القاهرة تستضيف مؤتمراً إغاثياً لغزة بمشاركة «الأونروا»

دبلوماسي مصري أكد عقده الشهر المقبل لحشد المساعدات

رد فعل فلسطينيين بعد تعرض مدرسة تؤوي النازحين لضربة إسرائيلية في مخيم الشاطئ بغزة (رويترز)
رد فعل فلسطينيين بعد تعرض مدرسة تؤوي النازحين لضربة إسرائيلية في مخيم الشاطئ بغزة (رويترز)
TT

القاهرة تستضيف مؤتمراً إغاثياً لغزة بمشاركة «الأونروا»

رد فعل فلسطينيين بعد تعرض مدرسة تؤوي النازحين لضربة إسرائيلية في مخيم الشاطئ بغزة (رويترز)
رد فعل فلسطينيين بعد تعرض مدرسة تؤوي النازحين لضربة إسرائيلية في مخيم الشاطئ بغزة (رويترز)

أزمة إنسانية طاحنة يشهدها قطاع غزة، تترقب استضافة مصرية لمؤتمر وزاري إغاثي بمشاركة «الأونروا»، بعد حظر إسرائيلي لها، في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات براً لتفادي حدوث مجاعة، خصوصاً في شمال القطاع.

المؤتمر الإغاثي، الذي تستضيفه مصر الشهر المقبل، كما ذكر دبلوماسي مصري الخميس، عدّه خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط» آلية مصرية جديدة ضمن مسارات القاهرة لدخول نتائجه حيز التنفيذ حال إبرام صفقة تبادل رهائن في ظل أزمة إنسانية كبيرة بالقطاع بسبب «قيود وعراقيل إسرائيل»، وأكدوا أن «مشاركة (الأونروا) بالمؤتمر محاولة لتمكين وترسيخ للوكالة الإغاثية بوجه الحظر الإسرائيلي، وتحدٍ له حتى تتراجع إسرائيل عن قرارها المرفوض أممياً وعربياً».

وخلال جلسة بـ«المنتدى الحضري العالمي» في القاهرة، الذي بدأ 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ويختتم الجمعة، أعلن مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون المتعددة الأطراف والأمن، السفير عمرو الجويلي، الخميس، أن «مصر سوف تستضيف الشهر المقبل مؤتمراً وزارياً لحشد المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وذلك بمشاركة جميع وكالات الأمم المتحدة، ومن بينها (الأونروا)»، وفق ما نقلته وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر.

هذا التحرك بحسب الدبلوماسي المصري ضمن «الثوابت المصرية، ويتضمن 3 مسارات، الأول هو المسار الأمني حيث تبذل مصر قصارى جهدها للتوصل إلى وقف إطلاق نار فوري في غزة، والمسار الإنساني لنفاذ المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة والأراضي المحتلة، والمسار الثالث هو المسار السياسي حيث يتم العمل وفقاً للجمعية العامة للأمم المتحدة، وبقية الأدوات القانونية للمنظمة، بما في ذلك محكمة العدل الدولية، حتى يكون ناتجها الرئيسي هو إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية».

فلسطيني يحمل طفلاً بعد أن تعرضت مدرسة تؤوي النازحين لضربة إسرائيلية في مخيم الشاطئ بغزة (رويترز)

وتغلق إسرائيل منذ أشهر معبر رفح البري، فيما تغلق معبر كرم أبو سالم بشكل كامل منذ ما يزيد على شهرين، وهو الذي كان مخصصاً لإدخال المساعدات الإنسانية لسكان جنوب قطاع غزة. وبحسب «برنامج الأغذية العالمي»، فإنه «لم يتم تسليم سوى 5 آلاف طن متري من الغذاء إلى غزة طوال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أي ما يعادل 20 في المائة فقط من المساعدات الغذائية الأساسية المطلوبة لـ1.1 مليون شخص، يقطنون في جنوب قطاع غزة».

