ليبيا: تحركات حكومية لمواجهة ازدياد «الحمى القلاعية»

مربو ماشية بمصراتة حذروا من «وقوع كارثة»

جانب من حملة تحصين الماشية ضد الحمى القلاعية بجنوب ليبيا (الحكومة بشرق ليبيا)
جانب من حملة تحصين الماشية ضد الحمى القلاعية بجنوب ليبيا (الحكومة بشرق ليبيا)
TT

ليبيا: تحركات حكومية لمواجهة ازدياد «الحمى القلاعية»

جانب من حملة تحصين الماشية ضد الحمى القلاعية بجنوب ليبيا (الحكومة بشرق ليبيا)
جانب من حملة تحصين الماشية ضد الحمى القلاعية بجنوب ليبيا (الحكومة بشرق ليبيا)

وجّهت حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، أجهزتها المحلية بسرعة التحرك لمواجهة شكاوي المواطنين من ازدياد مرض «الحمى القلاعية».

وتسود البلديات في غرب ليبيا حالة من الخوف على الثروة الحيوانية، بعد انتشار الفيروس في مزارع بمدينة مصراتة، فيما أمر الدبيبة اللجنة المركزية، التي سبق أن شكّلها بداية العام الحالي لهذا الغرض، ببحث المشكلة سريعاً.

ونقل مصدر مقرب من الحكومة أن الدبيبة كلّف اللجنة بتوفير الأمصال المطلوبة لمكافحة الفيروس، واتخاذ الإجراءات الاحترازية لمواجهته، بما في ذلك غلق أسواق الماشية إذا تطلب الأمر ذلك.

ومرض الحمى القلاعية فيروس شديد العدوى يصيب الأبقار والأغنام والماعز. وغالباً ما يكون حميداً في الحيوانات البالغة، لكنه يمكن أن يكون أيضاً مميتاً بالنسبة للحيوانات الأصغر سنّاً.

تحصين الماشية ضد الحمى القلاعية في جنوب ليبيا (الحكومة بشرق ليبيا)

ونقلت وسائل إعلام محلية خلال اليومين الماضيين شكوى مواطنين في مصراتة من تفشي الفيروس في مزارعهم، ما تسبب في نفوق عدد كبير من ماشيتهم. وقال أحد مربّي الماشية، يدعى نجم الدين تنتون، ويقيم بضواحي مصراتة، إنه خسر عدداً كبيراً من ماشيته بسبب الفيروس، مضيفاً: «فقدت 300 بقرة من بين أصل 742 بقرة»، وطالب السلطات بسرعة التحرك لتدارك الكارثة التي حلّت بهم وقضت على سبل عيشهم.

وفي الموجة الأولى لانتشار فيروس الحمى القلاعية، أغلقت في ليبيا أسواق كثيرة للماشية، من بينها قصر بن غشير وترهونة زليتن، بقصد الحدّ من انتشارها، وسط تحذير حينها من تفشي «الجلد العقدي».

ومن بين مهام اللجنة المركزية، التي تشكلت وفق أمر الدبيبة، «اتخاذ الإجراءات والتدابير الوقائية للحدّ من انتشار الوباء». وتضم وزارات الداخلية والزراعة والحكم المحلي، والشرطة الزراعية والحرس البلدي، بهدف تنفيذ خطة المركز الوطني للصحة الحيوانية، ومتابعة أسواق بيع المواشي ووضع الضوابط اللازمة.

عناصر من الفرق الطبية البيطرية التابعة للمركز الوطني للصحة الحيوانية بوزارة الزراعة (الحكومة بشرق ليبيا)

وقال مدير مكتب الصحة الحيوانية في مصراتة، سالم البدري (45 عاماً)، الذي جاء لتقييم الوضع في مزرعة تنتون، لوكالة الأنباء الفرنسية: «نحن نتجه نحو كارثة... معظم الأبقار في مصراتة مصابة الآن، وليس أمامنا خيار سوى ذبحها للقضاء على الوباء».

وفي مصراتة، ثالث أكبر مدن ليبيا، كانت المزارع الصغيرة هي الأكثر تضرراً، حيث أبلغ بعض الرعاة عن فقدان نحو 70 في المائة من قطعانهم.

ووفقاً للبدري، قبل تفشي مرض الحمى القلاعية، «كانت منطقة مصراتة تنتج نحو 70 ألف لتر من الحليب يومياً، لكن الإنتاج انخفض إلى 20 ألف لتر يومياً»، وهو ما يكشف عن حجم الكارثة التي تسبّب بها نفوق الماشية بشكل متسارع.

وبدأ انتشار هذه الأمراض، بحسب منظمة الأغذية والزراعة العالمية، في ليبيا العام الماضي، عن طريق الاستيراد غير القانوني للحيوانات، التي لا تخضع لرقابة بيطرية، وانتقالها من منطقة إلى أخرى، بالإضافة إلى نقص المعرفة حول هذه الأمراض المعدية لدى بعض المربين.

