خوري تحذر من «التدابير الأحادية» لأفرقاء الأزمة في ليبيا

أشادت خلال جلسة مجلس الأمن بالاتفاق على محافظ البنك المركزي واستئناف صادرات النفط

من أشغال الجلسة المخصصة لمناقشة الأزمة السياسية في ليبيا (المجلس)
من أشغال الجلسة المخصصة لمناقشة الأزمة السياسية في ليبيا (المجلس)
TT

خوري تحذر من «التدابير الأحادية» لأفرقاء الأزمة في ليبيا

من أشغال الجلسة المخصصة لمناقشة الأزمة السياسية في ليبيا (المجلس)
من أشغال الجلسة المخصصة لمناقشة الأزمة السياسية في ليبيا (المجلس)

رأت نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، للشؤون السياسية، القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا «أنسميل»، ستيفاني خوري، أن هناك «تطوراً إيجابياً» طرأ في الأزمة الليبية، بعد التوصل الى اتفاق بين القيادات على قرار تعيين محافظ للبنك المركزي، واستئناف الصادرات النفطية. غير أنها حذرت من إجراءات أحادية «تغذي الانقسامات»، داعية إلى «حوار شامل» يفضي إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والعامة في البلاد.

خوري رأت أن هناك «تطوراً إيجابياً» طرأ في الأزمة الليبية بعد التوصل إلى قرار تعيين محافظ للبنك المركزي (رويترز)

وقدمت خوري، اليوم الأربعاء، أمام أعضاء مجلس الأمن في نيويورك، إحاطة كررت فيها التحذيرات من «التدابير الأحادية التي اتخذتها مختلف الأطراف الليبية، وعدم الاستقرار الذي تسببت فيه»، مشيرة في المقابل إلى حدوث «تطور إيجابي أعاد بعض الأمل في أن يتخذ القادة الليبيون الخطوات اللازمة لدفع بلادهم إلى الأمام». وموضحة أن المجلس الرئاسي أصدر في أغسطس (آب) الماضي مرسومين، يقضيان باستبدال محافظ البنك المركزي، وتعيين مجلس إدارة له، غير أن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة رفضا هذه القرارات.

ستيفاني خوري في أثناء إحاطتها أمام مجلس الأمن (المجلس)

وكانت الحكومة المعينة من مجلس النواب، ورئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، قد أعلنا في الشهر ذاته، بشكل منفصل، تعليق إنتاج النفط وتصديره بسبب أزمة البنك المركزي. وفي هذا السياق لاحظت خوري أن الأزمة المحيطة بالبنك أثارت في البداية توترات بين التشكيلات المسلحة في طرابلس وأماكن أخرى، لكن هذه التوترات هدأت بعد أن وافقت هذه التشكيلات، بفضل مفاوضات مكثفة، على ترتيبات أمنية جديدة، بما في ذلك تسليم السيطرة على العديد من المواقع الرئيسية في العاصمة لوزارة الداخلية.

وإذ أشارت خوري إلى سلسلة من المحادثات، التي أجرتها على أساس الاتفاق السياسي الليبي في سبتمبر (أيلول) الماضي مع ممثلي مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي الليبي، وأيضاً في 26 من سبتمبر (أيلول) الماضي، التي نتج عنها أخيراً تعيين محافظ جديد ونائب محافظ جديد للبنك المركزي، ثم إعلان المؤسسة الوطنية للنفط استئناف الصادرات بشكل كامل، لكنها أوضحت أن «هناك خطوات أخرى» في هذا السياق، ومنها تعيين مجلس إدارة لقيادة البنك المركزي. مناشدة أصحاب المصلحة الليبيين «دعم قيادته الجديدة في القيام بإصلاحات حاسمة، تتعلق بالسياسة النقدية والحوكمة». وقالت بهذا الخصوص: «هذه الأحداث تذكرنا بالأهمية الحاسمة لضمان استقلال مؤسسات الدولة، والحاجة إلى نزع الطابع السياسي عن استخدام المؤسسات والموارد الطبيعية الليبية لتحقيق مكاسب سياسية»، فضلاً عن «التهديد الذي تشكله الإجراءات الأحادية، والحاجة إلى أن تعمل كل الأطراف، مع الالتزام بالصلاحيات الخاصة بكل منها، معاً لإيجاد حلول بروح التسوية».

خوري رحبت في مداخلتها بعودة استئناف النفط (الشرق الأوسط)

في سياق ذلك، أبدت المبعوثة الأممية أسفها على أن «إجراءات أخرى لا تزال تغذي الانقسامات»، ومنها قرار مجلس النواب إنشاء محكمة دستورية، وهو القرار الذي رفضته المحكمة العليا. وأشارت أيضاً إلى أن القرار الذي اتخذه مجلس النواب بإلغاء تفويض حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي، والقائد الأعلى للقوات المسلحة «لا يزال يشكل مصدراً للتوتر». موضحة أنه «يتعين التوصل إلى إجماع بشأن المضي قدماً في عملية المصالحة الوطنية، التي لا تزال متوقفة».

