العطا: الأمة السودانية متماسكة في حربها ضد «الدعم السريع»

استمرار موجات النزوح من شرق الجزيرة

آثار المعارك في أحد شوارع مدينة «ود مدني» عاصمة ولاية الجزيرة (أ.ف.ب)
آثار المعارك في أحد شوارع مدينة «ود مدني» عاصمة ولاية الجزيرة (أ.ف.ب)
TT

العطا: الأمة السودانية متماسكة في حربها ضد «الدعم السريع»

آثار المعارك في أحد شوارع مدينة «ود مدني» عاصمة ولاية الجزيرة (أ.ف.ب)
آثار المعارك في أحد شوارع مدينة «ود مدني» عاصمة ولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

قال مساعد القائد العام للجيش السوداني، ياسر العطا، إن «الأمة السودانية متماسكة» في حربها ضد «ميليشيا الدعم السريع»، بينما يتواصل تدفق آلاف النازحين من ولاية الجزيرة إلى مدن شرق البلاد.

وأضاف لدى مخاطبته، الأربعاء، القوات المشتركة للفصائل المسلحة التي تقاتل في صفوف الجيش السوداني: «نعرف حجم المؤامرة على البلاد، وهذه الحرب ليست بين الجيش و(قوات الدعم السريع)». وذكر وفقاً لما نقلته الصفحة الرسمية للجيش على موقع «فيسبوك»، أن ما تنتهجه هذه الميليشيا الإرهابية من فظائع وانتهاكات ليس غريباً عليها، وأكد أن «الشعب السوداني سيظل شامخاً وعصياً على الانكسار».

الفريق ياسر العطا (وكالة السودان للأنباء)

وكان مساعد القائد العام للجيش السوداني، تفقد سير التدريب والإعداد للقوات المسلحة والقوة المشتركة وكتائب «المستنفرين» في جبهات القتال الأمامية بمدينة أم درمان بالعاصمة الخرطوم.

وكثفت «قوات الدعم السريع» خلال الأيام الماضية هجماتها على بلدات وقرى شرق الجزيرة؛ ما أسفر عن سقوط العشرات من الضحايا والجرحى والمفقودين. وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، إن المقاتلين «اقتحموا بلدات جديدة بالمنطقة، وأجبروا السكان على مغادرتها قسراً»، وإن «القتل العشوائي مستمر بحق المدنيين العزل، وكذلك عمليات نهب السيارات والأموال والذهب».

بدوره، قال المدير الإقليمي لـ«اللجنة الدولية للصليب الأحمر» في أفريقيا، باتريك يوسف: «نشعر بالقلق إزاء التقارير الواردة من شرق الجزيرة (وسط السودان) حول تأثير العنف على حياة المدنيين». وأضاف في تصريح صحافي، الخميس: «نحن بحاجة إلى رؤية أفعال ملموسة الآن لمنع حدوث المزيد من الانتهاكات».

وحضّ أطراف القتال على «احترام وحماية السكان المدنيين طبقاً للقانون الإنساني الدولي». وذكر أن الاحتياجات الإنسانية تستمر في الزيادة مع مرور الوقت، مشيراً إلى أن اللجنة قامت بدعم 5 مستشفيات في مدن: حلفا الجديدة، والقضارف، وكسلا (شرق البلاد)، بمستلزمات جراحية وأدوية.

وقال يوسف: «ساعدنا 12 ألف شخص فار من العنف، ونواصل عملنا على الأرض مع استمرار مغادرة المزيد من العائلات من المناطق المتضررة في شرق الجزيرة».

نازحون من الجزيرة (أ.ف.ب)

وورد في أحدث تقرير لمكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، ليل الأربعاء - الخميس، أن حصيلة القتلى في شرق الجزيرة بلغت أكثر من 124 مدنياً، وعشرات الجرحى.

وأوضح التقرير أن نحو 119 ألف شخص نزحوا من أجزاء واسعة من ولاية الجزيرة خلال الأيام العشرة الماضية، بعد موجة من العنف المسلح والهجمات. وأشار إلى «استمرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، إذ تعرضت أكثر من 27 امرأة وفتاة تتراوح أعمارهن بين 6 و60 عاماً للاغتصاب والاعتداء الجنسي»، وفقاً لوزارة الصحة بالولاية.

