الاتحاد الأفريقي لحلحلة الأزمة الليبية من بوابة «المصالحة»

المنفي: «الرئاسي» ليس طرفاً في الصراع... والدبيبة يتحدث عن «قرارات محورية»

المنفي مستقبلاً الرئيس الموريتاني (المكتب الإعلامي للدبيبة)
المنفي مستقبلاً الرئيس الموريتاني (المكتب الإعلامي للدبيبة)
TT

الاتحاد الأفريقي لحلحلة الأزمة الليبية من بوابة «المصالحة»

المنفي مستقبلاً الرئيس الموريتاني (المكتب الإعلامي للدبيبة)
المنفي مستقبلاً الرئيس الموريتاني (المكتب الإعلامي للدبيبة)

يسعى الاتحاد الأفريقي لحلحلة الأزمة السياسية الليبية المتجمدة، وذلك عبر تجديد مسار «المصالحة الوطنية» الذي تعطّل إثر تزايد الخلافات السياسية بين «الشركاء والخصوم».

وفي اجتماعين منفصلين بالعاصمة طرابلس، الجمعة، التقى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ونائبه عبد الله اللافي، بوفد أفريقي برئاسة الرئيس الحالي للاتحاد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني. كما ضم الوفد رئيس مفوضية الاتحاد موسى فكي، والممثل الخاص لرئيس الكونغو برازافيل، رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى المعنية بليبيا، وزير الخارجية جان كلود جاكوسو.

كما عُقد اجتماع مماثل للوفد الأفريقي في مقر حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

واستهل المنفي اجتماعه بوفد الاتحاد بجرد الخطوات التي اتُّخذت منذ انطلاق عملية «المصالحة الوطنية» بقيادة مجلسه، بشراكة مع الاتحاد ودعم المجتمع الدولي من خلال قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومخرجات «مسار برلين»، لافتاً إلى «التحديات التي تواجه إنجاز هذا الاستحقاق التاريخي، والسبل الكفيلة بتجاوزها».

الدبيبة مستقبلاً وفد الاتحاد الأفريقي برئاسة الغزواني (المكتب الإعلامي للدبيبة)

ونقل المجلس الرئاسي في بيانه أن الاتحاد الأفريقي «يؤكد استمرار التزامه بمسار المصالحة الوطنية، وبوحدة ليبيا وسيادتها واستقرارها في مواجهة التدخلات الخارجية، وهو ما أكده الغزواني وفكي وكلود في كلماتهم»، مشيراً إلى أن هذه الزيارة تأتي تجسيداً لقرار الاتحاد في دورته المنعقدة في فبراير (شباط) 2024، ولـ«نداء برازافيل» الصادر عن قمة لجنة الاتحاد رفيعة المستوى المعنية بليبيا.

وثمّن المنفي في كلمته اجتماع الوفد الأفريقي في طرابلس، وعدّه خطوة «تحمل معاني ورسائل تعبر عن التزام أفريقيا بمساعدة ليبيا في تجاوز هذه الظروف»، كما تعبر عن «الانتماء المصيري لليبيا إلى قارة أفريقيا»، مشيداً بالدور الذي يضطلع به الرئيس الكونغولي ومفوضية الاتحاد التي تعززت بانتخاب الرئيس الغزواني رئيساً للاتحاد الأفريقي في دورته الحالية.

ودافع المنفي عن مجلسه، قائلاً إنه «ليس طرفاً من أطراف الصراع في ليبيا، وهو على تواصل مع الأطراف كافة، ومستمر في تعزيز نهج الشراكة الوطنية وتحقيق الملكية الوطنية للحل»، كما بارك مبادرة الاتحاد لعقد لقاء للأطراف الليبية المنخرطة في عملية المصالحة في أديس أبابا.

الدبيبة في لقاء ثنائي مع الرئيس الغزواني (المكتب الإعلامي للدبيبة)

وكان المنفي قد استقبل الرئيس الغزواني صباح الجمعة، وجرت للرئيس الموريتاني مراسم استقبال رسمية، وتم عزف السلام الوطني لكل من الدولتين.

وسبق أن قطع المجلس الرئاسي الليبي رفقة الاتحاد الأفريقي خطوات في مسار «المص

الحة الوطنية»، بالعمل على عقد «مؤتمر جامع للمصالحة» في مدينة سرت نهاية أبريل (نيسان) الماضي، لكن أُجهض هذا التحرك بفعل الأزمات السياسية بين «الشركاء»، ممثلين في السلطة التنفيذية بطرابلس، والمجلس الأعلى للدولة، و«الخصوم» الممثلين في جبهتَي غرب ليبيا وشرقها.

في السياق ذاته، اجتمع الدبيبة بوفد الاتحاد الأفريقي في مقر رئاسة الوزراء بطرابلس، وعدّ الزيارة «رسالة دعم قوية لليبيا في هذا الوقت الحاسم»، مشيراً إلى أن «المشهد السياسي الليبي يدخل مرحلة جديدة، بعد أن بدأنا في اتخاذ خطوات حاسمة لحل العقبات التي قيّدت المشهد السياسي لسنوات».