وأفاد مصدر مسؤول بوزارة التنمية الاجتماعية، التابعة للحكومة الفلسطينية في رام الله، التي تشرف على توزيع بعض المساعدات بغزة، لـ«الشرق الأوسط»، قبل أيام، بأن الشهر الماضي حقّق «نتيجة صفرية» في دخول المساعدات، ما انعكس سلباً على قدرة جميع الجهات الدولية والعربية والفلسطينية على تقديم الدعم للنازحين وغيرهم، لافتاً إلى أن «معدل ما دخل نهاية الشهر الماضي فقط لا يتعدى 5 في المائة فقط من احتياجات السكان، واقتصر على إدخال كميات محدودة جداً من الدقيق الأبيض (الطحين)».

ونشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الاثنين، تقريراً حول واقع الظروف في قطاع غزة، وخاصة شماله، وقالت إن قطاع غزة «يعيش في 3 دوائر من الحصار الإسرائيلي تخضع لقيود مختلفة»، ونقلت الصحيفة العبرية عن مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في قطاع غزة، يورغوس بترويولوس، تأكيداً منه بأن هناك «استخداماً واضحاً للمساعدات الإنسانية كسلاح ضد المدنيين شمال القطاع»، وحذّر من «كارثة حقيقية تهدد سكان شمال القطاع».

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير علي الحفني، يرى أن «المبادرة المصرية جاءت في وقتها، خاصة في ضوء ما أسفرت عنه الانتخابات الرئاسية الأميركية، وفوز دونالد ترمب، للدفع باتجاه إيجاد آليات تسهم في خلق آلية تواجه مناخ الحرب الدائرة في قطاع غزة وفي لبنان».

وسوف يجذب هذا المؤتمر «كثيراً من الأطراف الدولية، وخاصة الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها، التي تتابع عن كثب تدهور القطاع والمعاناة المتزايدة والحاجة إلى المسارعة في توفير كافة الآليات اللازمة لنجدة الشعب الفلسطيني، بمجرد التوصل لاتفاق بشأن وقف الحرب»، وفق الحفني.

وبرأي المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، فإن القاهرة تعمل على منع حدوث مجاعة بالقطاع منذ انطلاق الحرب، وجهودها مقدرة في هذا الاتجاه، وترفض حظر إسرائيل لنشاط «الأونروا».

وهذا المؤتمر يضاف إلى جهود مصرية كبيرة لإدخال المساعدات لغزة، أبرزها مسعى تشكيل «لجنة لإدارة قطاع غزة» بالتوافق بين حركتي «حماس» و«فتح»، وذلك خلال محادثات شهدتها القاهرة أخيراً، بحسب الرقب، الذي لفت إلى أن المؤتمر سيناقش بالتأكيد آليات إدخال المساعدات و«تجاوز العراقيل الإسرائيلية».

رجل فلسطيني يسير بجوار أنقاض منزل دمرته غارات إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

وكان المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، فيليب لازاريني، دعا، الأربعاء، العالم إلى إنقاذ الوكالة من حظر إسرائيلي قد تكون له «عواقب كارثية» على ملايين الأشخاص العالقين في الحرب في غزة، داعياً الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، البالغ عددها 193 دولة، إلى «ضرورة اتخاذ إجراءات لمنع إسرائيل من تنفيذ تشريع يمنع عمليات الوكالة في الأراضي الفلسطينية».

وبموجب قانون جديد، أنهت إسرائيل اتفاقية تعاون أُبرمت عام 1967 مع «الأونروا» كانت تغطي جوانب حماية الوكالة وتنقلاتها وحصانتها الدبلوماسية، ويحظر القانون عمليات «الأونروا» في إسرائيل اعتباراً من أواخر يناير (كانون الثاني) المقبل، وقالت الوكالة إن عملياتها في غزة والضفة الغربية أصبحت الآن معرضة لخطر الانهيار، ومن المتوقع أن تدخل حيز التنفيذ في غضون 3 أشهر.

