ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

الأمم المتحدة عدّتها «خطوة مهمة لتعزيز الديمقراطية»

ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)
ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)
TT

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)
ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

أحدثت الانتخابات المحلية الليبية، التي أجريت بوصفها مرحلة أولى في 58 بلدية مطلع الأسبوع الحالي، نوعاً من الثقة لجهة إمكانية تنفيذ الاستحقاقات الرئاسية والنيابية المؤجلة، على الرغم من وجود تخوفات كبيرة بشأن احتمال عدم قبول النتائج في بعض البلديات.

من مرحلة تجميع نتائج الانتخابات المحلية في 58 بلدية ليبية (مفوضية الانتخابات)

ومع التئام المرحلة الأولى من الاستحقاق، انتعشت آمال قطاعات ليبية واسعة، كما عبّر ساسة البلاد عن إمكانية إجراء الانتخابات المؤجلة، منطلقين من زاوية أن «الأرض خصبة الآن»، وأن «صناديق الاقتراع التي قصدوها لاختيار ممثليهم في البلديات، هي الصناديق ذاتها التي يستطيعون عبرها اختيار السلطتين التنفيذية والتشريعية».

ويرى عضو مجلس النواب عن الجنوب الليبي محمد تامر، أن الانتخابات المحلية التي شهدتها البلاد «تحمل أهمية كبيرة في سياق العملية السياسية، كما تعكس الإرادة الشعبية المحلية للمواطنين في اختيار ممثليهم».

وعدّ تامر في حديث إلى «الشرق الأوسط» هذه الانتخابات «خطوة نحو ترسيخ الديمقراطية، وتعزيز الثقة في المؤسسات الانتخابية، ما يعزز الآمال في إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مستقبلية بنجاح».

وكانت عملية الاقتراع شملت (السبت) 352 مركزاً انتخابياً في 58 مجلساً بلدياً، وتحدثت المفوضية عن نسبة مشاركة بلغت 74 في المائة من عدد الناخبين المسجلين البالغ 186 ألفاً و55 ناخباً، لكنها تراجعت وقالت: هذه النتائج «لم تصدر عنها بتاتاً، وهي مجرد توقعات قابلة للتغيير».

فريق من السفارة البريطانية بأحد مراكز الاقتراع بالانتخابات البلدية في ليبيا (السفارة)

وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الاثنين، إن الانتخابات البلدية «خطوة مهمة نحو تعزيز الديمقراطية، وضمان حوكمة مسؤولة ومستجيبة لتطلعات الشعب، كما تضمن شرعية المؤسسات الليبية».

وأشادت بـ«نجاح» عملية الاقتراع للمجموعة الأولى من المجالس البلدية، وقالت: «نهنئ الشعب الليبي بهذا الإنجاز، كما نهنئ المفوضية الوطنية على ضمان عملية انتخابية سليمة وشاملة من الناحية الفنية».

وتحدثت البعثة عن «تفاني الأجهزة الأمنية» التي شاركت في تأمين إجراء هذه الانتخابات، وقالت إنها «ستظل ملتزمة بدعم العملية الانتخابية في ليبيا، وضمان نتيجة تعكس إرادة الشعب».

ويتوقع أن تشهد بعض البلديات ذات التعداد السكاني الكبير، حالة تنافسية بين غالبية الأطراف خلال المرحلة الثانية للانتخابات بقصد السيطرة على القرارات السياسية، وهو ما دفع بعض المتابعين إلى القول بأنه كان يجب على «المفوضية الوطنية» في ظل هذه التكتلات استحداث إدارة تتعلق بـ«النزاهة».

وعدّ محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي»، «نجاح الانتخابات البلدية تعزيزاً للاستقرار، وإعادة الشرعية لكل المؤسسات الوطنية، كما تعكس رغبة أبناء الشعب في التعبير المباشر عن رأيهم لمستقبل أفضل، وبناء مؤسسات قادرة على تلبية تطلعاتهم في كل أنحاء البلاد».

