الرئيس الموريتاني السابق يمثل أمام القضاء بتهمة «الفساد»

جدل قانوني ودستوري بين المحامين… واهتمام شعبي خافت

رئيس موريتانيا السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
رئيس موريتانيا السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الموريتاني السابق يمثل أمام القضاء بتهمة «الفساد»

رئيس موريتانيا السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)
رئيس موريتانيا السابق محمد ولد عبد العزيز (أ.ف.ب)

مثل الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، الاثنين، مجدداً أمام محكمة الاستئناف للنظر في طلب تقدم به فريق الدفاع عنه للطعن في حكم بالسجن صدر في حقه العام الماضي، بعد إدانته بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع.

ولد عبد العزيز البالغ من العمر 68 عاماً كان جنرالاً في الجيش الموريتاني، وحكم البلاد في الفترة من 2008 وحتى 2019، وفور خروجه من الحكم شكل البرلمان لجنة للتحقيق في فترة حكمه، لتبدأ واحدة من أكثر المحاكمات إثارة في التاريخ الموريتاني.

من أجواء حملة الانتخابات الموريتانية الأخيرة في نواكشوط (الشرق الأوسط)

عرف الموريتانيون محاكمة رئيسهم السابق باسم «ملف العشرية»، في إشارة إلى عشر سنوات قضاها ولد عبد العزيز في الحكم، ويشمل الملف 17 شخصية أخرى، بينها وزراء سابقون ورجال أعمال وبعض أفراد عائلته والمقربين منه.

وفي نهاية المحاكمة التي استمرت عامين، أدين ولد عبد العزيز ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، بتهمتي غسل الأموال والإثراء غير المشروع، وحكم عليه بالسجن النافذ خمس سنوات، مع مصادرة حقوقه المدنية ومصادرة أمواله، ودفع غرامة 500 مليون أوقية قديمة، أي نحو مليون وربع المليون دولار أميركي.

ولكن فريق المحامين الذي يدافع عن الرئيس السابق طعن في الحكم، وتوجه إلى محكمة الاستئناف ثم المجلس الدستوري برسالة يقول فيها إن المحاكمة «غير دستورية»، لأن الدستور الموريتاني ينص على أن محاكمة رئيس الجمهورية من اختصاص محكمة العدل السامية، كما اعترض فريق الدفاع على دستورية المادة الثانية من قانون مكافحة الفساد الصادر عام 2016.

محكمة الاستئناف قررت مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تعليق جلسات المحاكمة في انتظار رد المجلس الدستوري على طعن فريق الدفاع.

وبالفعل عقد المجلس دورة الأسبوع الماضي، رد فيها على رسالة الطعن، وقال إن المادة الثانية من قانون مكافحة الفساد «لا تخالف الدستور»، بل على العكس من ذلك تتيح محاكمة رئيس الجمهورية أمام المحاكم العادية.

جانب من نقاشات محاربة الفساد في موريتانيا (حزب الإنصاف)

وأوضح المجلس الدستوري أن «رئيس الجمهورية، ككل منتخب لتولي مأمورية عامة، مسؤول أمام المحاكم العادية عما اقترفه من أعمال وتصرفات».

فريق الدفاع عن الطرف المدني في القضية، والذي يتشكل من عشرات المحامين المدافعين عن حقوق الدولة، أصدروا بياناً قالوا فيه «إن المجلس الدستوري حسم الجدل بقراره الأخير حول دستورية المحاكمة».

وأضاف الفريق الذي يمثل الطرف المدني أن المادة الثانية من قانون محاربة الفساد «لا تتعارض مع الحقوق والحريات التي تمنحها المادة 93 من الدستور لرئيس الجمهورية»، وهي المادة التي يستند عليها فريق الدفاع لتأكيد أن رئيس الجمهورية «يتمتع بالحصانة» ولا يحاكم إلا بتهمة «الخيانة العظمى» وأمام محكمة العدل السامية حصراً.

وقال فريق الطرف المدني إن «ما فتئ يدعيه دفاع المتهم محمد ولد عبد العزيز من حصانة لموكلهم، بغية جعله في منأى عن المساءلة أمام المحاكم الجنائية، قول خالٍ مطلقاً من كل أساس»، على حد تعبير الفريق.

الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني (أ.ف.ب)

ورغم الجدل الدستوري والقانوني بين المحامين، تراجع بشكل واضح اهتمام الشارع الموريتاني بمحاكمة الرئيس السابق، ولوحظ غياب أي تجمع للمواطنين أمام قصر العدل، حيث تجري المحاكمة، وفرضت السلطات إجراءات أمنية متوسطة في محيطه، وسمح بحضور المحاكمة لبعض المواطنين والصحافيين، مع منع أي تصوير أو تسجيل لوقائع الجلسات.

ويرجع مراقبون تراجع الاهتمام الشعبي بالمحاكمة إلى انشغال المواطنين بالأوضاع الاقتصادية الصعبة، والنظر إلى المحاكمة من طرف البعض على أنها «صراع سياسي»، بسبب الخلاف بين الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني والرئيس السابق بعد عقود من الصداقة.

رغم كل ذلك، يرى موريتانيون أن المحاكمة «حدث غير مسبوق، حيث إنها المرة الأولى التي يحاكم فيها رئيس سابق بتهمة الفساد في موريتانيا».


مقالات ذات صلة

رئيس كوريا الجنوبية المعزول يرفض مجدداً المثول للاستجواب

آسيا الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سيوك - يول يظهر داخل سيارة بعد اعتقاله (د.ب.أ)

رئيس كوريا الجنوبية المعزول يرفض مجدداً المثول للاستجواب

رفض الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سيوك - يول مرة أخرى المثول للاستجواب بشأن محاولته الفاشلة لفرض الأحكام العرفية.

«الشرق الأوسط» (سيول)
آسيا الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول داخل سيارة بعد اعتقاله (رويترز)

الرئيس الكوري الجنوبي المعزول سيرفض الاستجواب

كشف محامو الرئيس الكوري الجنوبي المعزول، يون سوك يول، اليوم (الخميس)، عن أنه سيرفض الخضوع لمزيد من الاستجواب.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيسة وزراء بنغلاديش السابقة الشيخة حسينة (وسط) وتوليب صديق يحضرون حفلاً في الكرملين عام 2013 (أ.ب)

استقالة وزيرة بريطانية للاشتباه بتورطها بقضايا فساد في بنغلاديش

أعلنت الوزيرة البريطانية توليب صديق، اليوم الثلاثاء، استقالتها من حكومة كير ستارمر، بعدما ورد اسمها في تحقيقات تجريها بنغلاديش حول الفساد وتستهدف خالتها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا حافلة متوقفة عند مدخل المقر الرسمي للرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول لمنع أي محاولة لاعتقاله (رويترز)

وحدة عسكرية توافق على دخول الشرطة المقر الرئاسي في كوريا الجنوبية

وافقت وحدة عسكرية تحرس المقر الرئاسي في كوريا الجنوبية، اليوم (الثلاثاء)، على دخول مسؤولي الشرطة ووكالة مكافحة الفساد إلى المقر الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي يصل إلى المحكمة لحضور جلسة استماع بشأن اتهامه بالفساد (رويترز)

ساركوزي خلال محاكمته: لن تجدوا أبداً «سنتاً ليبياً واحداً» في حملتي

أكّد الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في أول مداخلة له خلال محاكمته في باريس أنه «ليس لديه ما يلوم نفسه عليه».

«الشرق الأوسط» (باريس)

مصر تعزّز تعاونها مع الصومال بـ«منتدى رجال الأعمال»

وزير الخارجية المصري خلال استقباله نظيره الصومالي في القاهرة مؤخراً (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال استقباله نظيره الصومالي في القاهرة مؤخراً (الخارجية المصرية)
TT

مصر تعزّز تعاونها مع الصومال بـ«منتدى رجال الأعمال»

وزير الخارجية المصري خلال استقباله نظيره الصومالي في القاهرة مؤخراً (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال استقباله نظيره الصومالي في القاهرة مؤخراً (الخارجية المصرية)

في خطوة تستهدف تعزيز التعاون المصري - الصومالي، أعلنت السفارة الصومالية في القاهرة استضافة العاصمة المصرية «منتدى رجال الأعمال المصري – الصومالي»، الأربعاء المقبل، لتطوير التعاون في المجال الاقتصادي.

ومن المقرر أن يُعقد المنتدى على مدار يومين، بمشاركة رجال أعمال ومستثمرين صوماليين ومصريين، حسب إفادة للسفارة الصومالية بالقاهرة.

