لقاء السيسي وبيرنز... مساعي الوسطاء تتواصل لدفع «هدنة غزة»

الرئيس المصري حذّر من تداعيات التصعيد بالإقليم

السيسي خلال استقباله وليام بيرنز في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال استقباله وليام بيرنز في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

لقاء السيسي وبيرنز... مساعي الوسطاء تتواصل لدفع «هدنة غزة»

السيسي خلال استقباله وليام بيرنز في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال استقباله وليام بيرنز في القاهرة (الرئاسة المصرية)

اختُتم أسبوع حافل بمحادثات ومقترحات تهدف إلى الوصول لهدنة في قطاع غزة، بلقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس المخابرات الأميركية، وليام بيرنز، في القاهرة، ضمن مساعي الوسطاء لدفع المفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق النار في القطاع، وكذلك لبنان، وسط تحذير مصري من «تداعيات استمرار التصعيد بالمنطقة».

جاء لقاء السيسي وبيرنز بعد طرح مقترحين: مصري رسمياً، وأميركي بوسائل إعلام، يراه خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» دفعة لمسار المفاوضات، بعد جمود نحو شهرين، وتعزيز تواصل جهود الوسطاء لتحقيق هدنة. وتوقعوا «استمرار المحادثات دون الذهاب لتنفيذ اتفاق قبل ظهور نتائج الانتخابات الأميركية»، في ظل عراقيل من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، «تتعمد ذلك بهدف تحديد خطواته المقبلة».

الرئيس المصري بحث الخميس مع بيرنز، بحضور رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد، «مستجدات الجهود المشتركة للتهدئة في غزة، وسبل دفع المفاوضات قدماً للوصول إلى وقف لإطلاق النار وتبادل للمحتجزين»، وأكد «أهمية التوصل بشكل عاجل إلى وقف إطلاق النار في لبنان»، محذراً من «خطورة استمرار التصعيد على المستوى الإقليمي، بما له من تداعيات جسيمة على شعوب المنطقة كافة».

بيرنز وصل إلى القاهرة في زيارة غير معلنة مسبقاً، بنهاية أسبوع حافل بالمقترحات والمشاورات بشأن الهدنة في غزة، افتتحه المسؤول الأميركي بحضور «اجتماع الأحد» في الدوحة، ونقل موقع «أكسيوس» الثلاثاء، عن 3 مسؤولين إسرائيليين، أن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، اقترح خلال ذلك الاجتماع مع رئيس «الموساد»، ديفيد برنياع، ورئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل الشيخ، اتفاقاً لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة 28 يوماً، وإطلاق سراح نحو 8 رهائن محتجزين لدى حركة «حماس» وعشرات السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء آنذاك.

نازحة فلسطينية فرّت من جباليا تجلس وسط الأنقاض في مدينة غزة (رويترز)

وتزامناً مع انعقاد «مفاوضات الدوحة» التي لم تشارك فيها مصر، دون إعلان أسباب، اقترح الرئيس السيسي الذي تُعَدّ بلاده إحدى دول الوساطة لوقف الحرب، «وقفاً لإطلاق النار لمدة يومين، يجري خلاله تبادل 4 رهائن مع بعض الأسرى الموجودين في السجون الإسرائيلية، ثم خلال 10 أيام يجري التفاوض على استكمال الإجراءات بالقطاع، وصولاً لإيقاف كامل لإطلاق النار، وإدخال المساعدات».

وذكر مكتب نتنياهو، الاثنين الماضي، في بيان صحافي، أن «برنياع ناقش مع بيرنز ورئيس الوزراء القطري، إطاراً موحداً جديداً يضم المقترحات السابقة»، دون تحديدها، مشيراً إلى أن «المناقشات سوف تتواصل خلال الأيام المقبلة بين الوسطاء و(حماس) لبحث جدوى المفاوضات والاستمرار في السعي للتوصل إلى اتفاق»، دون تحديد موعد.

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، يرى أن الحراك الأميركي من الدوحة للقاهرة، يهدف إلى دعم إدارة جو بايدن للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس أمام نظيرها الجمهوري دونالد ترمب، وإظهار أن هناك جهوداً وأفكاراً أميركية مطروحة للتأثير على الناخبين بسباق الرئاسة المترددين أو ممن يتحفظون على التصويت، ولا سيما الجاليات العربية والإسلامية، بسبب استمرار «حرب غزة». ويتوقع أن يستمر الحراك الأميركي، بالتزامن مع استمرار مسار الوسطاء في محادثات، دون الذهاب لتنفيذ اتفاق قبل الانتخابات الأميركية المرتقبة.