وذهب المنفي إلى أن هذا يعد مؤشراً على أن الشعب الليبي «قادر على المشاركة والمساهمة في الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

وكان سالم الزادمة نائب رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب قال إن إجراء الانتخابات في ليبيا «ليس أمراً صعباً أو مستحيلاً في ظل توفر الأمن، والتجهيزات الفنية واللوجيستية».

وفي السياق نفسه، أكد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، أن «نجاح عقد الاستحقاق بطريقة سلسة وآمنة دليل آخر ضد من يحاول اختراع مراحل انتقالية جديدة» لتكون شرطاً لإجراء الانتخابات.

ورأى سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا نيكولا أورلاندو، الذي هنأ الليبيين والمفوضية وجميع السلطات الوطنية بالانتخابات، أن «الإقبال الكبير للناخبين يعكس فهم المواطنين القوي لأهمية التمثيل الديمقراطي، والحكم المحلي الفعّال».

وعدّ ما حدث «إنجازاً وخطوة واعدة نحو العمليات الانتخابية المقبلة، والتي يبقى الاتحاد الأوروبي ملتزماً بدعمها».

وفشلت ليبيا في عقد انتخابات رئاسية ونيابية كانت مقررة في نهاية 2021 لأسباب عدة، ومذاك التاريخ والعملية السياسية تراوح مكانها في ظل انقسام حكومي، وعدم توافق بشأن القوانين اللازمة لإجراء ذلك.

مجلس المفوضية يستقبل سفراء وممثلي عدة دول أوروبية بمركز العد والإحصاء (المفوضية)

وكان رئيس المفوضية الوطنية عماد السايح استقبل عدداً من سفراء وممثلي دول الاتحاد الأوروبي، وذلك في مركز العد والإحصاء بالمفوضية. وأطلع السايح، بحسب المفوضية، السفراء على آلية عمل المركز، فيما قالت السفارة البريطانية في ليبيا إن فريقها زار مراكز اقتراع، وأثنى على «الدور المهم» للمتطوعين والمراقبين والأمن في دعم «العملية الديمقراطية».


مقالات ذات صلة

بنين ترافق نيجيريا إلى نهائيات «أمم أفريقيا»

رياضة عربية منتخب ليبيا فشل في التأهل لنهائيات «أمم أفريقيا» (الشرق الأوسط)

بنين ترافق نيجيريا إلى نهائيات «أمم أفريقيا»

تأهلت بنين إلى نهائيات كأس أمم أفريقيا 2025 لكرة القدم المقررة في المغرب، بعدما تعادلت سلبياً مع ليبيا.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)
شمال افريقيا الصور خلال لقائه في طرابلس كريم خان المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية (النائب العام)

ليبيا: مدعي «الجنائية الدولية» يزور طرابلس قبل إحاطته لـ«مجلس الأمن»

قبيل تقديمه إحاطة إلى مجلس الأمن الدولي، بشأن الوضع في ليبيا، زار كريم خان، المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، طرابلس والتقى النائب العام الليبي.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا بدء عملية مسح وإدخال بيانات استمارات نتائج الانتخابات بمركز العدّ والإحصاء في مفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

«البلديات الليبية»... بروفة «لترويض» الصراع السياسي

ما بين جملة من السلبيات والإيجابيات التي رافقت العملية الانتخابية عكس هذا الاستحقاق النادر شعوراً لدى جل الليبيين بتحقيق «خطوة إلى الأمام» لجهة حلحلة الجمود.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا صالح وحماد في لقاء سابق ببنغازي (مكتب صالح)

ليبيا: حكم قضائي يعمّق الخلاف بين «الرئاسي» و«النواب» بشأن «مفوضية الاستفتاء»

في حكم قضائي جديد قضت محكمة استئناف بنغازي في شرق البلاد بوقف نفاذ قرار المجلس الرئاسي بشأن إنشاء «مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني» وتعيين مجلس إدارة لها.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا ليبي يدلي بصوته بأحد مراكز الاقتراع في مصراتة (أ.ف.ب)

ليبيا: انطلاق الانتخابات المحلية وسط توتر أمني بين ميليشيات «الوحدة»

أعلنت المفوضية العليا للانتخابات بليبيا، (السبت)، انطلاق عملية الاقتراع في 352 مركزاً انتخابياً، و777 محطة اقتراع في 58 مجلساً بلدياً، تضم نحو 186055 ناخباً.

