تونس: الإفراج عن عشرات الموقوفين مع منعهم من السفر

اتهام معارضين بارزين بقضايا «إرهابية»

اتهام الناشطة المعارضة هالة غربية في قضية إرهابية وإصدار بطاقة جلب دولية ضدها (متداولة)
اتهام الناشطة المعارضة هالة غربية في قضية إرهابية وإصدار بطاقة جلب دولية ضدها (متداولة)
TT

تونس: الإفراج عن عشرات الموقوفين مع منعهم من السفر

اتهام الناشطة المعارضة هالة غربية في قضية إرهابية وإصدار بطاقة جلب دولية ضدها (متداولة)
اتهام الناشطة المعارضة هالة غربية في قضية إرهابية وإصدار بطاقة جلب دولية ضدها (متداولة)

كشفت الناطقة الرسمية باسم «القطب القضائي لمكافحة الإرهاب» في محكمة تونس، حنان قداس، عن أن النيابة العمومية المختصة بقضايا الإرهاب أصدرت أمراً إلى «الوحدة الوطنية المختصة بالبحث في جرائم الإرهاب» بتتبع الناشطة السياسية والموظفة السامية السابقة في الدولة، هالة غربية، للاشتباه بضلوعها في «تكوين وفاق إرهابي، والتحريض على الانضمام إليه، والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي، والاعتداء المقصود منه تغيير هيئة الدولة، وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضاً، وإثارة الهرج بالتراب التونسي... وغيرها من الجرائم التي قد يكشف عنها البحث».

صدر هذا القرار، وفق المصدر نفسه، بعد أن تابعت النيابة العمومية مقطع فيديو وتدوينات، نشرتها الناشطة السياسية، هالة غربية، بصفحاتها على شبكات التواصل الاجتماعي، ويشتبه في أنها تندرج ضمن «الجرائم الإلكترونية» و«قضايا الإرهاب».

أجندات «الجماعات المتطرفة»

وأضافت القاضية حنان قداس، وهي مسؤولة كذلك في النيابة العمومية بمحكمة تونس، أن الناشطة هالة غربية متهمة بـ«التهجم على مؤسسات الدولة ورموزها، والتحريض ضد النظام القائم في البلاد، بما من شأنه أن يمس بهيبة الدولة ومؤسساتها ورئيسها، ويدخل الرعب والقلق بين السكان، ويثير البلبلة، ويحفز الجماعات المتطرفة على أعمال العنف والفوضى».

كما تقرر إلحاق ملف هالة غربية، الموجودة حالياً خارج البلاد، بملفات شخصيات سياسية معارضة بارزة، ومرشحين سابقين للانتخابات الرئاسية صدرت ضدهم مؤخراً بطاقات تفتيش وجلب دولية بسبب «الاشتباه بضلوعهم في قضايا ذات صبغة إرهابية»، وبملفات عشرات السياسيين ورجال الأعمال الموقوفين منذ أكثر من عام بتهم «تآمر على أمن الدولة»؛ بينهم عدد من قادة الأحزاب السياسية والبرلمانيين والوزراء السابقين، مثل المنذر الزنايدي وزير التجارة والسياحة والنقل والصحة قبل 2010، ورفيق عبد السلام وزير الخارجية خلال عامي 2012 و2013، وعماد الدايمي الوزير والبرلماني في المرحلة ما بين 2011 - 2019.

الوزير السابق في عهد بن علي والمرشح السابق للرئاسة منذر الزنايدي (متداولة)

في سياق متصل، كشفت مصادر رسمية تونسية عن أن قضاة تحقيق في «قطب الإرهاب» بمحكمة تونس أصدروا قبل أيام بطاقات جلب دولية ضد مجموعة من الوزراء السابقين والنشطاء المعارضين في الخارج بعد «أبحاث تحقيقية» أجرتها مؤسسات قضائية حول تدوينات نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف «بث الفوضى والرعب بين المواطنين وإثارة البلبلة، وتعطيل سير العملية الانتخابية، والمس بهيبة الدولة ومؤسساتها».

