زيادة مرتقبة لأسعار خدمات الاتصالات تعمق أزمة الغلاء بمصر

وسط انتقادات على «مواقع التواصل»

جانب من قطاع الاتصالات في مصر (وزارة الاتصالات)
جانب من قطاع الاتصالات في مصر (وزارة الاتصالات)
TT

زيادة مرتقبة لأسعار خدمات الاتصالات تعمق أزمة الغلاء بمصر

جانب من قطاع الاتصالات في مصر (وزارة الاتصالات)
جانب من قطاع الاتصالات في مصر (وزارة الاتصالات)

أثار حديث مسؤول حكومي مصري عن زيادة مرتقبة في أسعار خدمات الاتصالات مخاوف لدى المصريين من موجة غلاء جديدة، وانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي.

في حين يرى خبراء أن «الزيادة المرتقبة غير مبررة في ظل تحقيق شركات الجوال أرباحاً خلال الفترة الأخيرة»، وأشاروا إلى أن «زيادة خدمات الاتصالات ستعمق شكاوى المصريين من الغلاء في البلاد».

وأعلن الرئيس التنفيذي لـ«الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» في مصر (جهاز حكومي تابع لوزارة الاتصالات)، محمد شمروخ «الموافقة المبدئية على رفع أسعار خدمات الاتصالات، بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل التي تواجه شركات الجوال». وقال خلال مشاركته في فعاليات معرض «القاهرة الدولي للاتصالات» أخيراً، إن «الجهاز يدرس حالياً التوقيت المناسب لتطبيق الزيادة».

وحال تطبيق الزيادة الجديدة هذا العام، ستكون الثانية في 2024، بعدما رفع «الجهاز» أسعار خدمات الجوال للمكالمات والبيانات بنسب تتراوح ما بين 10 و17 في المائة في فبراير (شباط) الماضي.

وبرّر «الجهاز» حينها تلك الزيادة بأنها «تعود إلى ارتفاع تكاليف التشغيل، وزيادة معدلات التضخم»، وفقاً لتصريحات إعلامية لمسؤولي شركات الجوال.

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي داخل مصنع إنتاج أجهزة جوال في مصر (مجلس الوزراء المصري)

وحذرت جمعية «مواطنون ضد الغلاء» (مؤسسة أهلية) من «تداعيات الزيادات المقترحة على أسعار خدمات الاتصالات»، وذكرت في إفادة، الأربعاء، أن «الحديث عن ارتفاع الأسعار إجراء غير مسؤول، نظراً لأن شركات الاتصالات حققت هذا العام نحو 164 مليار جنيه مبيعات، وفق البيانات المعلنة منها». (الدولار يساوي 49.70 جنيه في البنوك المصرية).

ودعت الجمعية الحكومة المصرية لإعادة النظر في أسعار خدمات الاتصالات، وتقليلها للتخفيف عن أعباء المستخدمين وليس زيادتها، كما طالبت مجلس النواب (البرلمان) بإجراء تعديل تشريعي يسمح لـ«جهاز حماية المستهلك» بتلقي الشكاوى الخاصة بالاتصالات، كونه جهازاً رقابياً محايداً.

ويشترط القانون المصري موافقة «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» قبل تطبيق شركات الاتصالات أي زيادة في الأسعار.

وحظي حديث الزيادة المحتملة على خدمات الاتصالات بتفاعل على «السوشيال ميديا»، الأربعاء، وانتقد بعض المغردين تصريح المسؤول الحكومي، وعدّوا أن «جهاز تنظيم الاتصالات» يمنح الفرصة لشركات الجوال لرفع أسعارها.

ورأى حساب «حزب المحافظين» المصري (حزب معارض) على (إكس)، أن «الزيادة المرتقبة في أسعار الاتصالات تمثل عبئاً إضافياً على المواطن».

فيما اقترح البعض «مقاطعة شركات الجوال» حال تطبيق الزيادة الجديدة.

وأكد سكرتير «شعبة الاتصالات» بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، تامر محمد، أن «الزيادة المرتقبة على أسعار خدمات الجوال غير مبررة»، مشيراً إلى أنه «لا توجد حاجة لرفع الأسعار، خصوصاً وأن شركات الاتصالات بمصر حققت أرباحاً في الميزانيات الأخيرة لها»، وأضاف أن «طلب شركات الجوال رفع أسعار الخدمة يجب أن تسبقه المساءلة عن مستوى جودة خدماتها التي يشكو منها كثير من المستخدمين»، لافتاً إلى أن «أي زيادات جديدة على سلعة أو خدمة تعمق أزمة الغلاء في البلاد».

