مصر والصومال وإريتريا لعقد اجتماع يستهدف «التنسيق في القضايا الإقليمية»

مقديشو أطلعت القاهرة على مخرجات «قمة أنقرة» بشأن العلاقات مع أديس أبابا

مؤتمر صحافي للرئيس الإريتري مع نظيريه المصري والصومالي في أسمرة أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
مؤتمر صحافي للرئيس الإريتري مع نظيريه المصري والصومالي في أسمرة أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر والصومال وإريتريا لعقد اجتماع يستهدف «التنسيق في القضايا الإقليمية»

مؤتمر صحافي للرئيس الإريتري مع نظيريه المصري والصومالي في أسمرة أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)
مؤتمر صحافي للرئيس الإريتري مع نظيريه المصري والصومالي في أسمرة أكتوبر الماضي (الرئاسة المصرية)

بهدف «تنسيق المواقف في القضايا الإقليمية»، تستعد مصر والصومال وإريتريا لاجتماع ثلاثي على مستوى الوزراء، بحسب إفادة رسمية لوزارة الخارجية المصرية، الأحد، أشارت إلى اتصال هاتفي بين وزيري خارجية مصر والصومال أطلعت خلاله مقديشو، القاهرة على مخرجات «قمة أنقرة»، التي أنهت «مؤقتاً توتراً متصاعداً منذ نحو العام بين إثيوبيا والصومال».

وبينما لم يعلق البيان المصري صراحة على «مخرجات قمة أنقرة»، جدد التأكيد على «دعم القاهرة للحكومة الفيدرالية في مقديشو»، ما عدّه دبلوماسيون سابقون «منسجماً» مع الموقف المصري الرامي لتحقيق الاستقرار في القرن الأفريقي، والداعم لوحدة وسيادة الصومال، مشيرين إلى أن «القاهرة ستتابع التطورات في المنطقة كونها مرتبطة بالأمن القومي للبلاد».

وتلقى وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، اتصالاً هاتفياً، مساء السبت، من نظيره الصومالي، أحمد معلم فقي، «تناول العلاقات الاستراتيجية المتميزة بين البلدين، والحرص المتبادل على تطويرها في كل المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية بما يلبي طموحات البلدين، والبناء على الزخم الذي تشهده العلاقات خلال الفترة الأخيرة».

وأطلع وزير خارجية الصومال، نظيره المصري على «مخرجات قمة أنقرة الثلاثية التي عقدت أخيراً بين الصومال وتركيا وإثيوبيا»، مؤكداً «تمسك بلاده باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه».

وهو ما أكده وزير الخارجية المصرية، مشدداً على «دعم القاهرة الكامل للحكومة الفيدرالية في الصومال، وفي (مكافحة الإرهاب) وتحقيق الأمن والاستقرار».

وتطرق الاتصال إلى «متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عقدت في أسمرة بين رؤساء مصر والصومال وإريتريا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، واتفق «الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين مصر والصومال وإريتريا تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك»، وفق البيان.

وأعلنت تركيا، الأسبوع الماضي، نجاح جهود الوساطة التي أطلقتها في يوليو (تموز) الماضي، في عقد اتفاق بين الصومال وإثيوبيا، وصفه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بأنه «تاريخي»، ينهي، بشكل مبدئي، عاماً من التوتر بين مقديشو وأديس أبابا، بدأ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، عقب «مذكرة تفاهم» وقعتها إثيوبيا مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي يمنح إثيوبيا منفذاً بحرياً. وهو الاتفاق الذي رفضته الصومال والجامعة العربية.

وأبدت مصر رفضاً حاسماً للاتفاق الإثيوبي مع «أرض الصومال». وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عقب لقائه ونظيره الصومالي، في يناير الماضي، أن الصومال دولة عربية، وله حقوق طبقاً لميثاق الجامعة العربية، في الدفاع المشترك ضد أي تهديد له. وأضاف أن القاهرة لن تسمح لأحد بتهديد الصومال أو المساس بأمنه، قائلاً: «(محدش) (لا أحد) يجرب مصر ويحاول أن يهدد أشقاءها، خصوصاً لو أشقاؤها طلبوا منها الوقوف معهم».

لكنّ اتفاقاً بوساطة تركية بين الصومال وإثيوبيا، قلل من حدة التوتر في القرن الأفريقي. وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر ترحب بأي جهود من شأنها أن تحقق السلام والتوافق والاستقرار في القرن الأفريقي». وأوضح أن «مصر لن تعارض لجوء إثيوبيا للحكومة الفيدرالية الصومالية لتقديم التسهيلات اللازمة لإيجاد منفذ لها على البحر، طالما احترمت أديس أبابا سيادة الصومال وحكومته المركزية»، مشيراً إلى أن «الاتفاق نزع فتيل أزمة في القرن الأفريقي».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً يلغي اتفاق إقليم «أرض الصومال» مع أديس أبابا (الرئاسة الصومالية)

واتفق معه عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأمن القومي المصري ممتد للقرن الأفريقي، ومن هنا تتابع القاهرة الأوضاع هناك وتسعى لاستقرارها بكل الوسائل»، مشيراً إلى «العلاقات التاريخية التي تربط القاهرة بمقديشو».

