ليبيا: عودة التوتر إلى يفرن إثر اعتقال عضو «مجلس حكماء»

عميد البلدية حمّل المنفي والدبيبة المسؤولية

اللافي النائب بالمجلس الرئاسي لدى اجتماع سابق من عمداء مدن الجبل الغربي (المجلس الرئاسي)
اللافي النائب بالمجلس الرئاسي لدى اجتماع سابق من عمداء مدن الجبل الغربي (المجلس الرئاسي)
TT

ليبيا: عودة التوتر إلى يفرن إثر اعتقال عضو «مجلس حكماء»

اللافي النائب بالمجلس الرئاسي لدى اجتماع سابق من عمداء مدن الجبل الغربي (المجلس الرئاسي)
اللافي النائب بالمجلس الرئاسي لدى اجتماع سابق من عمداء مدن الجبل الغربي (المجلس الرئاسي)

لاحت بوادر توتر في مدينة يفرن الأمازيغية، الواقعة في غرب ليبيا، إثر إعلان السلطات المحلية هناك عن اعتقال عضو مجلس حكماء وأعيان البلدية، عريبي فرطاس (67 عاماً)، وذلك على خلفية الأحداث التي شهدتها المنطقة مؤخراً ضد ما سمي بـ«التشكيلات المسلحة».

ووسط حالة من الغضب، أبلغ عميد بلدية يفرن، حسين كافو، وسائل إعلام محلية، أنه تم اعتقال فرطاس، أمس الاثنين، من قبل قوات مديرية أمن وسط الجبل، التابعة لوزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عقاباً على المظاهرة التي نظمتها يفرن ضد وجود «التشكيلات المسلحة» فيها.

واستغل كافو واقعة الاعتقال للتأكيد على أن سكان يفرن «لا يعترفون بمديرية أمن وسط الجبل؛ استناداً لقرار حكومة (الوحدة) بشأن إيقاف العمل بقرار إعادة تنظيم مديريات الأمن»، محملاً مسؤولية خطف فرطاس لرئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، ووزير داخليته المكلف عماد الطرابلسي.

وكان الطرابلسي قد اتخذ قراراً يقضي بدمج مديريات الأمن بمناطق الجبل الغربي، لكن يفرن رفضت القرار، وعدّته «جهوياً، وسيتسبب في فتنة بين أهل الجبل»، ما دفع الدبيبة إلى إلغائه.

فرطاس عضو مجلس الحكماء والأعيان بمدينة يفرن خلال اجتماع سابق مع اللافي (المجلس الرئاسي)

وتصاعدت المطالب الاجتماعية والحقوقية للمسارعة بالإفراج عن فرطاس، فيما أوضحت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أن عملية اعتقاله بعد إنزاله من سيارته «تمت دون أي مسوغ قانوني، كما أنها تُمثل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني».

وتعد يفرن الواقعة على بعد 130 كيلومتراً جنوب العاصمة طرابلس، ثاني أكبر مدن جبل نفوسة، التي يتكلم أغلبها اللغة الأمازيغية. وقد شهدت نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي سلسلة من الاحتجاجات، تنديداً بتمركز مجموعة مسلحة تابعة للمنطقة العسكرية الغربية بها، قبل أن يحتوي المجلس الرئاسي الوضع.

وتُطالب المؤسسة الوطنية بالإفراج الفوري عن عضو مجلس الحكماء والأعيان بفرن، محملة مدير مديرية الأمن بوسط الجبل، ووزير الداخلية المكلف «كامل المسؤولية القانونية» حيال هذه الواقعة. كما دعت المجلس الرئاسي ومكتب النائب العام لفتح «تحقيق شامل» في ملابسات الواقعة، والمسارعة بوقف أعمال العنف، والتوترات الأمنية التي تشهدها المدينة.

وشددت المؤسسة على ضرورة استناد عمليات الاحتجاز إلى أسس وقواعد قانونية، بما يتماشى مع الالتزامات الدولية، ومع صحيح الإجراءات الجنائيّة الليبية، داعية أيضاً إلى ضرورة أن تضمن الحكومة ووزارة داخليتها حماية المواطنين من حوادث الاختطاف، والاعتقال والاحتجاز التعسفي.

وسبق للنائب بالمجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، زيارة يفرن في نهاية أكتوبر الماضي، والتقى عدداً من عمداء مدن الجبل الغربي بقصد احتواء التوتر.

وقال المجلس الرئاسي حينها إن الاجتماع، الذي حضره معاون رئيس الأركان العامة لقوات «الوحدة»، الفريق صلاح الدين النمروش، وعدد من المسؤولين العسكريين والأمنيين بالمدينة، استعرض الأوضاع العامة في يفرن، في ظل التوترات التي شهدتها المدينة.

