ليبيا: مشاورات موسّعة تستبق إعلان مجلس إدارة «المركزي»

سياسيون يأملون في اختياره بعيداً عن المحاصصة

محافظ المصرف المركزي الجديد يؤدي اليمين أمام مجلس النواب (مجلس النواب)
محافظ المصرف المركزي الجديد يؤدي اليمين أمام مجلس النواب (مجلس النواب)
TT

ليبيا: مشاورات موسّعة تستبق إعلان مجلس إدارة «المركزي»

محافظ المصرف المركزي الجديد يؤدي اليمين أمام مجلس النواب (مجلس النواب)
محافظ المصرف المركزي الجديد يؤدي اليمين أمام مجلس النواب (مجلس النواب)

يترقّب جُلّ الليبيين إعلان المحافظ الجديد للمصرف المركزي، ناجي عيسى، عن الأسماء التي اختارها لإدارة المؤسسة المالية خلال فترة وجيزة، مع انتهاء المهلة الممنوحة له للقيام بهذه المهمة.

وبينما تُجرى مشاورات واسعة بشأن عملية الاختيار، تداول متابعون للأوضاع الاقتصادية بعض الأسماء التي يتوقع أن يضمها عيسى لمجلس الإدارة، فيما يتصارع أفرقاء الأزمة لضم ممثلتَين لهم في المجلس المرتقب.

صورة متداولة على صفحات التواصل الاجتماعي للمحافظ الجديد للمصرف المركزي ناجي عيسى

وكان عضو مجلس النواب الليبي، عبد المنعم العرفي، قد تحدث عن محاولات مستشار رئيس المجلس الرئاسي، زياد دغيم، لتمرير بعض الأسماء بمجلس إدارة المركزي، بعد أن رعت البعثة الأممية إلى ليبيا اتفاقاً لتسوية النزاع على إدارة المصرف المركزي، يقضي بتعيين محافظ ومجلس إدارة جديدَين.

بدايةً، تحدّث عضو اللجنة المالية في مجلس النواب الليبي، خليفة الدغاري، عن احتمال تعرّض عيسى لضغوطات وتحديات بشأن تشكيل مجلس إدارة المصرف، وتوقّع أن يكون المحافظ الجديد ونائبه مرعي البرعصي قد أمضيا الأسبوعين الماضيين في مشاورات موسّعة مع القوى السياسية كافةً، بشأن تشكيل المجلس تفادياً لأي معارضة.

واجهة البنك المركزي في طرابلس (رويترز)

وبشأن الخلافات المتوقعة يرى الدغاري أنه «من الصعب إتمام أي اتفاق في ليبيا بعيداً عن المحاصصة بين الأفرقاء السياسيين؛ فضلاً عما يتردد عن وجود استشارات قُدِّمت من بعض السفارات الغربية والإقليمية حول هذا الأمر أيضاً».

وبرغم ترحيبه بالاتفاق الذي توصّل لاختيار محافظ جديد للمصرف، فإن المجلس الرئاسي يتمسّك بضرورة اضطلاعه باختيار مجلس إدارة المركزي، وفي هذا الإطار لا يستبعد الدغاري اشتعال المعركة مجدّداً حول المصرف، إذا لم يتم التوافق على القائمة التي جرى إعدادها لتشكيل الإدارة الجديدة، كما شدّد المجلس الرئاسي على أن تعيين مجلس إدارة المصرف يدخل في نطاق صلاحياته.

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان؛ الأولى: «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية: مكلّفة من البرلمان، وتُدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب، برئاسة أسامة حماد.

وبدوره، اقترب رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني» الليبي، أسعد زهيو، من الطرح السابق، متوقعاً حدوث «صفقة لتقاسم إدارة المصرف قد تترجَم باختيار أعضاء مجلس إدارته بين الأطراف المتنازعة».

كما توقع زهيو في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، احتمال أن تكون عملية اختيار مجلس إدارة المصرف بوابة لتدشين حلقة جديدة من التصعيد المتبادل بين المجلس الرئاسي والبرلمان.

