مصر وسقوط بشار... ترقب رسمي ومخاوف على وحدة سوريا

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر وسقوط بشار... ترقب رسمي ومخاوف على وحدة سوريا

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وسط ترقب رسمي ومخاوف شعبية على وحدة سوريا، استقبلت مصر نبأ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، وسيطرة الفصائل المسلحة على دمشق، وبينما أكد خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط» أن القاهرة تراقب بحذر ما ستسفر عنه التطورات في سوريا، أكدوا «مشروعية المخاوف» الشعبية، بشأنها.

وقالت وزارة الخارجية المصرية، في إفادة رسمية، الأحد، إنها «تتابع باهتمام كبير التغير الذي شهدته الجمهورية العربية السورية الشقيقة، وتؤكد وقوفها إلى جانب الدولة والشعب السوري ودعمها سيادة سوريا ووحدة وتكامل أراضيها».

ودعت «الخارجية المصرية»، «جميع الأطراف السورية بكافة توجهاتها إلى صون مقدرات الدولة ومؤسساتها الوطنية، وتغليب المصلحة العليا للبلاد، وذلك من خلال توحيد الأهداف والأولويات وبدء عملية سياسية متكاملة وشاملة تؤسس لمرحلة جديدة من التوافق والسلام الداخلي، واستعادة وضع سوريا الإقليمي والدولي».

وأكدت مصر، في هذا السياق، «استمرارها في العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار ودعم العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري الشقيق».

وتصدرت هاشتاغات عدة «الترند» في مصر، الأحد، بشأن سقوط بشار، محذرة من «تفتيت سوريا».

وعبر حسابه على منصة «إكس»، حذّر الإعلامي المصري، أحمد موسى، من «التهليل والفرحة» بسقوط بشار، وتكوين ما وصفه بـ«إمارة سوريا الإسلامية». وقال: «ترقبوا في الفترة المقبلة ما سيتم تنفيذه من تلك التنظيمات (الإرهابية) على الأرض»، مبدياً مخاوف من «قيام دولة طالبان جديدة في الشام».

ووصف موسى ما حدث في سوريا بـ«الزلزال»، وقال: «لا أحد يبكي على رحيل نظام الأسد بعد 54 عاماً من حكم حزب البعث... الخوف هو محاولة تفكيك الجيش السوري».

وتساءل الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، عما بعد سقوط نظام الأسد. وقال في منشور عبر حسابه على منصة «إكس»: «كل التوقعات تشير إلى أن هناك اتفاقاً دولياً وإقليمياً على تولي (الإرهابي) أبو محمد الجولاني الإدارة الفعلية للأوضاع في سوريا». وأضاف أن «التوقعات والسيناريوهات المستقبلية أخطر بكثير مما يتصوره البعض، تذكروا أن الإرهاب هو الذي سيحكم ويتحكم».

وتابع بكري، في منشور آخر: «الآن بدأت الفوضى في سوريا، ومنها إلى بقية العالم العربي... لا تسعدوا كثيراً بسقوط بشار ونظامه... سوريا تدخل إلى النفق المظلم، وخريطة الشرق الأوسط تتغير كما وعدكم نتنياهو».

السياسي المصري، حمدين صباحي، أعرب في منشور عبر حسابه على «إكس»، عن حزنه بقوله: «آه يا سوريا الحبيبة... الطعنة غائرة في قلب العروبة؛ لكن العروبة لن تموت».

أما عضو مجلس النواب المصري، محمود بدر، فأكد عبر منشور عبر حسابه على «إكس»، أنه «حزين على سقوط دمشق في يد مجموعة من الميليشيات والعصابات المسلحة»، مبدياً مخاوفه من «تفتيت سوريا وتحويلها لمجموعة من الدويلات على أساس طائفي».

في حين قال الكاتب والمدون المصري، لؤي الخطيب، عبر صفحته على «إكس»: «أعتقد أن المشاهد التي تحدث في سوريا خلال الساعات الماضية، هي التجسيد الفعلي والعملي لجملة (التاريخ يعيد نفسه)». وأضاف أن «الفرحة الهيستيرية بسقوط تمثال حافظ الأسد هي نفس الفرحة الهيستيرية من 20 عاماً بسقوط تمثال صدام».

تعليقاً على الموقف المصري من سقوط نظام الأسد، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، إن «القاهرة تراقب المشهد من بعيد، ولن تنساق خلف الفرحة الظاهرة في بعض وسائل الإعلام»، موضحاً أن «مصر تدرك أن الفترة المقبلة ستشهد مرحلة انتقالية ليست بالسهلة، وهناك كثير من الأسئلة المطروحة على الطاولة، بشأن من سيقود تلك المرحلة، وطبيعة العلاقة بين المعارضة والفصائل المسلحة ومرجعيتهم، وهل سيطبقون نظاماً إسلامياً أم علمانياً مدنياً؟».

