البرلمان المصري يفتح باب تعديل مشروع قانون «الإجراءات الجنائية»

رئيس مجلس النواب يدعو النقابات المهنية والمنظمات الحقوقية لإرسال مقترحاتها

جانب من جلسات مجلس النواب (الحكومة المصرية)
جانب من جلسات مجلس النواب (الحكومة المصرية)
TT

البرلمان المصري يفتح باب تعديل مشروع قانون «الإجراءات الجنائية»

جانب من جلسات مجلس النواب (الحكومة المصرية)
جانب من جلسات مجلس النواب (الحكومة المصرية)

فتح مجلس النواب المصري الباب أمام إدخال تعديلات على مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» المعروض للمناقشة في الجلسات العامة، وسط سجالات ومناقشات بين مؤيد ومعارض للقانون، الذي يعد أحد أكثر القوانين إثارة للجدل تحت قبة البرلمان منذ الإعلان عن مناقشته نهاية أغسطس (آب) الماضي.

وخلال جلسة عقدت، الثلاثاء، قال رئيس مجلس النواب حنفي جبالي، إن الملاحظات التي أرسلت من نقابة الصحافيين جرى الرد عليها عبر 3 أوجه؛ الأول تضمن استجابة لبعض الملاحظات وجرى تلافيها، مع وضع بعض الاعتراضات محل نقاش، فيما تثور شبهات حول عدم دستورية بعض المقترحات.

وأكد جبالي أن المجلس رد على مختلف المنظمات الحقوقية والنقابات الوطنية التي أرسلت تعقيبات على مشروع القانون، مشيراً إلى أن الباب لا يزال مفتوحاً لتلقي المقترحات، في ظل المناقشات الجارية لتمرير القانون الذي يتمتع بأهمية كبيرة.

وكانت نقابة الصحافيين المصرية أرسلت، الأسبوع الماضي، رداً جديداً على البرلمان تطالب فيه بـ«حوار مجتمعي»، وتعديل عدد من مواد القانون، مع التحذير من الخلط في القانون بين «البث» و«نقل وقائع جلسات المحاكمات»، الأمر الذي رأته يفرض مزيداً من القيود على تغطية المحاكمات التي تعد جزءاً من صميم العمل الصحافي.

ورأت النقابة «أن عدم جواز نقل وقائع الجلسات سواء بسواء مع بثها بأي طريقة، إلا بموافقة كتابية من رئيس الدائرة بعد أخذ رأي النيابة العامة، هو بمثابة اعتداء على حرية الصحافة والإعلام». وقدمت اقتراحاً بتعديلها، مع 4 ملاحظات رئيسية تضمنت ما عدّته النقابة «عيوباً ومخالفات دستورية».

ولا يرى وكيل اللجنة التشريعية بالبرلمان، ورئيس اللجنة الفرعية التي أعدت مشروع القانون، النائب إيهاب الطماوي، أن وصف «مثير للجدل صحيح بحق القانون الذي جرت مناقشته بشكل مستفيض بالفعل على مدار أكثر من عامين، وبوجود ممثلين من مختلف أطياف المجتمع»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» الانفتاح طوال الوقت «على إدخال تعديلات بما يتناسب مع متطلبات مختلف الجهات، ويحقق العدالة المنشودة، ويجعل القانون مواكباً لتغيرات العصر».

وأضاف أن ما قُدم حتى الآن لا يزال مشروع قانون، وبالتالي هناك إمكانية للتعديل عليه، وهو ما كرره البرلمان خلال المناقشات، سواء في اللجنة التشريعية أو في المناقشات خلال الجلسة العامة مع استقبال الملاحظات المختلفة والرد عليها، وتفسير الصياغات الموجودة بمواد القانون.

وشهدت جلسة النواب مناقشات موسعة حول القانون، وسط تباين في آراء النواب بشأنه... وانتقد النائب الوفدي محمد عبد العليم داود مشروع القانون، مؤكداً وجود العديد من الملاحظات، وتمسك بأهمية «إقرار قانون جديد لكن بعد حوار مجتمعي، وإعطاء فرصة لنقابة الصحافيين والأزهر من أجل الاستماع إلى ملاحظاتهما».

كما دعا النائب أحمد بلال البرلسي، عضو الهيئة البرلمانية لحزب «التجمع»، لحوار وطني بشأن القانون «من أجل خروجه بشكل يجعله أكثر قوة»، مشيراً إلى تمسك الحزب بضرورة خروج القانون للنور بإطار توافق وطني.