الصديق الكبير (رويترز)

أما عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، فاستبعد وجود اعتراض قوي لأي طرف ليبي، بعد اعتماد الأسماء التي تم ترشيحها لمجلس إدارة المصرف، والتي ينظر فيها مجلس النواب، لكنه أعرب عن قلقه لما يتردّد عن وجود شخصيات محسوبة على تنظيم جماعة «الإخوان» مرشّحة لتولّي مقاعد بمجلس إدارة المصرف، وقال إن «هذا أمر يجب الانتباه إليه».

بالنسبة للمحلل السياسي الليبي، فرج فركاش، فإن الصلاحيات الكبيرة والهامة لمجلس إدارة المصرف المركزي «هي مَن تقف وراء احتدام الصراع على مقاعده»، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن القرارات التي كانت تصدر عن تلك المؤسسة المالية، التي تُعنَى بإدارة عوائد النفط، «كانت منحصرة في يد الصديق الكبير، المحافظ المقال، خلال المدة التي قضاها بموقعه»، مضيفاً أن الوضع الآن تغيّر، حيث «سيضطلع أعضاء المجلس الجديد مع المحافظ بوضع السياسات النقدية، من تحديد سعر الدينار، وتقييم الاعتمادات». ومؤكداً أن المناكفات حول مجلس إدارة المصرف، «تُعدّ أمراً حتمياً»، لكنه توقع «عرقلة ممارسة مهامه إذا لم ينَل رِضا أغلب القوى السياسية والفاعلة على الأرض».

يُشار إلى أن مجلس إدارة المصرف المؤقت، الذي عيّنه المجلس الرئاسي عقب إطاحته الكبير، ضم شخصيات مقرّبة من القوى السياسية كافةً، بما في ذلك البرلمان والقيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي.


مقالات ذات صلة

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من مهاجرين غير نظاميين بعد تحريرهم من عصابة للاتجار بالبشر في جنوب شرقي ليبيا (جهاز البحث الجنائي)

لماذا يتجه بعض الليبيين للهروب إلى أوروبا عبر «المتوسط»؟

منذ سنوات، تتعالى أصوات التحذير من ارتياد شباب ليبيين قوارب الموت إلى الشواطئ الأوروبية.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا مشاركون في المناورات البحرية التي نفذتها «أفريكوم» (السفارة الأميركية)

تعهد أميركي بدعم القوات البحرية الليبية

تعهدت واشنطن بمواصلة العمل لدعم القوات البحرية الليبية في تعزيز جهود الأمن البحري الموحدة.

خالد محمود (القاهرة )

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون بالرصاص في قرية في ولاية الجزيرة (وسط السودان) إثر هجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» الأربعاء، ليضاف إلى 40 آخرين قُتلوا في بلدات أخرى بالولاية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط البلاد الذي دمّرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، على ما أفادت مصادر طبية ومحلية في الولاية، الأربعاء.

ولليوم الثاني على التوالي، عاود عناصر من «قوات الدعم السريع» الهجوم على قرية «التكينة» (وسط الجزيرة)، مستخدمة بعض الأسلحة الثقيلة، مخلّفة 5 قتلى، كما نفذ الطيران الحربي للجيش ضربات جوية لوقف تقدمها من اقتحام المنطقة. وفي وقت سابق، حذَّر كيان «مؤتمر الجزيرة» الذي يرصد انتهاكات الحرب، من وقوع مجزرة وشيكة تخطط لها «قوات الدعم السريع» تستهدف أهالي المنطقة، التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القرى المجاورة. وقال سكان في التكينة إن المسلحين من أبناء المنطقة تصدُّوا للقوة التي حاولت التوغل من جهة الحي الغربي.