وأكد أن «القاهرة بدءاً من العام المقبل ستكون موجودة في الصومال ضمن قوة حفظ السلام الأممية لمساعدة الصومال في مواجهة الإرهاب، والحفاظ على وحدة البلاد، ودعم الحكومة الفيدرالية في مقديشو».

ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو - (أرشيفية - رويترز)

ووقعت مصر والصومال، في أغسطس (آب) الماضي، بروتوكول تعاون عسكري، واتفق البلدان على مشاركة مصر في البعثة الأفريقية لحفظ السلام خلال الفترة في 2025 - 2029، ودعمت القاهرة مقديشو بمعدات عسكرية.

ولمواجهة التحديات في القرن الأفريقي، زار الرئيس المصري، العاصمة الإريترية أسمرة، في أكتوبر الماضي، حيث عقدت قمة ثلاثية بحضور رئيسي الصومال وإريتريا، تناولت «سبل تعزيز العلاقات بين الدول الثلاث في مختلف المجالات، بالإضافة إلى الأوضاع الإقليمية وجهود ترسيخ الاستقرار والأمن في القرن الأفريقي والبحر الأحمر». وأكدت القمة، في بيان ختامي، نشرته الرئاسة المصرية، «أهمية الاحترام المطلق لسيادة ووحدة أراضي المنطقة»، معلنة «تشكّل لجنة ثلاثية من وزراء الخارجية للتعاون الاستراتيجي».

بدوره، قال عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» إن «هذا التعاون الثلاثي ليس موجهاً ضد أحد، وهو جهد من داخل الإقليم هدفه متابعة الوضع الأمني في القرن الأفريقي، وتعزيز الأمن والاستقرار».


مقالات ذات صلة

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
تحليل إخباري الرئيس التركي يتوسط نظيره الصومالي ورئيس وزراء إثيوبيا (وكالة الأنباء الصومالية)

تحليل إخباري كيف ترى مصر اتفاق المصالحة الصومالية - الإثيوبية؟

اتفاق صومالي - إثيوبي برعاية تركية ينهي بشكل مبدئي خلافاً تصاعدت وتيرته على مدار نحو عام بين البلدين، بدأ مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا وزير الدفاع الجديد تعهّد بالقضاء على الإرهاب في وقت قريب (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو: حكومة جديدة شعارها «الحرب على الإرهاب»

أعلن العسكريون الذين يحكمون بوركينا فاسو عن حكومة جديدة، مهمتها الأولى «القضاء على الإرهاب»، وأسندوا قيادتها إلى وزير أول شاب كان إلى وقت قريب مجرد صحافي.

الشيخ محمد (نواكشوط)
العالم العربي نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي في مؤتمر صحافي بمقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

الصومال يتهم إثيوبيا بـ«تسليح ميليشيات» لعرقلة استقرار البلاد

اتهمت حكومة مقديشو، أديس أبابا، بـ«تسليح ميليشيات بشكل غير قانوني»، في منطقة غوبالاند، بهدف «عرقلة استقرار البلاد، وتقويض الأمن، وإثارة الصراع الداخلي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من دورة «التخطيط الاستراتيجي لمكافحة الإرهاب» لضباط الدول الأفريقية (المتحدث العسكري المصري)

الجيش المصري يُدرب ضباطاً أفارقة على «مكافحة الإرهاب»

قامت القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية بعقد العديد من الدورات التدريبية لـ«تعزيز علاقات التعاون العسكري مع الدول الأفريقية من خلال مركز (الساحل والصحراء)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ماذا ينتظر الليبيون من إحاطة خوري أمام «مجلس الأمن»؟

خوري في لقاء سابق مع ممثلي الأحزاب السياسية الليبية (البعثة الأممية)
خوري في لقاء سابق مع ممثلي الأحزاب السياسية الليبية (البعثة الأممية)
TT

ماذا ينتظر الليبيون من إحاطة خوري أمام «مجلس الأمن»؟

خوري في لقاء سابق مع ممثلي الأحزاب السياسية الليبية (البعثة الأممية)
خوري في لقاء سابق مع ممثلي الأحزاب السياسية الليبية (البعثة الأممية)

تستعرض القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني خوري، الاثنين، إحاطتها الدورية الرابعة أمام مجلس الأمن الدولي عن الأوضاع بالساحة الليبية.

ويتطلع الليبيون إلى أن تحمل هذه الإحاطة المرتقبة، مبادرة أو خريطة طريق تنهي حالة الجمود والانسداد الراهنين اللذين تمر بهما العملية السياسية والدفع قدماً نحو إجراء الانتخابات.

وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، أجرت المبعوثة الأممية بالإنابة لقاءات ومباحثات مكوكية مع الأطراف الرئيسية والفاعلة بالساحة الليبية وسفراء غربيين، وهو ما عدّ محاولة لتأسيس أرضية من التوافق وحشد الدعم لمبادرتها المرتقبة التي قد تعلنها أمام مجلس الأمن.