وللحدّ من انتشار مرض الحمى القلاعية وتطوير المنظومة الصحية في ليبيا، أجرى فريق تابع للإدارة العامة لشؤون الإصحاح البيئي، بالتعاون مع وفد خبراء من معهد الحمى القلاعية التركي، زيارة ميدانية إلى عدد من البؤر المرضية بمنطقة جنوب طرابلس. وقالت حكومة «الوحدة» حينها إن الزيارة استهدفت إجراء دراسات لتقييم مستوى الحالة المرضية، وبحث أفضل الاستراتيجيات لوضع حلول جذرية لهذه الأمراض، والاستفادة من التجربة التركية في هذا المجال.

وسبق للمركز الوطني للصحة الحيوانية التحذير من خطر تفشي مرضي «الجلد العقدي» و«الحمى القلاعية» على الثروة الحيوانية، وحضّ كل السلطات المعنية على تعزيز قدرة القطاع البيطرية على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي تحول الوضع إلى «كارثة».

وينتقد المربون السلطات الليبية بسبب عدم استجابتهم للأزمة، ولا سيما مرحلة الوقاية، مع التأخر في صرف الأموال الحكومية، ما أدى إلى تباطؤ عملية تسليم اللقاحات والأمصال إلى المناطق والمصالح البيطرية.

ويقول سالم البدري بأسف: «لو تمّ تسليم اللقاحات في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي كما طالبنا لما كنّا هنا. وقد طلبت من السلطات في مناسبات عدّة تسليمها لنا من أجل إنقاذ المزارع». وطالب الدولة بتوفير اللقاحات للمربين بشكل سنوي.


مقالات ذات صلة

غرق 12 مصرياً أمام طبرق الليبية خلال محاولتهم «الهجرة»

شمال افريقيا من عملية إنقاذ عدد من المهاجرين من طرف خفر السواحل بغرب ليبيا (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)

غرق 12 مصرياً أمام طبرق الليبية خلال محاولتهم «الهجرة»

أعلنت مؤسسة حقوقية ليبية انقلاب قارب كان يقل 13 مصرياً، أمام ساحل مدينة طبرق (شرق)، غرق منهم 12 فرداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة وميلوني على هامش افتتاح أعمال الدورة الـ30 لمنتدى الأعمال الليبي - الإيطالي (الوحدة)

الدبيبة وميلوني يفتتحان منتدى الأعمال الليبي - الإيطالي في طرابلس

دشن عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة مع نظيرته الإيطالية المنتدى الاقتصادي الليبي - الإيطالي.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا الساعدي القذافي (أرشيفة من أ.ف.ب)

دفاع الساعدي القذافي عن الوجود التركي في ليبيا يفجر انتقادات

يرى الساعدي نجل الرئيس الراحل معمر القذافي أن «وجود الأتراك أو المصريين أو أي دولة مسلمة في ليبيا؛ شرط التنسيق مع السلطات أمر محمود ومفيد استراتيجياً ودينياً».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة مترئساً اجتماع حكومته في طرابلس (حكومة الوحدة)

الدبيبة يدعو لإنعاش الحياة السياسية الليبية عبر «دستور دائم وانتخابات نزيهة»

قال عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» إن قرار تغيير إدارة «المصرف المركزي» جاء لبدء مرحلة مؤسساتية جديدة في هذا المرفق المهم.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا أبو عجيلة المريمي ضابط الاستخبارات الليبية السابق (أرشيفية - رويترز)

عائلة الليبي المتهم بتفجير «لوكربي» تطالب بعلاجه وزيارته في أميركا

طالبت عائلة أبو عجيلة المريمي، ضابط الاستخبارات الليبي السابق، وزارةَ الخارجية التابعة لحكومة الدبيبة، بتسهيل سفرها إلى أميركا؛ لزيارته في محبسه.

جمال جوهر (القاهرة)

دفاع الساعدي القذافي عن الوجود التركي في ليبيا يفجر انتقادات

الساعدي القذافي (أرشيفة من أ.ف.ب)
الساعدي القذافي (أرشيفة من أ.ف.ب)
TT

دفاع الساعدي القذافي عن الوجود التركي في ليبيا يفجر انتقادات

الساعدي القذافي (أرشيفة من أ.ف.ب)
الساعدي القذافي (أرشيفة من أ.ف.ب)

أثار دفاع الساعدي، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، عن الوجود التركي في ليبيا منذ مئات السنين «موجة انتقادات واسعة في البلاد، ولا سيما بين أنصار النظام السابق، الذين عدوا حديثه تكريساً للاحتلال».

والساعدي، الذي يقيم منذ خروجه من بلده على ما يبدو في تركيا، بدأ ينشط في التدوين على حساب منسوب له عبر منصة «إكس» في قضايا تتعلق بالشأن الداخلي، وبعض القضايا العربية.