وتشهد العلاقات المصرية الصومالية تطوراً متنامياً في الفترة الحالية، خاصة إزاء مساندة القاهرة لمقديشو في أزمتها مع أديس أبابا، بشأن مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري بالاتفاق مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي.

وعدّ سفير الصومال في القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية السفير علي عبدي انعقاد منتدى الأعمال «خطوة مهمة على الطريق الصحيح، لتعزيز التعاون بين بلاده ومصر على المستويات كافة، خاصة المجال الاقتصادي»، وأكد في إفادة للسفارة الصومالية «أهمية التعاون مع الحكومة المصرية، بوصفها شريكاً تجارياً داعماً لاقتصاد بلاده».

وحسب السفير، «تمتلك مقديشو العديد من المقومات الجاذبة للاستثمارات»، داعياً المستثمرين المشاركين في المنتدى إلى «الاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة في بلاده»، وأعرب عن تطلعه لنجاح المنتدى في تحقيق أهدافه وتوسيع ودفع مستوى العلاقات الاقتصادية المصرية الصومالية.

وأشاد عبدي بمستوى التطور في العلاقات المصرية الصومالية، مشيراً إلى «وجود إرادة سياسية قوية لدى البلدين لدعم وتعزيز التعاون المشترك»، حسب بيان السفارة الصومالية.

وفي وقت سابق، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال محادثاته مع نظيره الصومالي أحمد معلم فقي في القاهرة، نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أهمية «العمل على إنجاح منتدى الأعمال المصري الصومالي المزمع عقده بالعاصمة المصرية»، مشدداً على «أهمية تعزيز العلاقات التجارية والارتقاء بها».

ويشكل انعقاد منتدى الأعمال المصري الصومالي خطوة مهمة في مسار التقارب بين القاهرة ومقديشو، وتوسيع روابط العلاقات بين البلدين، وفق تقدير رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة يسري الشرقاوي، مشيراً إلى أن «المنتدى سيجمع عدداً كبيراً من ممثلي القطاع الخاص المصري والصومالي، لإرساء قواعد عمل وشراكات تجارية واستثمارية».

ويرى الشرقاوي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الصومال في حاجة لخبرات واستثمارات في قطاعات مهمة، مثل الأمن الغذائي والأدوية والمنسوجات»، مشيراً إلى أن «المنتدى يستهدف تعزيز الشراكات والاستثمارات في هذه القطاعات، بما يعزز من مستوى التبادل التجاري بين البلدين».

وارتفع حجم التبادل التجاري بين مصر والصومال إلى 59 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2024، مقابل 31 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 88 في المائة، وسجلت الصادرات المصرية 57 مليون دولار، في مقابل 2 مليون دولار واردات، حسب الجهاز المركزي للإحصاء المصري.

بدوره، يرى خبير الشؤون الأفريقية المصري رامي زهدي أن «الوقت بات مناسباً في الصومال لتدشين شراكات استثمارية وتجارية، بعد هدوء التوترات الداخلية»، وقال إن «مقديشو تستهدف تطوير قدراتها الاقتصادية لاستكمال بناء كامل أركان الدولة من خلال الاستعانة بخبرات الدول الصديقة لها ومنها مصر».

ويعتقد زهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «التعاون المصري الصومالي مؤخراً يوفر الغطاء السياسي والتشريعي لاستثمارات مشتركة بين القطاع الخاص في البلدين»، مشيراً إلى أن «القاهرة تستهدف دعم قدرات الصومال ومؤسساته الوطنية، بما يسهم في إنهاء التوترات في القرن الأفريقي، والمساهمة في أمن البحر الأحمر»، منوهاً بـ«المساعدات العسكرية التي تقدمها مصر للحكومة الصومالية، لتعزيز قدراتها في مواجهة التحديات الأمنية، خصوصاً خطر الإرهاب».

وعزّزت مصر تعاونها العسكري مع الصومال، ووقع البلدان، في أغسطس (آب) الماضي، بروتوكول تعاون عسكري، واتُّفق حينها على مشاركة مصر في البعثة الأفريقية لحفظ السلام خلال الفترة من 2025 إلى 2029، كما دعمت القاهرة مقديشو بمعدات عسكرية.