إفراج مشروط

في المقابل أفرج قضاة بمحكمة تونس عن عشرات من النشطاء السياسيين السابقين، وأعضاء جمعيات غير حكومية، بعضها مختص بـ«قضايا ضحايا التعذيب والسجون في مرحلة ما قبل ثورة يناير (كانون الثاني) 2011».

وتقرر الإفراج عن أكثر من 40 موقوفاً محسوبين على الأحزاب التي كانت في الحكم في العشرية الماضية؛ بينها «حركة النهضة»، وإبقاؤهم عليهم على ذمة القضاء «في حالة سراح»، مع منعهم من السفر خارج البلاد قبل البتّ في القضايا الأمنية التي بررت إيقافهم والاحتفاظ بهم في السجون قبل نحو شهر؛ ضمن حملة شملت نحو مائة من المحسوبين على حزب «حركة النهضة» الإسلامي المحافظ.

كما أفرجت سلطات الأمن مؤقتاً عن نشطاء «يساريين» تعرضوا للإيقاف المؤقت قبل أيام، بعد مشاركتهم الاثنين الماضي في مسيرة بدأت سلمية ومعارضة للحرب على لبنان وفلسطين، وتطورت إلى «مواجهات عنيفة» مع قوات الأمن في الشارع الرئيسي للعاصمة تونس، غير بعيد من المقر المركزي لوزارة الداخلية.

تدخل شقيق الرئيس ومدير حملته الانتخابية

في الأثناء، صدرت تصريحات سياسية في الإذاعة الوطنية الحكومية، وصفها المراقبون بـ«الرسمية» و«المهمة جداً»، عن المحامي والجامعي نوفل سعيّد شقيق الرئيس التونسي قيس سعيّد ومدير حملته الانتخابية الرئاسية.

هذه التصريحات هي «الأولى من نوعها» التي أدلى بها مدير الحملة الانتخابية للرئيس التونسي، خلال مشاركته حضورياً في استوديو الإذاعة الوطنية الحكومية، بعد الإعلان عن نتائج انتخابات الأحد 6 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، ووجهت رسائل «تطمينات» إلى المعارضين والشعب حول مستقبل البلاد، و«احترام الرئيس قيس سعيّد لإعلام وللرأي والرأي الآخر»، بوصفه يؤمن أن «البلاد تتسع للجميع، ولكل الآراء والمواقف، مهما كانت اختلافاتها، شرط احترام مرجعية الإصلاحات والقرارات التي أصدرها الرئيس سعيد منذ بدء (مسار 25 يوليو 2021)».

كما تعهد مدير الحملة الانتخابية للرئيس التونسي بأن تشهد المرحلة المقبلة إصلاحات وتغييرات، تشمل ما تسميها المعارضة والنقابات والهيئات الحقوقية «قوانين ومراسيم تعسفية»؛ من بينها «المرسوم 54» الذي حوكم بسببه عشرات الإعلاميين والمدونين والسياسيين المعارضين والنشطاء خلال العامين الماضيين؛ وبينهم من لا يزال في السجون.

وكان نواب في البرلمان الحالي، من بين المساندين للرئيس قيس سعيد، تقدموا منذ أسابيع بمشروع لتعديل هذا المرسوم، خصوصاً في فصله الـ24 الذي يفرض عقوبات بالسجن على المتهمين بجرائم إلكترونية بدل الاكتفاء بتسليط عقوبات مالية مثلما كان معمولاً به سابقاً.


مقالات ذات صلة

باكستان تواجه استمرار الهجمات الإرهابية مع استعداد البلاد لقمة «منظمة شانغهاي للتعاون»

آسيا جندي يشير إلى وسائل الإعلام بينما يقوم مسؤولون أمنيون بفحص موقع انفجار تسبب في إصابة وتدمير مركبات خارج مطار كراتشي باكستان الاثنين 7 أكتوبر 2024 (أ.ب)

باكستان تواجه استمرار الهجمات الإرهابية مع استعداد البلاد لقمة «منظمة شانغهاي للتعاون»

بينما تستعد باكستان لأنشطة دبلوماسية رفيعة المستوى تتمثل في اجتماع قمة «منظمة شانغهاي للتعاون» في إسلام آباد، تتواصل الهجمات في البلاد مع مقتل ضابطي شرطة.