وقال الساعدي إن «إخوتنا الأتراك كانوا معنا عبر التاريخ، يدافعون عن الإسلام والعرب والمسلمين منذ مئات السنين، وعندما ضعفت الدولة العثمانية احتُلت فلسطين وتشققت الكتلة الإسلامية، وجاءت (سايكس بيكو)، ووضعت حدودها».

من لقاء سابق بين رئيس حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة والرئيس التركي (الوحدة)

وعدّ الساعدي عبر منصة «إكس» أن «وجود الأتراك أو المصريين، أو أي دولة مسلمة في ليبيا؛ بشرط التنسيق مع السلطات، أمر محمود ومفيد استراتيجياً ودينياً».

وعدّ ليبيون الحديث المنسوب للساعدي «تبريراً غير مقبول» للوجود التركي في ليبيا عبر عناصر (المرتزقة) السوريين، الموجودين في البلاد منذ عام 2019.

ووقعت اتفاقية «سايكس بيكو» بين فرنسا وبريطانيا بشكل سري على اقتسام تركة «الدولة العثمانية» على الأراضي العربية الواقعة شرق المتوسط عام 1916.

وسبق أن برّأت دائرة الجنايات بمحكمة استئناف طرابلس الساعدي في أبريل (نيسان) 2018، من تهمة قتل وتعذيب لاعب كرة القدم عام 2005. وظل النجل الثالث للرئيس الراحل قابعاً في السجن إلى أن أطلق سراحه في 6 من سبتمبر (أيلول) 2021، ليغادر البلاد متوجهاً إلى تركيا، وسط تباين الآراء حول إقامته راهناً.

فريق عسكري تركي خلال إشرافه على تدريب عسكريين بمدرسة عسكرية ضواحي طرابلس (الشرق الأوسط)

وعدّ مصطفي الفيتوري، الكاتب والأكاديمي الليبي، حديث الساعدي «تبريراً للاحتلال التركي السابق لقرون متواصلة بحجة نصر الإسلام وحماية المسلمين»، ورأى أن «الأخطر من هذا؛ التبرير لاتفاقية فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي السابق، مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عام 2019، التي أعطت لبلاده الحق في إقامة قواعد عسكرية في ليبيا، بالإضافة لجلب عساكرها ومرتزقتها، بعد أن كان بلدنا محرّماً على القواعد والقوات الأجنبية».

وجاءت تصريحات الساعدي في أعقاب انطلاق «حراك اجتماعي ليبي» يطالب بإخراج عناصر «المرتزقة» من البلاد، يتزعمه موالون للنظام السابق، الأمر الذي أثار استغرابهم. و«للعلم لا توجد قوات مصرية في أي منطقة بالأراضي الليبية».

ووجه الفيتوري حديثه للساعدي، قائلاً: «إن كنت تعني بالتنسيق توقيع الاتفاقيات مثلاً فذلك هو الضلال بعينه؛ ومن هذا المنطلق، فإنه إذا وقعت السلطة الليبية اتفاقية تطبيع مع الصهاينة فعلينا أن نقبلها لأنها تمت وفق اتفاق».

رئيس الأركان التركي خلال زيارة سابقة لمركز قيادة العمليات التركي الليبي في طرابلس (وزارة الدفاع التركية)

وبعدما قال الفيتوري إن هذا هو حساب الساعدي على «إكس»، أكد على ضرورة «رفض أي اتفاق يأتينا بالقواعد والقوات الأجنبية»؛ وأرجع أسباب الرفض لأن ذلك «يعد انتقاصاً من السيادة الليبية الوطنية، ويعني تراجعاً عن أهم درس تعلمناه عبر 42 عاماً؛ وهو رفض الوجود الأجنبي المسلح، وبأي صيغة على الأرض الليبية». في إشارة إلى عهد القذافي.

وكان العجمي العتيري، قائد كتيبة «أبو بكر الصديق»، والمسؤول السابق عن تأمين سيف الإسلام، نجل العقيد الراحل معمر القذافي، إبان فترة احتجازه بمدينة الزنتان، قد دعا لإطلاق حملة شعبية لإخراج القوات التركية من ليبيا.

واستدعت تصريحات الساعدي انتقادات عدة من أطراف مختلفة، بينا التمس له البعض الأعذار، وهو ما أقدم عليه صاحب حساب «سيفيون ونفتخر» على موقع التواصل «فيسبوك»، بقوله: «تصريحات الساعدي القذافي لا تعني بالضرورة أنها صحيحة، أو هو من كتبها. الإشارة واضحة إلى أنه تحت الإقامة الجبرية».

بينما رأى صاحب حساب آخر يدعى «القاضي المعلم» أن «من حكموا ليبيا لا يهمهم إلا مصلحتهم فقط»؛ مستغرباً وصف الساعدي للأتراك الذين يحتلون طرابلس بـ«الإخوة».

والساعدي الذي يبدأ عقده السادس، كان لاعب كرة قدم سابقاً، وحاول من دون جدوى أن يؤسس مسيرة كروية في الدوري الإيطالي، قبل أن يقود وحدة نخبة عسكرية في ليبيا.