كما أوضحت خوري أن استمرار الإجراءات الأحادية «لن يؤدي إلا إلى تقويض سيادة ليبيا، وإغراق البلاد في المزيد من الأزمات، وتشتيت الانتباه عن المهمة المطروحة، وهي تمهيد الطريق إلى حل سياسي شامل»، وإيجاد «حل يعالج قضايا مهمة، مثل الانقسام الحالي لمؤسسات الدولة، والحاجة إلى حكومة موحدة، واستعادة الشرعية الديمقراطية من خلال الانتخابات». وشددت على أن ذلك «يستلزم حواراً شاملاً». داعية كل الجهات الفاعلة المعنية إلى «إيجاد حل يحافظ على وحدة المجلس الأعلى للدولة».

وبخصوص الانتخابات المؤجلة التي يترقبها الليبيون، كشفت خوري عن أن الاستعدادات للانتخابات المحلية في 60 بلدية ما تزال مستمرة، معبرة عن تطلع الأمم المتحدة إلى «انتخابات محلية ناجحة» في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ورأت أن «الوقت حان لتبديد التصور بأن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يعملان فقط على إدارة الأزمة في ليبيا وليس معالجتها»، مؤكدة أنها «تنوي البناء على الإنجازات الإيجابية الأخيرة، وتعزيز العملية السياسية الشاملة في الأسابيع المقبلة، بهدف كسر الجمود السياسي، ومعالجة محركات الصراع الطويلة الأمد، والمضي قدماً نحو الانتخابات الوطنية».


مقالات ذات صلة

«النواب» يعوّل على دور أميركي لإنهاء الانقسام في ليبيا

شمال افريقيا الاجتماع الذي نظمته البعثة الأممية لعدد من الدبلوماسيين في طرابلس (البعثة)

«النواب» يعوّل على دور أميركي لإنهاء الانقسام في ليبيا

قال رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، إن «بلاده تعول على الدور الأميركي لحل أزمة الانقسام في ليبيا».

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا المشري في احتفال أقامته السفارة الألمانية في طرابلس نهاية الأسبوع الماضي (المجلس الأعلى للدولة)

واشنطن تدعو إلى «توحيد الجيش الليبي والشفافية في إدارة الموارد»

تحدث خالد المشري الرئيس الحالي للمجلس الأعلى للدولة الليبي، عن فشل غريمه محمد تكالة، للمرة الثانية، في عقد جلسة رسمية في العاصمة طرابلس بنصاب قانوني.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور (ديوان المحاسبة بطرابلس)

​ليبيا: السجن 10 سنوات لسفير سابق بعد إدانته بتهمة الفساد

أعلن مكتب النائب العام الليبي أن محكمة الجنايات في طرابلس أنزلت عقوبة السجن 10 سنوات برئيس سابق لبعثة ليبيا في إيطاليا «بعد التحقيق في وقائع فساد».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية للحوار السياسي الليبي في جنيف (البعثة الأممية)

برلمانيون ليبيون يطالبون بالتحقيق في «شبهات فساد» بملتقى «حوار جنيف»

طالب برلمانيون ليبيون النائب العام والجهات القضائية والرقابية بالإفصاح عن «شبهات الفساد والرشاوى» في «لجنة الحوار السياسي» التي أنتجت وثيقة «جنيف» عام 2021.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)

جدل في ليبيا بعد تشكيل الدبيبة إدارة جديدة لـ«الدعوة الإسلامية»

وسط مخاوف من «نهب أرصدتها»، أقدم رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة على تشكيل مجلس إدارة جديد لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر تفضّل الخيار الدبلوماسي للتعامل مع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر

نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)
نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)
TT

مصر تفضّل الخيار الدبلوماسي للتعامل مع هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر

نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)
نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)

مع استمرار الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، وتداعياتها على المنطقة، تتواصل خسائر «قناة السويس» المصرية بسبب هجمات جماعة «الحوثي» اليمنية على السفن المارة في الممر الملاحي؛ ما أثار ويثير تساؤلات بشأن خطة مصر للتعامل مع هذه التوترات.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024، بحسب تصريحات لرئيس «هيئة قناة السويس» الفريق أسامة ربيع، الأحد الماضي، أكد خلالها «حتمية» عودة حركة الملاحة بالقناة لطبيعتها، فور استقرار الأوضاع في المنطقة.

سفينة تحمل حاويات تمرّ عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبة المرور في البحر الأحمر؛ إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

وكرَّرت مصر شكواها من تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أخيراً، إن «بلاده فقدت ما بين 50 في المائة و60 في المائة، من دخل القناة خلال الـ8 الأشهر الماضية».

