مصر تُبدي قلقها إزاء أحداث إدلب وحلب وتؤكد دعمها الدولة السورية

تزامناً مع تفاعل «سوشيالي» في القاهرة وتحذيرات من تكرار «فوضى 2011»

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
TT
20

مصر تُبدي قلقها إزاء أحداث إدلب وحلب وتؤكد دعمها الدولة السورية

فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)
فصائل مسلحة سورية تسيطر على بلدات في محيط حلب (أ.ب)

أعربتْ القاهرة عن «قلقها» إزاء تطورات الأحداث في مدينتي إدلب وحلب، مؤكدة في إفادة رسمية، السبت، دعمها مؤسسات الدولة السورية وأهمية دورها في «مكافحة الإرهاب»، جاء ذلك تزامناً مع تفاعل «سوشيالي» من إعلاميين وبرلمانيين مصريين حذروا من تكرار «سيناريو فوضى عام 2011».

وأجرى وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، اتصالاً هاتفياً، مساء الجمعة، مع نظيره السوري، بسام صباغ، «تناول التطورات الأخيرة في شمال سوريا، خصوصاً في إدلب وحلب»، حسب إفادة رسمية لـ«الخارجية المصرية».

وأعرب عبد العاطي عن «القلق إزاء منحى هذه التطورات»، مؤكداً «موقف مصر الداعم للدولة السورية ومؤسساتها الوطنية، وأهمية دورها في تحقيق الاستقرار ومكافحة الإرهاب وبسط سيادة الدولة واستقرارها واستقلال ووحدة أراضيها».

تظهر الصورة عناصر من الفصائل السورية المسلحة في شوارع مدينة حلب بشمال سوريا (أ.ف.ب)
تظهر الصورة عناصر من الفصائل السورية المسلحة في شوارع مدينة حلب بشمال سوريا (أ.ف.ب)

وتعليقاً على بيان «الخارجية المصرية»، قال الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، مصطفى بكري، في منشور عبر حسابه على «إكس»، إن دعم مصر للدولة السورية ومؤسساتها الوطنية، «هو موقف قومي يتوخى المصلحة السورية، ويعكس ثوابت مصر التي تضع قضية الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب في مقدمة أولوياتها».

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «موقف مصر الواضح والثابت، هو دعم مؤسسات الدولة والجيش الوطني، وهذا ليس في سوريا فقط؛ بل في مختلف دول العالم العربي».

وهو ما أكده أيضاً مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، مشدداً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» على أن «القاهرة تدعم مؤسسات الدولة السورية، وترفض تقسيم البلاد، كما ترفض أي وجود أجنبي على الأراضي السورية، وتؤكد أن حل الأزمة يجب أن يكون بأيدٍ سورية».

وتصدرت التطورات العسكرية في سوريا «الترند» على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، السبت، عبر هاشتاغات عدة، تداول مصريون من خلالها آخر الأخبار والتحليلات بشأن ما يحدث على الأرض، مسترجعين أحداث عام 2011 أو ما سمي وقتها بـ«الربيع العربي».

وكان الجيش السوري، قد أعلن في بيان، السبت، «مقتل العشرات من جنوده»، وتمكن الفصائل المسلحة من دخول أجزاء واسعة من أحياء مدينة حلب؛ ما اضطر الجيش إلى إعادة الانتشار.

سيارة تمر عبر معقل للفصائل المسلحة في خان العسل بحلب شمال سوريا الجمعة (أ.ف.ب)
سيارة تمر عبر معقل للفصائل المسلحة في خان العسل بحلب شمال سوريا الجمعة (أ.ف.ب)

الإعلامي المصري، أحمد موسى، كتب عبر حسابه على «إكس»، منشورات عدة تناولت تطورات الوضع في سوريا، أبدى خلالها مخاوفه من «تكرار سيناريو فوضى عام 2011»، مطالباً الجيش السوري بـ«تدمير» ما وصفهم بـ«التنظيمات الإرهابية»، التي عادت «بضوء أخضر من أميركا وإسرائيل مستهدفة الجيش السوري»، حسب قوله، مستعرضاً تاريخ الفصائل المسلحة التي تقود المعارك في سوريا حالياً، وكيف «انبثقت من رحم منظمات إرهابية مثل داعش والقاعدة». وطالب بـ«تحرير سوريا من الإرهاب».

