مصر تكثّف دعمها الصحي للسودان

القاهرة أكدت العمل على توفير الأدوية وتدريب الأطباء

اجتماع نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة المصري مع وزير الصحة السوداني في القاهرة (الصحة المصرية)
اجتماع نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة المصري مع وزير الصحة السوداني في القاهرة (الصحة المصرية)
TT

مصر تكثّف دعمها الصحي للسودان

اجتماع نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة المصري مع وزير الصحة السوداني في القاهرة (الصحة المصرية)
اجتماع نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة المصري مع وزير الصحة السوداني في القاهرة (الصحة المصرية)

ناقش نائب رئيس الوزراء، وزير الصحة المصري، خالد عبد الغفار، مع وزير الصحة السوداني، هيثم عوض الله، في القاهرة، اليوم (الخميس)، «التعاون المشترك في القطاع الصحي بالبلدين»، إلى جانب «تعزيز الدعم المصري المقدم إلى السودان واستمراره» في ظروف الحرب الحالية، حسب إفادة لـ«الصحة المصرية».

وتسبّبت الحرب في السودان التي بدأت في أبريل (نيسان) 2023 في توقف ما بين 70 في المائة و80 في المائة من المستشفيات في مناطق الصراع عن العمل، في حين يحتاج نحو 15 مليون شخص إلى رعاية صحية عاجلة، بما في ذلك رعاية الأطفال، وعلاج سوء التغذية الحاد، والأمراض المزمنة، حسب منظمة الصحة العالمية.

وزير الصحة المصري يستقبل نظيره السوداني بالقاهرة (الصحة المصرية)

وبحث الوزيران، حسب البيان، «فرص زيادة تدريب الأطباء السودانيين بمصر، ضمن البرامج التدريبية للزمالة المصرية»، إلى جانب «مواصلة المساعدات الصحية التي تقدمها القاهرة، تحت مظلة (الصندوق العربي للتنمية الصحية)». كما ناقشا «التعاون في مجال إنتاج الدواء والمستحضرات الحيوية بالسودان»، وتعهّد وزير الصحة المصري «بتقديم الرعاية الصحية إلى الجالية السودانية الموجودة داخل مصر».

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن مصر استقبلت نحو مليون و200 ألف سوداني منذ الحرب، إلى جانب ملايين آخرين يعيشون في المدن المصرية منذ سنوات، حسب السفير المصري لدى السودان، هاني صلاح.

وثمّن وزير الصحة السوداني «الدعم المصري المقدم إلى المنظومة الصحية لبلاده»، إلى جانب «جهود ضيافة السودانيين الوافدين للأراضي المصرية واستقبالهم» بعد الحرب.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية، في سبتمبر (أيلول) الماضي، «تنظيم قوافل طبية وتوجيهها إلى إقليم شمال السودان، للعمل في بعض المستشفيات السودانية»، وقالت إن «القوافل ستشمل عيادات متنقلة وكميات من الأدوية والمستلزمات الطبية؛ لتغطية الاحتياجات العلاجية لسكان الإقليم».

وتقديم الدعمَين الإنساني والصحي من المحددات الأساسية للتعاطي المصري مع الأزمة السودانية الحالية، وفقاً لرئيس «لجنة الشؤون الأفريقية» في مجلس النواب المصري (البرلمان)، شريف الجبلي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «القاهرة حريصة على دعم المتضررين من الحرب، بتقديم المساعدات والمستلزمات التي تحتاج إليها الحكومة السودانية، واستقبال آلاف الفارين من المواجهات العسكرية ومعاملتهم معاملة المصريين».

وعدّد الجبلي أوجه الدعم المصري للسودان في ظروف الحرب الحالية، قائلاً إن «القاهرة حريصة على الدعم السياسي لوقف الحرب الداخلية واستقرار الأوضاع»، إلى جانب «مسارات التعاون الاقتصادي والاجتماعي والإنساني»، مشيراً إلى أن «مصلحة مصر الأساسية في استقرار السودان».

