مرضى الأورام في ليبيا... شكاوى من «الإهمال الحكومي ونقص العلاج»

جانب من تظاهر عائلات مرضى الأورام في مدينة الزاوية غرب ليبيا (الشرق الأوسط)
جانب من تظاهر عائلات مرضى الأورام في مدينة الزاوية غرب ليبيا (الشرق الأوسط)
TT

مرضى الأورام في ليبيا... شكاوى من «الإهمال الحكومي ونقص العلاج»

جانب من تظاهر عائلات مرضى الأورام في مدينة الزاوية غرب ليبيا (الشرق الأوسط)
جانب من تظاهر عائلات مرضى الأورام في مدينة الزاوية غرب ليبيا (الشرق الأوسط)

عكست وقفة احتجاجية نظّمتها عائلات لمرضى الأورام في مدينة الزاوية (غرب ليبيا) وضعاً مأساوياً لهذه الفئة التي تتصاعد شكاياتها دوماً من عدم تيسّر العلاج في الداخل، واضطرار الميسورين منهم إلى البحث عن «الشفاء» في دول الجوار.

طفل ليبي يعالَج من الأورام في مستشفى تركي (حكومة «الاستقرار»)

ورسم المواطن الليبي شرف الدين الكوربو الذي ينتمي إلى مدينة الزاوية، صورة لما آلت إليه أحوال هذه الشريحة من مرضى الأورام بمنطقته، وقال في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «المرض الفتّاك في ازدياد، وأحوال المواطنين متدهورة، ولا توجد سيولة في بعض الأحايين».

ويعاني القطاع الصحي في ليبيا من تدهور كبير، وعلى الرغم من أن السلطات الحاكمة بشرق ليبيا وغربها تقول إنه آخِذ في التعافي، فإن قطاعات كبيرة من المرضى تلجأ للخارج بحثاً عن العلاج.

جانب من تظاهر عائلات مرضى الأورام في مدينة الزاوية غرب ليبيا (الشرق الأوسط)

وترى شريحة من مرضى الأورام التي تشتكي دوماً «إهمالاً حكومياً»، أنها ضحية الانقسام السياسي الذي يتنازع البلد الغني بالنفط منذ عام 2014، وهي الرؤية التي جسّدها المواطن الكوربو بقوله: «الوضع مؤسف في ظل تهميش الحكومة لملف هؤلاء المرضى، فمن يصيبه هذا الوباء ربنا يكون في عونه جسدياً ومادياً ومعنوياً، كل ما نطلبه من الحكومة هو دعمهم، وتوفير أبسط حقوقهم من العلاج».

وتقول السلطتان المتنازعتان على الحكم في ليبيا، إنهما تعملان على توفير العلاج اللازم لمرضى السرطان، لكن على ما يبدو أن هذه الشريحة تتزايد بالنظر إلى مخاوف من تفشّي مرض السرطان.

وأمام هذه المخاوف المجتمعية اضطرت حكومة «الاستقرار» برئاسة أسامة حماد، في يوليو (تموز) الماضي، إلى تشكيل 7 لجان علمية فرعية لدراسة أسباب انتشار الأورام في ليبيا.

وزير الصحة بحكومة شرق ليبيا في اجتماع سابق مع لجنة دعم مرضى الأورام (حكومة «الاستقرار»)

وسبق لوزير الصحة بحكومة حماد طمأنة المواطنين، وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى إحصائية سابقة تشير إلى وجود 97 مريضاً بالأورام لكل مائة ألف نسمة، وعدّ هذا الرقم «أقل من المعدل العالمي الذي يسجِّل 141 مريضاً لكل مائة ألف نسمة».

وكان شرف الكوربو واحداً من عائلات مرضى الأورام الذين تظاهروا في «ميدان الشهداء» بمدينة الزاوية، مساء السبت، لنقل استغاثتهم إلى حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة في العاصمة طرابلس.

وحذّر أهالي المصابين بالأورام في الزاوية الدبيبةَ وحكومته، من أنهم لن يتهاونوا دفاعاً عن حق أبنائهم في المطالبة بعلاجهم، قائلين: «أجساد أبنائنا أصبحت مُنهَكة بين ويلات المرض، وغلاء أسعار الجرعات وعدم توفرها».