واتفق معه مصطفى بكري، وقال، في منشورات عدة عبر حسابه على «إكس»، إن التطورات الأخيرة «تتم تحت غطاء أميركي - إسرائيلي تمهيداً للسيطرة على سوريا». وأكد أن «الجيش السوري سيحرر الأرض ويدحر القتلة»، مشيراً إلى أن «سوريا صمدت أكثر من 13 عاماً، ولن تسقط أبداً». وأضاف: «نحن أمام مؤامرة كبرى لن تقف عند حدود الدولة السورية».

وتضمنت كثير من التعليقات المصرية على مواقع التواصل الاجتماعي محاولات لتوصيف ما يحدث، وتحديد أطرافه. وقال عضو مجلس النواب المصري، محمود بدر، عبر «إكس»، «اسمها ميليشيات إرهابية وليست معارضة، اسمها فوضى مسلحة لا تغيير سلمي...».

وأبدت الإعلامية المصرية، داليا أبو عمر، مخاوفها من «تفتت سوريا»، حال سيطرة «التنظيمات المسلحة».

في سياق ذلك قال حسين هريدي إن «الفصائل المسلحة التي تنفذ الهجمات في حلب وإدلب انبثقت في الأصل من تنظيم (القاعدة)، وغيرت اسمها فيما بعد في محاولة للانفصال عن التنظيم الإرهابي»، موضحاً أن «ما يحدث الآن يعيد للأذهان صورة أحداث 2011 التي خلقت جماعات مسلحة تكون موازية للجيوش الوطنية، وتروج بأنها تعمل باسم الشعب». وأكد أن «مصر ترفض أي كيانات موازية للجيوش الوطنية».

وأدرج مجلس الأمن الدولي تنظيم «جبهة النصرة» في قائمة العقوبات المرتبطة بالكيانات التابعة لتنظيم «القاعدة» عام 2014، وتصنفه الحكومة الأميركية «إرهابياً» منذ عام 2012.

دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب الجمعة (أ.ب)
دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب الجمعة (أ.ب)

بينما أشار رخا أحمد حسن إلى أن «الهجمات الحالية تثير الكثير من علامات الاستفهام بشأن الهدف منها، وما إذا كانت جزءاً من محاولة إسرائيل رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط».


مقالات ذات صلة

مصريون ناجون من سجون «الدعم السريع» في السودان يروون معاناتهم

شمال افريقيا المصري محمد شعبان خلال حواره مع «وكالة الصحافة الفرنسية» (أ.ف.ب)

مصريون ناجون من سجون «الدعم السريع» في السودان يروون معاناتهم

على مدى ما يقرب من عامين، نُقل عماد معوض مرات كثيرة من مكان احتجاز إلى آخر في السودان؛ حيث اعتقلته «قوات الدعم السريع» مع عدد آخر من المصريين بتهمة «التجسس».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا إحدى الوقفات الاحتجاجية للمطالبة بتعديل القانون 73 لسنة 2021 (المبادرة المصرية للحقوق الشخصية)

مصر: «تعاطي المخدرات» يطيح بمئات الموظفين... لكن الجدل حولهم مستمر

تراجعت نسبة تعاطي المخدرات بين الموظفين المصريين بعد تطبيق القانون لتصل إلى 1 في المائة حالياً بدلاً من 8 في المائة عام 2019.

رحاب عليوة (القاهرة)
المشرق العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (أرشيفية - رويترز)

السيسي للرئيس الإيراني: حريصون على خفض التصعيد الإقليمي

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الحرص على خفض التصعيد الإقليمي، ومنع اتساع رقعة الصراع في المنطقة، بما يضمن الاستقرار والأمان لشعوبها كافة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا السيسي يؤدي شعائر صلاة عيد الفطر في مسجد المشير طنطاوي شرق القاهرة (الرئاسة المصرية)

السيسي يُكرم أسر شهداء ومصابي القوات المسلحة والشرطة

كرَّم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، عدداً من أسر شهداء ومصابي القوات المسلحة والشرطة خلال الاحتفال بعيد الفطر المبارك.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة التونسية إيناس النجار (إنستغرام)

وفاة الفنانة إيناس النجار بعد أزمة صحية

توفيت الفنانة التونسية إيناس النجار، عقب تعرضها لأزمة صحية ودخولها في غيبوبة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر: كيف يدعم الرفض الشعبي لـ«التهجير» موقف القاهرة ضد خطة ترمب؟