كما أشار المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، إلى أن لقاء الرئيس المصري برئيس الاستخبارات الأميركية، استمرار لمساعي الوسطاء بهدف تحريك مسار الهدنة والوصول لاتفاق، خاصة أن هناك مقترحين رئيسيين: أحدهما مصري تحدث عنه السيسي علناً، وآخر أميركي تحدثت عنه وسائل إعلام.

فلسطيني يحمل جريحاً بعد غارة إسرائيلية على بيت لاهيا في شمال قطاع غزة (رويترز)

وتريد مصر بشكل أو بآخر الضغط لإنجاز هدنة في قطاع غزة لتفادي الأوضاع الإنسانية الكارثية هناك، بينما إدارة بايدن في عجلة من أمرها لتأكيد مسار المفاوضات لتحقيق مكاسب انتخابية، وفق الرقب، لكنه قال إن «الوقت لا يسعف إدارة بايدن لإتمام اتفاق في ظل عراقيل نتنياهو المتعمدة».

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، الثلاثاء، عن مصدر مطلع على المفاوضات، تحذيره من أن رفض نتنياهو وقف القتال في مقترح صفقة التبادل قد يعرقل المحادثات بغزة، فضلاً عن تمسك القيادي في حركة «حماس»، طاهر النونو، في تصريحات، الخميس، برفض فكرة «الوقف المؤقت للحرب» في قطاع غزة، قائلاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «فكرة الوقف المؤقت للحرب ثم العودة إلى العدوان من جديد سبق أن أبدينا رأينا فيها، فـ(حماس) مع الوقف الدائم للحرب، وليس المؤقت».

ووسط ذلك التباين بشأن مسار «هدنة غزة»، نقل موقع «أكسيوس» عن مصادر أميركية وإسرائيلية، أنه «يمكن الوصول إلى اتفاق (بجبهة لبنان) خلال أسابيع قليلة»، وتعزز تلك التوقعات زيارة مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن، آموس هوكستين، وبريت ماكغورك، الخميس، إلى إسرائيل، لمحاولة إبرام اتفاق من شأنه إنهاء الحرب في لبنان، وفق «أكسيوس»، فيما تحدثت مصادر مطلعة لـ«رويترز» عن «مقترح أميركي لهدنة لمدة 60 يوماً، دون إشارة لارتباطه بغزة».

ومهما كان هناك تقدم بلبنان أو محادثات غير واضحة نتائجها في غزة، فإنه من الصعب التوصل لاتفاق بكليهما قبل يوم الانتخابات الأميركية الرئاسية، خاصة في ظل «عراقيل نتنياهو»، وفق رخا أحمد حسن.

ويتفق معه أيمن الرقب بأنه لا هدنة في غزة ولا في لبنان، قبل نتائج الانتخابات الأميركية الرئاسية، معتبراً تحركات واشنطن «تبدو بلا جدوى ومتأخرة حالياً، ولن تصل إلى شيء قريباً»، وعدّ أن «نتنياهو المعيق الرئيسي لإتمام هذا الاتفاق»، سواء اتفاق شامل في غزة ولبنان أو منفصل، في مسعى منه لعدم منح هاريس مكسباً انتخابياً ودعم حليفه ترمب، إلى حين اتضاح من سيصل منهما إلى البيت الأبيض، ويعد أوراقه المستقبلية في ضوء الفائز.


مقالات ذات صلة

حرب غزة: أكثر من 7 آلاف مجزرة إسرائيلية... و1400 عائلة مُحيت من السجلات

المشرق العربي صبي جريح يجلس في مستشفى شهداء الأقصى عقب تعرضه للإصابة في غارة جوية إسرائيلية في مخيم البريج وسط غزة (إ.ب.أ)

حرب غزة: أكثر من 7 آلاف مجزرة إسرائيلية... و1400 عائلة مُحيت من السجلات

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن «قوات الاحتلال ارتكبت 7160 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

الغزيون يكابدون الأمطار والبرد

تسبب الانخفاض الجوي الذي تشهده غزة، هذه الأيام، في زيادة معاناة سكان القطاع الذين يعانون أصلاً ويلات الحرب منذ 14 شهراً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (رويترز)

ماذا نعرف عن «الخلية الفلسطينية» المتهمة بمحاولة اغتيال بن غفير؟

للمرة الثانية خلال ستة شهور، كشفت المخابرات الإسرائيلية عن محاولة لاغتيال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يعيش في مستوطنة بمدينة…

نظير مجلي (تل ابيب)

مقتل 3 مواطنين في اشتباكات بالزاوية الليبية

اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)
اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)
TT

مقتل 3 مواطنين في اشتباكات بالزاوية الليبية

اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)
اجتماع المنفي ولجنة الحدود (المجلس الرئاسي الليبي)

عاد الهدوء النسبي إلى مدينة الزاوية الليبية، الواقعة غرب العاصمة طرابلس، اليوم (الثلاثاء)، بعد اشتباكات مفاجئة اندلعت بين ميليشيات تابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص، وإصابة 5 آخرين، وتعرض بعض الممتلكات العامة والخاصة لأضرار، وسط صمت رسمي.