وقال مكتب الشؤون الإنسانية إن 6 مرافق صحية على الأقل تعرضت للهجوم، كما أفاد بمقتل اثنين من العاملين الصحيين. وأضاف أن الاحتياجات الرئيسية للنازحين حديثاً من الجزيرة تتمثل في الغذاء والمأوى والمستلزمات المنزلية الأساسية، والوصول إلى المياه الآمنة والصرف الصحي والصحة وخدمات الحماية.

وبحسب التقرير «توفر الأمم المتحدة والشركاء الإنسانيون، وجبات ساخنة وحصصاً غذائية وخدمات صحية وإمدادات لآلاف النازحين في ولايتي القضارف وكسلا».


مقالات ذات صلة

«الأمم المتحدة» تحذر من تفاقم الجوع في غزة والسودان ومالي

العالم فلسطينيون يتجمعون للحصول على مساعدات غذائية مقدمة من برنامج الأغذية العالمي في جباليا بشمال غزة (رويترز)

«الأمم المتحدة» تحذر من تفاقم الجوع في غزة والسودان ومالي

حذرت وكالات الأغذية، التابعة للأمم المتحدة، من تفاقم مستويات الجوع، خلال الأشهر السبعة المقبلة، في أجزاء كثيرة من العالم، وأكثرها إثارة للقلق غزة والسودان.

«الشرق الأوسط» (روما)
شمال افريقيا جنود من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

اتهامات للجيش السوداني بقتل مئات المدنيين في جنوب سنار

قال «ناظر» قبيلة رفاعة إن قوات موالية للجيش «استهدفت القبائل ذات الجذور الدارفورية، وقتلت أكثر من 460 في بلدة الدندر وضواحيها... وما حدث يعدّ إبادة جماعية».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا موالون للجيش في العاصمة المؤقتة بورتسودان (أ.ف.ب)

12 ميليشيا مسلحة حليفة للجيش متهمة بتهديد استقرار شرق السودان

«بدأ تمرد دارفور بحركتين، وتشظيتا إلى 99 حركة مسلحة، فكيف سيكون الحال في شرق السودان الذي بدأ بأكثر من 8 حركات مسلحة».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا نازحون من مناطق شرق ولاية الجزيرة بالسودان يصلون إلى مدينة القضارف أول من أمس (أ.ف.ب)

مقتل 10 أشخاص بهجوم لـ«الدعم السريع» استهدف غرب كردفان في السودان

 أفادت شبكة أطباء السودان بمقتل 10 أشخاص وإصابة آخرين جراء هجوم لـ«قوات الدعم السريع» على منطقة دونكي الحر بولاية غرب كردفان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا الحرب أجبرت الآلاف على الفرار من ولاية الجزيرة إلى ولايات مجاورة (أرشيفية - أ.ف.ب)

«رحلة الهروب من الموت»... من حرب في ولاية الجزيرة

روى شهود هربوا من المعارك الدائرة في شرق ولاية الجزيرة لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل «مرعبة ومأساوية» لما شاهدوه من جرائم يندى لها الجبين وانتهاكات لحقوق الإنسان.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

تعهد آبي أحمد بدعم مصر والسودان «مائياً»... «مناورة» أم «نوايا حسنة»؟

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد (وكالة أنباء إثيوبيا)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد (وكالة أنباء إثيوبيا)
TT

تعهد آبي أحمد بدعم مصر والسودان «مائياً»... «مناورة» أم «نوايا حسنة»؟

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد (وكالة أنباء إثيوبيا)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد (وكالة أنباء إثيوبيا)

إعلان غير معهود من رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، بدعم مصر والسودان «مائياً» حال وجود شحّ في الإمدادات جراء «سد النهضة»، الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، أثار تساؤلات بشأن جديته، خاصة أنه يتزامن مع زيارة وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، لأوغندا، ضمن تحركات متصاعدة للقاهرة عقب دخول اتفاقية «عنتيبي» حيز التنفيذ، على غير رغبة مصر.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، عدّ خبراء تصريحات آبي أحمد جزءاً من العودة إلى «الدبلوماسية الناعمة واعتراف بأخطاء إثيوبية في التقدير»، وآخرون رأوها «أقوالاً تحتاج لأفعال حتى لا تبدو مناورة»، في ظل حراك مصري غير مسبوق بأفريقيا قائم على التعاون والتنمية، يثبت أركانها، ويزيد الضغوط على أديس أبابا، التي «تسعى لتهديد حقوق مصر المائية، سواء بسدّ النهضة أو اتفاقية عنتيبي»، التي دخلت حيز التنفيذ 13 أكتوبر (تشرين الأول).

وفي ظل توتر مع القاهرة بسبب السدّ منذ نحو عقد، وتعاون عسكري يتصاعد مع مقديشو، جارة أديس أبابا، منذ أغسطس (آب) الماضي، تعهَّد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الخميس، في حديث أمام برلمان بلاده بأن أديس أبابا «ستعزز تدفقات مياه النيل إلى السودان ومصر، في حال حدوث شُحّ في إمدادات المياه جراء سد النهضة»، وفق هيئة البث الإثيوبية الرسمية.

جاء ذلك التعهد مع إعلان آبي أحمد، في مقابلة متلفزة الخميس، اكتمال بناء السد على النيل الأزرق 100 في المائة بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق مستشار رئيس هيئة مياه النيل السفير محمد حجازي، أن «هناك أهمية لأن تتحول تلك التصريحات التي تحاول استرضاء الطرف المصري بعد 13 عاماً من المفاوضات غير المجدية إلى موقف قانوني ملزم يحول الشعارات لواقع حتى لا تصير في النهاية مناورة لن يلتفت إليها».

ويعتقد أن «قضايا المياه لا تستخدم فيها التصريحات والنوايا الحسنة، ولا بد من اتفاق ملزم يحفظ حق إثيوبيا في التنمية وحق مصر في الحياة والحفاظ على شريان المياه الرئيسي».

ويستبعد الخبير المصري في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، أن تكون تلك التصريحات غير المعهودة من آبي أحمد «مناورة»، مرجحاً أن «تكون بمثابة اعترافٍ ضمنيٍ من إثيوبيا بالأخطاء التقديرية التي ترتكبها من خلال اتباعها كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة في سبيل تشغيل سد النهضة، دون الاستماع لرؤية مصر والسودان».

وبرأي الحاج، فإن «ذلك النهج الجديد من آبي أحمد، يعني بالضرورة تخوفات إثيوبية من مآلات التحركات المصرية الجادة بأفريقيا»، مضيفاً: «لربما باتت إثيوبيا تشعر باختناق مميت في منطقة القرن الأفريقي كله، ما يدفعها الآن لتجريب سياسة الدبلوماسية الناعمة من خلال إرسال رسائل تطمينية، ربما تساهم في تأسيس منطقة توافقية جديدة بين دول حوض النيل قبل الانجراف إلى حالة تشظٍّ غير معلومة العواقب».

ولم تعلق مصر على تصريحات آبي أحمد، غير أنها جاءت بالتزامن مع وصول وزير خارجية مصر، بدر عبد العاطي، إلى أوغندا، الخميس، بهدف تسليم رسالة إلى موسيفيني من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعقد لقاءات مع مجموعة من رجال الأعمال الأوغنديين، وممثلي الجالية المصرية في أوغندا، وذلك ضمن جولات تعاون مصرية كثيرة مع دول أفريقية في الفترة الأخيرة.

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي بدأ الخميس زيارة إلى أوغندا (الخارجية المصرية)

وأوغندا إحدى دول منبع نهر النيل، التي تضم أيضاً بوروندي، والكونغو، وإثيوبيا، وكينيا، ورواندا، وتنزانيا، وإريتريا، وجنوب السودان، فضلاً عن دولتي المصبّ مصر والسودان. وفي 13 أكتوبر، أعلنت أديس أبابا دخول اتفاقية عنتيبي حيز التنفيذ، وتعدّ كامبالا إحدى عواصم الدول الموقعة عليه، وتجمعها مع القاهرة علاقات جيدة لم تنقطع بعد الاتفاق.

وعقب أيام من ذلك الإعلان الإثيوبي المنفرد، رفضت مصر والسودان في بيان مشترك وقتها الاتفاقية، وطالبت بمراجعتها ثم أعلنت الحكومة المصرية، في بيان صحافي: «موافقة مجلس الوزراء على اعتماد مقترح بشأن قيام الدولة المصرية بتأسيس آلية تخصص لتمويل درس وتنفيذ المشروعات التنموية والبنية الأساسية بدول حوض النيل».

وطرح وزير الخارجية والهجرة المصري، قبل أسبوعين في اتصال هاتفي مع نظيره الأوغندي، جيجي أودونغو، «بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين وآلية مصر لدعم التنمية في دول حوض النيل وأهمية التوافق والشمولية وعدم إحداث ضرر لتعزيز أسس التعاون بين دول حوض النيل»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية» وقتها.

وبرأي السفير حجازي، فإن زيارة الوزير المصري تأكيد على سياسة مصر الثابتة نحو تعزيز العلاقات مع دول حوض النيل، وفي إطار الترويج لتلك الآلية الاستثمارية التي تقدّم من خلالها مصر نموذجاً للتعاون البناء، وليس بفرض اتفاقية كعنتيبي ليست محل إجماع دول المنبع ولا المصب.

ويعتقد أن تعزيز مصر وجودها بأفريقيا، وخاصة مع دول حوض النيل كأوغندا، هو سبيل بنّاء لإيجاد موقف مشروع سيجعل من إثيوبيا «معزولة بمواقفها الأحادية المصرة على تجاهل حقوق ومصالح الجميع».

وبتقدير الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، فإن «أوغندا واحدة من أهم دول حوض نهر النيل، وتأتي زيارة وزير خارجية مصر إليها انطلاقاً من جدية القاهرة في تنفيذ استراتيجيتها ودبلوماسيتها المتعلقة بحفظ الأمن وتحقيق التنمية على أرض الواقع، مع دول حوض النيل تحديداً».

ويرى أن «لمصر علاقات تعاون وتفاهمات راسخة مع أوغندا خلال حقبة السنوات العشر الماضية، وحان الوقت لتدشين عهد التعاون المثمر بين البلدين لمواجهة التحديات الكبرى، التي تعترض مسار الوحدة بين أهم دول حوض النيل بسبب اختلاف الرؤى والمصالح فيما يخص أزمة المياه».

وبحسب الحاج، يتأسس الحراك المصري في أوغندا على «مجهودات سابقة في مجال التعاون والتنمية في أوغندا، تتمثل في مشاريع إنشاء سدود لحصاد المياه في أوغندا، وبالنظر لطبيعة اللقاءات المقررة في زيارة وزير خارجية مصر، نجد من بينها لقاءات مقررة مع رجال أعمال أوغنديين، ما يشير إلى أن مصر تتجه فعلياً لتعزيز وجودها في مجالات التنمية المرتبطة بموارد المياه في أوغندا».

ويشير إلى أن «أوغندا في حاجة ضرورية لتطوير مشاريع حصاد المياه لمجابهة التغيرات المناخية في المنطقة، وهو الأمر الذي التقطته حواس السياسة الخارجية لمصر بحصافة وذكاء»، مستدركاً: «لكنّ الرهان على أي دور أوغندي متوقع في إحداث خروقات في اتفاقية عنتيبي، أو تراجعها عن الانضمام أو إعادة تدويرها لتغيير موازين القوى في منطقة حوض النيل، مرتبط بمدى كفاءة وجدية الالتزامات المصرية الخاصة بإنشاء مشاريع تنموية حيوية في أوغندا، لتصبح نموذجاً جاذباً وملهماً لبقية دول حوض النيل».

ويعتقد أن ذلك «هو ذات الهدف التنموي الذي يتسق أخلاقاً وقانوناً مع الرغبة المصرية في تأسيس مشاريع تنموية كبرى بديلة في المنطقة، تعود بالنفع العادل بين دول حوض النيل، دون أن تستأثر دولة واحدة بأحقية امتلاك مشروع تنموي خاص لا يراعي حقوق الدول الأخرى، مثلما تريد إثيوبيا وتخطط له عبر سد النهضة».