ليبيا: تصاعد خلافات «النواب» و«الرئاسي» بشأن إدارة «المركزي»

المنفي والدبيبة يؤكدان الاحتكام إلى «استفتاء وطني» لحلحلة الأزمة السياسية

عقيلة صالح خلال لقائه أسامة حماد (حكومة الاستقرار)
عقيلة صالح خلال لقائه أسامة حماد (حكومة الاستقرار)
TT

ليبيا: تصاعد خلافات «النواب» و«الرئاسي» بشأن إدارة «المركزي»

عقيلة صالح خلال لقائه أسامة حماد (حكومة الاستقرار)
عقيلة صالح خلال لقائه أسامة حماد (حكومة الاستقرار)

بينما تصاعدت الخلافات في ليبيا بين مجلسي الرئاسي و«النواب» حول قرار الأخير اعتماد مجلس إدارة جديد للمصرف المركزى في البلاد، أكد رئيس حكومة «الوحدة»، عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، أهمية الاحتكام لرأي الشعب الليبي بوصفه خطوة أساسية في تحقيق الحلول السياسية اللازمة للوصول إلى الانتخابات.

وقال بيان لمكتب الدبيبة إنه تابع مع المنفي، خلال اجتماعهما مساء الاثنين بالعاصمة طرابلس، جهود تفعيل «الاستفتاء الوطني»، حيث أشادا بما وصفاه بالتأثير الإيجابي للقرارات التصحيحية المتخذة في وقت سابق على حياة ومعيشة المواطن الليبي، التي ساهمت في تحسين الظروف المعيشية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، مشددين على المضي قدماً في هذا الاتجاه.

وأوضح البيان أنه تم الاتفاق على مواصلة التنسيق، واتخاذ الإجراءات الضرورية لإزالة العقبات، التي تحول دون الحفاظ على الاستقرار في البلاد في المجالات كافة.

وفى إشارة غير مباشرة إلى قرار مجلس النواب اعتماد مجلس الإدارة الجديد للمصرف المركزي، عدّ عبد الله اللافي، نائب المنفي، القرارات «غير المدروسة» قد تؤدي إلى نتائج غير محمودة، وقال في بيان مقتضب، مساء الاثنين، إن وحدة الوطن واستقراره، «يجب أن يكونا أولوية دائماً عند صانع القرار».

لقاء اللافي مع ستيفاني خوري (المجلس الرئاسي)

كما شدد اللافي في لقائه مع القائمة بأعمال البعثة الأممية، ستيفاني خوري، اليوم الثلاثاء بطرابلس، على ضرورة وجود مسار سياسي واضح في المرحلة المقبلة، لإنهاء حالة الجمود في العملية السياسية، قصد تمهيد الطريق لإجراء الاستحقاقات الانتخابية، مشيراً إلى أهمية قرار تعيين مجلس إدارة المصرف.

لكن المصرف المركزي بارك صدور قرار رئاسة مجلس النواب، وأعرب في المقابل، مساء الاثنين، عن تطلعه للقيام بمهامه المنوطة به، وفق قانون المصارف وتعديلاته، واتخاذ ما يلزم من إصلاحات هيكلية لتعافي السياسة النقدية، بما يطمح له الشعب الليبي.

بدوره، أكد مصباح دومة، النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، أن صدور قرار تكليف مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي سيكون له «الأثر الإيجابي» على الوضع الاقتصادي للدولة، مؤكداً أن هذا نتاج عمل جماعي أوصت به لجنة دراسة سعر الصرف، التي شارك فيها كثير من المسؤولين والخبراء الاقتصاديين، ومشيراً إلى انتظار تشكيل حكومة جديدة تشرف على الانتخابات العامة التي يطمح لها الليبيون.

من جهة أخرى، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات عن تحديد يوم الأحد المقبل موعداً لإعلان القوائم النهائية للمرشحين لانتخابات المجالس البلدية (المجموعة الأولى) للعام الحالي، مشيرة إلى أنه سيتم تحديد يوم الاقتراع، وما ستتخلله هذه الفترة من إجراءات للبدء في الحملات الانتخابية للمرشحين.

