مصر: تمسّك رسمي بمرونة «سعر الجنيه» يجدد مخاوف بشأن الغلاء

مدبولي تحدّث عن زيادة في تحويلات «المغتربين»

مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء)
مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء)
TT
20

مصر: تمسّك رسمي بمرونة «سعر الجنيه» يجدد مخاوف بشأن الغلاء

مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء)
مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء)

جدّدت تصريحات رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، عن تمسّك الحكومة بمرونة سعر صرف الجنيه، خلال تفقده عدداً من المشروعات الخاصة لدى قطاع الصحة، السبت، مخاوف بشأن الغلاء، بسبب التغيّرات التي يمكن أن تطرأ على العملة المصرية، بعدما سجّل الجنيه تراجعاً بنسبة تقترب من 5 في المائة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وبات الدولار مطروحاً للتداول في البنوك عند متوسط 49.7 جنيه.

وقال مدبولي إن «سعر صرف الجنيه قد يشهد ارتفاعاً أو انخفاضاً في حدود 5 في المائة خلال الفترة المقبلة»، مؤكداً أن الحكومة «لن تكرر الأخطاء السابقة» فيما يتعلق بتثبيت سعر الصرف، بصفته معبراً عن قوة الدولة ومتانة اقتصادها.

وأوضح أن «نتيجة التمسّك بهذا الاعتقاد أجبرت البلاد على تعويم سعر الصرف وفقدان العملة 40 في المائة من قيمتها»، مشيراً إلى أن سعر صرف الدولار تحرّك في نطاق 5 في المائة خلال الفترة الماضية منذ التعويم؛ وهو الأمر الذي عدّه «طبيعياً» ومرتبطاً بحركة الطلب على الدولار.

وتأتي تصريحات رئيس الوزراء المصري بعد تكرار تأكيداته في المؤتمرات الصحافية التمسّك بمرونة سعر الصرف، بعدما سمح البنك المركزي المصري، في مارس (آذار) الماضي، بتحديد سعر صرف الجنيه، وفق آليات السوق (العرض والطلب)، لتنخفض قيمة العملة المحلية إلى ما يقل بفارق بسيط عن 50 جنيهاً للدولار، بعدما كانت مستقرّة لأشهر عند حدود 30.85 جنيه للدولار.

جانب من المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء)
جانب من المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء)

ووصفت عضوة لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب (البرلمان)، النائبة سميرة الجزار، تصريحات مدبولي بأنها «خطوة أفضل من الاستجابة إلى مطلب صندوق النقد الدولي بشأن التحرير الكامل لسعر الصرف؛ مما سيؤدّي إلى انخفاض قيمة الجنيه بنسبة أعلى وفي وقت أقل»، وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة لجأت إلى حل وسط من أجل إدارة الأزمة الاقتصادية الحالية».

وأنهت بعثة صندوق النقد الدولي المراجعة الرابعة لبرنامج التمويل الموسع الذي ينفّذه الصندوق مع الحكومة المصرية قبل أيام، في حين تنتظر الحكومة قرار البعثة للحصول على 1.3 مليار دولار من قرض الصندوق البالغ 8 مليارات دولار.

ويوضح عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، محمد أنيس، أن «نسبة الانخفاض التي أعلنها رئيس الوزراء مرتبطة بالتغيرات حتى مطلع 2025»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه النسبة تتسق مع فارق مستويات التضخم بين مصر والشركاء التجاريين»، ومشيراً إلى أن «تراجع الجنيه متوقع أن يستمرّ بالنسبة نفسها بناء على السعر الذي سيصل إليه لاحقاً».

وتابع أن «الحكومة لجأت إلى تنفيذ (التعويم المدار) وليس (الكامل)، بسبب نقص السيولة، وبالتالي ستكون هناك استجابة لمتغيرات العرض والطلب كل فترة، وهو ما حدث بالفعل خلال الشهور الماضية، ومتوقع استمراره حتى نهاية العام المقبل على الأقل».

وتحدّث رئيس الوزراء المصري عن اطمئنان المستثمرين لتطبيق السياسة الحالية، بما يجعلهم قادرين على وضع توقعاتهم لمدة 15 أو 20 سنة في السوق المصرية؛ مما يُسهم في تحقيق «بيئة مواتية للاستثمار، وأن يكون اقتصادنا اقتصاداً مرناً».