عمر فاروق (إسلام آباد )
الولايات المتحدة​ مبنى وزارة العدل الأميركية في واشنطن (أرشيفية - رويترز)

القضاء الأميركي يُوجّه لأفغاني تهمة التخطيط لهجوم إرهابي

عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي الذين تخفّوا وأوهموا المتهم وشقيق زوجته بأنهم سيبيعونهما رشاشات وذخيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أرشيفية لوزير العدل الأميركي ميريك غارلاند

أميركا تعتقل أفغانيا بتهمة التخطيط لشن هجوم يوم الانتخابات

قالت وزارة العدل الأميركية اليوم الثلاثاء إن رجلا أفغانيا اعتُقل في ولاية أوكلاهوما بتهمة التخطيط لشن "هجوم إرهابي" في يوم الانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج نائب وزير الخارجية السعودي يتحدث في مؤتمر الأمم المتحدة حول ضحايا الإرهاب بمدريد (واس)

السعودية تؤكد أهمية تضافر الجهود الدولية لمواجهة التطرف

أكدت السعودية أهمية تضافر الجهود الدولية على المستويات كافة للحد من الفكر والخطاب المتطرفين، واجتثاث الإرهاب من جذوره.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
شؤون إقليمية ألمانيا وافقت على تصدير أسلحة لتركيا بعد حظر 5 سنوات (موقع الصناعات الدفاعية التركي)

بعد حظر 5 سنوات... ألمانيا توافق على صفقة أسلحة لتركيا

وافقت الحكومة الألمانية على تصدير أسلحة لتركيا بعد حظر طبقته ودول غربية أخرى؛ بسبب التدخل العسكري التركي ضد القوات الكردية في شمال شرقي سوريا في 2019.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الحديث الحكومي عن «اقتصاد الحرب» يُثير مخاوف مصريين

مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء المصري)
TT

الحديث الحكومي عن «اقتصاد الحرب» يُثير مخاوف مصريين

مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحافي (مجلس الوزراء المصري)

أثار حديث حكومي عن إمكانية اللجوء إلى سياسة «اقتصاد الحرب» مخاوف مصريين من موجة غلاء جديدة في البلاد خلال الأسابيع المقبلة، بالتزامن مع «عودة معدلات التضخم للارتفاع على أساس شهري».

وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحافي، مساء الأربعاء، إنه «إذا تعرضت المنطقة لحرب إقليمية، فستكون هناك تداعيات شديدة، وستضطر الدولة المصرية بالتالي إلى التعامل مع ما يمكن وصفه بـ(اقتصاد حرب)»، مؤكداً «اهتمام الدولة بكيفية الحرص على استمرار واستقرار واستدامة توفير السلع والخدمات والبنية الأساسية للمواطن المصري في ظل الظروف الراهنة».

وأشار مدبولي إلى أنه حتى في الفترات التاريخية، التي كانت فيها الدولة طرفاً في حروب مباشرة، كان هناك توجه واضح للأحداث، وإمكانية للتخطيط بناءً على معطيات قائمة بالفعل على الأرض. لكن في ظل المرحلة الحالية، فإن «الوضع يتغير يومياً، حيث تعيش المنطقة حالة شديدة من عدم اليقين، الأمر الذي جعل الحكومة تعمل على سيناريوهات يتم تغييرها باستمرار وفق المستجدات الراهنة».

جاءت تصريحات مدبولي بعد وقت قصير، من ارتفاع معدلات التضخم السنوي على مستوى المدن إلى 26.4 في المائة خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، بزيادة على المسجل في أغسطس (آب) الماضي، الذي بلغ 26.2 في المائة.