وحسب إفادة لوزارة الاتصالات المصرية في مايو (أيار) الماضي، حقق قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات «إيرادات بلغت 315 مليار جنيه في العام المالي الماضي (2023 - 2024) بنسبة نمو نحو 75 في المائة».

وأوضح سكرتير «شعبة الاتصالات» لـ«الشرق الأوسط» أنه «سبق وأن تم إقرار زيادة في أسعار خدمات الاتصالات بنسب وصلت إلى 30 في المائة قبل عامين، بهدف تحسين جودة الخدمات، ورغم ذلك ما زالت الشكاوى حاضرة من المستخدمين، بسبب ضعف تغطية شبكات الجوال والإنترنت»، ودلل على ذلك بـ«قرارات (جهاز تنظيم الاتصالات) العقابية تجاه بعض الشركات بسبب سوء خدماتها».

أجهزة الإنترنت المنزلي (جهاز تنظيم الاتصالات)

وقام «الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات» بتغريم بعض شركات مقدمي خدمات الجوال بنحو 33 مليون جنيه مصري في مايو الماضي، بسبب «تجاوز معايير ومحددات جودة خدمات الجوال خلال الربع الأول من عام 2024»، كما اعتمد 743 محطة جوال جديدة لتحسين جودة خدمات الاتصالات، وفق إفادة لـ«الجهاز».

وأدى قرار البنك المركزي المصري، في مارس (آذار) الماضي بتحديد سعر صرف الجنيه المصري، وفق آليات السوق (العرض والطلب)، إلى انخفاض قيمة العملة المحلية، إلى نحو 50 جنيهاً للدولار، بعدما كانت مستقرّة لأشهر عند حدود 30.85 جنيه للدولار.

ووفق وكيل «لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات» بمجلس النواب، النائب أحمد نشأت منصور، فإن «الزيادة المرتقبة على خدمات الاتصالات ما زالت محل دراسة من الحكومة»، مشيراً إلى أن «(لجنة الاتصالات بالبرلمان) تترقب قرار (جهاز تنظيم الاتصالات) للتدخل، ودراسة مبررات إقرار زيادات جديدة على أسعار الاتصالات».

وشدّد على أن «قرار رفع أسعار خدمات الاتصالات يجب أن يكون لأسباب واضحة ومبررة، في ظل تكرار الشكاوى من سوء الخدمة في مناطق كثيرة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «البرلمان سبق أن أجرى نقاشات كثيرة بسبب انقطاع خدمات الاتصالات في بعض الأماكن بالقاهرة والمحافظات المصرية لضعف شبكات التغطية»، مشيراً إلى أن «شركات مقدمي الخدمة تعهدت بتحسين جودة خدماتها، وبعضها التزم بتعهداته، والأخرى لم تلتزم».

ويقدر عدد شرائح اتصالات الجوال في مصر بـ107.74 مليون شريحة، فيما وصل عدد الاشتراكات النشطة لخدمة «إنترنت الجوال» نحو 77.68 مليون مستخدم، وسجلت اشتراكات خدمة «إنترنت الجوال» لغير الأجهزة المنزلية، نحو 2.76 مليون مشترك، وفقاً لوزارة الاتصالات المصرية في مايو الماضي.


مقالات ذات صلة

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

شمال افريقيا مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

وفق إفادة للنيابة العامة المصرية الأحد فإن إجراء رفع أسماء مدرجين بـ«قوائم الإرهاب» يأتي في إطار توجه للحكومة المصرية بـ«مراجعة موقف القوائم الإرهابية جميعها»

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الأحد، إن مصر قد تكون الأكثر تضرراً بالتصعيد الحالي في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
شمال افريقيا أحمد رفعت (الشرق الأوسط)

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

وافق مجلس الشيوخ المصري على رفع الحصانة عن النائب أحمد دياب؛ للاستماع إلى أقواله في تحقيقات النيابة العامة بشأن وفاة اللاعب أحمد رفعت.

أحمد عدلي (القاهرة)
العالم العربي اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
TT

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

عمَّق اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، من الفجوة في العلاقات بين الجزائر وباريس، إلى حد يصعب معه توقع تقليصها في وقت قريب، حسب تقدير مراقبين.

ومنذ السبت 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يوجد الكاتب السبعيني في مقار الأمن الجزائري، حيث يجري استجوابه حول تصريحات صحافية أطلقها في فرنسا، حملت شبهة «تحقير الوطن»، على أساس مزاعم بأن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وأن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها مرتكبين بذلك حماقة». كما قال إن «بوليساريو» التي تطالب باستقلال الصحراء عن المغرب، «من صنع الجزائر لضرب استقرار المغرب».

