البرلمان المصري يناقش «الإجراءات الجنائية» وسط ترقب «الصحافيين»

وزير الخارجية والهجرة المصري في كلمته عن القانون أمام مجلس النواب (مجلس الوزراء المصري)
وزير الخارجية والهجرة المصري في كلمته عن القانون أمام مجلس النواب (مجلس الوزراء المصري)
TT

البرلمان المصري يناقش «الإجراءات الجنائية» وسط ترقب «الصحافيين»

وزير الخارجية والهجرة المصري في كلمته عن القانون أمام مجلس النواب (مجلس الوزراء المصري)
وزير الخارجية والهجرة المصري في كلمته عن القانون أمام مجلس النواب (مجلس الوزراء المصري)

بدأ مجلس النواب المصري (البرلمان)، الأحد، مناقشة مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» الجديد من حيث المبدأ، وهو المشروع الذي أُعد من خلال لجنة فرعية استمر عملها نحو عامين، وواجه اعتراضات فور طرح مسودته الأولى، قبل أن يتم إدخال تعديلات على بعض المواد، وسط ترقب من نقابة الصحافيين التي دعت، الأحد، إلى ضرورة إجراء حوار مجتمعي قبل إقرار القانون.

وشهدت أولى جلسات مناقشة القانون مشاركة وزراء «الخارجية والهجرة» بدر عبد العاطي، و«العدل» عدنان الفنجري، و«الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي» محمود فوزي، في حين طلب رئيس البرلمان حنفي جبالي، من وزير العدل حضور جميع جلسات مناقشة القانون، وسوف تتواصل خلال الأسبوع الجاري المناقشات حول القانون.

واعتبر وزير الخارجية والهجرة أن مشروع القانون الجديد يعد «من أهم إنجازات مجلس النواب»، واصفاً المشروع بـ«النقلة النوعية لمنظومة العدالة الاجتماعية الهادفة إلى تعزيز الحريات وتوفير ضمانات المحاكمات العادلة وتنظيم الإجراءات الجنائية بشكل دقيق». وأوضح خلال حديثه بالبرلمان أن مشروع القانون يأتي متزامناً مع استحقاقات دولية من بينها «الجولة الرابعة للمراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان» المقررة في 28 يناير (كانون الثاني) المقبل، فضلاً عن انتخابات عضوية مجلس حقوق الإنسان الدولي التي تعتزم مصر الترشح فيها.

كما أكد وزير العدل أن مشروع القانون يتضمن حماية حقوق الشهود والمبلّغين، وتطوير النظم العقابية الجديدة، وإلغاء الإكراه البدني، في حين أشار وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي إلى أنه من بين الامتيازات التي يقرها القانون الجديد، «عدم جواز الحبس والتفتيش إلا بأمر مسبب، وتأكيد حق الشخص في التواصل مع ذويه ومحاميه، وكذلك حرمة المنازل وعدم تفتيشها». ودعا نقيب المحامين، عبد الحليم علام، في كلمته أمام البرلمان إلى «أهمية كفالة الحماية الكافية للمحامي حتى يتمكن من أداء رسالته على أكمل وجه».

جانب من اجتماع سابق لنقابة المحامين من أجل مناقشة القانون (أرشيفية)

ووصف وكيل «اللجنة التشريعية» بمجلس النواب، رئيس اللجنة الفرعية لصياغة مشروع القانون، النائب إيهاب الطماوي، ما جرى في جلسة المناقشة العامة الأولى، الأحد، بـ«المؤشر الإيجابي»، باعتبار أن الآراء المختلفة التي عُرضت حملت إشادات بمشروع القانون في مجمله، الأمر الذي اعتبره «بداية جيدة للمناقشات». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن اللجنة معنية بخروج مشروع القانون إلى النور متسقاً مع أحكام الدستور والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، و«منفتحة على جميع الآراء وإدخال التعديلات اللازمة لتحقيق الهدف من صدور القانون بمعالجة الثغرات والمشاكل الموجودة في القانون الحالي الذي لا يواكب التغيرات في ظل إقراره منذ خمسينات القرن الماضي». لكن نقيب الصحافيين المصريين، خالد البلشي، طالب في رسالة للبرلمان بـ«ضرورة إجراء حوار مجتمعي قبل إقرار القانون بما يضمن خروجه بشكل يحفظ الحقوق والحريات ويرسخ ثقة المواطنين في نظام العدالة».