لكن النائبة أمل زكريا وصفت القانون بـ«مشروع القرن» الذي يستهدف سد أي ثغرة تؤثر على المواطنين في عمليات وإجراءات التقاضي، في وقت يحظى فيه المشروع بموافقة الأغلبية البرلمانية، لكن جلسات المناقشة لا تزال مستمرة للاستماع لمختلف الآراء والتعليقات.

وقال المحامي المصري محمد عبد السلام لـ«الشرق الأوسط»، إن البرلمان استجاب لمطالب نقابة المحامين بالفعل فيما يتعلق بالقانون، مشيراً إلى أن التعديلات التي يدخلها تتضمن مزايا إيجابية عدة تواكب التطورات الحالية.

وأكد محمود كامل، وكيل نقابة الصحافيين ورئيس لجنة الحريات بنقابة الصحافيين لـ«الشرق الأوسط»، أن البرلمان رد على النقابة في المذكرة الأولى، وبانتظار رده على المذكرة الثانية التي تضمنت أموراً جوهرية بشأن القانون.


مقالات ذات صلة

البرلمان المصري يقرُّ قانون اللاجئين

شمال افريقيا طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

البرلمان المصري يقرُّ قانون اللاجئين

أقر مجلس النواب المصري (البرلمان)، الثلاثاء، وبشكل نهائي، مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن «لجوء الأجانب»، الذي يتضمن 39 مادة «تنظم أوضاع اللاجئين وحقوقهم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزراء حضروا المناقشات حول قانون «الإجراءات الجنائية» (مجلس الوزراء المصري)

البرلمان المصري يبحث في «الإجراءات الجنائية» وسط تباين «حقوقي»

واصل مجلس النواب المصري، الاثنين، مناقشة مشروع قانون «الإجراءات الجنائية»، على وقع تباين حقوقي لنصوص المشروع الجديد.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مجلس النواب (الحكومة المصرية)

البرلمان المصري يقر «مبدئياً» قانوناً لتنظيم أوضاع اللاجئين

وافق مجلس النواب المصري (البرلمان)، الأحد، مبدئياً على مشروع قانون لتنظيم أوضاع اللاجئين، الذين تزايدت أعدادهم أخيراً في ظل صراعات وحروب تشهدها المنطقة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا مساكن قديمة في منطقة الكوربة بمصر الجديدة شرق العاصمة القاهرة (الشرق الأوسط)

مصر: تغيّرات مجتمعية مرتقبة مع تعديل «الإيجار القديم»

بقلق ينتظر مصريون ما ستؤول إليه تعديلات قانون «الإيجار القديم»، والذي يناقشه مجلس النواب المصري (البرلمان) حالياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يلقي بيان الحكومة أمام البرلمان (أرشيفية - مجلس الوزراء)

ما المنتظر من البرلمان المصري في دور الانعقاد الخامس؟

تنطلق الثلاثاء أولى جلسات دور الانعقاد الخامس والأخير لمجلس النواب المصري (البرلمان).

أحمد عدلي (القاهرة)

​ما مغزى استحضار ليبيين ذكرى معمر القذافي؟

الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)
الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)
TT

​ما مغزى استحضار ليبيين ذكرى معمر القذافي؟

الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)
الرئيس الليبي الراحل معمّر القذافي (إ.ب.أ)

مألوف في ليبيا أن يأتي أنصار النظام السابق على سيرة الرئيس الراحل معمر القذافي، لكن الذي بات ملحوظاً، هو استحضار أطياف متباينة ومن أعمار مختلفة، ذكرى رئيس ربما قُتل قبل أن يعاصروا حكمه ويشهدوا أيامه.

مكث القذافي في الحكم قرابة 42 عاماً، وقُتل إثر اندلاع ثورة شعبية عام 2011، ورغم مرور 13 عاماً على إسقاط حكمه فإن شرائح مجتمعية كثيرة تتذكره، وهو ما أرجعه أستاذ القانون والباحث السياسي الليبي رمضان التويجر إلى «حالة الإحباط العام التي تشهدها ليبيا منذ رحليه».

وفجأة وعقب خروج جمهور كرة القدم الليبية من «استاد طرابلس الدولي» بعد هزيمة المنتخب أمام نظيره البنيني في تصفيات التأهل لـ«أمم أفريقيا»، استحضر الهتاف الشهير: «الله ومعمر وليبيا وبس».

وجاء هذا الهتاف على خلفية خسارة كروية. لكن هتافات أخرى كثيرة انطلقت في مناسبات سياسية مختلفة، عدّها متابعون استحضاراً لروح «الزعيم والرمز المخلص».