وأضاف هريدي: «كل الأسئلة مطروحة، والإجابة عنها بيد السوريين»، مشيراً إلى أنه «على الصعيد الإقليمي هناك أسئلة أخرى بشأن طبيعة الدور التركي والأميركي والإسرائيلي في سوريا في المرحلة المقبلة»، موضحاً أن «مصر تنتظر وتراقب من منطلق أنها تتعامل مع دول ومؤسسات، وليس أنظمة وأفراد».

وعدّ مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو الشوبكي، مخاوف بعض المصريين مما حدث في سوريا «أمراً مشروعاً». وقال إن «هذه المخاوف مرتبطة بما جرى بسوريا في العقد الماضي». لكنه في الوقت نفسه أشار إلى أن «هناك مساراً انتقالياً في سوريا يبدو حتى الآن مختلفاً عن المسار في العراق وليبيا، من حيث استمرار الحكومة في ممارسة عملها، والخطاب التصالحي غير الانتقامي من جانب الفصائل المسلحة». وأضاف الشوبكي: «بالطبع هناك مخاطر في خروج هذا المسار عن النسق المطلوب»، مؤكداً أن «تعامل مصر بترقب وحذر مع التطورات في سوريا يترك الساحة لتركيا لهندسة المرحلة المقبلة»، داعياً إلى «التفاعل مع التطورات، في محاولة لدفع سوريا نحو اتجاه الدولة المدنية».


مقالات ذات صلة

إردوغان يناقش مع ترمب العقوبات الدفاعية على تركيا خلال قمة الناتو

شؤون إقليمية الرئيسان الأميركي دونالد ترمب والتركي رجب طيب إردوغان خلال لقائهما في البيت الأبيض في الولاية الأولى (الرئاسة التركية)

إردوغان يناقش مع ترمب العقوبات الدفاعية على تركيا خلال قمة الناتو

يلتقي الرئيس رجب طيب إردوغان الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمرة الأولى منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة خلال قمة الناتو المقررة في لاهاي يومي 24 و25 يونيو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قيادة الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية بالتنسيق مع لجنة السلم الأهلي أطلقت سراح عشرات الموقوفين لديها ممّن ألقي القبض عليهم خلال معارك التحرير ولم يثبت تورّطهم بالدماء (الداخلية السورية)

لجنة السلم الأهلي في سوريا: الأولوية في هذه المرحلة للاستقرار

كشف عضو اللجنة العليا للسلم الأهلي أنهم مضطرون لاتخاذ قرارات لتأمين استقرار نسبي، معبراً عن تفهم «الألم والغضب اللذين تشعر بهما عائلات الشهداء».

سعاد جروس (دمشق) «الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا لاجئون سوريون يحتفلون بسقوط نظام الأسد في ماينز... ألمانيا 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

ألمانيا تمنح جنسيتها لعدد قياسي من الأفراد... والسوريون يتصدرون

أظهرت بيانات صادرة عن مكتب الإحصاءات الاتحادي الألماني اليوم (الثلاثاء) أن البلاد منحت جنسيتها لعدد بلغ 291955 فردا العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (برلين )
المشرق العربي صورة أرشيفية نشرها «مجلس عشائر تدمر والبادية السورية» لاحتجاج أطفال نازحين في مخيم الركبان على غياب المساعدات

نهاية «مثلث الموت»... مخيم «الركبان» يخلو من النازحين

غادر، السبت، آخر العائلات التي كانت تعيش بمخيم الركبان على الحدود السورية العراقية، باتجاه مدن وبلدات ريف حمص الشرقي بوسط البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

مصر تؤكد تعويلها على القطاع الخاص في إدارة المطارات

تصل القدرة الاستيعابية لمطار الغردقة إلى 12 مليون راكب سنويّاً (وزارة الطيران)
تصل القدرة الاستيعابية لمطار الغردقة إلى 12 مليون راكب سنويّاً (وزارة الطيران)
TT

مصر تؤكد تعويلها على القطاع الخاص في إدارة المطارات

تصل القدرة الاستيعابية لمطار الغردقة إلى 12 مليون راكب سنويّاً (وزارة الطيران)
تصل القدرة الاستيعابية لمطار الغردقة إلى 12 مليون راكب سنويّاً (وزارة الطيران)

دعت مصر كبرى الشركات العالمية العاملة في تشغيل المطارات الدولية لزيارة البلاد من أجل التطلع للفرص الاستثمارية المتاحة في المطارات المختلفة، في خطوة تشير إلى تأكيد تعويلها على القطاع الخاص في إدارة المطارات.

وعقد وزير الطيران المصري، سامح الحفني، عدة لقاءات مع عدد من مسؤولي كبرى الشركات العالمية المتخصصة في تشغيل وإدارة المطارات، على هامش مشاركته في فعاليات الدورة الخامسة والخمسين من معرض باريس الدولي للطيران والفضاء «لوبورجيه».