لافتات لرفض التهجير ودعم السيسي خلال صلاة العيد بالقليوبية (الهيئة العامة للاستعلامات)
لافتات لرفض التهجير ودعم السيسي خلال صلاة العيد بالقليوبية (الهيئة العامة للاستعلامات)
TT
20

مصر: كيف يدعم الرفض الشعبي لـ«التهجير» موقف القاهرة ضد خطة ترمب؟

لافتات لرفض التهجير ودعم السيسي خلال صلاة العيد بالقليوبية (الهيئة العامة للاستعلامات)
لافتات لرفض التهجير ودعم السيسي خلال صلاة العيد بالقليوبية (الهيئة العامة للاستعلامات)

عززت مظاهرات شعبية في مصر، خرجت عقب صلاة عيد الفطر، الاثنين، موقف القاهرة الرسمي الرافض لمخطط تهجير الفلسطينيين، حين تحولت ساحات مكتظة بالمصلين، مظاهرات تندد بـ«جرائم الاحتلال»، وتحذّر من «تصفية القضية الفلسطينية»، وسط احتفاء رسمي بالمشهد الذي بدا «دعماً قوياً للموقف الرسمي المصري في مواجهة مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترمب»، حسب خبراء ومراقبين.

وهذه ليست أول فعالية شعبية تعلن رفض التهجير؛ إذ سبق وشاركت أحزاب وشخصيات عامة و«ائتلاف القبائل» في مظاهرة لرفضه أمام معبر رفح في 31 يناير (كانون الثاني) الماضي، بخلاف الكثير من القوافل الشعبية التي خرجت من مدن وقرى عدة محملة بالمساعدات الإنسانية ورسائل رفض التهجير على مدار الأشهر الماضية، لكن فعالية الاثنين تُعد الأكبر.

نساء مصريات من محافظة البحيرة يعلِنّ رفض التهجير (الهيئة العامة للاستعلامات)
نساء مصريات من محافظة البحيرة يعلِنّ رفض التهجير (الهيئة العامة للاستعلامات)

وحرصت الهيئة العامة للاستعلامات بمصر على الإشارة إلى أن هذه «الحشود» ضمت «ملايين»، على الرغم من أن التظاهر مقيد في مصر بشروط حددها القانون، أولها الحصول على إذن مسبق من الأمن قبل تنظيم أي مظاهرة.

ورأت هيئة الاستعلامات أن الحشود «تعيد تأكيد أصالة الموقف المصري الشعبي وصلابته تجاه القضية الفلسطينية، وتناغمه الكامل مع المواقف الحاسمة التي تبنتها وأعلنتها قيادته السياسية منذ بدء العدوان على غزة».

وقالت في بيان، إن «ملايين من المصريين احتشدوا في وقفات تضامنية عقب أدائهم صلاة عيد الفطر، وشملت هذه الحشود الغالبية الكبيرة من الساحات المخصصة لتلك الصلاة، وعددها على مستوى الجمهورية 6240 ساحة بجميع المحافظات».

وظهرت الكثير من اللافتات لرفض التهجير ودعم غزة والتنديد بالعدوان خلال المظاهرة، تحملها نساء وأطفال ورجال. وعدّ مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، رخا أحمد حسن، المظاهرة «رسالة جديدة لتأكيد ما هو معلوم سلفاً من رفض التهجير واعتباره قضية أمن قومي».

ومنذ 25 يناير (كانون الثاني) الماضي اقترح ترمب استقبال مصر والأردن فلسطينيين بعد تهجيرهم من غزة، قبل أن تبدأ سلسلةٌ من الرفضين المصري والعربي.

وأمام إصرار ترمب، تدفع السلطات المصرية بأن رفض التهجير ليس فقط موقفاً سياسياً يخصها، بل شعبي يصعب تجاوزه. فقد سبق وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي رفض الحكومة والشعب مخطط التهجير، قائلاً في 29 يناير، إن التهجير مرفوض على مستوى الرأي العام المصري والعربي والعالمي، مشيراً إلى أنه «لو طلبت من المصريين ذلك (قبول التهجير)، سيخرج كله (يتظاهر) ويقول لي لا، لا تشارك في ظلم، ترحيل الشعب الفلسطيني عن أرضه هو ظلم لا نشارك فيه».