كما طالبت المفوضية، اليوم الثلاثاء، النقابات والاتحادات، التي أحيلت نظمها الأساسية للمفوضية، باستكمال كل المتطلبات اللازمة لإجراء العملية الانتخابية، وعدت «ممارسة الأساليب المعرقلة للعملية الانتخابية لن تجدي نفعاً في ظل التعاون الوثيق مع لجنة اعتماد النقابات، والاتحادات والروابط المهنية بمجلس النواب»، وقالت: «إن التهرب من التواصل مع اللجنة الدائمة، ومحاولات خلق الأعذار والعراقيل لن تنجح في ظل المنهجية التي تعمل بها المفوضية».

في غضون ذلك، قال السفير والمبعوث الأميركى الخاص، ريتشارد نورلاند، في بيان مساء الاثنين، إنه ناقش والقائم بأعمال السفارة الأميركية في تونس مع محمد الحويج، وزير الاقتصاد بحكومة الوحدة، التزام الولايات المتحدة تجاه ليبيا لمدة 10 سنوات، من خلال استراتيجية الولايات المتحدة لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار، وكذلك التعامل التجاري بين البلدين.

لقاء صالح مع سفير إيطاليا (مجلس النواب)

من جهة أخرى، قال رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، إنه بحث مساء الاثنين في بنغازي (شرق)، مع رئيس حكومة «الاستقرار» أسامة حماد، بعض القضايا المتعلقة بالشأن الوطني العام، ومتابعة سير العمل بالحكومة والوزارات والهيئات التابعة لها.

كما ناقش صالح مع السفير الإيطالي، جيانلوكا ألبريني، الأوضاع السياسية في ليبيا، وسُبل إنهاء الأزمة الراهنة، وتوحيد مؤسسات الدولة، والوصول إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بما يُلبي تطلعات وطموحات الشعب الليبي.

الدبيبة خلال اعتماده «الاستراتيجية الوطنية» لمكافحة المخدرات (الوحدة)

في شأن آخر، تعهد الدبيبة خلال اعتماده، اليوم الثلاثاء، الاستراتيجية الوطنية لمعالجة تداعيات تفشي ظاهرة المخدرات والمؤثرات العقلية، في احتفالية نظمها المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي والاجتماعي، بالضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه المساس بأمن المواطن.

وكان الدبيبة، الذي تفقد مساء الاثنين مشروع إنشاء مسجد طرابلس الكبير، قد أكد خلال اجتماعه مع عمداء بلديات الساحل الغربي والجبل استمرار خطة الحكومة في تفعيل الإدارة المحلية، والاهتمام بالمشروعات التنموية التي تهم المواطن، ووجه بضرورة إعطاء الأولوية لمشاريع تزويد البلديات بالمياه وخدمات الصرف الصحي، والقضاء على مدارس الصفيح.


مقالات ذات صلة

«الوحدة» الليبية تطلق استراتيجية لمكافحة الفساد وسط «شكوك» في جدّيتها

شمال افريقيا قادربوه رئيس هيئة الرقابة الإدارية خلال بحث مستجدات طباعة الكتاب المدرسي (هيئة الرقابة الإدارية)

«الوحدة» الليبية تطلق استراتيجية لمكافحة الفساد وسط «شكوك» في جدّيتها

قالت هيئة الرقابة الإدارية إنها تستهدف من وراء اعتماد «الاستراتيجية الوطنية» تعزيز الشفافية والنزاهة ومواكبة المعايير الدولية المنصوص عليها أممياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وفد عسكري من غرب ليبيا خلال زيارته لإيطاليا (وزارة الدفاع بغرب ليبيا)

احتقان يسود العاصمة الليبية... ودعوات إلى «نزع فتيل الفتنة»

تقول وزارة الدفاع التابعة لحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، إنها بدأت «تنفيذ استراتيجيتها المتعلقة بملف التدريب العسكري للجيش» في حين تسود العاصمة حالة احتقان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من زيارة سابقة للدبيبة إلى تركيا (حكومة «الوحدة» الليبية)

تركيا تُعمّق حضورها في ليبيا عبر اتفاقيات تدريب وتعاون عسكريين

انفتحت السلطات في شرق ليبيا وغربها على تركيا بشكل ملحوظ، ما ساعد الأخيرة على تعميق حضورها في البلد الذي يعاني انقساماً سياسياً وحكومياً حاداً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع تكالة ومعاونيه (المجلس الأعلى للدولة)

تكالة يتهم رئيس «النواب» الليبي بـ«تعقيد المشهد السياسي»

عاد النزاع مجدداً بين مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» بليبيا بعدما اتهم محمد تكالة المتنازع على رئاسة مجلس الدولة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بـ«تعقيد المشهد».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع الوفد البريطاني مع السايح (السفارة)

تيتيه تجدد التزامها بوضع خريطة طريق لإجراء الانتخابات الليبية

جددت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا هانا تيتيه التزامها بوضع خريطة طريق تؤدي إلى إجراء انتخابات ومؤسسات موحدة في ليبيا.