وبحسب بيان رسمي لـ«الصحافيين»، الأحد، فإن النقابة لديها أربع ملاحظات، اعتبرتها متعلقة بـ«العيوب والمخالفات الدستورية التي ارتبطت بمشروع القانون، والتي تصل إلى حد إبطال أثره لمجافاته لمواد الدستور، والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صدّقت عليها مصر ونشرتها في الجريدة الرسمية»، مع الإشارة إلى ما يقرب من 42 مادة من مواد المشروع شابتها مخالفات دستورية أو خالفت المواثيق الدولية.

اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» (البرلمان المصري)

ويعتقد الصحافي المتخصص في الشأن القضائي، محمد بصل، أن «الاتجاه بات واضحاً لتمرير مشروع القانون وفقاً للتوافق الذي جرى بين نقابة المحامين واللجنة الفرعية بالبرلمان»، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التقرير المرفوع للجلسة العامة للبرلمان من (لجنة الشؤون الدستورية) أغفل العديد من الملاحظات التي صدرت عن نقابة الصحافيين وتبناها عدد كبير من المحامين والحقوقيين». لكن وكيل «اللجنة التشريعية» بمجلس النواب أكد أن «المناقشات التي بدأت حول القانون من حيث المبدأ هي (مجرد بداية)».

وبينما أعرب بصل عن أمله في أن «تكون هناك مساحة في الجلسات العامة المقبلة لدراسة آراء نقابة الصحافيين والحقوقيين، والمرسلة لرئيس المجلس سابقاً، لوجود عدة ملاحظات جوهرية تتطلب المزيد من المناقشات»؛ يأمل النائب الطماوي في «إقرار القانون قبل الجولة الرابعة للمراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان المقررة نهاية يناير المقبل».


مقالات ذات صلة

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

شمال افريقيا مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

وفق إفادة للنيابة العامة المصرية الأحد فإن إجراء رفع أسماء مدرجين بـ«قوائم الإرهاب» يأتي في إطار توجه للحكومة المصرية بـ«مراجعة موقف القوائم الإرهابية جميعها»

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الأحد، إن مصر قد تكون الأكثر تضرراً بالتصعيد الحالي في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
شمال افريقيا أحمد رفعت (الشرق الأوسط)

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

وافق مجلس الشيوخ المصري على رفع الحصانة عن النائب أحمد دياب؛ للاستماع إلى أقواله في تحقيقات النيابة العامة بشأن وفاة اللاعب أحمد رفعت.

أحمد عدلي (القاهرة)
العالم العربي اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
TT

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

عمَّق اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، من الفجوة في العلاقات بين الجزائر وباريس، إلى حد يصعب معه توقع تقليصها في وقت قريب، حسب تقدير مراقبين.

ومنذ السبت 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يوجد الكاتب السبعيني في مقار الأمن الجزائري، حيث يجري استجوابه حول تصريحات صحافية أطلقها في فرنسا، حملت شبهة «تحقير الوطن»، على أساس مزاعم بأن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وأن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها مرتكبين بذلك حماقة». كما قال إن «بوليساريو» التي تطالب باستقلال الصحراء عن المغرب، «من صنع الجزائر لضرب استقرار المغرب».

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وكان يمكن أن تمر «قضية صنصال» من دون أن تسهم في مزيد من التصعيد مع فرنسا، لولا ما نسبته وسائل إعلام باريسية للرئيس إيمانويل ماكرون، بأنه «قلق» من اعتقال مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، وبأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه.