وتوقفت الاشتباكات، التي جرت بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مساء الاثنين، في جزيرة الركينة، بالقرب من مصفاة الزاوية بالمدينة، التي تقع على بعد 45 كيلومتراً غرب طرابلس، بين مجموعة «الكابوات» التابعة لعثمان اللهب، آمر «الكتيبة 103»، المعروفة بـ«كتيبة السلعة»، ومجموعة «الغويلات» التابعة لآمر «قوة الإسناد» الأولى محمد بحرون، الملقب بـ«الفأر»، وأدت بحسب وسائل إعلام محلية إلى خسائر في الممتلكات العامة، وإصابة عدد غير معلوم من الأشخاص، بالإضافة إلى مسجد في منطقة القتال.

ولم تعلق حكومة «الوحدة»، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، أو وزارة داخليتها، على هذه الاشتباكات، التي تعد الأحدث من نوعها مؤخراً في المدينة، التي تشهد من حين لآخر اندلاع قتال مسلح بين ميليشياتها، المتنازعة على مناطق السيطرة والنفوذ.

في شأن مختلف، قال رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، إن محمد الحداد، رئيس أركان القوات الموالية لحكومة «الوحدة»، ولجنة ترسيم الحدود، قدّما خلال اجتماعهما مساء الاثنين بطرابلس، إحاطة شاملة حول آخر التطورات في ملف الحدود البرية والبحرية بين ليبيا ودول الجوار، مشيراً إلى الجهود المبذولة في توثيق هذه الحدود، والحفاظ على السيادة الوطنية.

ونقل المنفي عن اللجنة تأكيدها أن الحدود البرية بين ليبيا ودول الجوار تم تحديدها، وفقاً لاتفاقيات تاريخية رسمية، من بينها اتفاقية 1910 بين الاستعمار الفرنسي والعثماني، التي تعدّ الإطار القانوني الأساسي لتحديد الحدود بين الدول، كما تم إعادة بناء النصب الحدودية بين ليبيا وتونس في عام 2020 لضمان وضوح الحدود، وتوثيقها باستخدام أحدث التقنيات الجغرافية.

ووفقاً للمنفي، فقد أشارت اللجنة إلى أنها تعمل بشكل مستمر بالتنسيق مع لجان حدودية مشتركة مع دول الجوار لضمان الحفاظ على استقرار الحدود، مع التركيز على تعزيز التنسيق الأمني والاقتصادي لمكافحة التهريب والهجرة غير المشروعة، بالإضافة إلى مواجهة أي تهديدات قد تؤثر على السيادة الوطنية. كما أكدت أن الحدود البرية والبحرية بين ليبيا ودول الجوار هي حدود ثابتة وفقاً للقانون الدولي، وأنها تعمل بشكل مستمر على ضمان استقرارها وحمايتها من أي تحديات قد تطرأ.

فرحات بن قدارة رئيس مؤسسة النفط الليبية (المؤسسة)

في غضون ذلك، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط، في بيان، الثلاثاء، ارتفاع إنتاج النفط والغاز، حيث سجل إجمالي الإنتاج 1572679 برميلاً يومياً، بزيادة 4775 برميلاً، بينما ارتفع إنتاج الغاز إلى 199776 برميلاً يومياً.

وأكدت المؤسسة أن الحقول النفطية تشهد عملاً مكثفاً منذ شهرين لزيادة الإنتاج، وفق استراتيجية تستهدف الوصول إلى مليوني برميل يومياً بحلول 2027، بشرط توفر الميزانية اللازمة.

وكانت المؤسسة قد أوضحت مساء الاثنين أنها حوّلت إيرادات النفط، البالغة أكثر من 14 مليار دولار منذ بداية العام، إلى المصرف المركزي دون تأخير، نافية مسئوليتها عن أي عوائق في صرف مرتبات القطاع العام. وأشارت إلى أن انخفاض الإيرادات مؤخراً نجم عن أزمة المصرف، وإغلاق بعض الحقول.