ووفق مجلة «إسرائيل ديفنس» الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، في تقرير نشرته أخيراً وتداولته وسائل إعلام عربية، فإنه «رغم ما تعانيه مصر من خسائر بسبب توترات البحر الأحمر، فإنها ترفض القيام بعمل عسكري ضد جماعة الحوثي»، مشيراً إلى أن «القاهرة تضع الاعتبارات الاستراتيجية والخوف من التصعيد الإقليمي والعلاقات السياسية مع العالم العربي، فوق أي اعتبار».

وأضافت المجلة: «مصر لم تتعاون مع التحالف الدولي الذي أنشأته الولايات المتحدة في هذا الصدد»، مشيرة إلى أن «القاهرة تفضّل ممارسة الضغوط السياسية وتعزيز وقف شامل لإطلاق النار في المنطقة، على أساس أن هذا هو الحل الصحيح لإنهاء القتال، بدلاً من الدخول في حملة عسكرية أخرى من شأنها تصعيد الوضع».

ناقلة النفط اليونانية «سونيون» تعرّضت لسلسلة هجمات حوثية في البحر الأحمر (رويترز)

وتابعت: «رغم الأضرار الجسيمة التي لحقت بالاقتصاد والضغوط الداخلية، فإن مصر تختار استراتيجية ضبط النفس، وتدرك جيداً التحديات الأمنية التي يفرضها الحصار البحري، لكنها تدرك أيضاً المخاطر الكامنة في التصعيد العسكري».

وشكّلت الولايات المتحدة، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تحالف «حارس الازدهار» للرد على هجمات «الحوثي»، لكن مصر لم تنضم إليه.

وتدرك مصر أن «ما يحدث من هجمات في البحر الأحمر سببه الرئيسي إسرائيل وحربها ضد غزة ولبنان»، بحسب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي. الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر ترى أنه بمجرد وقف الحرب في غزة ولبنان بشكل دائم ستنتهي أزمة البحر الأحمر»؛ لذلك تبذل القاهرة جهوداً متواصلة لوقف إطلاق النار ومنع التصعيد في المنطقة.

وتعتمد خطة مصر للتعامل مع هجمات الحوثي في البحر الأحمر، على «المسار الدبلوماسي»، بحسب الخبير الأمني والاستراتيجي اللواء محمد عبد الواحد، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «القاهرة حريصة على علاقات طيبة مع جميع الأطراف، وتنأى بنفسها عن الدخول في تحالفات من شأنها تأجيج الصراع في المنطقة».

وأضاف: «مصر تواجه الأزمة عبر اتصالات سياسية متواصلة مع جميع الأطراف المعنية، تستهدف إنهاء الحرب في غزة، وبالتالي الحد من تداعياتها في البحر الأحمر».

من جانبه، أكد الأمين العام لـ«اتحاد الموانئ البحرية العربية»، اللواء عصام الدين بدوي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «إنهاء التوترات في البحر الأحمر مرتبط بإنهاء حرب غزة، من هنا تكمن أهمية جهود الوساطة الدولية في هذا الصدد»، مشيراً إلى أن «مصر تتحرك في هذه الأزمة دبلوماسياً عبر جهود وقف إطلاق النار، واقتصادياً بالتواصل مع شركات الشحن وتقديم تسهيلات للمرور عبر قناة السويس».

وخلال الفترة الماضية، كانت التوترات في منطقة البحر الأحمر محوراً رئيسياً على أجندة مباحثات المسؤولين المصريين مع الأطراف الدولية.

وفي أغسطس (آب) الماضي، عبَّرت مصر عن دعمها للعملية البحرية الأوروبية في البحر الأحمر (أسبيدس)، والتي أطلقها الاتحاد الأوروبي في فبراير (شباط)؛ بهدف حماية السفن التجارية من هجمات «جماعة الحوثي». وأكد وزير الخارجية المصري، آنذاك، «أهمية تضافر الجهود لخلق بيئة آمنة لمرور السفن بالبحر الأحمر».

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية (أرشيفية - رويترز)

وشدد عبد الواحد، على أن «مصر دعمت التحالف الأوروبي؛ لأن هدفه دفاعي، لكنها لم تشارك فيه وتكتفي بمشاركتها في القوة (153)».

والقاهرة عضو في قوة المهام المشتركة (153)، وتولت قيادتها أواخر عام 2022. وأكدت آنذاك، أنها «إحدى أهم الآليات المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، ومجابهة التهديدات بكل أنماطها».

ولا تقتصر الخطة المصرية على التحركات الدبلوماسية، بل تمتد أيضاً إلى المسار الاقتصادي، حيث شهدت الفترة الماضية اتصالات مكثفة مع شركات الشحن، وأعلنت «هيئة قناة السويس» عن حوافز تسويقية وتخفيضات؛ لتنشيط حركة الملاحة وتجاوز تداعيات تراجع الإيرادات.