«انفراجة» بين الجزائر وإسبانيا بعد عامين من اعتراف مدريد بالمخطط المغربي للصحراء

تزامناً مع تأجيل المفاوضات مع «الأوروبي» حول «اتفاق الشراكة»

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية إسبانيا في 30 سبتمبر 2021 (وكالة الأنباء الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية إسبانيا في 30 سبتمبر 2021 (وكالة الأنباء الجزائرية)
TT

«انفراجة» بين الجزائر وإسبانيا بعد عامين من اعتراف مدريد بالمخطط المغربي للصحراء

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية إسبانيا في 30 سبتمبر 2021 (وكالة الأنباء الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير خارجية إسبانيا في 30 سبتمبر 2021 (وكالة الأنباء الجزائرية)

بينما طلبت الجزائر تأجيل اجتماع مهم مع وفد من مفوضية الاتحاد الأوروبي، كان سيبدأ الأحد الماضي لـ«أسباب فنية»، ستعود المبادلات التجارية بين الجزائر وإسبانيا هذا الشهر إلى ما كانت عليه، بعد قطيعة تجاوزت عامين، كان سببها اعتراف مدريد بمخطط الحكم الذاتي المغربي للصحراء.

صورة مركبة للرئيس الجزائري ورئيس الحكومة الإسبانية نشرتها الرئاسة الجزائرية بعد اتصال هاتفي بينهما 6 مارس 2022 (1)

وأفادت مصادر من أوساط المال والأعمال في الجزائر بأن المبادلات التجارية مع إسبانيا ستستأنف هذا الشهر، من خلال «غرفة التجارة بمدينة أليكانتي» (جنوب إسبانيا)، تطبيقاً لقرار صادر من أعلى سلطات البلاد، الأربعاء الماضي، يقضي برفع الحظر عن التجارة مع أهم الشركاء التجاريين في أوروبا وحوض المتوسط. وتكرس هذا القرار بإعلان «بنك الجزائر» إلغاء تجميد التوطين البنكي الخاص بالعمليات التجارية مع إسبانيا.

وكانت الجزائر قد علقت «معاهدة الصداقة وحُسن الجوار» مع إسبانيا، في يونيو (حزيران) 2022، كما سحبت سفيرها، في رد فعل على اعتراف الحكومة بقيادة بيدرو سانشيز، بـ«مخطط الحكم الذاتي» المغربي للصحراء في مارس (آذار) من السنة نفسها. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 عاد السفير إلى منصبه، إيذاناً بانفراجة في الأزمة، لكن من دون أن تغير مدريد من موقفها، الذي أثار سخط الجزائر.

خسائر كبيرة لحقت بالتجارة البينية جراء وقف الصادرات (صورة لميناء الجزائر العاصمة)

وتسبب تجميد التجارة في خسائر كبيرة للمؤسسات الإسبانية، وندرة حادة في الأسواق الجزائرية في عدة مواد وخدمات. ووفقاً للصحافة الإسبانية، فقد بلغت الصادرات نحو الجزائر 3.6 مليار يورو عام 2014، وانخفضت بسبب الأزمة إلى 332 مليون يورو في 2023.

في غضون ذلك، أكدت مصادر سياسية في الجزائر أن الاجتماع، الذي كان مقرراً أيام 10 و11 و12 من الشهر الحالي في الجزائر، بين بعثة من مفوضية «الأوروبي»، ومسؤولين جزائريين بوزارات التجارة والصناعة والخارجية، بغرض بحث إعادة التفاوض حول اتفاق الشراكة بين الطرفين، تم تأجيله لوقت غير معلوم، موضحة أن سبب التأجيل «فني»، من دون تقديم أي تفاصيل أخرى.

ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» جوزيب بوريل مع الرئيس عبد المجيد تبون يوم 13 مارس 2023 (الرئاسة الجزائرية)

وتطالب الجزائر منذ عدة سنوات الاتحاد الأوروبي بالجلوس إلى طاولة المفاوضات لإعادة النظر في «اتفاق الشراكة»، الذي أبرمه الطرفان عام 2002 وبدأ تنفيذه في 2005، بحجة أنه «جلب المنفعة لأوروبا أكثر من الجزائر»، من خلال تفكيك التعريفة الجمركية على السلع والمنتجات الأوروبية المورَّدة إلى الشريك في شمال أفريقيا.