خالد محمود (القاهرة )

حديث الانسحاب الإسرائيلي من «موراغ»... هل يمهد لاتفاق «هدنة» في غزة؟

فتاة فلسطينية تنظر إلى الآخرين وهم يزيلون الحطام من مخيم مؤقت للنازحين تعرض لقصف إسرائيلي في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
فتاة فلسطينية تنظر إلى الآخرين وهم يزيلون الحطام من مخيم مؤقت للنازحين تعرض لقصف إسرائيلي في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
TT

حديث الانسحاب الإسرائيلي من «موراغ»... هل يمهد لاتفاق «هدنة» في غزة؟

فتاة فلسطينية تنظر إلى الآخرين وهم يزيلون الحطام من مخيم مؤقت للنازحين تعرض لقصف إسرائيلي في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)
فتاة فلسطينية تنظر إلى الآخرين وهم يزيلون الحطام من مخيم مؤقت للنازحين تعرض لقصف إسرائيلي في مخيم البريج للاجئين (أ.ف.ب)

انطلقت تحركات جديدة بمفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة بحسب تسريبات إسرائيلية، بعد حديث عن قبول حكومة بنيامين نتنياهو الانسحاب من حاجز «موراغ» جنوب القطاع المتاخم لحدود مصر، إحدى نقاط الخلاف الرئيسة بالمحادثات.

جاء ذلك تزامناً مع تأكيدات أميركية عن «تقدم» المحادثات، فيما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «الاتفاق يتوقف على ضغط واشنطن على نتنياهو الذي لا يمل من تكرار مناوراته»، وأكدوا أنه «إذا صحت أحاديث الانسحاب من موراغ، فإنها قد تسهل إتمام الاتفاق».

وقال مصدر من «حماس» مطلع على مسار المفاوضات لـ«الشرق الأوسط»، الخميس، إن «هناك مقاربات واقعية تطرح حالياً بمفاوضات الهدنة، لكن الاتفاق يتوقف بشكل أساسي على موقف الولايات المتحدة التي تملك أدوات الضغط على الاحتلال الإسرائيلي».

وأكد أن «الخرائط الجديدة التي قدمها الاحتلال الإسرائيلي، التي تتضمن تراجعاً عن خرائط سابقة خاصة بمنطقة موراغ، هي خطوة إيجابية، ويمكن أن تساهم في تهيئة المناخ السياسي للوصول إلى اتفاق»، مضيفاً: «مع ذلك، أعتقد أننا ما زلنا في مرحلة تفاوض دقيقة، حيث تُطرح الكثير من التفاصيل والاشتراطات».

ولفت المصدر إلى أن «حركة (حماس) معنية بإنهاء العدوان ووقف الإبادة، وتمتلك رؤية واضحة تذهب نحو اتفاق شامل يتضمن إطلاق سراح عدد من الأسرى ضمن صفقة تبادل، قد تبدأ بعشرة منهم في هذه المرحلة، وهي تعمل بكل جهدها لإنجاح هذا الاتفاق»، مستدركاً: «لكن أي تقدم حقيقي يجب أن يُبنى على انسحاب إسرائيلي واضح من قطاع غزة، وهذا شرط أساسي لا يمكن تجاوزه».

فلسطينيون يصطفون بالقرب من حاوياتهم في انتظار شاحنة توزيع المياه بمخيم مؤقت للنازحين (أ.ف.ب)

ونقلت «رويترز»، الخميس، عن القناة «12 الإخبارية» الإسرائيلية أن «تقدماً قد أحرز بعد أن أبدى نتنياهو تساهلاً في موقفه بشأن خطوط انتشار الجيش». جاء ذلك بعد ساعات من حديث قناة «i24NEWS» الإسرائيلية، الأربعاء، نقلاً عن مصادر مطلعة على تفاصيل المفاوضات أنه «بحسب الخرائط التي قدمتها إسرائيل للوسطاء، فإن إسرائيل تخلت عملياً عن محور موراغ، والحديث الراهن ليس بشأن المحور، بل بشأن الوجود الإسرائيلي في منطقة رفح»، مشيرة إلى «تفاؤل لدى الوسطاء، خاصة أن الخرائط الجديدة تُعزز بشكل كبير إمكانية التوصل إلى إتفاق قريب».