آلاف المصريين يتظاهرون لدعم غزة من ساحة مسجد مصطفى محمود بالجيزة (الهيئة العامة للاستعلامات)
آلاف المصريين يتظاهرون لدعم غزة من ساحة مسجد مصطفى محمود بالجيزة (الهيئة العامة للاستعلامات)

ويرى حسن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن قوة هذه الرسالة تكمن في «عفويتها»؛ إذ «تعبر عن مكنون حالة الاستياء والرفض والغضب الشعبي المصري للانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة على مدار أشهر، ومخطط التهجير الذي يُجمع المصريون كافة باختلاف توجهاتهم السياسية على رفضه؛ لما فيه من تصفية للقضية الفلسطينية ومخاطر على الأمن القومي المصري»، موضحاً أن «انتقال الفلسطينيين إلى مصر يعني انتقال المقاومة من غزة إلى الأراضي المصرية؛ ما يجر مصر إلى حرب مع إسرائيل».

وقالت الهيئة العامة للاستعلامات إن «المئات من المشاركين ألقوا خطباً وكلمات، وردد ملايين المحتشدين شعارات وهتافات مدوية، خلال الحشود التي استمرت لساعات عدة بعد انتهاء صلاة عيد الفطر».

وعددت الهيئة الـ«رسائل السياسية المباشرة التي لا تحتمل اللبس من هذه الحشود؛ أولها الدعم الكامل للقيادة السياسية في كل مواقفها الثابتة الرافضة للعدوان الدموي على غزة، وثانيها، الرفض الكامل والمستمر من الشعب المصري لمخططات تهجير الأشقاء الفلسطينيين من أراضيهم».

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جدد، الأحد، الإشارة إلى تمسكهم بتنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتهجير الفلسطينيين خارج غزة. وسبق وأعلنت إسرائيل إنشاء وكالة لإدارة «المغادرة الطوعية» للفلسطينيين من قطاع غزة في فبراير (شباط) الماضي.

أعلام فلسطين ترفرف في دمياط لرفض التهجير (الهيئة العامة للاستعلامات)
أعلام فلسطين ترفرف في دمياط لرفض التهجير (الهيئة العامة للاستعلامات)

من جانبه، قال وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي، النائب إبراهيم المصري، لـ«الشرق الأوسط» إن الموقف الشعبي أظهر ارتباطه ودعمه للقيادة السياسية والتفافه حولها في مساندة الفلسطينيين ورفض التهجير، مؤكداً أن تلك الرسالة تدعم الموقف الرسمي في مواجهة هذا المخطط، وتصل إلى الولايات المتحدة وإسرائيل.

وتضمنت الرسائل الشعبية أيضاً «الإدانة التامة لحرب الإبادة على قطاع غزة، ومطالبة المجتمع الدولي باتخاذ مواقف سريعة حاسمة ضدها، والرفض القاطع لكل محاولات تصفية القضية الفلسطينية (...) والمطالبة بالوقف الفوري والتام والنهائي لإطلاق النار»، حسب بيان الهيئة العامة للاستعلامات.

واستثارت هذه الوقفات الاحتجاجية الكثير من الأحزاب في مصر للتذكير بالموقف الرافض للتهجير والإشادة بـ«الاصطفاف المصري خلف القيادة السياسية» في هذه القضية.

وقال حزب «الجبهة الوطنية» في بيان إن «وحدة الصف الوطني والتفاف الشعب حول قيادته هو الضامن الأساسي للحفاظ على مصالح الوطن وأمنه القومي، ويعكس تلاحم المصريين في مواجهة أي تحديات قد تمس سيادة الوطن أو حقوق أشقائنا العرب».

وشدد رئيس «الحزب المصري الديمقراطي»، فريد زهران، في تصريحات تلفزيونية، على أهمية هذه الوقفات، قائلاً: «علينا أن نصطف معاً، كل قوى الشعب المصري؛ شبابه وشيوخه ونسائه ورجاله وكل قواه الوطنية في مواجهة هذا الخطر».

وتأتي الرسالة الجماهيرية بالتزامن مع مواصلة الجيش الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، حيث أصدر أوامر بإخلاء معظم المناطق في مدينة رفح جنوب القطاع، ضمن عملياته العسكرية التي استأنفها 18 الشهر الحالي.