وباعتقاد الباحث السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «المساعدات الطبية المصرية ترفع المعاناة عن الشعب السوداني، خصوصاً المتضررين من الحرب»، وقال إن «الحرب دمّرت البنية الصحية السودانية، وهناك معاناة في توفير الإمدادات الطبية والأدوية اللازمة لعلاج المصابين».

وأوضح خليل لـ«الشرق الأوسط»، أن «غالبية ولايات السودان تواجه شحاً في المستلزمات الطبية والأدوية»، مشيراً إلى أن «عمليات التدمير طالت أيضاً مصانع الأدوية واللقاحات».


مقالات ذات صلة

تصاعد المطالبة بقوات حفظ سلام في السودان وفرض حظر تسلح

شمال افريقيا نازحون من ولاية الجزيرة في وسط السودان لدى وصولهم إلى مدينة القضارف شرقاً 27 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

تصاعد المطالبة بقوات حفظ سلام في السودان وفرض حظر تسلح

علت الأصوات المحلية والدولية المطالبة بتدخل أممي في السودان، وإرسال قوات حفظ سلام دولية لحماية المدنيين، بعد الأحداث الدامية التي شهدتها مؤخراً ولاية الجزيرة.

أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا منزل تعرض للقصف في معارك دارت أخيراً في الخرطوم (أ.ب)

السودان: 124 قتيلاً في مجزرة «السريحة» بولاية الجزيرة

صعّدت «قوات الدعم السريع» من هجماتها ضد المدنيين في مناطق شرق ولاية الجزيرة (وسط السودان)، وارتكبت مجزرة مروعة في بلدة السريحة، سقط خلالها أكثر من 124 قتيلاً.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا تماثيل يصل ارتفاعها إلى عشرة أقدام لملوك نوبيين في عاصمة النوبة كرمة (غيتي)

بريطانيا تمول ناشطين سودانيين لمنع نهب المتاحف والآثار

قالت مصادر بريطانية، إن ناشطين سودانيين يتلقون تمويلاً بريطانياً، لإنقاذ الكنوز الثقافية من جهات تقدم على نهب المتاحف في مختلف أنحاء السودان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا قائد الجيش الفريق البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان 28 أغسطس (أ.ف.ب)

البرهان يتوعد بمواصلة الحرب وتسليح المدنيين

توعد قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، بمواصلة حربه ضد «قوات الدعم السريع» حتى هزيمتها تماماً، رافضاً التفاوض معها.

أحمد يونس (كمبالا) «الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الهلال الأحمر الليبي يقدم مساعدات لمهاجرين سودانيين في الكفرة (الهلال الأحمر الليبي)

تباين ليبي حول توجيه رئيس «الوحدة» باستيعاب مهاجري السودان

عكست توجيهات رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، باستقبال الطلاب والأساتذة السودانيين في المدارس والجامعات الليبية، نوعاً من التباين.

جاكلين زاهر (القاهرة )

«هدنة غزة»: جولة جديدة للوسطاء لبحث «المقترح المصغر»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: جولة جديدة للوسطاء لبحث «المقترح المصغر»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

في الوقت الذي بدأ فيه الوسطاء الساعون لإبرام صفقة لتبادل المحتجزين والسجناء ووقف إطلاق النار في غزة، جولة جديدة من المفاوضات في الدوحة، كشف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن القاهرة اقترحت وقفاً لإطلاق النار لمدة يومين في غزة لتبادل أربع رهائن إسرائيليين مع بعض السجناء الفلسطينيين.

وأضاف السيسي خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، الأحد، في القاهرة، أن «مصر في خلال الأيام القليلة الماضية قامت بجهد في إطلاق مبادرة تهدف إلى تحريك الموقف وإيقاف إطلاق النار لمدة يومين يتم (خلالهما) تبادل أربع رهائن مع أسرى». وأردف: «ثم خلال 10 أيام يتم التفاوض على استكمال الإجراءات في القطاع، وصولاً إلى إيقاف كامل لإطلاق النار».

وتحتضن الدوحة جولة جديدة لوسطاء ضمن مساعي إبرام هدنة في قطاع غزة، بعد توقف نحو شهرين.

