عائلة الليبي المتهم بتفجير «لوكربي» تطالب بعلاجه وزيارته في أميركا

قالت إن تسليمه من حكومة الدبيبة إلى واشنطن «وصمة عار»

أبو عجيلة المريمي ضابط الاستخبارات الليبية السابق (أرشيفية - رويترز)
أبو عجيلة المريمي ضابط الاستخبارات الليبية السابق (أرشيفية - رويترز)
TT

عائلة الليبي المتهم بتفجير «لوكربي» تطالب بعلاجه وزيارته في أميركا

أبو عجيلة المريمي ضابط الاستخبارات الليبية السابق (أرشيفية - رويترز)
أبو عجيلة المريمي ضابط الاستخبارات الليبية السابق (أرشيفية - رويترز)

طالبت عائلة أبو عجيلة مسعود المريمي، ضابط الاستخبارات الليبي السابق، الموقوف بأميركا؛ لاتهامه في «قضية لوكربي» السلطات المحلية بالعمل على إطلاق سراحه، وتوفير العلاج اللازم له.

ومثُل أبو عجيلة منذ أن سلّمته حكومة «الوحدة الوطنية»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، منذ بداية ديسمبر (كانون الأول) عام 2022، أمام محكمة اتحادية في العاصمة الأميركية واشنطن، للاشتباه بتورطه في تفجير طائرة «بان أميركان 103» فوق لوكربي في إسكوتلندا عام 1988.

وأبو عجيلة هو ضابط سابق بجهاز الأمن الخارجي (الاستخبارات)، في الخامسة والسبعين من عمره، خطفه مسلّحون من منزله منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن ذلك حتى الآن، لكن الدبيبة أقرّ فيما بعد بتسليمه إلى الولايات المتحدة، وقال إنه «إرهابي متهَم بتصنيع المتفجرات التي أودت بحياة أكثر من 200 شخص بريء».

وناشدت عائلة أبو عجيلة في بيان، الاثنين «الشعب الليبي بكل أطيافه، بالإضافة إلى المؤسسات التشريعية والتنفيذية، والمنظمات الإنسانية والمحلية والدولية، للعمل على إطلاق سراحه، والسماح له بتلقّي العلاج المطلوب».

كما طالبت العائلة وزارةَ الخارجية التابعة لحكومة الدبيبة، بتسهيل سفرها إلى أميركا «بأسرع وقت ممكن» لزيارته في سجنه، وقالت إن «عملية تسليمه من حكومة الدبيبة إلى السلطات الأميركية، من أجل الحصول على مكتسبات سياسية، ستظل وصمة عار».

وسبق لمجلس النواب الليبي التوعد بأنه سيطلب محاكمة «كل من يثبت تورّطه» في محاولة إعادة فتح ملف «قضية لوكربي»، بتهمة «الخيانة العظمى»، معلناً «رفضه القاطع» تسليم أبو عجيلة للولايات المتحدة.

وقال عبد المنعم المريمي، ابن شقيق أبو عجيلة لـ«الشرق الأوسط»، إن حكومة الدبيبة «لم تُقدّم لعَمّه الذي يعاني صحياً أي دعم حتى الآن»، بينما أشار إلى أن بقية السلطات في البلاد و«عدَتهم خيراً، ولم يتغيّر شيء».

الطائرة بعد سقوطها في بلدة لوكربي الإسكوتلندية (أ.ف.ب)

وكانت حكومة «الاستقرار» الليبية المكلّفة من مجلس النواب، تعهّدت الاهتمام بقضية أبو عجيلة، وقال رئيسها أسامة حماد، إن حكومته «ستتحمّل تكاليف مكتب المحاماه الذي سيتابعها؛ لكونها مهمة لكل الليبيين من الناحية الوطنية والإنسانية».

وتنظر عائلة أبو عجيلة إليه بصفته «رهينة سياسية مخطوفاً»، وتقول في بيانها إن حكومة الدبيبة «سلّمته إلى السلطات الأميركية من دون وجه حق، وعبر طرق غير قانونية».

وسبق أن اتهم الدبيبة أبو عجيلة بـ«الإرهاب وقتل الأبرياء». وقال في كلمة مسجّلة، إن أبو عجيلة «إرهابي متهَم بتصنيع المتفجرات التي أودت بحياة أكثر من 200 شخص بريء»، لكن عائلة أبو عجيلة نفت هذه الاتهامات، وقالت لـ«الشرق الأوسط» بعد الإعلان عن تسليمه: «إننا نتوقع أي شيء من الحكومة التي تأخذ شرعيتها من الأجنبي».

وأكّد عبد المنعم المريمي براءة عَمه، وقال إن «المحامي المكلّف من لدن عائلته أبو عجيلة تقدّم بطلب للقائه في محبسه للاطمئنان على وضعه الصحي، ولا يزال ينتظر موافقة الجانب الأميركي»، داعياً السلطات المحلية في بلده «إلى مساندة عَمه في محنته».

وسبق لوزارة العدل الأميركية توجيه الاتهام رسمياً إلى أبو عجيلة، في ديسمبر (كانون الأول) عام 2021، بـ«ضلوعه في التخطيط وتصنيع القنبلة» التي أسقطت الطائرة فوق لوكربي، ما أدى إلى مقتل 270 شخصاً، بينهم 189 أميركياً.