في المقابل، يقول مسؤولون بالاتحاد إن المنتج الجزائري عجز عن إيجاد مكان له في أسواق أوروبا، لعدم مواكبته معايير الجودة.

رئيس «المجلس الأوروبي» خلال زيارته الجزائر في 5 سبتمبر 2022 (الرئاسة الجزائرية)

وفي 2021، اتخذت الجزائر قرارات نتج عنها تجميد استيراد كثير من المواد والسلع والخدمات من أوروبا، تمثل ذلك في وضع نظام تراخيص استيراد وحوافز لاستخدام المدخلات المحلية في قطاع السيارات، وتنظيم المشاركة الأجنبية في الشركات المستوردة. وقالت مفوضية «الأوروبي»، في يونيو الماضي إن هذه التدابير «مُخلّة ببنود اتفاق الشراكة». وكان الخلاف في الأصل حاداً بين الجانبين، منذ أن أوقفت الجزائر التجارة مع إسبانيا في 2022؛ احتجاجاً على انحياز إسبانيا للموقف المغربي من قضية الصحراء.

ولتفادي التوجه إلى «التحكيم» بغرض فض النزاع التجاري بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، جرت تفاهمات على عقد اجتماعات لبحث مطالب الجزائر بشأن معاودة التفاوض حول الوثيقة. وكان يفترض أن يتم الانطلاق هذا الشهر للتوصل إلى تسوية تُرضي الطرفين.

وصرّح سفير الاتحاد لدى الجزائر، دييغو ميلايدو، في مقابلة مع «وكالة الأنباء الإسبانية» الشهر الماضي، بأن المفاوضات «ستنطلق في الأسابيع المقبلة»، ولاحقاً أفادت وسائل إعلام مهتمة بالموضوع بأن الاجتماعات ستتم بين 10 و12 نوفمبر الحالي.


مقالات ذات صلة

الخلافات السياسية تعرقل صادرات القمح الفرنسي إلى الجزائر

شمال افريقيا أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الخلافات السياسية تعرقل صادرات القمح الفرنسي إلى الجزائر

كانت الجزائر تستورد ما بين مليونين و6 ملايين طن قمح فرنسي سنوياً؛ مما جعلها من أكبر زبائن فرنسا. غير أن الكميات المستوردة انخفضت بشكل لافت في السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مكان انعقاد القمة الروسية - الأفريقية في سوتشي (روسيا اليوم)

هجوم جزائري على المغرب وفرنسا في «قمة سوتشي»

في 25 يوليو (تموز) الماضي، أبدت الجزائر سخطاً شديداً عندما أبلغتها باريس، عبر القناة الدبلوماسية، بأنها قررت دعم «خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مراسيم التوقيع على اتفاق يخص الطاقات النظيفة بين «سوناطراك» الجزائرية و«سيبسا» الإسبانية (وزارة الطاقة الجزائرية)

الجزائر وإسبانيا تستثمران في الطاقات النظيفة لتجاوز خلافاتهما السياسية

أطلقت شركة المحروقات الجزائرية «سوناطراك» وشركة «سيبسا» الإسبانية، مشروعاً لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته في الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة (أ.ف.ب)

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية، الذي يأتي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الجزائرية، يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا سفارة الجزائر في باريس (متداولة)

الجزائر تسحب سفيرها من فرنسا

قررت الحكومة الجزائرية سحب سفيرها لدى الجمهورية الفرنسية بأثر فوري عقب إقدام الحكومة الفرنسية على الاعتراف بالمخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)
جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)
TT

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)
جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

طالبت مصر بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس» في هذه المرحلة الدقيقة. وأعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

وتكثّف القاهرة مشاوراتها بهدف احتواء التصعيد الراهن، وتؤكد ضرورة استمرار وتكثيف الجهود الدولية الرامية لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان. ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، فقد استعرض عبد العاطي خلال الاتصال الهاتفي مع عراقجي، التحركات التي تجريها مصر مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة لخفض التصعيد، مشيراً إلى حرص القاهرة على استمرار تقديم كل أشكال الدعم السياسي والإنساني للبنان وشعبه الشقيق، مؤكداً «أهمية التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في لبنان».