وتحدّث رئيس الوزراء عن تحويلات المصريين من الخارج، بصفتها واحدة من أهم موارد العملة الصعبة، مشيراً إلى أن «المواطنين المصريين العاملين في الخارج عندما يطمئنون لوجود سعر صرف واحد ومرن، يحولون أموالهم في الإطار الرسمي، وهو ما حدث خلال الفترة الماضية، وبالتالي تختفي السوق السوداء».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مديرة صندوق النقد الدولي (أرشيفية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مديرة صندوق النقد الدولي (أرشيفية)

ويخشى مواطنون أن يؤدي الانخفاض الجديد في قيمة الجنيه أمام الدولار إلى موجة غلاء في الأسعار، في وقت ارتفع فيه التضخم السنوي في مدن مصر هامشياً إلى 26.5 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول)، من 26.4 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

لكن عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي يشير إلى أن «هامش التحرك في الأسعار سيكون محدوداً مع عدم وجود تغيرات جوهرية في الأسعار؛ لقدرة الأسواق على امتصاص تداعيات التغيرات الطفيفة في سعر الصرف، في إطار مستويات التضخم المستهدف الوصول إليها».

وهنا تشير عضوة مجلس النواب إلى أن «الأزمة الاقتصادية الراهنة مستمرة في انعكاساتها حتى نهاية 2025 على الأقل، الأمر الذي سيكون له تأثير في الأسعار؛ لكن في المقابل هناك تحركات مستمرة لتخفيض الأسعار عبر مبادرات مختلفة، وتفعيل آليات رقابية على الأسعار بالأسواق».


مقالات ذات صلة

مصر تشدد على دعمها جهود تسوية النزاعات الأفريقية

شمال افريقيا جانب من اللقاء في مقر الاتحاد الأفريقي (وزارة الخارجية المصرية)

مصر تشدد على دعمها جهود تسوية النزاعات الأفريقية

شددت مصر على دعمها جهود تسوية النزاعات الأفريقية، وأكد السفير محمد عمر جاد، مندوب مصر الدائم لدى الاتحاد الأفريقي، على دعم مصر للجهود القارية لتسوية النزاعات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا رئيس حزب «التجمع الوطني» الفرنسي جوردان بارديلا... 27 مارس 2025 (أ.ف.ب)

من هو جوردان بارديلا المرشح الأبرز لليمين المتطرف للرئاسة الفرنسية؟

أصبح جوردان بارديلا المرشح الأبرز لحزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف للانتخابات الرئاسية الفرنسية بعد الحكم القضائي على زعيمة الحزب مارين لوبان.

«الشرق الأوسط» (باريس)
كتب روبرت نوزيك

«مشروع 25» وفيلسوف وراء الترمبيّة

لم تعد تصريحات الرئيس الأميركيّ دونالد ترمب ومواقفه تثير القلق الشديد عند نصف مواطنيه أو الحماس الصاخب عند نصفهم الآخر فحسب، بل وتحولت إلى ما يشبه عرضاً يومياً

ندى حطيط
أوروبا أعضاء المعارضة الصربية وهم يشعلون القنابل المضيئة ويطلقون الغاز المسيل للدموع في البرلمان الصربي (أ.ف.ب)

إصابة 3 نواب بسبب اندلاع الفوضى في البرلمان الصربي

أصيب 3 نواب على الأقل، الثلاثاء، جراء اندلاع الفوضى في البرلمان الصربي، حيث ألقيت قنابل دخان وألعاب نارية.

«الشرق الأوسط» (بلغراد )
الاقتصاد سيريل رامافوزا يلقي خطابه عن حالة الأمة لعام 2025 في كيب تاون يوم 6 فبراير الحالي (رويترز)

رئيس جنوب أفريقيا يسعى لإبرام صفقة مع ترمب لحل الخلافات الاقتصادية والسياسية

أعلن رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، يوم الخميس، عن رغبته في «إبرام صفقة» مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبرغ (جنوب أفريقيا))

اتهام 3 رجال في قضية خطف معارِض للنظام الجزائري بفرنسا

المؤثر الجزائري أمير بوخرص (حسابه بالإعلام الاجتماعي)
المؤثر الجزائري أمير بوخرص (حسابه بالإعلام الاجتماعي)
TT
20