خالد محمود (القاهرة )

«قانون اللاجئين» يثير جدلاً في مصر

طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)
طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)
TT

«قانون اللاجئين» يثير جدلاً في مصر

طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)
طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

أثار مشروع قانون ينظم أوضاع اللاجئين في مصر، ويناقشه مجلس النواب (البرلمان)، حالة جدل واسعة في مصر، وسط تساؤلات عن الفائدة التي ستعود على القاهرة من إقراره، وانتقادات لما نصّت عليه بنود مشروع القانون من «امتيازات وحقوق» للأجانب، عدّها البعض محاولة لـ«توطينهم»، ما يزيد من أعباء البلاد الاقتصادية.

وبينما أكّد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أهمية سن تشريع ينظّم ويقنن أوضاع اللاجئين، أرجعوا حالة الجدل بشأنه إلى «عدم التمهيد» للقانون، و«تناقض» مضمونه مع خطاب إعلامي ورسمي كان يشكو من العبء الاقتصادي لزيادة عدد اللاجئين.

وتصدرت وسوم «#قانون_اللاجئين» و«#مجلس_النواب»، «تريند» مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث شارك عدد من روّاد المنصات بنود مشروع القانون، مع تعليقات تراوحت بين الرفض والقبول، والسؤال عن جدواه في هذا التوقيت، تزامناً مع استكمال مجلس النواب مناقشاته، بعد أن وافق عليه مبدئياً قبل أيام، وأنهى، الاثنين، مناقشة 32 مادة من موادّه الـ39.

وتقدّر بيانات حكومية رسمية أعداد الأجانب الموجودين في مصر بأكثر من 9 ملايين من 133 دولة، ما بين لاجئ وطالب لجوء ومهاجر ومقيم، يمثلون 8.7 في المائة من تعداد السكان الذي تجاوز 107 ملايين نسمة.

فيما تشير بيانات «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» إلى تسجيل 818 ألف لاجئ من 60 دولة في مصر، يحتل السودانيون المرتبة الأولى بينهم بواقع 537 ألفاً و882 لاجئاً، يليهم السوريون بواقع 148 ألفاً و938 لاجئاً».

بينما تشير البيانات الأخيرة الصادرة عن حكومة مصر إلى أن أكثر من 1.2 مليون سوداني فروا إلى مصر منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) 2023.

وعبر حسابها على موقع «إكس»، أشارت الإعلامية وعضوة مجلس النواب المصري دينا عبد الكريم إلى «أهمية التوقيت» عند مناقشة أي قانون. وقالت: «أدرك تماماً أن وقع القانون يبدو مخيفاً لبعض الناس في ظل القلق المتزايد من أعداد اللاجئين في مصر وضغطهم على الخدمات العامة»، لكنها أوضحت أن «القانون لم يأتِ بجديد سوى محلية التقييم مستنداً لما هو قائم بالفعل».

وانتقد بعض روّاد منصات التواصل الاجتماعي مشروع القانون، معربين عن مخاوفهم من أن يكون مقدمة لـ«توطين» الأجانب في مصر، أو أن يفتح الباب نحو زيادة أعداد اللاجئين بما يشكّل عبئاً إضافياً على الخدمات في البلاد، في وقت دافع فيه آخرون عن مشروع القانون.

وخشي البعض من «تحويل اللاجئ من ضيف لمستوطن»، واصفين مشروع القانون بأنه «يساوي بين اللاجئ وبين المواطن في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية».