«الدعم»: مؤامرة لخلق مواجهة مع المدنيين

بدورها، قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ترصد أبعاد مؤامرة يقودها عناصر من النظام السابق (الحركة الإسلامية) وما تسميه «ميليشيات البرهان» تقوم بحشد المواطنين وتسليحهم في ولاية الجزيرة بهدف «خلق مواجهة بين قواتنا والمدنيين». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي، الفاتح قرشي، أن هناك فيديوهات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن وجود «مخطط لتسليح المواطنين في قرى الجزيرة وتظهر الفلول (عناصر النظام السابق) وبعض المخدوعين من قرية التكينة وقرى أخرى، يتوعدون بمهاجمة قواتنا».

عائلة نازحة بعد مغادرتها منزلها في جزيرة توتي في الخرطوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

وناشدت أهالي القرى النأي بأنفسهم عن «مخطط الفلول ومحاولات الزج بالمواطنين في القتال باسم المقاومة الشعبية»، مؤكدة أنها لن تتهاون في التعامل بحزم مع المسلحين و«كتائب فلول الحركة الإسلامية».

في هذا السياق، أكد طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مقتل 40، مشيراً إلى أن «القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص». وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرّض الفرق الطبية لهجمات. وقال شهود في قرية ود عشيب إن «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، شنَّت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني. وقال شاهد في اتصال هاتفي مع الوكالة إن «الهجوم استُؤنف صباح» الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «أعمال نهب».

الأمم المتحدة قلقة

ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع» خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في أكتوبر (تشرين الأول).

مشهد للدمار في أحد شوارع أم درمان القديمة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (رويترز)

ومنذ ذلك التاريخ، وثَّقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسة كانت تُعدّ سلة الخبز في السودان. وحذَّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، من أن اندلاع أعمال العنف هناك «يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر».

وتعرَّضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة؛ مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية. وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأُصيب العشرات منهم بالمرض. ويصل الكثير من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد «السير لأيام عدة... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها»، وفق ما قال دوجاريك، الجمعة. وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية. وقال دوجاريك: «إنهم مضطرون إلى النوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى».

80 % من المرافق الصحية مغلقة

وتقدّر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة. وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص الجوع الحاد.

من جهة ثانية، شنَّ الطيران الحربي للجيش السوداني سلسلة من الغارات الجوية على مواقع «الدعم السريع» شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً لمصادر محلية. وعاد الهدوء النسبي، الأربعاء، إلى الفاشر التي تشهد منذ أسابيع مستمرة معارك ضارية بعد توغل «قوات الدعم السريع» إلى وسط الفاشر.

مشروع توطين ألماني

من جهة ثانية، قالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، خلال زيارتها لتشاد، الأربعاء، إن برلين تعتزم دعم مشروع يهدف إلى دمج اللاجئين السودانيين في تشاد. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم حكومة تشاد تخصيص 100 ألف هكتار من الأراضي مجاناً، ليتم منح نصفها لأسر اللاجئين والنصف الآخر للأسر المعوزة في المجتمعات المضيفة. ومن المقرر أن يتم تخصيص هكتار واحد لكل أسرة.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

ومن المقرر أن يقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لهذه الأسر؛ لجعل الأراضي صالحة للاستخدام. وقالت شولتسه، خلال زيارتها لمعبر أدري الحدودي شرق تشاد: «للأسف، علينا أن نفترض أن العودة إلى السودان لن تكون ممكنة لمعظم اللاجئين في المستقبل المنظور». وأضافت شولتسه أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً. وقالت: «لهذا السبب يُعدّ هذا النهج، الذي يمنح اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأراضي ويجعلها صالحة للاستخدام مجدداً كالحقول والمراعي، خطوة رائدة، حيث إن الذين يمتلكون أراضي خصبة يمكنهم توفير احتياجاتهم بأنفسهم». وقالت مديرة منظمة «وورلد فيجن ألمانيا»، جانين ليتماير، إن نحو 250 ألف لاجئ يعيشون حالياً ظروفاً صعبة، بمساكن مؤقتة بدائية في منطقة أدري وحدها. وأضافت ليتماير أن الأشخاص في كثير من الحالات يعيشون تحت أغطية من القماش المشمع المشدود على جذوع الأشجار أو الأعمدة.