جانب من تظاهر عائلات مرضى الأورام في مدينة الزاوية غرب ليبيا (الشرق الأوسط)

وأشاروا في وقفتهم، مساء السبت، إلى أن عائلات المرضى «تضطر إلى بيع ممتلكاتها كي تتمكن من علاج أولادها على نفقتها الخاصة خارج ليبيا»، وقالوا: «نحن بصفتنا أهالي المرضى في المنطقة الغربية نناشد كل مَن له اختصاص، وخصوصاً الدبيبة، بقبول ملفات أبنائنا، وإيجاد حل جذري لهم، وإحالة الحالات المستعصية لمستشفيات خاصة ودول متقدمة».

وتوعّدوا خلال وقفتهم بأنهم لن يقبلوا بما أسمَوه «استمرار سياسات الإهمال الصحي، والقتل الطبي المتعمَّد»، وقالوا إنهم لم يحتشدوا إلا للمطالبة بالحق المشروع وفق لوائح القانون.

وتحدثت الطبيبة الليبية مريم العمامي، من مدينة الزاوية، وهي مريضة أورام، عما يلاقيه هؤلاء المرضى من «مماطلة خلال تجوّلهم على الإدارات لختم الأوراق المطلوبة كي يتمكّنوا من السفر إلى خارج البلاد للعلاج»، وتشير إلى ارتفاع ثمن الجرعة الواحدة إلى 23200 دينار ليبي كل 21 يوماً (الدولار يساوي 5.92 دينار في السوق الموازية).

وما ذهبت إليه الطبيبة مريم، أشار إليه شرف الدين الكوربو، الذي أكّد أن عائلات المرضى الذين يبحثون عن «الشفاء» في تونس ومصر وألمانيا يتكلَّفون أثماناً باهظة لشراء الأدوية فقط، غير الإقامة في المستشفيات، وتَلقّي الجرعات الكيماوية، والعمليات الجراحية.

إنفوغراف يوضح جانباً من جهود مركز العلاج الإشعاعي بحكومة «الوحدة»

وتغيب الأرقام الرسمية المتعلقة بالعدد الإجمالي لمرضى الأورام في ليبيا، إلا أنه وفقاً لتحديث أُجري نهاية مايو (أيار) 2024 بمنصة «محارب» التابعة لـ«الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان»، وهي مؤسسة رسمية تابعة لحكومة «الوحدة»، بلغ عدد المسجَّلين فيها 12513 مريضاً في ليبيا.

غير أن ليبيين متابعين للملف، يشيرون إلى أن عدد المرضى تجاوز هذه الإحصائية، بالنظر إلى أن كثيراً من المواطنين يسافرون إلى الخارج لاعتبارات كثيرة، أهمها تلقّي العلاج.

وسبق أن أعلنت حكومة «الوحدة» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عن افتتاح «مركز العلاج الإشعاعي للأورام» في العاصمة طرابلس، بقدرات قالت إنها «تضاهي دولاً متقدمة»، وقالت إن إجمالي مرضى الأورام 22056 مريضاً، من بينهم 5620 مريضاً يتلقّون العلاج بالخارج.

ويقول مسؤول الإعلام بالمركز الإشعاعي لـ«الشرق الأوسط»، إنه يعالج «عشرات الحالات يومياً، ويستقبل أي مريض من أي جهة في البلاد دون تفريق»، لافتاً إلى أن الحكومة تعمل باستمرار على رفع كفاءة المركز؛ لتسهيل رحلة العلاج، والرفع من جودة الخدمات المقدَّمة للمرض.

وأعلنت وزارة الصحة بحكومة «الوحدة»، نهاية أكتوبر الماضي، عن تَسلُّم مخازن جهاز الإمداد الطبي شحنةً جديدة من أدوية علاج مرضى الأورام، لتغذية المراكز المتخصصة والأقسام، ووحدات علاج المرضى بالمستشفيات باحتياجاتها.

في مقابل ذلك، تقول حكومة حماد، إنها تبذل جهوداً لتيسير معالجة مرضى الأورام.