ورغم هذا الجهد المرصود، فإن توقعات وآراء سياسيين ومراقبين حيال ما ستطرح خوري، انقسمت بين مَن ذهب إلى أنها ستعتمد على آليات مشابهة سبق واعتمدها أسلافها من المبعوثين الأمميين وبالتبعية سينتهي مآلها مثل مبادراتهم بـ«التعثر أو الفشل»، ومَن عوّل على تدشينها مساراً جديداً يمهد فعلياً لإجراء الانتخابات.

عضو مجلس النواب الليبي، جلال الشويهدي، انضم للطرح الأول، مستبعداً «أن تحقق خوري أي جديد بالمشهد السياسي». وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» توقع أن تعتمد خوري «آليات مشابهة لما اعتمدته المبعوثة السابقة، ستيفاني وليامز، وهي تشكيل لجنة حوار سياسي تضم أعضاء من مجلسي النواب والأعلى للدولة، بالإضافة إلى مشاركة ممثلي مكونات وتيارات أخرى بالمجتمع، وهو ما لن يؤدي لأي اختراق حقيقي».

وكانت وليامز رعت «ملتقى حوار سياسي» أسفر عن انتخاب حكومة «الوحدة الوطنية» والمجلس الرئاسي. إلا أنه فشل في إحراز توافق حول الإطار القانوني للانتخابات مما زاد من تعقيد المشهد السياسي.

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس بالغرب مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان وتدير المنطقة الشرقية، وتحظى بدعم قائد «الجيش الوطني»، خليفة حفتر.

بالمقابل ووفقاً لقراءاته للقاءات التي عقدتها خوري قبل إحاطتها، يتوقع عضو مجلس الأعلى للدولة، علي السويح، أن تمهّد تلك الإحاطة «لمسار ومشهد سياسي جديد».

وقال السويح لـ«الشرق الأوسط» إن البعثة أعلنت عبر بياناتها الأخيرة عزمها إطلاق عملية سياسية شاملة؛ وخوري تبدو جادة في مسعاها؛ و«لكنها في الأغلب لن تتجه لتشكيل لجنة حوار سياسي كما يردد بعضهم، وإنما لجان فنية، تضم خبراء بمجالات عدة لدراسة وتجاوز العقبات التي تعترض إجراء الانتخابات».

وأضاف: «ربما ستكون هناك لجنة لحسم الخلاف والجدل حول القوانين الانتخابية التي أنتجتها لجنة (6+6) المشتركة من أعضاء مجلسي (النواب) و(الدولة)، التي أقرها البرلمان قبل أكثر من عام، وأيضاً لجان اقتصادية وأمنية»، متابعاً: «تلك اللجان ستقدم توصيات تتبنى البعثة تنفيذها لاحقاً بالتنسيق مع الجهات المعنية».

من جهته، أكد المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، أن «المجتمع الدولي عبر البعثة الأممية، سيضع ضمانات تستهدف الوصول إلى إجراء الانتخابات رئاسية وتشريعية بالبلاد، قبل أن يسمح بتشكيل تلك الحكومة، مع الحرص بالوقت ذاته على عدم حدوث أي اختراق للآلية التي سيتم من خلالها اختيار رئيس تلك الحكومة».

ويتوقع محفوظ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «لن يُسمح بأن تكون الحكومة المقبلة تكراراً لصفقة تقاسم السلطة بين فرقاء الأزمة سرعان ما تنهار ويتجدد الخلاف بينهم».

ووفقاً لرؤيته فإن خوري «قد تعلن عن خريطة طريق يتم تنفيذ مراحلها بداية العام المقبل، من بينها تشكيل لجنة محدودة العضوية، تنحصر مهمتها في إحداث التوافق المفقود حول القوانين الانتخابية، وتشكيل الحكومة».

ورغم ما عقدته خوري من لقاءات مع عدد من السفراء الغربيين في محاولة لحشد الدعم الدولي لمبادرتها المرتقبة، يرى محفوظ أن ذلك «لن يقلل من حجم التحديات التي ستواجهها».

بدوره، أشار مدير «مركز الأمة للدراسات الاستراتيجية»، محمد الأسمر، إلى أن الدول الغربية الداعمة لخوري وتحديداً بريطانيا «قد تعزز مبادرتها بطرح مشروع قرار على مجلس الأمن الدولي بمواجهة معرقلي العملية السياسية في ليبيا بعقوبات رادعة».

ويرى الأسمر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن إحاطة خوري ربما تتضمن تشكيل «لجنة رفيعة المستوى تضم ممثلين عن الحكومتين ومجلسي النواب والدولة والجيش الوطني، وممثلي بعض التيارات السياسية والثقافية والاجتماعية تضطلع في الأغلب بمهمة تشكيل الحكومة».

وبغض النظر عن شكل الحكومة المقبلة سواء من السياسيين أو التكنوقراط، يشدد الأسمر على أن عمر ولايتها يجب ألا يقل عن عامين، وأشار إلى «الحاجة لمعالجة البنود الخلافية في القوانين الانتخابية؛ الذي قد يستغرق الكثير من الوقت، ثم إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور، كما تنادي بعض الأصوات، بالإضافة لمحاولة توحيد القوى العسكرية والأمنية».