وبحسب أمين «سر لجنة الخطة والموازنة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب عبد المنعم إمام، فإن تصريحات رئيس الوزراء «غير المدروسة، وتثير المخاوف لدى المصريين»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنها «لم تحمل معلومة جديدة للمواطنين، بل ربما يمتد تأثيرها بشكل عكسي مرتبط باحتمالية وجود أزمات في السلع».

الرأي السابق يدعمه مستشار «مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية»، الدكتور عمرو الشوبكي، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن مدبولي وقع في مشكلتين، الأولى مرتبطة بالمستوى السياسي، لكون مفهوم «اقتصاد الحرب» مرتبطاً بالبلاد التي تخوض معارك عسكرية بالفعل، ويستخدم لقبول تضحيات في ظروف استثنائية، وهو أمر «لا ينسجم مع المرحلة الحالية في مصر».

ووفق الشوبكي، فإن المشكلة الأخرى مرتبطة بالوضع الاقتصادي بشكل أساسي، و«تناقُض تصريحات مدبولي مع المواقف السابقة التي تحدث فيها عن العمل لزيادة الاستثمارات، وحل المشكلات التي تواجه القطاع الخاص، بما يسمح بمنافسة عادلة بينه وبين الشركات المملوكة للدولة».

حملات لـ«جهاز حماية المستهلك» في مصر على الأسواق (مجلس الوزراء المصري)

في سياق ذلك، جدد حديث مدبولي مخاوف على «السوشيال ميديا» من ارتفاعات جديدة في أسعار السلع بالبلاد، وعبر مغردون عن قلقهم خلال تدوينات على «إكس»، الخميس. وبينما قال بعض المغردين إن «كلام رئيس مجلس الوزراء، هو تلميح لزيادة مرتقبة في الأسعار خلال الفترة المقبلة»، رأى آخرون أنه «لابد من ضبط الأسواق في البلاد».

عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع»، محمد أنيس، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «اقتصاد الحرب» مرتبط بتوجيه وتسخير كل القدرات المالية لتلبية احتياجات القوات المسلحة، بما يعني عجزاً محتملاً في أوجه الإنفاق على قطاع الخدمات المرتبط بالصحة والتعليم، مع توقف الاستثمارات العامة في البنية التحتية؛ لكونها ليست في الأولويات، مشيراً إلى أن «مدبولي ربما لم يكن يقصد ذلك».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن تصريحات رئيس الحكومة تشير إلى «الرغبة في تعزيز الاحتياجات الأساسية للدولة من السلع، في ظل المخاطر التي تحيط بسلاسل الإمداد العالمية، وزيادة احتمالية رفع أسعار عدد من السلع، بالإضافة إلى احتمالية تدخل الدولة لضبط الأسعار عبر إجراءات عدة تضمن توفر السلع بأسعار محددة تناسب المواطنين».

وتستهدف الحكومة استثمارات أجنبية مباشرة خلال العام المالي الحالي، الذي ينتهي في 30 يونيو (حزيران) المقبل، بنحو 15 مليار دولار في قطاعات عدة، في وقت أقرت فيه «حزمة تسهيلات ضريبية جديدة وتقديم حوافز إضافية للمستثمرين الأسبوع الحالي». (الدولار الأميركي يساوي 48.57 جنيه في البنوك المصرية).

وهنا أشار عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع» إلى أن الاستثمارات الأجنبية «وقت الحروب» تكون بالسالب، لكون الاستثمارات الأجنبية تتخارج من الأسواق، فور بدء حالات عدم الاستقرار السياسي، لافتاً إلى أن «الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي مقومات أساسية لا غنى عنها لجذب الاستثمارات الأجنبية».

فيما يرى الشوبكي أن الحكومة في حاجة إلى تقديم «بدائل اقتصادية» للعمل مع الأزمة الحالية، دون اللجوء إلى استخدام شعار «اقتصاد الحرب»، الذي ليس له علاقة بالحالة الاقتصادية الحالية، ويسبب «الخوف» للمواطنين بتقديم التصورات الحكومية بعدّها «غير قابلة للنقاش».