وكان نظام القذافي قد سدّد تعويضات قدرها 2.7 مليار دولار إلى عائلات الضحايا، وقد أُطلق سراح عبد الباسط المقرحي، المتهم الوحيد في القضية الذي حُكم عليه بـ27 عاماً، لأسباب صحية عام 2009، لكنه توفي عام 2012 عن ستين عاماً في ليبيا.


مقالات ذات صلة

غرق 12 مصرياً أمام طبرق الليبية خلال محاولتهم «الهجرة»

شمال افريقيا من عملية إنقاذ عدد من المهاجرين من طرف خفر السواحل بغرب ليبيا (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)

غرق 12 مصرياً أمام طبرق الليبية خلال محاولتهم «الهجرة»

أعلنت مؤسسة حقوقية ليبية انقلاب قارب كان يقل 13 مصرياً، أمام ساحل مدينة طبرق (شرق)، غرق منهم 12 فرداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة وميلوني على هامش افتتاح أعمال الدورة الـ30 لمنتدى الأعمال الليبي - الإيطالي (الوحدة)

الدبيبة وميلوني يفتتحان منتدى الأعمال الليبي - الإيطالي في طرابلس

دشن عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة مع نظيرته الإيطالية المنتدى الاقتصادي الليبي - الإيطالي.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الساعدي القذافي (أرشيفة من أ.ف.ب)

دفاع الساعدي القذافي عن الوجود التركي في ليبيا يفجر انتقادات

يرى الساعدي نجل الرئيس الراحل معمر القذافي أن «وجود الأتراك أو المصريين أو أي دولة مسلمة في ليبيا؛ شرط التنسيق مع السلطات أمر محمود ومفيد استراتيجياً ودينياً».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة مترئساً اجتماع حكومته في طرابلس (حكومة الوحدة)

الدبيبة يدعو لإنعاش الحياة السياسية الليبية عبر «دستور دائم وانتخابات نزيهة»

قال عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» إن قرار تغيير إدارة «المصرف المركزي» جاء لبدء مرحلة مؤسساتية جديدة في هذا المرفق المهم.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا المبعوث الفرنسي بول سولير في لقاء مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في طرابلس (السفارة الفرنسية)

تحرك دبلوماسي فرنسي «نشط» في ليبيا... ماذا يستهدف؟

تكثَّفت المساعي الدبلوماسية الفرنسية بين الأفرقاء الليبيين، على مدار شهر أكتوبر الحالي عبر سلسلة لقاءات أجراها بول سولير مبعوث الرئيس إيمانويل ماكرون إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«بعثة تقصي الحقائق الأممية»: حجم العنف الجنسي في السودان «مهول»

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد (رويترز)
مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد (رويترز)
TT

«بعثة تقصي الحقائق الأممية»: حجم العنف الجنسي في السودان «مهول»

مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد (رويترز)
مئات الأشخاص يفرون يومياً من دارفور إلى مخيم أدري الحدودي في تشاد (رويترز)

حمّلت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان «قوات الدعم السريع» في السودان، المسؤولية عن ارتكاب عنف جنسي على نطاق واسع و«بدرجة مهولة»، في أثناء تقدمها في مناطق سيطرتها، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي والخطف والاحتجاز ضمن ظروف ترقى لـ«الاستعباد الجنسي». وقالت إن «الحالات» المنسوبة للجيش السوداني وحلفائه، محدودة ولا تزال بحاجة لمزيد من التحقيقات.

وقالت البعثة، في تقرير صادر الثلاثاء، إنها خلصت إلى وجود «أسباب معقولة» تشير إلى أن هذه الأفعال ترقى لـ«جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية»، وتتضمّن التعذيب والاغتصاب والاستعباد الجنسي، والاضطهاد على أسس إثنية وجنسانية.

ونسبت البعثة «حالات» لـ«القوات المسلحة السودانية» والجماعات المتحالفة معها، بيد أنها قالت إنها تحتاج لمزيد من التحقيق لتحديد نطاقها وأنماطها. وأوضحت أن غالبية حالات الاغتصاب والعنف الجنسي والجنساني ارتكبتها «قوات الدعم السريع» في ولايات الخرطوم ودارفور والجزيرة، إرهاباً وعقاباً لمدنيين متهمين بصلاتهم بالطرف الآخر.

قلق على المدنيين

وقال رئيس البعثة محمد شاندي عثمان بحسب التقرير، إن بعثته ذُهلت مما سمّاه «النطاق المهول للعنف الجنسي الذي نقوم بتوثيقه في السودان»، وتابع: «وضع المدنييّن الأكثر حاجة، لا سيما النساء والفتيات من جميع الأعمار، يبعث على القلق الشديد، ويتطلّب معالجة عاجلة».

