الجزائر تعلن «الاقتراب» من التحرر من تبعيتها للمحروقات

تبون تعهد بمنح قروض للاستثمار في الزراعة

الرئيس تبون مخاطباً أعضاء اتحاد المزارعين الجزائري (الرئاسة)
الرئيس تبون مخاطباً أعضاء اتحاد المزارعين الجزائري (الرئاسة)
TT

الجزائر تعلن «الاقتراب» من التحرر من تبعيتها للمحروقات

الرئيس تبون مخاطباً أعضاء اتحاد المزارعين الجزائري (الرئاسة)
الرئيس تبون مخاطباً أعضاء اتحاد المزارعين الجزائري (الرئاسة)

أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن تصدير المحروقات «من أجل استيراد غذائنا سياسة خاطئة، وعلينا إنتاج ما نستهلكه»، مؤكداً أنه «لا بديل عن الزراعة»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن «جزائر 55 مليون نسمة ليست بعيدة عنا». في إشارة إلى الارتفاع المتزايد لفاتورة استيراد الغذاء، التي بلغت 8.5 مليار دولار عام 2023، ووصلت في السداسي الأول من العام الحالي إلى 6 مليارات دولار أميركي.

وقال تبون، الثلاثاء، خلال حضوره بالعاصمة احتفال الاتحاد الجزائري للفلاحين، بمناسبة مرور 50 سنة على تأسيسه، إنه أمر حكومته الجديدة بمنح قروض بنكية لـ«كل من يريد الاستثمار في غرف التبريد وتخزين المنتوج الزراعي، بهدف ضمان استقرار السوق، ومحاربة المضاربة في الأسعار»، في إشارة إلى الزيادة المذهلة لأثمان أغلب السلع والخدمات خلال العامين الأخيرين، وتأثير ذلك على القدرة الشرائية لملايين الجزائريين».

الرئيس تبون طالب بزيادة المحاصيل الزراعية وتطوير المنتوج الفلاحي (متداولة)

وكانت الحكومة قد أصدرت في 2021 قانوناً خصت به تجاراً، محل شبهة تلاعب بأسعار الزيت والسكر، نتج عنه سجن العشرات بأحكام ثقيلة، بلغت 20 سنة في بعض الحالات. وتعرض البرلمانيون لانتقاد شديد، بحجة أنهم صوتوا بالأغلبية على القانون، فيما لم يكن الأمر يستدعي أكثر من إنزال عقوبات جبائية، أو إغلاق المحلات والمتاجر في نظر قطاع من الملاحظين.

وأشاد تبون بـ«وسائل حديثة» تم استخدامها، حسبه، في مساحات مزروعة بمحافظتي بسكرة ووادي سوف جنوباً، ومحافظة بومرداس بشرق العاصمة، وقال: «عندما نشاهد هذه التقنيات نشعر بالاطمئنان... إننا نسير في الطريق الصحيح من خلال محاصيل وإنتاج يشرف بلادنا... ونحن لسنا بعيدين عن التحرر من التبعية لقطاع المحروقات»، من دون تقديم تفاصيل.

ويُفهم من تبون أنه يقصد «خطة تنويع الصادرات»، التي تحدث عنها في برنامج ولايته الأولى (2019 - 2024)، وتقوم أساساً على تطوير القطاع الفلاحي بغرض التصدير.

تبون أكد اقتراب البلاد من التخلص من التبعية للمحروقات (شركة سوناطراك للمحروقات)

وكانت الحكومة قد أعلنت في 2018 عن «بدء تطبيق خطة جديدة لرفع حجم الصادرات خارج المحروقات»، تمثلت في البحث عن أسواق داخل أفريقيا لمنتجات زراعية، ومواد نصف مصنّعة، حققت رواجاً في السوق المحلية. وتم يومها الحديث عن الصناعات الغذائية والإلكترونية والكهرومنزلية، وبدأت شركات خاصة بالفعل تصدير هذا النوع من المنتجات إلى موريتانيا، على أن تستهدف الخطة ذاتها أسواق أفريقيا، بحسب ما أعلن عنه في وقت سابق.

وبحسب تبون، فقد بلغت قيمة الإنتاج الزراعي 37 مليار دولار خلال السنة الحالية، مبرزاً أنه يسهم بـ15 في المائة من الناتج الداخلي، فيما لا تزال مساهمة الصناعة به في حدود 5 في المائة، مشدداً على «ضرورة أن تكون الفلاحة والصناعة مرتبطتين عضوياً»، فيما يخص إنعاش الاقتصاد.