غير أن عضو مجلس النواب المصري، محمود بدر، قال عبر حسابه على «إكس»، إن «القانون لا علاقة له بتوطين اللاجئين ومعظم مواده تأتي متوافقة تماماً مع اتفاقية اللاجئين التي وقّعت عليها مصر عام 1951». وأضاف أن القانون «يتيح حصر اللاجئين وينهي حالة الفوضى والعشوائية بشأن وجودهم».

وردّ بدر على ما يتردد بشأن منح الجنسية المصرية للاجئين، وقال: «القانون ليس له علاقة بذلك، والجنسية ينظمها تشريع آخر، واللاجئ كأي أجنبي يمكنه التقدم بطلب للحصول على الجنسية إذا انطبق عليه القانون الخاص بها».

ووفقاً لمجلس النواب، فإن القانون يأتي «في ضوء ما شهدته المنطقة من تفاقم بالأوضاع السياسية والأمنية والإنسانية في العديد من دول الجوار، ما أدى إلى تنامي موجات عديدة من النزوح وزيادة التدفقات الوافدة إلى مصر»، مشيراً إلى أن «مصر تحتل المرتبة الثالثة على مستوى العالم بين الدول الأكثر استقبالاً لطلبات لجوء جديدة عام 2023».

وأرجع مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر، الدكتور عمرو الشوبكي، حالة الجدل إلى «دهشة كثيرين من سعي الحكومة لسن قانون ينظّم شؤون اللاجئين، في وقت روّج الخطاب الإعلامي والرسمي طوال الفترة الماضية لما يشكّله وجود الأجانب من عبء اقتصادي على البلاد».

وقال الشوبكي لـ«الشرق الأوسط»: «كان لا بد من التمهيد للقانون وتوضيح الأسباب التي دفعت إلى إقراره لمنع حالة الجدل والبلبلة الموجودة حالياً».

في المقابل، أكد أستاذ العلاقات الدولية ومدير «مركز دراسات الهجرة واللاجئين» في الجامعة الأميركية بالقاهرة، الدكتور إبراهيم عوض، «أهمية سن قانون ينظم وجود اللاجئين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «من المفترض أن يكون لكل دولة قانون ينظم أوضاع اللاجئين وألا يتم الاعتماد فقط على المفوضية الأممية في هذا الشأن»، مشترطاً أن «يتماشى القانون مع الالتزامات الدولية في ضوء الاتفاقيات التي وقّعت عليها مصر في هذا الشأن».

ورفض عوض إطلاق اسم «امتيازات» على ما يحصل عليه اللاجئ، وقال: «لا يوجد شيء اسمه امتيازات، هناك 3 اختيارات أمام من يحمل صفة لاجئ، إما البقاء في بلد اللجوء أو العودة لبلاده، أو إعادة توطينه في دولة أخرى».

وشدّد على أن «وجود قانون للاجئين لا يعني بأي حال من الأحوال توطينهم في بلد اللجوء»، مؤكداً أن «حصر أعداد اللاجئين أمر مهم للاجئ وللدولة المضيفة في آنٍ واحد».

وقدّر رئيس مجلس الوزراء المصري، في وقت سابق، التكلفة المباشرة لاستضافة مصر ما يزيد على 9 ملايين شخص، بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً.

ويرى الشوبكي أن «مضمون مواد قانون اللاجئين بشكل عام لا ينطوي على مشكلات»، مشيراً إلى أن «حصر أعداد اللاجئين بدقة قد يسهم في زيادة الدعم الذي تحصل عليه مصر من المنظمات الدولية لتقديم الخدمات للاجئين».

وحسب مشروع القانون، «يتمتع اللاجئ فور اكتسابه هذا الوصف بحقوق منها الحق في الحصول على وثيقة سفر، وحظر رده أو إعادته قسرياً لموطنه أو بلد إقامته»، كما «يخضع اللاجئ في مسائل الأحوال الشخصية لقانون بلد موطنه أو لقانون بلد إقامته».