الدمار الذي حل بمستشفى الفاشر في إقليم دارفور (صفحة حاكم الإقليم في «فيسبوك»)

وقالت البعثة إن دارفور شهدت أعمال عنف جنسية قاسية، تحت التهديد بالأسلحة النارية والبيضاء والسياط؛ لترهيب وإكراه الضحايا، بالازدراء، والعبارات العنصرية والتحيز الجنسي، تحت التهديد بالقتل، وإن هذه الأفعال تتم أمام أفراد العائلة.

وقطعت البعثة بأنها عثرت على «أسباب معقولة» تؤكد أن «قوات الدعم السريع» والميليشيات المتحالفة معها «ارتكبت الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي»، وانتهاكات أخرى ضد القانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

ولم ترد «قوات الدعم السريع»، التي تقاتل الجيش السوداني، على طلب للتعليق. وسبق أن قالت إنها ستحقق في الادعاءات، وستقدم الجناة إلى العدالة.

تجنيد الأطفال

وقالت البعثة في التقرير إنها وثّقت عدداً أقل من حالات العنف الجنسي التي تَورَّط فيها الجيش السوداني، وإن الأمر يحتاج إلى مزيد من التحقيق. وأضافت أيضاً أن لديها تقارير موثقة تفيد بأن الطرفين المتحاربين جنَّدا أطفالاً. ووجدت البعثة، الشهر الماضي، أن الجيش و«قوات الدعم السريع» ارتكبا انتهاكات جسيمة؛ مثل التعذيب والاعتقال القسري.

مرضى بمستشفى مؤقت تابع لمنظمة «أطباء بلا حدود» في أدري بتشاد على الحدود مع السودان (رويترز)

وإلى جانب العنف الجنسي، ذكر تقرير البعثة أن هناك عنفاً ضد الحياة والسلامة البدنية، لا سيما التعذيب، وأشكال مختلفة من «المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية المهينة والمُحِطَّة للكرامة الإنسانية»، بما في ذلك «اختطاف النساء والفتيات»، واحتجازهن وحبسهن لأغراض جنسية.

ودعت عضو البعثة، جوي نجوزي إيزيلو، لوقف الإفلات من العقاب، ومحاسبة الجناة، وقالت: «النساء والفتيات والفتيان والرجال في السودان الذين يتعرَّضون بشكل متزايد للعنف الجنسي والجنساني بحاجة إلى الحماية». وحذَّرت من عدم المساءلة. وأضافت: «دون المساءلة، ستستمر دوامة الكراهية والعنف. يجب علينا وقف الإفلات من العقاب، ومحاسبة الجناة».

وذكر التقرير أنه بسبب غياب الرعاية الطبية والدعم النفسي والاجتماعي، يتفاقم تأثر ضحايا الاغتصاب وأشكال العنف الجنسي الأخرى بهذه الجرائم؛ نتيجة لتدمير المرافق الطبية أو نهبها أو احتلالها من قبل الطرفَين المتحاربَين، بجانب معاناة أفراد وعائلات ضحايا العنف الجنسي بشدّة من الوصمة الاجتماعية، ولوم الضحية والشعور بالعار.

أحد مخيمات اللاجئين في تشاد حيث يئنّ العشرات من العائلات الفارّة من الحرب في دارفور (نيويورك تايمز)

ودعت عضو البعثة، منى رشماوي، لتوسيع نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ليشمل أنحاء السودان كافة، وللحد من مواصلة الجناة للجرائم والتسبب في الإرهاب والخراب وتمزيق السودان، وإنشاء آلية قضائية مستقلة تعمل بالتنسيق والتكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، من أجل «تحميل مسؤولية وعار هذه الأعمال الشائنة للجناة دون سواهم».

وأنشأ مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، في 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «بعثة تقصي الحقائق» من 3 أعضاء، وفوَّضها التحقيق في الانتهاكات والتجاوزات لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ويتضمَّن تحقيقها الجرائم ضد اللاجئين، والجرائم المرتبطة بالنزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» وغيرهما من أطراف النزاع، وإثبات الوقائع، وظروفها، وأسبابها.

تم تمديد ولاية البعثة لسنة جديدة، تستمر حتى 1 أكتوبر 2025، ويترأسها القاضي التنزاني السابق محمد شاندي عثمان، وعضوية المحامية النيجرية جوي إيزيلو، والأردنية منى رشماوي.

14 مليون نازح

وتسببت حرب السودان في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، مع مقتل الآلاف وتشريد أكثر من 14 مليون شخص، وانتشار الجوع على نطاق واسع وتدخل قوى أجنبية. وقالت مديرة «المنظمة الدولية للهجرة»، إيمي بوب، الثلاثاء، إن أكثر من 14 مليون شخص نزحوا من منازلهم في السودان؛ إما داخل البلاد وإما لجأوا إلى خارج الحدود، بينهم نحو 200 ألف شخص نزحوا منذ الشهر الماضي.

وأوضحت المديرة العامة لـ«المنظمة الدولية للهجرة» للصحافيين: «11 مليون شخص نزحوا في داخل البلاد، و3.1 مليون شخص هم أولئك الذين عبروا الحدود». وأضافت لاحقاً أن الرقم الإجمالي يشمل بعض الأشخاص الذين نزحوا قبل بدء الحرب الأهلية في أبريل (نيسان) 2023.