وتابع تبون منتقداً أداء الحكومة في مجال الزراعة: «التسيير المركزي لا يأتي بنتيجة، ولا بدّ من فسح مجال المبادرة أمام المزارعين»، لافتاً إلى أنه «لا ينبغي لوزارة الفلاحة أن تقرر في كل شيء في هذا القطاع، وسنبحث عن الحلول الكفيلة لمشكلاته». كما قال أيضاً: «يجب أن نصارح بعضنا البعض، فبدل استيراد أضاحي العيد، علينا إيجاد حل لمشكلة غلاء اللحوم الحمراء، من أجل ضمان استقرار سوق المواشي... أنا لا أتهم مربي الماشية بالمضاربة، لكن علينا البحث عن حلول لارتفاع الأسعار، بدءاً من شعبة تغذية الأنعام».


مقالات ذات صلة

الرئيس الجزائري: قطاع الزراعة حقق 37 مليار دولار العام الحالي

شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

الرئيس الجزائري: قطاع الزراعة حقق 37 مليار دولار العام الحالي

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يؤكد أن قطاع الزراعة بات يساهم بـ15 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا تبون يلقي خطاباً أمام القضاة (الرئاسة)

الجزائر: تبون يهاجم فترة حكم بوتفليقة في ملف «محاسبة المسيرين النزهاء»

تبون: «مؤسسات الجمهورية قوية بالنساء والرجال المخلصين النزهاء، ومنهم أنتم السادة القضاة… فلكم مني أفضل تحية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

يقول صنصال إن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وإن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها، مرتكبين بذلك حماقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

السودان: المسيّرات تتساقط على عطبرة... فمَن يقف وراءها؟

مخيم في مدينة القضارف بشرق السودان لنازحين فروا من ولاية الجزيرة يوم 23 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
مخيم في مدينة القضارف بشرق السودان لنازحين فروا من ولاية الجزيرة يوم 23 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

السودان: المسيّرات تتساقط على عطبرة... فمَن يقف وراءها؟

مخيم في مدينة القضارف بشرق السودان لنازحين فروا من ولاية الجزيرة يوم 23 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
مخيم في مدينة القضارف بشرق السودان لنازحين فروا من ولاية الجزيرة يوم 23 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

انتُشل أطفال أحياء من تحت ركام منزلهم الذي تعرض، فجر الأربعاء، لسقوط طائرة مسيّرة «انتحارية»، على ما يبدو، في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل، شمال السودان. ولم تتبنَّ أي جهة مسؤوليتها عن الحادثة بشكل فوري، لكن اتهامات وُجّهت إلى «قوات الدعم السريع» التي تتقاتل مع الجيش على السلطة منذ ما يقرب من 18 شهراً.

وعلى مدى 4 أيام متتالية، تصدت المضادات الأرضية للجيش السوداني لعشرات المسيّرات (درون) التي استهدفت مناطق متفرقة من الولاية، دون تحديد المناطق التي انطلقت منها.

وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن طائرات مسيّرة استهدفت، فجر الأربعاء، أبنية سكنية تابعة للمعسكر الشرقي لسلاح المدفعية بعطبرة، وهو من أعرق الأسلحة للجيش السوداني.

وقال سكان في المدينة: «صحونا على دوي انفجار عنيف هز الضاحية». وأضافوا أن المسيّرات كانت تستهدف «بشكل مباشر فرقة عسكرية تابعة للجيش».

ومنذ اندلاع الصراع الحالي في البلاد في 15 أبريل (نيسان) 2023، غالباً ما كانت الاتهامات توجّه إلى «قوات الدعم السريع» باستهداف مناطق مدنية تقع تحت سيطرة الجيش، لكنها دأبت على نفي أي صلة لها بهجمات المسيّرات.

وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»: «لا تتوفر معلومات كافية حتى الآن عن الجهة التي أطلقت المسيّرات (فجر الأربعاء) أو الأماكن التي انطلقت منها».

وأضاف أنه في ظل الصراع الدائر بالبلاد «من الطبيعي أن توجّه الاتهامات إلى (قوات الدعم السريع)، باعتبار أن المناطق المستهدفة تقع تحت سيطرة الجيش».

