً عن رفض الليبيين أنفسهم إحياء شبح الحرب، التي أنهكتهم ويلاتها على مدار العقد الماضي.

في هذا السياق، يعتبر عضو مجلس النواب، طلال ميهوب، أن التحركات الراهنة لحكومة الدبيبة، وتحديداً عملية الزاوية «ليست أكثر من خطوة استباقية لعرقلة تنفيذ مبادرة المبعوثة الأممية لليبيا بالإنابة، ستيفاني خوري، التي تستهدف إنهاء الجمود السياسي، وتشكيل حكومة موحدة بالبلاد».

أسامة حماد رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية (الاستقرار)

وقال ميهوب لـ«الشرق الأوسط» إن الدبيبة وحكومته «يحاولان الإيحاء بأن هناك صراعاً على الأرض، وخرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، لكن الواقع أنه لا يوجد شيء».

وكان آمر منطقة الساحل الغربي العسكرية، التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية»، الفريق صلاح النمروش، قد نفى «وجود أي أهداف سياسية خفية بعملية الزاوية».

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة» التي تتخذ من العاصمة طرابلس (غرب) مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان، ويترأسها أسامة حماد، وتحظى بدعم قائد «الجيش الوطني»، الذي تتمركز قواته في الشرق وبعض مناطق الجنوب.

ووفقاً لتقديرات بعض الخبراء العسكريين، فإن تحركات الجانبين يعد محدود الأثر، وغير مؤثر على صمود اتفاق وقف إطلاق، الذي يحظى منذ توقيعه بدعم أممي ودولي واسع.

المشير خليفة حفتر خلال لقاء قيادات عسكرية في بنغازي (الجيش الوطني)

من جهته، أرجع مدير «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، العميد خالد عكاشة، التجاذبات أو التوترات العسكرية، التي تحدث بالساحة الليبية بين حين وآخر إلى «استمرار وضعية الانقسام، وعدم حسم ملف الأزمة السياسية»، مقللاً من تأثير تلك التجاذبات على صمود اتفاق وقف إطلاق النار.

ورغم إقراره بأن التغيير في سوريا قد يدفع مجموعات مسلحة بالغرب الليبي للجوء لسيناريو الحسم العسكري، عبر شنّ هجوم على قوات «الجيش الوطني»، فإن عكاشة أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن توازن القوى القائم بين شرق البلاد وغربها «لا يدعم تنفيذ مثل هذا السيناريو»، مبرزاً أن المسرح الجغرافي الليبي «مختلف تماماً عن نظيره السوري، فضلاً عن أنه إلى جانب ما يتمتع به الجيش الوطني من ثقل عسكري، فهو يحظى أيضاً بدعم شعبي وسياسي واسع في البلاد. كما أن غالبية الليبيين باتوا يرفضون بشدة فكرة الاحتكام للسلاح لرسم مستقبل دولتهم».

ووفقاً لعكاشة فإن تركيا، رغم تواصلها مع بعض المجموعات المسلحة بغرب ليبيا، لن تدعم هذا السيناريو؛ وستكون أقرب لاحترام توافقاتها مع مصر في الملف الليبي، واحترام التزاماتها أمام المجتمع الدولي بدعم العملية السياسية، وصولاً إلى مرحلة الانتخابات»، لافتاً إلى أن عواصم غربية كبرى متدخلة بالساحة الليبية، وفي مقدمتها واشنطن ولندن وباريس، «ترصد من كثب كل ما يحدث في ليبيا؛ ومن المستبعد أن ترحب بأي محاولة من قبل أنقرة لتغيير المشهد وتوازناته الراهنة».

وانتهى عكاشة إلى أن الحديث عن الاستحقاق الانتخابي في ليبيا «أقرب بكثير جداً من الحديث عن تحرك أو تصعيد عسكري».

المحلل السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، لم يبتعد عن الآراء السابقة في الإشارة إلى تحركات القوى العسكرية الليبية شرقاً وغرباً، ورأى أنها «خطوات لإثبات وجود كل واحدة منها بمنطقة نفوذها». واستبعد أوغلو، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تسمح واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون بأن يتم اختراق اتفاق وقف إطلاق النار، بالتزامن مع كل طرح، وما تردد أخيراً عن نقل الروس ثقلهم العسكري من سوريا إلى الأراضي الليبية».

ويرى أوغلو أن «الاحتكام للسلاح في ليبيا أمر تجاوزه الزمن، خصوصاً مع وجود احتمالية كبيرة بأن التفاهمات الجديدة حول الملف السياسي، التي سيتم إشراك القوى الليبية وأنقرة والقاهرة بها، قد لا تتضمن ذات الأسماء المتصدرة للمشهد الراهن السياسي والعسكري».

إلا أن المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، يرى أن «التغييرات التي حلت بسوريا، ليست وحدها التي أسهمت في إطلاق العديد من السيناريوهات بشأن احتمال ذهاب ليبيا لتصعيد عسكري؛ وإنما تعنت أفرقاء الأزمة، واستمرارهم في وضع العراقيل أمام الحلول السياسية».

ويعتقد محفوظ، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المخاوف التي تُروج دون أدلة، قد تكون الخطر الحقيقي الذي يواجه هذا الاتفاق؛ خصوصاً أنه لم يتضمن آليات لمعاقبة من يخترقه، ولذا دأب أغلب المراقبين على وصفه بالهش طيلة السنوات الأربع الماضية».