وتأسست «الأونروا» لمساعدة ما يقدَّر بنحو 700 ألف فلسطيني فرّوا أو طُردوا من إسرائيل خلال حرب عام 1948، التي تلت إعلان دولة إسرائيل. وهي تقدم الآن الدعم للاجئين وأحفادهم، الذين يبلغ عددهم نحو 6 ملايين في جميع أنحاء المنطقة. وتعدّ «الأونروا» الوكالة الرئيسية لتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، ويعتمد تقريباً جميع السكان البالغ عددهم نحو 2.3 مليون فلسطيني على المساعدات للبقاء على قيد الحياة، وسط حرب إسرائيل المستمرة منذ أكثر من عام مع حركة «حماس»، ويقول الخبراء إن الجوع متفشٍ هناك.

امرأة فلسطينية تشير إلى باحة مدرسة الجوني بعد غارة جوية إسرائيلية ضربت الموقع في النصيرات وسط غزة (أ.ف.ب)

ويلجأ عشرات الآلاف من الفلسطينيين النازحين إلى المدارس التي تديرها «الأونروا». وتقول جماعات الإغاثة الأخرى إن البنية التحتية القوية التي تمتلكها الوكالة منذ عقود في جميع أنحاء غزة لا يمكن تعويضها. حتى الآن، لم تطرح إسرائيل أي خطة لتوصيل الغذاء والدواء وغيرهما من الإمدادات لسكان غزة في غياب «الأونروا».

وباعتقاد الحفني، فإن مشاركة وكالة «الأونروا»، التي لها باع في غوث اللاجئين وتقديم كافة أشكال الدعم، أمر هام ومطلوب، على أمل أن تتراجع الحكومة الإسرائيلية عن منع نشاط هذه الوكالة الهامة في الأراضي الفلسطينية عند التوصل لصفقة توقف الأعمال العسكرية من جانب، وتفتح المجال لتدفق المعونات الإنسانية. كما يرى أن تلك الخطوة المصرية الاستباقية، ضمن أطروحات عديدة، تسعى منها القاهرة لاختراق التعثر في اتفاق الهدنة والقيود التي تفرضها إسرائيل على المساعدات.

في السياق، يؤكد الرقب أهمية مشاركة «الأونروا» في المؤتمر، كونها بمثابة تحدٍ للحظر الإسرائيلي وضغط على إسرائيل دولياً، خاصة في ظل المواقف العربية والدولية الرافضة لتلك الخطوة الإسرائيلية، معولاً على الجهود المصرية في هذا الصدد لدفع حكومة بنيامين نتنياهو للتراجع عن موقفها ضد الوكالة الأممية.


مقالات ذات صلة

رئيس مجلس المستوطنات الإسرائيلية ضيفاً على «تنصيب ترمب»

الولايات المتحدة​ ترمب يتحدث أمام المجلس الأميركي - الإسرائيلي في 19 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب) play-circle 00:36

رئيس مجلس المستوطنات الإسرائيلية ضيفاً على «تنصيب ترمب»

على الرغم من أن غالبية المحللين ينصحون قادة اليمين الإسرائيلي المغتبطين بفوز دونالد ترمب بأن يتريثوا، يتعامل غالبية الإسرائيليين على أن هذا الفوز «انتصار» لهم.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
رياضة عالمية «الحرية لفلسطين» كانت حاضرة بعبارة على مدرجات باريس سان جيرمان (أ.ف.ب)

«الحرية لفلسطين» تثير الجدل قبل مواجهة فرنسا وإسرائيل

رفع مشجعو باريس سان جيرمان في مدرج بولن لافتة عملاقة عليها عبارة «الحرية لفلسطين» قبل انطلاق مباراة فريقهم أمام أتلتيكو مدريد في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو

وزير داخلية فرنسا ينتقد باريس سان جيرمان بسبب لافتة «فلسطين حرة»

انتقد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو اليوم الخميس رفع لافتة عملاقة مكتوب عليها«فلسطين حرة» في مباراة كرة قدم لفريق باريس سان جيرمان، قائلاً إنها غير مقبولة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا رجل فلسطيني يسير بجوار أنقاض منزل دمرته غارات إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

فوز ترمب قد يُسرّع مفاوضات «هدنة غزة»... لكن «تسوية عادلة» محل شك

فوز ترمب، الذي وعد بإنهاء الحرب في الشرق الأوسط، حرّك تساؤلات حول إمكانية أن تتلقى جهود الوسطاء مزيداً من الدعم لإبرام هدنة في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي سيارة مدمرة بعد اقتحام إسرائيلي لمخيم الفارعة للاجئين الفلسطينيين شمال مدينة نابلس بالضفة الغربية في 5 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

مقتل 7 فلسطينيين بقصف إسرائيلي في شمال الضفة الغربية

قُتل، الثلاثاء، 7 فلسطينيين في عمليات عسكرية إسرائيلية تخللها قصف وإطلاق نار في شمال الضفة الغربية.