وتزايدت هجمات الطائرات المسيّرة المجهولة على مقار الجيش في شمال البلاد وشرقها؛ حيث تعرّض قبل أيام المهبط الجوي بالفرقة الثالثة مشاة في مدينة شندي بولاية نهر النيل، شمال السودان، إلى هجوم بأربع طائرات مسيّرة انتحارية.

وفي يوليو (تموز) الماضي، نجا قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان من محاولة اغتيال، إثر تعرضه لهجوم شنته طائرات من دون طيار «درون» مجهولة، استهدفت استعراضاً عسكرياً كان يشارك فيه بمنطقة جبيت العسكرية شرق البلاد.

وأثار ذلك الهجوم أسئلة بشأن الجهة التي أطلقتها ومن أين، وما إذا كانت قادمة من جهة «قوات الدعم السريع»، أم أن طرفاً ثالثاً قد يكون ضالعاً في محاولة لتصفية قائد الجيش.

وقبل ذلك بأشهر، قُتل نحو 15 شخصاً وأصيب آخرون، غالبيتهم من المدنيين، جراء هجوم بطائرة مسيّرة استهدفت إفطاراً جماعياً نظّمته «كتيبة البراء بن مالك» المحسوبة على الإسلاميين، ما دفع بعض الأوساط إلى التشكيك في نيران صديقة وراء الاستهداف.

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

وجاء الهجوم على تلك المجموعة بعد أيام قليلة من تصريحات كان قد أطلقها نائب القائد العام للجيش السوداني، شمس الدين كباشي، عن وجود مجموعات مسلحة خارج الجيش، في إشارة إلى ضرورة تقنين «المقاومة الشعبية» والمتطوعين (المرتبطين بالإسلاميين) داخل معسكرات تابعة للقوات المسلحة.

وتعرضت عطبرة، الأحد الماضي، لانقطاع مفاجئ في التيار الكهربائي، تزامناً مع سماع أصوات المضادات الأرضية التابعة للجيش السوداني، وهو الهجوم الرابع على التوالي باستخدام طائرات مسيّرة انتحارية.

وأفاد شهود عيان بأن الطائرات المسيّرة كانت تستهدف بشكل مباشر مطار المدينة.

لكن مصادر رفيعة في «قوات الدعم السريع» تحدثت لـ«الشرق الأوسط» نفت أي صلة لها بالهجمات الأخيرة التي استهدفت ولاية نهر النيل، أو أي مناطق خارج جبهات القتال التي تسيطر عليها.

وقالت إن ما يجري هو على الأرجح «تصفية حسابات داخل معسكر الجيش السوداني»، معتبرة «أن هناك تيارات إسلامية تريد أن تبعث برسائل قوية إلى قادة الجيش بأنها هي من يسيطر على اتخاذ القرار في المؤسسة العسكرية».

وأضافت المصادر: «هذا ما ظللنا نتحدث عنه كثيراً... إن قادة الجيش الحاليين لا يملكون أي سلطة. القرار بيد الحركة الإسلامية التي أشعلت الحرب، وتسعى إلى استمرارها للعودة إلى السلطة مرة ثانية».

وقال خبير عسكري طلب عدم كشف هويته إن «من المحتمل أن تكون المسيّرات من طرف (قوات الدعم السريع) فعلاً، لكنها قد تكون من طرف ثالث أيضاً»، مشيراً إلى أن «قوات الدعم السريع» تمتلك ربما مسيّرات تستطيع الوصول إلى أي منطقة من البلاد.

ورجح الخبير أن يكون المقصود بالهجمات المتواصلة على مدى أكثر من 4 أيام متتالية في ولاية نهر النيل، توجيه رسالة من «قوات الدعم السريع» بأنها تملك القدرة على نقل الصراع إلى شمال البلاد، وهي مناطق ظلت خارج نطاق القتال منذ انفجار الصراع الحالي في البلاد.

وقال الخبير: «أستبعد أن تكون الهجمات بالمسيّرات من طرف ثالث يوالي الجيش السوداني، باعتبار أنه ليست له مصلحة في ترويع المواطنين وتشريدهم بما يصب في مصلحة (قوات الدعم السريع)، العدو الرئيسي بالنسبة لهم»، لكنه أشار إلى احتمال وجود خرق أمني مكّن الجهة التي أطلقت المسيّرات من الوصول إلى أهداف عسكرية أو مدنية داخل مدينة عطبرة.