وتم خلال الاجتماع مناقشة التنظيم الأمني في مدينة يفرن، والتأكيد على إنهاء المظاهر المسلحة، والإفراج عن الموقوفين، كما تم الاتفاق على التنسيق بين الجهات الأمنية والعسكرية لإنهاء حالة التوتر في المدينة، بما يعزز الحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في شأن آخر، قالت وزارة الخارجية التابعة لحكومة «الوحدة»، اليوم الثلاثاء، إن «اللجنة الدائمة لمتابعة أحوال وقضايا السجناء الليبيين في الخارج» تتابع أوضاع الموقوفين في مالطا، بهدف تحسين أوضاعهم، ومتابعة مختلف المصاعب التي تواجههم، بالإضافة إلى بحث الآليات التي يمكن من خلالها متابعة شؤونهم لدى السلطات المختصة.


مقالات ذات صلة

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من مهاجرين غير نظاميين بعد تحريرهم من عصابة للاتجار بالبشر في جنوب شرقي ليبيا (جهاز البحث الجنائي)

لماذا يتجه بعض الليبيين للهروب إلى أوروبا عبر «المتوسط»؟

منذ سنوات، تتعالى أصوات التحذير من ارتياد شباب ليبيين قوارب الموت إلى الشواطئ الأوروبية.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا مشاركون في المناورات البحرية التي نفذتها «أفريكوم» (السفارة الأميركية)

تعهد أميركي بدعم القوات البحرية الليبية

تعهدت واشنطن بمواصلة العمل لدعم القوات البحرية الليبية في تعزيز جهود الأمن البحري الموحدة.

خالد محمود (القاهرة )

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
TT

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا في الرابع من الشهر الحالي، حالة من الجدل في البلاد، بعدما وصف بأنه «مزيف».

«الوزير الغيني» يتوسط الحويج ودومة والفضيل (يسار) (وزارة الخارجية)

وكان وزير الخارجية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب عبد الهادي الحويج، والنائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة استقبلا ما وصف بـ«وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو أمادو لامين سانو»، قبل أكثر من أسبوعين، غير أن نشطاء وإعلاميين شككوا في شخصية الأخير، وعدوه «شخصاً مزيفاً».

وانتشر بيان منسوب لوزارة الخارجية الغينية، لم يتسن لـ«الشرق الأوسط» التأكد منه، ينفي صلة «أمادو لامين سانو» برئيس الجمهورية والحكومة الغينية، وأنه «ليس مستشاراً للرئيس، ولم يُكلَّف من طرفه بنقل أي رسالة».

وعدّ الإعلامي الليبي خليل الحاسي، الواقعة «اختراقاً أمنياً مذهلاً في حكومة حمّاد في قلب بنغازي»، كما وصفها بأنها «فضيحة دبلوماسية سياسية مزلزلة في خارجيته».

وقال الحاسي، الذي كان أول المتناولين للواقعة عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «شخصاً اسمه أمادو لامين سانو استطاع أن ينتحل صفة وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو، وأن يضحك على الحكومة، وحظي باستقبال رسمي ومراسم وأرتال وفنادق وجولات سياسية».

«الوزير الغيني» خلال استقباله في شرق ليبيا (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

وأمام تصاعد الجدل حول حقيقة «الوزير المزعوم» خرج وزير الخارجية الحويج، في مداخلة لقناة «الحدث» الليبية (الخميس)، ليدافع عن موقف حكومته، ويؤكد أن أمادو لامين سانو هو «وزير غيني تم استقباله في ليبيا بشكل رسمي».

واتهم الحويج حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بالوقوف وراء هذه «الشائعات»، وأرجع ذلك لأن حكومته «تحقق اختراقات» رغم الاعتراف الدولي بحكومة طرابلس، التي قال إن «لديها مشاكل».

بل إن الحويج قال إن أمادو لامين سانو يشغل أيضاً منصب وزير مكلف بشؤون الحج والعمرة لدولة غينيا بيساو، كما أنه مسؤول عن الشؤون الإسلامية والعربية في برلمانها.

وكان أمادو لامين سانو بحث في اللقاء الذي حضره أيضاً رئيس ديوان مجلس النواب عبد الله المصري الفضيل، سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين الصديقين.

ومع تواصل أصداء هذه الواقعة، قال رئيس تحرير جريدة «الوسط»، بشير زعبية إن حادثة «(الوزير الغيني المزعوم) ليست الأولى».

وذكّر زعبية بحادثة مماثلة كانت أحداثها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 عندما استقبل عدد من مسؤولي حكومة «الوفاق الوطني» آنذاك شخصاً من مالطا وقد انتحل صفة مبعوث رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات، قبل أن تكشف أمره الحكومة المالطية.

وقد قال خليل الحاسي: «لم يكتشف الأمن الداخلي ولا المخابرات في بنغازي ذلك الاختراق الأمني، بل دولة غينيا بيساو التي أرسلت مذكرة عاجلة رداً على احتجاج سفارة ليبيا على الزيارة؛ لأنها تعني الاعتراف بحكومة حماد وليس الدبيبة».

يُشار إلى أنه في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أجرى حماد اتصالاً هاتفياً مع روي دوارتي دي باروس رئيس وزراء جمهورية غينيا بيساو.

وقالت الحكومة حين ذلك، إنهما تبادلا وجهات النظر حول تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل التعاون في المجالات ذات الأهمية المشتركة.