وهاجمت الصحافة الجزائرية الصادرة الأحد، في معظمها، الطيف السياسي الفرنسي، بسبب «تعاطف اليمين المتطرف واللوبي الصهيوني»، مع الكاتب، قياساً إلى قربه من هذه الأوساط منذ سنين طويلة، وقد أكد ذلك بنفسه، بموقفه المؤيد للعدوان الإسرائيلي على غزة، منذ «طوفان الأقصى» (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، فضلاً عن معارضته مطلب سلطات بلده الأصلي، الجزائر، «باعتراف فرنسا بجرائمها خلال فترة الاستعمار» (1830- 1962).

وتزامنت «أزمة صنصال» مع أزمة كاتب فرنسي جزائري آخر، هو كمال داوود، الفائز منذ أسابيع قليلة بجائزة «غونكور» المرموقة عن روايته «حور العين». وفجَّر هذا العمل الأدبي غضباً في الجزائر، بحجة أنه «انتهك محظور العشرية السوداء»؛ بسبب تناول الرواية قصة فتاة تعرضت للذبح على أيدي متطرفين مسلحين. علماً أن جزائرية أعلنت، الخميس الماضي، عن رفع دعوى قضائية ضد كمال داوود بتهمة «سرقة قصتها» التي أسقطها، حسبها، على الشخصية المحورية في الرواية.

كما يلام داوود الذي عاش في الجزائر حتى سنة 2021، على «إفراطه في ممارسة جلد الذات إرضاءً للفرنسيين»، خصوصاً أنه لا يتردد في مهاجمة الجزائريين بسبب «العنف المستشري فيهم». ولامس داوود التيار العنصري والتيارات الدينية في فرنسا، بخصوص الحرب في غزة. وصرح للصحافة مراراً: «لا أنتمي إلى جيل الثورة، وعلى هذا الأساس لست معنياً بمسألة تجريم الاستعمار والتوبة عن ممارساته».

ويرى قطاع من الجزائريين أن فرنسا منحت داوود جنسيتها (عام 2020 بقرار من الرئيس ماكرون)، «في مقابل أن يستفز بلاده في تاريخها وسيادتها (الذاكرة والاستعمار)، ويثخن في جرح غائر (مرحلة الاقتتال مع الإرهاب) لم تشفَ منه بعد».

الروائي الفرنسي الجزائري كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وكانت العلاقات بين البلدين معقَدة بما فيه الكفاية منذ الصيف الماضي، عندما سحبت الجزائر سفيرها من باريس؛ احتجاجاً على اعترافها بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وحينها شجبت «قيام حلف بين الاستعمار القديم والجديد»، وتقصد البلدين، علماً أن العلاقات بين العاصمتين المغاربيتين مقطوعة رسمياً منذ 2021.

وفي الأصل، كان الخلاف الجزائري - الفرنسي مرتبطاً بـ«الذاكرة وأوجاع الاستعمار»، وهو ملف حال دون تطبيع العلاقات بينهما منذ استقلال الجزائر عام 1962. وقامت محاولات لإحداث «مصالحة بين الذاكرتين»، على إثر زيارة أداها ماكرون إلى الجزائر في أغسطس (آب) 2022، لكن «منغصات» كثيرة منعت التقارب في هذا المجال، منها مساعٍ أطلقها اليمين التقليدي واليمين المتشدد، خلال هذا العام، لإلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يسيّر مسائل الإقامة والدارسة والتجارة و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.

وعدَّت الجزائر هذا المسعى بمثابة استفزاز لها من جانب كل الطبقة السياسية الفرنسية، حكومة وأحزاباً، حتى وإن لم يحققوا الهدف. ومما زاد العلاقات صعوبة، رفض فرنسا، منذ أشهر، طلباً جزائرياً لاسترجاع أغراض الأمير عبد القادر الجزائري، المحجوزة في قصر بوسط فرنسا، حيث عاش قائد المقاومة الشعبية ضد الاستعمار في القرن الـ19، أسيراً بين عامي 1848 و1852. وتسبب هذا الرفض في إلغاء زيارة للرئيس الجزائري إلى باريس، بعد أن كان تم الاتفاق على إجرائها خريف هذا العام.