واستبقها وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بالحديث عن أهمية تقديم «تنازلات مؤلمة» لإتمام صفقة، يراها خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» ضمن تحركات جديدة للوسطاء لبحث إبرام صفقة تزداد قبل الانتخابات الأميركية الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، إن لم يعرقلها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، متوقعين «جولات أخرى من المحادثات أوسع وأشمل خلال الفترة القليلة المقبلة».

اتفاق قصير الأجل

وانطلقت مفاوضات الدوحة، الأحد، بحضور مدير المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز، ورئيس «الموساد» ديفيد برنياع، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، «بهدف التوصل إلى اتفاق قصير الأجل لأقل من شهر، وتبادل بعض الرهائن مع فلسطينيين محتجزين في سجون إسرائيل، كمقدمة لاتفاق أكثر استدامة»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء، عن مصدر لم تسمه.

وأفادت «القناة 12» الإسرائيلية، الأحد، بأن جولة الدوحة «ستكون اجتماع عمل محدوداً في الدوحة بمشاركة رئيس (الموساد) ورئيس الـ(CIA) ورئيس وزراء قطر، والهدف بدء مفاوضات على أساس مقترح محدث، في محاولة لتمكين إجراء محادثات أوسع في الأيام المقبلة».

ووفق صحيفة «وول ستريت جورنال»، فإن الجانب الإسرائيلي قدم عرضاً جديداً بشأن وقف إطلاق النار يتمثل في إمكانية منح أعضاء «حماس» ممراً آمناً إلى دولة أخرى إذا ألقوا أسلحتهم وأطلقوا سراح الرهائن الذين تشير تقديرات غير رسمية إلى أن عددهم 97 رهينة.

وكشف وسطاء عرب للصحيفة أن الاقتراح الذي قدمه رئيس «الموساد»، ديفيد برنياع، في اجتماع مع مسؤولين مصريين، الأسبوع الماضي، من المرجح أن يُطرح مرة أخرى، الأحد، مع تجديد محادثات وقف إطلاق النار في قطر، رغم رفض «حماس» له.

نازحة فلسطينية تقف أمام خيمتها التي مزقتها غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

الورقة الرابحة

الأقرب أن تكون الصفقة المصغرة المحتملة بصدارة المباحثات، وفق تقديرات المحلل السياسي الفلسطيني، والقيادي بحركة «فتح»، الدكتور أيمن الرقب، وتشمل تبادل رهائن مزدوجي الجنسية مقابل أسرى فلسطينيين، ووقف إطلاق النار لأقل من شهر، وانسحاباً من بعض المناطق، وإدخال مزيد من المساعدات.

ويضيف الرقب: «هناك مقترح آخر طرحته (حماس)، ويشمل إتمام صفقة شاملة، يتم فيها تبادل كل الأسرى بعدد كبير من أسرى فلسطين، مع ترتيبات أمنية بين (حماس) والسلطة الفلسطينية ودول عربية مع انسحاب إسرائيلي من القطاع»، مضيفاً: «لكن قد لا يلقى هذا المقترح قبولاً إسرائيلياً، وبالمقابل لن تقبل (حماس) مهما تلقت من ضربات قاسية أن تفرط في الورقة الرابحة لديها، وهي ورقة الرهائن بأي ثمن».

ويدعو الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، إلى التمهل في حسم نتائج جولة الدوحة، لافتاً إلى أن أي صفقة ستنفذ ستحتاج لتنازلات، والأقرب أن تقدمها إسرائيل ليستفيد منها نتنياهو المتضرر من ملف الرهائن رغم مكاسبه التي يتحدث عنها.

وعلى إسرائيل تقديم «تنازلات مؤلمة»، وفق وزير الدفاع الإسرائيلي في كلمته، الأحد، بالقدس، لضمان استعادة الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، مشيراً إلى أن العمليات العسكرية وحدها لن تحقق أهداف الحرب.