ذلك الترويج الإسرائيلي لمرونة فريق تفاوض حكومة نتنياهو والتقدم بالمفاوضات أكدته أيضاً صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الخميس، لافتة إلى أن رئيس الوزراء «طلب من فريق التفاوض إبداء مرونة أكبر سعياً للتوصل إلى اتفاق تهدئة»، وأكدت موافقته على الانسحاب من محور موراغ، ومناطق أخرى داخل غزة، وأن احتمالات التوصل إلى إتفاق باتت تفوق إحتمالات الفشل، في ظل ضغوط متزايدة من الوسطاء الدوليين.

وذكر مسؤولان في «حماس» تحدثا إلى «رويترز»، الخميس، أن الخلافات لا تزال قائمة بشأن خرائط الانسحاب الإسرائيلي التي أظهرت أن الجيش سيبقى مسيطراً على 40 في المائة من القطاع، وآلية إيصال المساعدات التي تسيطر عليها منظمة تتبع أميركا وإسرائيل دون وجود أممي تطالب به الحركة، والضمانات بأن الاتفاق سيؤدي إلى إنهاء الحرب.

وقال أحدهما، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المحادثات، «لم نتسلم حتى الآن أي خريطة جديدة... حتى الآن لا تقدم في أي من الملفات والحوارات تراوح في مكانها (متوقفة)».

الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء سمير فرج، يعتقد «أن تلك التراجعات الإسرائيلية لا سيما الخاصة بمحور موراغ الذي يفصل خان يونس عن رفح قد تحدث انفراجة، لكن ذلك لم يترجم بعد على أرض الواقع، ونأمل أن ينفذ الانسحاب بشكل جدي».

امرأة فلسطينية تبكي على مقتل أقربائها خلال غارات إسرائيلية وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال المحلل السياسي الفلسطيني المتخصص في شؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، إنه «حتى اللحظة، سلوك نتنياهو يؤشر إلى استمرار تمسكه بخطة التهجير، رغم الرفض الإقليمي والدولي الواسع لها. كل ما يقوم به لا يهدف فقط إلى خلق وقائع ميدانية، بل أيضاً إلى مراكمة أوراق ضغط على الحركة في طاولة التفاوض».

ومع «أن بعض التحركات قد تظهر كأنها تقدم، إلا أن التجربة تؤكد أن الاحتلال يستخدم التقدم الميداني ورقة مساومة، وليس بالضرورة أنه تمهيد حقيقي لانسحاب شامل»، وفق المدهون.

في المقابل، لا يزال التفاؤل الأميركي متواصلاً، وأكد مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أن المفاوضات الجارية لوقف إطلاق نار في غزة تسير «على نحو جيد»، مشيراً إلى إحراز «تقدم جيد»، رغم تحفظه على الإفصاح عن تفاصيل الصيغة، أو الجدول الزمني المقترح، فيما قال مسؤول فلسطيني مقرب من المحادثات لـ«رويترز»، الخميس، إن هذه التصريحات المتفائلة «فارغة من المضمون».

فرج أكد أن ضغوط واشنطن على نتنياهو «قادرة على إنتاج اتفاق قريب، وسننتظر ما ستفعله»، بينما يرى المدهون أنه رغم كل هذا التفاؤل وهذه المطالبات، فإن «كل الاحتمالات من إسرائيل واردة»، مستدركاً: «لكن (حماس) هذه المرة تسعى للحصول على ضمانات صلبة تضمن تنفيذ الاتفاق خلال فترة 60 يوماً، تشمل انسحاباً إسرائيلياً، ووقفاً شاملاً للعدوان، وإدخال المساعدات، والمواد الضرورية لإعادة الحياة إلى القطاع».

ويشير إلى أن «هناك مخاوف من أن يسعى الاحتلال لتسلم 8 جنود أسرى في الأيام الأولى، ثم ينقلب على الاتفاق»، لذلك «حماس» تصر على أن «تكون كل البنود والضمانات واضحة ومُلزِمة، وأن يتم التوافق عليها بضمانات دولية تُجبر الاحتلال على الالتزام بها».