تُخطط الحكومة المصرية لتطوير منطقة العتبة الشعبية، في وسط القاهرة، خلال الفترة المقبلة، مع إعلان محافظة القاهرة التي تتبعها المنطقة إدارياً عن خطة التطوير التي تستهدف «تطبيق الاشتراطات الخاصة بالإطفاء والحريق، وأماكن للباعة الجائلين»، وسط تساؤلات بشأن إسهام «مُخطط التطوير» في الحد من الحوادث التي تتكرر من وقت لآخر في العتبة (أشهر مناطق بيع الملابس والسلع في العاصمة).
وشهدت العتبة خلال الشهور الماضية عدة حرائق، خلفت خسائر مالية كبيرة، على خلفية «وجود كميات كبيرة من المواد القابلة للاشتعال مُخزنة في شقق سكنية تستخدم مخازن، بالإضافة لغياب وسائل الإطفاء الأولية التي تٌمكن من السيطرة على الحرائق»، وفق مراقبين.
وتكررت الحوادث أخيراً في منطقة العتبة، التي تقع ضمن نطاق حي الموسكي، الذي يضم شارع الموسكي التجاري الشهير، من بينها حريق كبير تسبب في تدمير بناية كاملة في يوليو (تموز) الماضي.
محافظة القاهرة أعلنت، الخميس، عن مُخطط تطوير العتبة، عبر إنشاء عدد من الوحدات للباعة الجائلين بدلاً من افتراشهم الطريق، وتوحيد لافتات المحلات التجارية الموجودة، وتركيب مظلات حماية من الشمس والأمطار، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سهولة حركة المواطنين المترددين على المنطقة.
وحسب مساعد وزير الداخلية المصري، مدير إدارة «الحماية المدنية» الأسبق في القاهرة، اللواء جمال حلاوة، فإن أمر «إنهاء حوادث الحرائق في منطقة العتبة يحتاج إلى إرادة حقيقية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «المنطقة مليئة بالمخالفات؛ ليس فقط في الشوارع؛ لكن في إشغالات المباني»، مشيراً إلى أنهم «فوجئوا في إحدى المرات عند اندلاع حريق بإحدى البنايات أن المبنى حاصل على رخصة فندق، وهو في الحقيقة مخزن كبير يحتوى على مواد قابلة للاشتغال».
وأضاف حلاوة أن المشكلة ليست في الباعة الجائلين فقط، لكن في «ضرورة إعادة النظر في جميع اشتراطات الحماية المدنية، بما فيها وسائل إطفاء الحرائق، والحركة المرورية في ظل وجود مناطق لا تستطع الحماية المدنية الوصول إليها بسهولة عند اندلاع الحرائق»، مؤكداً أن الأمر بـ«حاجة لمعالجة جذرية لتفادي أي حوادث حرائق تحدث في المستقبل».
بينما يرى أستاذ التخطيط العمراني في مصر، الدكتور سيف الدين فرج، أن «تطوير المنطقة تأخر كثيراً»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن العتبة أصبحت في «وضع غير مقبول على الإطلاق حتى للمترددين عليها، الذين يواجهون صعوبات كبيرة في الحركة».
وأضاف أن المنطقة نجت من كوارث عدة خلال الشهور الأخيرة، الأمر الذي تطلب تدخلاً حاسماً من الحكومة المصرية، معرباً عن أمله في تمكن محافظة القاهرة من تطبيق خطة التطوير بما «يسمح بوجود ممرات للمشاه بشكل أدمي، وتطوير منظر المنطقة بالكامل لتفادي أي حرائق في المستقبل، وتقنين أوضاع الورش من ناحية الحماية المدنية ووصلات الكهرباء، بالإضافة إلى مراعاة الجانب البصري عند التطوير بما يحافظ على الطبيعة التاريخية للمنطقة».
ويعود تاريخ المنطقة التجارية في حي الموسكي التي تشمل «سوق العتبة» إلى عام 1869 عندما أمر حاكم مصر آنذاك الخديوي إسماعيل بإنشاء سوق مبنية بالأحجار على مساحة واسعة في المنطقة على غرار الأسواق الحديثة في باريس، فيما كان يفترض تطوير السوق بعد حريق هائل نشب في صيف عام 2019، وجرت مناقشة مقترحات عدة من بينها «إعادة بناء وتطوير المنطقة لكنها لم تدخل حيز التنفيذ».
ونفذت إدارة حي الموسكي في الأيام الماضية حملات في المنطقة لإزالة الإشغالات الموجودة في الشارع، وهي الحملات التي قامت بتحرير مخالفات وتطبيق الإجراءات القانونية مع المخالفين.
يشير أستاذ التخطيط العمراني إلى ضرورة تصميم الأكشاك للباعة بشكل يضمن قدرتهم على عرض بضاعتهم، وتفادي خطأ سابق وقعت فيه السلطات المحلية عند تنفيذ خطة تطوير سابقة، بأن خصصت أكشاكاً للباعة الجائلين بعيدة عن سير المواطنين في منطقة العتبة، ما أدى إلى عودتهم للعتبة من جديد بعد نقلهم منها.