ويعزز تقديم تلك التنازلات وفق غالانت، أن «حماس» لم تعد قادرة على تنفيذ أي مهام عسكرية في قطاع غزة، كما تم القضاء تماماً على كبار قادة «حزب الله» وأغلب قدراته الصاروخية، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وكان نتنياهو، أحد رافضي وقف الحرب، قال الخميس، في بيان لمكتبه، إنه يرحب باستعداد مصر للدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة. وقاطعت عائلات الأسرى كلمة رئيس الوزراء في حفل تأبين بالقدس، الأحد، وطالبته بإبرام صفقة وإرجاع ذويهم.

الانتخابات الأميركية

وبتقدير اللواء سمير فرج، فإن ملف الرهائن «نقطة سوداء وضعف» لدى نتنياهو، لافتاً إلى أنه رغم المكاسب التي حققها بحسب تقديره من قتل يحيى السنوار وحسن نصر الله، فإن صفقة الأسرى لا تزال تطارده ويحتاج تحقيق إنجاز بشأنها يقلل الانتقادات الموجهة له من عائلات الأسرى.

ويدخل نتنياهو هذه الجولة وهو لديه جثة السنوار كورقة مساومة وضغط قد يستخدمها في جولات التفاوض، وفق اللواء سمير فرج، متوقعاً إقرار الصفقة المصغرة بهدنة تصل إلى 10 أيام أو نحو أسبوعين، إن حُسمت تفاصيلها قبل عقد الانتخابات الأميركية، وإلا فالانتظار لما بعد نتائجها.

ورغم كل الفرص المحتملة لإبرام صفقة مصغرة بحسب الرقب، فإنه يستبعد أن تكون قبل الانتخابات الأميركية الرئاسية المقررة، في ظل حرص نتنياهو على دعم حليفه الجمهوري دونالد ترمب، بعدم تقديم أي فرصة لمكاسب انتخابية جراء عقد اتفاق لغريمته الديمقراطية، كامالا هاريس.

وبالتالي يعتقد أن المحادثات لن تتوقف، وسوف تشهد جولات أخرى، وربما يُكتب لها الذهاب لاتفاق بعد الانتخابات الأميركية، كما يتوقع الرقب.

صورة تم التقاطها في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة تظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

ورغم عدم مشاركة مصر بهذا الاجتماع، فإن «الجهود المبذولة من جانب مصر، بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة»، ضمن النقاشات الرئيسية خلال اتصالين هاتفيين أجراهما وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، مع نظيره الإيراني عباس عراقجي، ونظيره الفلسطيني محمد مصطفى.

والتقى وفد أمني مصري رفيع المستوى بوفد من قيادات حركة «حماس» بالقاهرة، وكذلك برئيس «الموساد»، نهاية الأسبوع الماضي، لبحث مفاوضات الهدنة، وفقاً لما نقلته قناة «القاهرة الإخبارية» عن مصدر مسؤول.

وتحدث مصدر مطلع لوكالة «رويترز» عقب الاجتماع عن أن «(حماس) أكدت جاهزيتها لوقف القتال إذا التزمت إسرائيل بوقف النار، والانسحاب من القطاع، وعودة النازحين، وإبرام صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن لقاء القاهرة «ناقش أفكاراً واقتراحات تتعلق باستئناف المفاوضات لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى».

ويوضح فرج أن مصر عضو رئيسي في مفاوضات هدنة غزة، وعدم مشاركتها لا يعني غيابها، لافتاً إلى أن القاهرة تواصل منذ اندلاع حرب غزة جهودها بالوساطة، واستضافت لقاءين بالقاهرة مع «حماس» و«الموساد»، دون مشاركة قطر، الخميس الماضي، مشيراً إلى أن كل دول الوساطة تفعل ما بوسعها لحل الأزمة.

وبالمثل، فإن اجتماع الدوحة بمثابة استكشاف من قطر كما فعلت مصر، على أن يشمل محادثات أخرى شاملة حال حدث تقدم بالمفاوضات، كما يتوقع سمير فرج، متفائلاً بحذر من مسار تلك الجولة الجديدة وإمكانية تحقيق اتفاق قريب.