اتهام 3 رجال في قضية خطف معارِض للنظام الجزائري بفرنسا

المؤثر الجزائري أمير بوخرص (حسابه بالإعلام الاجتماعي)
المؤثر الجزائري أمير بوخرص (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وُجّه الاتهام إلى ثلاثة رجال، يعمل أحدهم في قنصلية جزائرية لدى فرنسا، الجمعة في باريس، وذلك للاشتباه في ضلوعهم في اختطاف معارض للنظام الجزائري نهاية أبريل (نيسان) 2024 على الأراضي الفرنسية، على ما أفادت مصادر مطلعة على الملف «وكالة الصحافة الفرنسية». والرجال ملاحقون في قضية اختطاف المؤثر الجزائري أمير بوخرص. كما يلاحق الثلاثة بتهم التوقيف والخطف، والاحتجاز التعسفي على ارتباط بمخطط إرهابي، حسب ما أكدت النيابة العامة الوطنية لقضايا مكافحة الإرهاب. وقد وجهت إليهم أيضاً تهمة المشاركة في مخطط إرهابي إجرامي. ومساء الجمعة قررت قاضية مختصة حبسهم مؤقتاً، على ما أفادت إحدى صحافيات «وكالة الصحافة الفرنسية». ويعمل أحد المتهمين في إحدى القنصليات الجزائرية لدى فرنسا. وشدد مصدر مطلع على الملف على أن «مسألة الحصانة الدبلوماسية ستُطرح خلال الإجراءات» القانونية، علماً أن الرجل المتهم لا يحمل جواز سفر دبلوماسياً، بل جواز سفر خدماتياً. وقال إريك بلوفييه، محامي المؤثر الجزائري بوخرص، في اتصال أجرته معه «وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الأخير «تعرض لاعتداءين خطيرين في 2022 ومساء 29 أبريل 2024». وفتحت النيابة العامة في منطقة كريتاي، الواقعة بضاحية باريس الجنوبية الشرقية، تحقيقاً في الحادثين، إلا أن النيابة العامة الوطنية المختصة بقضايا الإرهاب تولت الملف في فبراير (شباط) الماضي. ورأى المحامي أن هذا التغيير مع فتح تحقيق قضائي «يظهر أن بلداً أجنبياً، هو الجزائر، لم يتردد في شن عمل عنيف على الأراضي الفرنسية، من خلال الترهيب مع تعريض حياة إنسانية للخطر»، مضيفاً أن «هذا المنعطف القضائي في التحقيق، مع توقيف عملاء مرتبطين بالنظام الجزائري، وإحالتهم على أحد القضاة، يكشف أيضاً أن أحداث 29 أبريل 2024 هي قضية دولة».

ماكرون أعرب عن «ثقته» بأن الروائي الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال المحكوم عليه بالحبس 5 سنوات في الجزائر سيطلق سراحه في المستقبل (إ.ب.أ)
ماكرون أعرب عن «ثقته» بأن الروائي الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال المحكوم عليه بالحبس 5 سنوات في الجزائر سيطلق سراحه في المستقبل (إ.ب.أ)

وأحجم محامو المشتبه فيهم الذين اتصلت بهم «وكالة الصحافة الفرنسية»، عن التعليق. وورد اسم أمير بوخرص في تحقيق قضائي آخر، باشرته النيابة العامة الباريسية. وفي هذا الملف اتُّهم موظف في وزارة الاقتصاد الفرنسية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي للاشتباه في أنه نقل معلومات عن معارضين إلى النظام الجزائري، من بينهم أمير بوخرص. وقالت النيابة العامة الباريسية إن المعلومات كانت تُنقل «إلى شخص يحمل الجنسية الجزائرية يعمل في قنصلية الجزائر في كريتاي». وأفاد مصدر مطلع على هذا التحقيق بأن بعض الأشخاص الذين نُقلت معلومات بشأنهم، وقعوا لاحقاً «ضحايا عنف وتهديدات بالقتل أو محاولة خطف».

وتزامنت هذه التطورات مع تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، أعرب فيها عن «ثقته» بأن الروائي الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال، المحكوم عليه بالحبس خمس سنوات في الجزائر، سيطلق سراحه في المستقبل، وذلك بسبب إيلاء السلطات الجزائرية «اهتماماً خاصاً» لقضيته. وقال ماكرون خلال زيارة إلى معرض الكتاب في باريس: «أنا واثق؛ لأنني أعلم أن هناك اهتماماً خاصاً بكل بساطة، وأنا بانتظار نتائج»، مضيفاً: «أقصى ما نتمناه هو أن تتّخذ السلطات الجزائرية قراراً يمكّنه من استعادة بعض الحرية، وتلقّي العلاج، ومعاودة الكتابة».

الرئيس تبون خلال استقباله وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو (أ.ف.ب)
الرئيس تبون خلال استقباله وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو (أ.ف.ب)

ويرى مراقبون ومتابعون لملف العلاقات الجزائرية - الفرنسية أن هذا الحادث الأخير قد يلقي بظلاله على التحسن الأخير في علاقات البلدين، خاصة بعد أن تراجعت حدة التوتر بينهما شيئاً ما بعد اتصال هاتفي جرى في 31 مارس (آذار) الماضي بين الرئيسين الفرنسي والجزائري، وبعد إعلان وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو خلال زيارة أجراها الأسبوع الماضي إلى العاصمة الجزائرية، عن «مرحلة جديدة في علاقة ندية» مع الجزائر.