وزار عراقجي القاهرة منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في أول زيارة لوزير خارجية إيراني إلى مصر منذ ما يزيد على عشر سنوات. وأعرب خلال لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن «تقدير بلاده الجهود المصرية المستمرة لتحقيق الاستقرار والأمن بالمنطقة»، وأكد الرئيس المصري حينها «موقف بلاده الداعي لعدم توسّع دائرة الصراع، وضرورة وقف التصعيد للحيلولة دون الانزلاق إلى حرب إقليمية شاملة».

صورة من طهران بعد عدة انفجارات إثر موجات هجومية من إسرائيل (أ.ف.ب)

وذكرت «الخارجية المصرية»، الخميس، أن اتصال «عبد العاطي - عراقجي» تناول أزمة الشغور الرئاسي في لبنان، حيث أكد الوزير المصري «ضرورة دعم جميع الأطراف للبنان في هذه المرحلة الحرجة لانتخاب رئيس للبلاد عبر توافق وطني دون تدخلات خارجية»، مشيراً إلى أهمية تمكين المؤسسات اللبنانية وعلى رأسها الجيش اللبناني وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 بكل عناصره.

كما أكد عبد العاطي «ضرورة التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة باعتباره العنصر الرئيسي لوقف التصعيد في المنطقة»، لافتاً إلى أن «استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يخاطر باستمرار توسيع رقعة الصراع بما يتسبب في تأجيج الأوضاع بالإقليم».

ولم تُسفر مفاوضات، استمرت شهوراً بوساطة كل من مصر وقطر والولايات المتحدة، عن التوصل إلى وقف القتال بين حركة «حماس» وإسرائيل، باستثناء هدنة لمدة أسبوع في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

السيسي وبزشكيان في جلسة موسعة مع وفدي البلدين بقمة «بريكس» الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

واتفقت مصر وإيران على أهمية الجهود المشتركة لاستكشاف آفاق تطوير العلاقات الثنائية، بعد سنوات من الجمود، وذلك خلال لقاء جمع الرئيس المصري ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان، على هامش قمة تجمع «البريكس» بمدينة قازان في روسيا الاتحادية، الشهر الماضي. وكان البلدان قد قطعا العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1979، قبل أن تُستأنف بعد ذلك بـ11 عاماً، لكن على مستوى القائم بالأعمال.

وشهد العام الماضي لقاءات بين وزراء مصريين وإيرانيين في مناسبات عدة، لبحث إمكانية تطوير العلاقات بين البلدين، وتطوّر الأمر في مايو (أيار) من العام نفسه، بتوجيه رئاسي إيراني لوزارة الخارجية في طهران باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز العلاقات مع مصر. وكذا لقاءات على مستوى وزراء الخارجية، بخلاف لقاء السيسي والرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، في الرياض في نوفمبر من العام الماضي.

وشدد السيسي خلال لقاء بزشكيان، في أكتوبر الماضي، على ضرورة «حشد الجهود الدولية لحضّ جميع الأطراف على التعامل بإيجابية مع المساعي الرامية لاستعادة التهدئة بالمنطقة، بما يسمح بمعالجة الكارثة الإنسانية التي يعيشها المدنيون في فلسطين ولبنان».

وكان عبد العاطي قد أكد لنظيره الإيراني خلال اتصال هاتفي، مطلع الشهر الجاري، «ضرورة الحذر من استدراج المنطقة إلى حرب إقليمية لن تحقق مصلحة أي من الأطراف وتؤدي إلى تداعيات خطيرة على شعوب المنطقة».