وإذا كان التويجر، ربط هذه الهتافات للقذافي بـ«حالة الإحباط الراهنة»، فإن آخرين يعزونها إلى «الشعبية الكبيرة التي لا يزال يحظى بها القذافي، خصوصاً بين الطبقات التي تعاني من الوضع الاقتصادي الذي ازداد سوءاً بعد رحيله». وربما هو ما يفسر مغزى هذا الهتاف الآن.

صورة أرشيفية للرئيس الراحل مع بعض أفراد عائلته (الشرق الأوسط)

وتعاني ليبيا منذ إسقاط نظام القذافي، وضعاً سياسياً واقتصادياً متأزماً. وأمام تمسك ساستها الجدد بما يرونه مناسباً، فشلت البلاد في عقد انتخابات رئاسية ونيابية. ودفع الجمود في البلاد المبعوث الأممي السابق عبد الله باتيلي إلى القول إن الأمم المتحدة «لا يمكن أن تتحرك بنجاح لدعم العملية السياسية، في مواجهة قادة يضعون مصالحهم الشخصية فوق حاجات البلاد».

ويرى أكاديمي ليبي، أن الطبقات الاجتماعية الرقيقة اقتصادياً في البلاد «تبحث دائماً عن منقذ في ظل ما تشاهده من استشراء الفساد والمحسوبية ونهب المال العام منذ إسقاط القذافي... وهناك من كانوا يأملون بعد الثورة في قيام دولة مختلفة وعادلة».

ويعتقد أيضاً بأن «رمزية القذافي طاغية، وقد تحتاج البلاد إلى مزيد من الوقت للخروج من هذه الحالة (...) ولن نغادرها إلا برمز جديد يقبله الشعب ويلتف حوله».

ورغم ما وصف به نظام القذافي بأنه «قمعي وديكتاتوري وأقصى معارضيه»، فإن هناك من يرى أنه أبقى على ليبيا «موحدة»، ولم يستشر «الفساد» بين المسؤولين وفي المؤسسات العامة مثلما يحدث منذ سنوات. وهنا يلفت الأكاديمي الليبي حافظ الغويل، وهو زميل أول بمعهد الدراسات الدولية في جامعة «جونز هوبكنز» الأميركية، إلى هذه النقطة، ويقول: «أعتقد بأن التاريخ سيذكر معمر القذافي، بغض النظر على رأيك فيه، على أنه آخر رئيس وحاكم لدولة ليبيا الموحدة».

وتعاني ليبيا بشكل لافت من انتشار الفساد، فمنذ عام 2012 تراجع ترتيبها إلى الأسوأ، وصولاً إلى تصنيفها من بين «الدول العشر الأكثر فساداً»، وفقاً لـ«مؤشر مدركات الفساد»، الصادر عن «منظمة الشفافية الدولية» هذا العام.

وباستثناء التيار الداعم لسيف الإسلام القذافي لخوضه الانتخابات الرئاسية، لا توجد روافع داعمة لعموم النظام السابق، سواء من قبائل أو تكتلات سياسية مؤيدة، بل على العكس، ظهر مؤخراً ما يشبه انقسامات مكتومة بين المؤيدين لسيف، وبين كتلة الداعين لعموم النظام السابق.

سيف الإسلام نجل الرئيس الراحل معمر القذافي (أ.ف.ب)

وأمام الخيبات التي مني بها الليبيون، وحالت دون عقد الانتخابات المؤجلة من نهاية 2021، لا يزال البلد النفطي يتخبط سياسياً، واقتصادياً في ظل مساعٍ أممية للوصول إلى محطة للتوافق تنهي المرحلة الانتقالية.

وتضررت فئات اجتماعية كثيرة خلال السنوات الماضية، من قلة الدخل، ومحدودية الرواتب وارتفاع أسعار السلع الغذائية، لذا ربط محمد الكميشي أحد المؤيدين لـ«ثورة 17 فبراير» بين هتاف الجماهير في استاد طرابلس، وبين ما تشهده ليبيا من تراجع راهناً.

ووجه الكميشي حديثه لأقطاب السلطة دون أن يذكر أسماء: «سيخرجون يوماً ما إلى الشوارع ويهتفون هذا الهتاف، انتقاماً لما فعلتم بالشعب. كل سيناريو له نهاية، وسيناريو ظلمكم للناس (حيولي) عليكم، هذا ما جنيتم علينا».

ومن بين الكيانات التي تتحدث باسم سيف القذافي، حراك «مانديلا ليبيا» الذي يترأسه الناشط عبد المنعم أدرنة، الذي أيد هذه الهتافات، معتقداً بأن «الخلاص في ليبيا يكمن في انتفاضة مسلحة».

وكان موالون لسيف القذافي بالزنتان قد نظّموا استعراضاً عسكرياً، وأكدوا تمسكهم مجدداً بدعمه للترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة.