الصومال يعوّل على مصر وتركيا في تعزيز قدراته وبسط نفوذه

اتفاقية دفاعية جديدة مع أنقرة... ووفد شرطي للتدريب بالقاهرة

وزير الدفاع الصومالي ونظيره التركي يوقعات اتفاقية تعاون دفاعي بين البلدين (وكالة الأنباء الصومالية)
وزير الدفاع الصومالي ونظيره التركي يوقعات اتفاقية تعاون دفاعي بين البلدين (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

الصومال يعوّل على مصر وتركيا في تعزيز قدراته وبسط نفوذه

وزير الدفاع الصومالي ونظيره التركي يوقعات اتفاقية تعاون دفاعي بين البلدين (وكالة الأنباء الصومالية)
وزير الدفاع الصومالي ونظيره التركي يوقعات اتفاقية تعاون دفاعي بين البلدين (وكالة الأنباء الصومالية)

يعول الصومال، على التعاون مع حلفاء إقليميين من بينهم مصر وتركيا، في تعزيز قدراته، ودعم مؤسساته الأمنية والعسكرية، وبسط سيطرته على كامل أراضيه، في مواجهة «تدخل خارجي»، و«تنظيمات إرهابية» داخلية، يسعى للقضاء عليها منذ سنوات.

وعززت مقديشو، من تعاونها مع أنقرة والقاهرة، باتفاقيات أمنية وعسكرية جديدة مؤخراً، عدّها خبراء «تحقق مكاسب مشتركة للدول الثلاث بمنطقة القرن الأفريقي».

ووقع وزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد نور، ونظيره التركي يشار غولر، الاثنين، في مقديشو، اتفاقية مالية للتعاون الدفاعي لتعزيز القدرات الدفاعية للصومال. وقال وزير الدفاع الصومالي، إن الاتفاقية «تهدف لتعزيز التعاون في مختلف القطاعات، وتعزيز الشراكة ذات المنفعة المتبادلة»، مشيراً إلى أن «بلاده تواصل إعادة بناء جيشها، بعد سنوات من الصراع وعدم الاستقرار»، حسب «وكالة الأنباء الصومالية».

وبموجب الاتفاقية، ستقدم تركيا مساعدة مالية لمشاريع التنمية العسكرية الرئيسية في الصومال، بما في ذلك الاستثمار في البنية التحتية الحيوية، لتعزيز نوعية الحياة للقوات المسلحة الوطنية.

وجاء الاتفاق التركي - الصومالي بعد أيام من إعلان مقديشو عن سفر «مجموعة من الضباط ومفتشي الشرطة» إلى مصر، في برنامج تدريبي، لتطوير مهاراتهم الشرطية، وذلك في احتفالية أقامها قائد الشرطة الصومالية، أسد عثمان عبد الله، السبت الماضي، حسب «وكالة الأنباء الصومالية».

عناصر الشرطة الصومالية المشاركة في دورة تدريبية بالقاهرة (وكالة الأنباء الصومالية)

وسبق أن وقع الصومال في 21 فبراير (شباط) الماضي اتفاقية تعاون دفاعي واقتصادي مع تركيا، كما وقع مع مصر بروتوكول تعاون عسكري في أغسطس (آب) الماضي، أرسلت بموجبه القاهرة شحنتي أسلحة لدعم مقديشو، كما تعتزم إرسال قوات عسكرية بداية العام المقبل كجزء من قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي.

وأثار التعاون المصري الصومالي، غضب إثيوبيا، التي اتهمت مقديشو، «بالتواطؤ مع جهات خارجية لزعزعة الاستقرار».

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم (أرض الصومال) الانفصالي في بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وسط رفض مصري وعربي.

ويربط الأمين العام المساعد لمنظمة الوحدة الأفريقية الأسبق، السفير أحمد حجاج، بين مسارات التعاون الصومالية مع مصر وتركيا، وتحسن العلاقات بين القاهرة وأنقرة في الفترة الأخيرة، وقال إن «هناك تنسيقاً وتوافقاً مصرياً تركياً، تجاه القضايا الإقليمية، ومن بينها الأوضاع في الصومال والقرن الأفريقي، والبلدان يدعمان الحكومة الصومالية لمواجهة الأطماع الخارجية».

ويعتقد حجاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الدعم المصري والتركي «سيدعم قدرات المؤسسات الصومالية، خصوصاً الجيش والمؤسسات الأمنية، في التصدي لأي تحركات من الخارج داخل أراضيها، خصوصاً التحركات الإثيوبية»، إلى جانب «مواجهة الجماعات المسلحة والإرهابية، وخصوصاً حركة الشباب الصومالية»، وأشار إلى أن «مقديشو، تعمل على تعزيز تحالفاتها مع الدول العربية والإسلامية، وسعت تركيا لاستثمار انفتاحها مع الصومال، للتوسط بينه وبين إثيوبيا، غير أن المفاوضات فشلت».

واستضافت العاصمة التركية أنقرة، جولات من الوساطة بين الصومال وإثيوبيا، لإنهاء الخلاف بين البلدين، كان آخرها في سبتمبر (أيلول) الماضي، غير أن المحادثات انتهت من دون التوصل لاتفاق.

ويرى الباحث والمحلل السياسي الصومالي، نعمان حسن، أن «تعزيز أنقرة لعلاقات التعاون مع مقديشو، يحقق المصالح والأهداف التركية بمنطقة القرن الأفريقي». مشيراً إلى أن «تركيا تسعى للوجود بالمنطقة وفي البحر الأحمر، وتريد الاستفادة من النفط الصومالي، بالمساهمة في عمليات إنتاجه»، وأضاف: «اتفاقيات التعاون الصومالي التركي، تحقق تلك الأهداف».

ووصلت سفينة الأبحاث التركية «أوروتش رئيس»، السبت، إلى ميناء مقديشو، لبدء مهمتها بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين تركيا والصومال في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال نقل النفط وتوزيعه وتكريره ومبيعاته وخدماته والمنتجات الأخرى من مشروعات برية وبحرية.

مراسم استقبال السفينة التركية «أوروتش رئيس» في ميناء مقديشو (حساب وزير الطاقة التركي على «إكس»)

وعدّ الباحث الصومالي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الصومال، يعوّل على مصر، في مواجهة الإرهاب والجماعات المسلحة»، مشيراً إلى أن «القاهرة تمتلك خبرات طويلة، في التعامل الأمني مع التنظيمات الإرهابية، وهي أكثر دولة يمكن أن تساعد مقديشو، في مواجهة التطرف»، إلى جانب «دعم الحكومة الصومالية في بسط سيادتها على الأراضي كافة التي تحكمها».

وفي إطار الدعم المصري للصومال في مواجهة الإرهاب، اختتمت «المنظمة العالمية لخريجي الأزهر»، الأسبوع الماضي، دورة تدريبية، لمجموعة من علماء وأئمة الصومال، حول آليات «تفكيك الفكر المتطرف»، والمواجهة الفكرية للإرهاب.

وباعتقاد الباحث في العلاقات الدولية بتركيا، طه عوده، أن أهداف اتفاقيات التعاون التركية مع الصومال «سياسية بالدرجة الأولى»، مشيراً إلى أن «مستوى العلاقات بين البلدين، انتقل من خانة المساعدات الأحادية الجانب، إلى التعاون الاستراتيجي المشترك».

وأوضح عوده لـ«الشرق الأوسط»، أن «اتفاقيات التعاون بين الصومال وتركيا، تركز على جوانب الأمن والاقتصاد»، مشيراً إلى أنها «حجر الزاوية لدعم صناعة القرار السياسي للبلدين، في ظل التوترات والتقلبات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والقرن الأفريقي»، وقال إن «أنقرة تسعى من خلال تعزيز شراكتها مع مقديشو، للبحث عن موضع قدم لها في الساحة الأفريقية، ومنافسة القوى الدولية بالقارة».


مقالات ذات صلة

الصومال يُصعّد الضغوط على الوجود الإثيوبي في أراضيه

شمال افريقيا ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد «صفقة ميناء إثيوبيا-أرض الصومال» بمقديشو (رويترز)

الصومال يُصعّد الضغوط على الوجود الإثيوبي في أراضيه

تصعيد جديد من مقديشو ضد أديس أبابا بشأن ضرورة مغادرة قواتها التابعة لقوات حفظ السلام الأفريقية قبل نهاية العام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية والهجرة المصري ووزير العلاقات الدولية الأوغندي (الخارجية المصرية)

توافق مصري - أوغندي على «التشاور وعدم الإضرار» في قضايا مياه النيل

تناولت محادثات بين وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، ووزير العلاقات الدولية الأوغندي، هنري أوكيلو أوريبم، في القاهرة، الأربعاء، ملف الأمن المائي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في اجتماع رؤساء دول شرق أفريقيا قبل أيام (وكالة الأنباء الصومالية)

قانون «الاقتراع المباشر» وانتخابات غوبالاند يشعلان التوتر في الصومال

تحذيرات رسمية من إقليم بونتلاند الصومالي بشأن اقتراب البلاد من «حرب أهلية» مع تصاعد الخلافات بين الحكومة الفيدرالية والولايات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري الرئيس الفرنسي ونظيره النيجيري في باريس قبل أيام (رويترز)

تحليل إخباري بعد قرار تشاد وتصريحات السنغال... هل يُغير الفرنسيون تحالفاتهم الأفريقية؟

طُرد الجنود الفرنسيون في السنوات الأخيرة من مالي ثم بوركينا فاسو والنيجر، وأخيراً من تشاد.

الشيخ محمد (نواكشوط )
العالم العربي اجتماعات مجموعة شرق أفريقيا في تنزانيا (وكالة أنباء الصومال)

ما فرص الوساطة الكينية - الأوغندية في إنهاء توترات «القرن الأفريقي»؟

دخلت مبادرة وساطة كينية - أوغندية على خط محاولات دولية وإقليمية لتهدئة التوترات بين الصومال وإثيوبيا التي نشبت بعد مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري بالإقليم.

أحمد إمبابي (القاهرة)

قبائل غرب ليبيا تطالب بإخراج «المرتزقة» والقوات الأجنبية

جانب من التحضير لمؤتمر «لم الشمل» عقده موالون للنظام السابق (من صفحات موالية لنظام القذافي)
جانب من التحضير لمؤتمر «لم الشمل» عقده موالون للنظام السابق (من صفحات موالية لنظام القذافي)
TT

قبائل غرب ليبيا تطالب بإخراج «المرتزقة» والقوات الأجنبية

جانب من التحضير لمؤتمر «لم الشمل» عقده موالون للنظام السابق (من صفحات موالية لنظام القذافي)
جانب من التحضير لمؤتمر «لم الشمل» عقده موالون للنظام السابق (من صفحات موالية لنظام القذافي)

صعّدت قبائل موالية لنظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي ضد وجود «المرتزقة» والقوات الأجنبية في البلاد، وطالبوا بإخراج هذه العناصر، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية «في أسرع وقت».

وقال العميد العجمي العتيري، آمر كتيبة «أبو بكر الصديق» التي اعتقلت سيف الإسلام القذافي، إن الاجتماع التحضيري للقبائل، الذي عملت عليه قبيلة المشاشية تحت عنوان «ملتقى لم الشمل»، اتفق على اختيار اللجنة التنسيقية للملتقى العام، مجدداً المطالبة بإخراج القواعد الأجنبية من ليبيا وطرد «المرتزقة».

علي أبو سبيحة (الشرق الأوسط)

من جهته، قال الشيخ علي مصباح أبو سبيحة، رئيس فريق سيف القذافي إلى المصالحة الوطنية، إن ملتقى اللجنة التحضيرية للإعداد لمؤتمر «لمّ الشمل»، الذي انعقد مساء الأربعاء في مدينة العوينة، «أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الشعب الليبي قادر على حل مشاكله، دون تدخل قوى أجنبية».

ووجّه أبو سبيحة، وهو رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن الجنوب، انتقادات لاذعة للقوى السياسية والعسكرية المتحكمة في المشهد الليبي بتأثير من الدول المتدخلة في ليبيا، داعياً الليبيين إلى «اجتثاث» ما سمّاه «ورماً خبيثاً»، مشيراً إلى أن الاجتماع «ضمّ مشاركين من جميع المناطق الغربية التي كان بينها خصام».

في السياق ذاته، قال «التجمع الوطني» للأحزاب الليبية، إن رئيسه الدكتور علي شعبان الأسطى، شارك في ملتقى «لمّ الشمل»، بهدف تعزيز الوحدة الوطنية ودعم الجهود، الرامية إلى تحقيق الاستقرار في ليبيا.

وأوضح أن ممثلي «التجمع الوطني» للأحزاب أكدوا خلال الاجتماع «أهمية الحوار الوطني الشامل بوصفه وسيلة لتحقيق المصالحة الوطنية، وبناء مستقبل مشترك لجميع الليبيين».

وتوجد في ليبيا قوى أجنبية وعناصر «مرتزقة» من جنسيات كثيرة، بينها سوريا وروسيا.

في شأن مختلف، قضت دائرة إدارية بمحكمة استئناف طرابلس، بإعادة وزير النفط والغاز في حكومة «الوحدة الوطنية» إلى سابق عمله، بعدما رفضت المحكمة الاستشكال المقدم من الدبيبة، بشأن الحكم الصادر لصالح محمد عون، والقاضي بإبطال قرار تكليف الوكيل بتسيير أعمال الوزارة.

وفي يونيو (تموز) الماضي، طلب عون من الدبيبة «تصحيح وضعه الراهن، وذلك إما بتمكين عمله على رأس الوزارة، وإما إقالته من منصبه حسب التشريعات والقوانين الوطنية النافذة»، بعدما جمده وكلف بدلاً منه خليفة عبد الصادق.

وكان عون قد أبدى عدم رضاه عما يجريه المكلف بوزارة النفط والغاز من إجراءات، وصفها بـ«العبثية وتعوق سير العمل في الوزارة، وتربك كل محاولات التطوير، مثل إصدار أختام رسمية باسم الوزير وصفات إدارية أخرى، وإلغاء انتداب وإعارة بعض موظفي الوزارة، وتغيير مكاتب بعض مديري العموم من ديوان الوزارة إلى مقر المؤسسة الوطنية للنفط، وغيرها كثير».