ووفق إفادة لوزارة «الطيران المدني»، الجمعة، استهدفت اللقاءات بحث فرص التعاون المشترك في مجالات الرقمنة، والتشغيل الذكي، والاستدامة البيئية، وتبادل الخبرات، بما يدعم رؤية الدولة المصرية 2030، الرامية إلى تحويل المطارات المصرية إلى مراكز إقليمية متقدمة، تعتمد على أحدث النظم التشغيلية العالمية.

وأكّد الوزير أن اللقاءات تمثل خطوة مهمة نحو تطبيق نماذج فعّالة من الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إدارة وتشغيل وتطوير المطارات، بما يعزز كفاءة الأداء ويواكب تطورات صناعة النقل الجوي عالمياً، مشيراً إلى العمل بين الحكومة ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، المستشار الاستراتيجي، على طرح المطارات المصرية أمام القطاع الخاص للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الحالي، على أن يكون مطار الغردقة الدولي أول هذه المشروعات.

تستهدف الحكومة إدارة وتشغيل المطارات عبر شراكة مع القطاع الخاص (وزارة الطيران)

ومطار الغردقة الذي تأسس عام 1977 يوجد في المدينة المطلة على البحر الأحمر، ويضم مبنيين للركاب ومدرجين، بطاقة استيعابية تصل إلى 12 مليون راكب سنوياً، ومزود بإنارة ليلية لاستقبال الرحلات، وتنظم إليه العديد من رحلات الطيران للمنتجعات السياحية القريبة، على غرار «الجونة» و«مكادي» و«مرسى علم» التي تضم مطاراً دولياً آخر.

ومنذ العام الماضي، أعلنت الحكومة المصرية رغبتها في إسناد إدارة المطارات المصرية وتشغيلها إلى القطاع الخاص، ضمن تصور لتطوير «منظومة الطيران المدني»، مع وجود 23 مطاراً في البلاد، «تستهدف زيادة طاقاتها الاستيعابية من 66.2 مليون راكب سنوياً إلى 109.2 مليون بحلول 2030»، وفق البيانات الرسمية.

وعدّ وكيل لجنة «السياحة والطيران» في مجلس النواب المصري (البرلمان)، أحمد الطيبي، «الخطوة الحكومية تتوافق مع الاتجاه العام، بعدد من كبرى المطارات العالمية، بشأن إسناد الإدارة للقطاع الخاص، وهو أمر يستغرق في الاتفاق على تفاصيله وقت، ربما يكون أطول قليلاً بسبب كثرة التفاصيل التي تجري مناقشتها، بما يخدم مصالح الطرفين».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «اتخاذ هذه الخطوة أمر لا يحدث إلا بعد دراسات جيدة لوضعية كل مطار، والمطلوب من الشركة التي ستتولى إدارة المطار تنفيذه»، مشيداً بتحسن ترتيب شركة «مصر للطيران» الناقل الوطني عالمياً، بما يسمح بقيمة مضافة للمطارات المصرية.

وزير الطيران خلال اللقاءات التي عقدها في باريس (وزارة الطيران)

وتطرق الطيبي إلى وجود بعض الأمور التفصيلية التي ترغب الشركات الدولية في تنفيذها، ويجري النصّ عليها في العقود، بما فيها بعض التجهيزات داخل المطارات والمناطق المخصصة للمطاعم وغيرها من الخدمات التي قد تحتاج لتعديلات داخل المباني المقامة، بما يسمح بتحقيق استفادة أعلى للشركة المشغلة.

رأي يدعمه عضو «اتحاد الغرف السياحية» في مصر، حسام هزاع، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود القطاع الخاص في إدارة المطارات وتشغيلها سيمثل قيمة مضافة حقيقية للخدمات المتاحة للسائح عند الوصول والمغادرة، وهو أمر معمول به في العديد من المطارات الرئيسية حول العالم».

مصر تشجع الحركة السياحية (وزارة الطيران)

وأضاف أن «القطاع الخاص بطبعه يبحث عن الربح، الأمر الذي سيجعل وجوده إضافة للمطارات المصرية، بما يساعد في تطويرها بشكل حقيقي، وهو أمر نحتاجه في الوقت الحالي لأسباب عدة. في مقدمتها أن المطار أول وآخر مكان يستقبل السائح، ويجب أن يحصل منه على انطباع إيجابي».

ووفق بيانات رسمية صادرة عن وزارة الطيران، «بلغ إجمالي عدد الركاب بالمطارات المصرية خلال العام الماضي أكثر من 22 مليون راكب، مقارنة بنحو 20.276 مليون راكب في 2023»، في حين «زاد عدد الرحلات الجوية بنسبة 3 في المائة في 2024، مقارنة بعام 2023، ليسجل 167684 رحلة بمختلف المطارات».