مقالات ذات صلة

تحذير من «فيضانات» بعد أمطار غزيرة ضربت غرب ليبيا

شمال افريقيا متطوعو الهلال الأحمر الليبي يحاولون إبعاد سيارة عالقة بالمياه في مدينة الزاوية (الهلال الأحمر)

تحذير من «فيضانات» بعد أمطار غزيرة ضربت غرب ليبيا

أغرقت مياه الأمطار شوارع عديدة في غرب ليبيا، كما طوقت محيط مستشفى ترهونة التعليمي، وعزلت عديد المنازل، وسط جريان أودية وتحذير من «فيضانات محدودة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مشارِكات من غرب وجنوب ليبيا في جلسة تشاورية رعتها البعثة الأممية (البعثة)

الأمم المتحدة تشدد على دعم مشاركة الليبيات في الحياة السياسية

قالت ستيفاني خوري، إن ولاية البعثة الأممية في ليبيا تتضمن العمل مع المؤسسات والسلطات المحلية لضمان مشاركة المرأة الكاملة والفعالة والآمنة على جميع المستويات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من التحضير لمؤتمر «لم الشمل» عقده موالون للنظام السابق (من صفحات موالية لنظام القذافي)

قبائل غرب ليبيا تطالب بإخراج «المرتزقة» والقوات الأجنبية

صعّدت قبائل موالية لنظام الرئيس الراحل معمر القذافي ضد وجود «المرتزقة» والقوات الأجنبية في ليبيا، مطالبين بإخراج هذه العناصر، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً أعضاء هيئة الدستور الليبي (حكومة «الوحدة»)

ساسة ليبيا ينقسمون بين تشكيل «حكومة جديدة» والعودة لـ«الدستور»

تعمل السلطة بطرابلس الليبية على الدفع بالبلاد باتجاه إجراء «استفتاء على الدستور». في مقابل ذلك، تنشط جبهة شرق ليبيا ممثلة في مجلس النواب لتشكيل حكومة جديدة.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس مجلس النواب الإيطالي لورينزو فونتانا مستقبلاً عقيلة صالح (مكتب صالح)

ليبيون يتساءلون عن أهداف زيارة رئيس «النواب» إلى إيطاليا

انشغلت الأوساط السياسية في ليبيا بالزيارة الأخيرة التي أجراها رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، إلى العاصمة الإيطالية، الأسبوع الماضي.

جاكلين زاهر (القاهرة)

«تقدم» السودانية تبحث «حكومة منفى»

حمدوك خلال جلسات تنسيقية «تقدم» في عنتيبي بأوغندا (موقع «تقدم» / فيسبوك)
حمدوك خلال جلسات تنسيقية «تقدم» في عنتيبي بأوغندا (موقع «تقدم» / فيسبوك)
TT

«تقدم» السودانية تبحث «حكومة منفى»

حمدوك خلال جلسات تنسيقية «تقدم» في عنتيبي بأوغندا (موقع «تقدم» / فيسبوك)
حمدوك خلال جلسات تنسيقية «تقدم» في عنتيبي بأوغندا (موقع «تقدم» / فيسبوك)

برزت في أثناء اجتماعات تحالف المعارضة المدنية السودانية «تقدم»، التي اختتمت في عنتيبي بأوغندا، أمس، مطالبات بتشكيل «حكومة منفى»، تعمل على نزع الشرعية من سلطة الأمر الواقع التي تتخذ من مدينة بورتسودان عاصمة بديلة.

وناقش المجتمعون تشكيل جبهة مدنية، والعملية السياسية. وفيما تباينت الرؤى بشأن القضايا المطروحة، قال رئيس «تقدم»، رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك إنه تمت مناقشة التباينات بـ«شفافية ومسؤولية عالية عبرت عن روح التحالف وقيمه».

وأقر الاجتماع، وفقاً لحمدوك، إحالة نقاش قضايا الجبهة المدنية والعملية السياسية ونزع الشرعية عن انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 للمزيد من الدراسة التفصيلية بين مكونات «تقدم»، إلى «الآلية السياسية».