وقال الدبيبة: «عازمون على المضي قدماً لتحقيق قرارات محورية لإزالة العوائق التي شوهت مسار الاستقرار الذي نُصرّ على تحقيقه»، ولم يفصح الدبيبة عن نوعية هذه القرارات، لكنه قال إن حكومته «مستمرة بقوة في هذا المسار، خاصة إذا أثرت في قضايا أمننا القومي»، مضيفاً أن كل ذلك «يصب في صالح رؤيتنا الواضحة لمستقبل ليبيا التي يجب أن تعبر من خلال إنهاء المراحل الانتقالية، والذهاب المباشر لإجراء الانتخابات، عبر أساس قانوني متين ونزيه».

المنفي مجتمعاً مع وفد الاتحاد الأفريقي برئاسة الغزواني (المكتب الإعلامي للدبيبة)

من جانبهم، أكد أعضاء الوفد الأفريقي دعم الاتحاد المتواصل لليبيا في هذه المرحلة الدقيقة؛ إذ قال الرئيس الموريتاني إن «استقرار ليبيا هو استقرار للقارة الأفريقية بأكملها»، مشيراً إلى أن الاتحاد «ملتزم بمواصلة دعم ليبيا في طريقها نحو المصالحة الوطنية والتنمية المستدامة»، ومؤكداً أن «عودة ليبيا لدورها الطبيعي داخل الاتحاد الأفريقي أمر ضروري».

من جهته، أشار فكي إلى أن الاتحاد سيواصل «تقديم ما يلزم لدعم ليبيا في مساعيها لتحقيق الأمن والاستقرار»، مبرزاً أن «التعاون الأفريقي مع ليبيا لا يقتصر فقط على الجانب السياسي، بل يمتد ليشمل التنمية في مختلف المجالات. والمصالحة الوطنية في ليبيا هي الأساس لبناء مستقبل مستدام».

في سياق ذلك، نقل مكتب الدبيبة عن وزير الخارجية الكونغولي قوله إن الاتحاد «سيكون شريكاً استراتيجياً لليبيا التي تشهد استقراراً واضحاً»، مضيفاً أن ليبيا «تعد بلداً محورياً، ولعبت دوراً مهماً في مساعدة دول القارة».

ولم يجرِ وفد الاتحاد الأفريقي زيارة إلى شرق ليبيا، حتى بعد ظهر الجمعة. وسبق لرئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد، زيارة موريتانيا في 28 أغسطس (آب) الماضي، الأمر الذي أغضب حكومة «الوحدة» حينها، ما دفع السلطات الموريتانية إلى حذف جميع الأخبار المتعلقة بزيارة حماد من وكالة الأنباء الرسمية.

في شأن مختلف، وفي إطار رفع جاهزية الأجهزة الأمنية والخدمية، نفذت مديرية أمن صبراتة التمرين التعبوي «صبراتة 24»، الذي استهدف تعزيز قدرات البحث والإنقاذ البحري والحضري. وشهد التمرين مشاركة واسعة من الأجهزة الأمنية والخدمية المعنية بالبحث والإنقاذ، تحت إشراف الغرفة الأمنية المشتركة، وتولى مركز البحث والتنسيق التابع لرئاسة أركان السلاح الجوي قيادة تنفيذ التمرين.

وجاء هذا التمرين كجزء من الجهود المستمرة لتعزيز التنسيق بين الأجهزة المختلفة، ورفع مستوى الجاهزية لمواجهة حالات الطوارئ.


مقالات ذات صلة

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية سابقة لمتضررين من حرق السجل العقاري في عهد النظام السابق (لقطة من مقطع فيديو)

بعد 39 عاماً... مطالبة بالتحقيق في «إحراق» أرشيف السجل العقاري الليبي

بعد 39 عاماً على «إحراق» أرشيف السجل العقاري خلال عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، يطالب ليبيون بفتح تحقيق في هذه القضية لـ«تضررهم من الحادثة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا عدد من رؤساء منظمات المجتمع المدني من ليبيا ومن خارجها (البعثة الأممية)

ليبيا: الأمم المتحدة تبحث فرص نزع سلاح الميليشيات و«تفكيكها»

رعت البعثة الأممية اجتماعاً يضم رؤساء منظمات مجتمع مدني ومسؤولين حكوميين لمناقشة قضية نزع سلاح التشكيلات المسلحة وإعادة إدماجها في مؤسسات الدولة.

جمال جوهر (القاهرة)

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
TT

حوادث مرورية متكرّرة تفجع مصريين

الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)
الطرق السريعة في مصر (وزارة النقل المصرية)

شهدت مناطق متفرقة في مصر حوادث مرورية مفجعة، أخيراً؛ مما أثار تساؤلات حول أسباب تكرارها، في حين رأى خبراء أن «غالبية تلك الحوادث تقع نتيجة لأخطاء من العنصر البشري».