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وكان يمكن أن تمر «قضية صنصال» من دون أن تسهم في مزيد من التصعيد مع فرنسا، لولا ما نسبته وسائل إعلام باريسية للرئيس إيمانويل ماكرون، بأنه «قلق» من اعتقال مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، وبأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه.

وهاجمت الصحافة الجزائرية الصادرة الأحد، في معظمها، الطيف السياسي الفرنسي، بسبب «تعاطف اليمين المتطرف واللوبي الصهيوني»، مع الكاتب، قياساً إلى قربه من هذه الأوساط منذ سنين طويلة، وقد أكد ذلك بنفسه، بموقفه المؤيد للعدوان الإسرائيلي على غزة، منذ «طوفان الأقصى» (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، فضلاً عن معارضته مطلب سلطات بلده الأصلي، الجزائر، «باعتراف فرنسا بجرائمها خلال فترة الاستعمار» (1830- 1962).

وتزامنت «أزمة صنصال» مع أزمة كاتب فرنسي جزائري آخر، هو كمال داوود، الفائز منذ أسابيع قليلة بجائزة «غونكور» المرموقة عن روايته «حور العين». وفجَّر هذا العمل الأدبي غضباً في الجزائر، بحجة أنه «انتهك محظور العشرية السوداء»؛ بسبب تناول الرواية قصة فتاة تعرضت للذبح على أيدي متطرفين مسلحين. علماً أن جزائرية أعلنت، الخميس الماضي، عن رفع دعوى قضائية ضد كمال داوود بتهمة «سرقة قصتها» التي أسقطها، حسبها، على الشخصية المحورية في الرواية.

كما يلام داوود الذي عاش في الجزائر حتى سنة 2021، على «إفراطه في ممارسة جلد الذات إرضاءً للفرنسيين»، خصوصاً أنه لا يتردد في مهاجمة الجزائريين بسبب «العنف المستشري فيهم». ولامس داوود التيار العنصري والتيارات الدينية في فرنسا، بخصوص الحرب في غزة. وصرح للصحافة مراراً: «لا أنتمي إلى جيل الثورة، وعلى هذا الأساس لست معنياً بمسألة تجريم الاستعمار والتوبة عن ممارساته».

ويرى قطاع من الجزائريين أن فرنسا منحت داوود جنسيتها (عام 2020 بقرار من الرئيس ماكرون)، «في مقابل أن يستفز بلاده في تاريخها وسيادتها (الذاكرة والاستعمار)، ويثخن في جرح غائر (مرحلة الاقتتال مع الإرهاب) لم تشفَ منه بعد».

الروائي الفرنسي الجزائري كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وكانت العلاقات بين البلدين معقَدة بما فيه الكفاية منذ الصيف الماضي، عندما سحبت الجزائر سفيرها من باريس؛ احتجاجاً على اعترافها بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وحينها شجبت «قيام حلف بين الاستعمار القديم والجديد»، وتقصد البلدين، علماً أن العلاقات بين العاصمتين المغاربيتين مقطوعة رسمياً منذ 2021.

وفي الأصل، كان الخلاف الجزائري - الفرنسي مرتبطاً بـ«الذاكرة وأوجاع الاستعمار»، وهو ملف حال دون تطبيع العلاقات بينهما منذ استقلال الجزائر عام 1962. وقامت محاولات لإحداث «مصالحة بين الذاكرتين»، على إثر زيارة أداها ماكرون إلى الجزائر في أغسطس (آب) 2022، لكن «منغصات» كثيرة منعت التقارب في هذا المجال، منها مساعٍ أطلقها اليمين التقليدي واليمين المتشدد، خلال هذا العام، لإلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يسيّر مسائل الإقامة والدارسة والتجارة و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.

وعدَّت الجزائر هذا المسعى بمثابة استفزاز لها من جانب كل الطبقة السياسية الفرنسية، حكومة وأحزاباً، حتى وإن لم يحققوا الهدف. ومما زاد العلاقات صعوبة، رفض فرنسا، منذ أشهر، طلباً جزائرياً لاسترجاع أغراض الأمير عبد القادر الجزائري، المحجوزة في قصر بوسط فرنسا، حيث عاش قائد المقاومة الشعبية ضد الاستعمار في القرن الـ19، أسيراً بين عامي 1848 و1852. وتسبب هذا الرفض في إلغاء زيارة للرئيس الجزائري إلى باريس، بعد أن كان تم الاتفاق على إجرائها خريف هذا العام.