وفاة العشرات بمرض غامض في بلدة سودانية تحاصرها «قوات الدعم السريع»

أشخاص يحصلون على المياه النظيفة التي تقدمها منظمة خيرية للسكان في القضارف شرق السودان 30 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
أشخاص يحصلون على المياه النظيفة التي تقدمها منظمة خيرية للسكان في القضارف شرق السودان 30 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
TT

وفاة العشرات بمرض غامض في بلدة سودانية تحاصرها «قوات الدعم السريع»

أشخاص يحصلون على المياه النظيفة التي تقدمها منظمة خيرية للسكان في القضارف شرق السودان 30 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
أشخاص يحصلون على المياه النظيفة التي تقدمها منظمة خيرية للسكان في القضارف شرق السودان 30 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

قالت نقابة أطباء السودان في وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء إن 73 شخصاً على الأقل توفوا بمرض غامض في بلدة الهلالية التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية.

والهلالية، في ولاية الجزيرة بشرق السودان، واحدة من عشرات القرى التي تعرضت لهجمات انتقامية من «قوات الدعم السريع»، بعد انشقاق قائد كبير منها وانضمامه للجيش، ما أدى إلى نزوح أكثر من 135 ألف شخص.

وتسببت الحرب بين الجانبين في أكبر أزمة إنسانية في العالم، ونزوح أكثر من 11 مليون شخص، وزيادة الجوع وتدخل قوى أجنبية، ما أثار مخاوف من انهيار الدولة.

ورغم أن ارتفاع أعداد القتلى في مناطق أخرى من ولاية الجزيرة ناجم عن قيام «قوات الدعم السريع» بأعمال قصف وإطلاق نار، أُصيب سكان في الهلالية بالإسهال، ما أثقل كاهل مستشفى محلي، وفق ما قالت النقابة و3 أشخاص من المنطقة.

ومن الصعب تحديد أسباب دقيقة للوفاة؛ نظراً لمنع «قوات الدعم السريع» الوصول لشبكة الإنترنت.

وقال رجل لـ«رويترز»: «إن 3 من أفراد أسرته ماتوا بالمرض نفسه، لكنه لم يكتشف ذلك إلا بعد أيام، عندما فر آخرون إلى منطقة يمكن الوصول فيها إلى الإنترنت».

وذكر رجل آخر أن «قوات الدعم السريع» تفرض على مَن يرغبون في المغادرة دفع مبالغ طائلة عند نقاط التفتيش التابعة لها.

وقال نشطاء مؤيدون للديمقراطية إن الحصار بدأ 29 أكتوبر (تشرين الأول) عندما داهمت «قوات الدعم السريع» البلدة وقتلت 5 أشخاص، وحاصرت سكاناً داخل 3 مساجد.

والهلالية مسقط رأس عائلة القائد المنشق أبو عاقلة كيكل، وهو ما يقول سكان محليون إنه قد يفسر سبب حصار البلدة التي كانت مركزاً تجارياً مستقراً يسكنه 50 ألف نسمة، من بينهم كثير من النازحين من مناطق أخرى.

وقال شهود إن الأسواق والمخازن في البلدة تعرضت للنهب.

وأظهرت صور بالأقمار الصناعية ضمن تقرير لمختبر البحوث الإنسانية في جامعة «ييل» الأميركية زيادة سريعة في عدد المقابر داخل عدد من بلدات ولاية الجزيرة منذ بدء الهجمات الانتقامية الأخيرة في أواخر أكتوبر، كما أظهرت أدلة على حرق الحقول الزراعية في قرية أزرق.