وشهدت مصر، الجمعة، حادثاً أُصيب خلاله نحو 52 شخصاً، إثر انقلاب حافلة (أتوبيس رحلات) على طريق «الجلالة - الزعفرانة» (شمال محافظة البحر الأحمر - جنوب مصر)، قبل توجهها إلى دير الأنبا أنطونيوس بالمحافظة.

وأعلنت وزارة الصحة المصرية «خروج جميع المصابين من المستشفى، بعد تحسّن حالاتهم»، وقالت في إفادة لها، الجمعة، إن «الحادث أسفر عن إصابة 52 راكباً؛ نُقل 31 منهم إلى مستشفى (رأس غارب) التخصصي، في حين تم إسعاف 21 مصاباً آخرين بموقع الحادث».

واحتجزت الأجهزة الأمنية سائق «الحافلة» المتسبّب في الحادث، في حين كلّفت السلطات القضائية لجنة فنية بفحص أسباب وقوع الحادث حول ما إذا كان عطلاً فنياً أم خطأ بشرياً نتيجة للقيادة الخاطئة، حسب وسائل إعلام محلية.

وأعاد انقلاب الحافلة بطريق «الجلالة - الزعفرانة» إلى الأذهان حادث انقلاب حافلة تابعة لجامعة «الجلالة الأهلية»، على الطريق السريع «الجلالة - العين السخنة»، في منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ مما أدّى إلى وفاة 7 أشخاص، وإصابة نحو 25 آخرين.

وشهدت منطقة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة) حادث «دهس» سيارة، دراجةً نارية كان يستقلها عامل «دليفري» (التوصيل المنزلي)؛ مما أدى إلى مقتله.

كما شهدت محافظة الفيوم (جنوب القاهرة) حادث انقلاب سيارة نقل ركاب، الخميس، على الطريق الصحراوي السريع؛ مما أدى إلى إصابة 14 شخصاً.

وأظهرت التحريات الأولية للحادث أن السيارة تعرّضت للانقلاب، نتيجة السرعة الزائدة، وفقدان السائق السيطرة عليها.

وسجّلت إصابات حوادث الطرق في مصر ارتفاعاً بنسبة 27 في المائة، على أساس سنوي، بواقع 71016 إصابة عام 2023، في حين بلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق خلال العام نفسه 5861 حالة وفاة، بنسبة انخفاض 24.5 في المائة، وفقاً للنشرة السنوية لنتائج حوادث السيارات والقطارات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، في شهر مايو (أيار) الماضي.

طريق الجلالة (وزارة النقل المصرية)

وباعتقاد رئيس الجمعية المصرية لرعايا ضحايا الطرق (منظمة مدنية)، سامي مختار، أن «نحو 80 في المائة من حوادث الطرق يحدّث نتيجة لأخطاء من العنصر البشري»، مشيراً إلى أن «تكرار الحوادث المرورية يستوجب مزيداً من الاهتمام من جهات حكومية؛ للحد من وقوعها، وتعزيز السلامة على الطرق».

ودعا مختار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى «ضرورة تكثيف حملات التوعية بالسلامة المرورية، لجميع مستخدمي الطرق، من سائقي السيارات والركاب»، قائلاً إن حملات التوعية يجب أن تشمل «التعريف بقواعد وآداب السير على الطرق، وإجراءات السلامة، والكشف على تعاطي المخدرات للسائقين في أثناء السير»، ومشدداً على ضرورة «تكثيف حملات الرقابة بخصوص تعاطي المخدرات في أثناء القيادة».

ولقي حادث انقلاب حافلة طريق «الجلالة» تفاعلاً من رواد منصات التواصل الاجتماعي في مصر؛ حيث دعوا إلى «مراجعة الحالة الفنية للطريق، بعد تكرار حوادث انقلاب حافلات الركاب عليه».

بينما يستبعد أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، حسن مهدي، فرضية أن يكون وقوع الحوادث بسبب الحالة الفنية للطريق، مرجعاً ذلك إلى «عدم تكرار الحوادث في مكان واحد على الطريق»، ومشيراً إلى أن «وقوع الحوادث المرورية في مناطق متفرقة يعني أن السبب قد يكون فنياً؛ بسبب (المركبة)، أو لخطأ بشري من السائق».

وأشار مهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى ضرورة «تطبيق منظومة النقل الذكي، للحد من الحوادث، خصوصاً على الطرق السريعة»، مضيفاً أن «التوسع في المراقبة الذكية لحركة السير سيقلّل من الأخطاء، ويُسهم في التزام السائقين بإجراءات السلامة في أثناء القيادة»، وموضحاً أن «مشروع قانون المرور الجديد، المعروض أمام البرلمان ينص على تطبيق هذه المنظومة بشكل موسع».

وتضع الحكومة المصرية «قانون المرور الجديد» ضمن أولوياتها في الأجندة التشريعية لدور الانعقاد الحالي للبرلمان، وناقش مجلس النواب، في شهر أكتوبر الماضي «بعض التعديلات على قانون المرور، تضمّنت عقوبات مغلظة على مخالفات السير، والقيادة دون ترخيص».