صراع قانوني بين الجزائر وفرنسا لترحيل ناشط انفصالي

تلاحقه النيابة الجزائرية بتهمة «الإرهاب»

المطلوب قضائياً من طرف الجزائر (يسار) مع رئيس التنظيم الانفصالي ومحاميه بمحكمة باريس (متداولة)
المطلوب قضائياً من طرف الجزائر (يسار) مع رئيس التنظيم الانفصالي ومحاميه بمحكمة باريس (متداولة)
TT

صراع قانوني بين الجزائر وفرنسا لترحيل ناشط انفصالي

المطلوب قضائياً من طرف الجزائر (يسار) مع رئيس التنظيم الانفصالي ومحاميه بمحكمة باريس (متداولة)
المطلوب قضائياً من طرف الجزائر (يسار) مع رئيس التنظيم الانفصالي ومحاميه بمحكمة باريس (متداولة)

اشتعل صراع قانوني بين القضاء في الجزائر وفرنسا؛ بسبب الطلب من باريس ترحيل قيادي في تنظيم انفصالي، اتهمته النيابة الجزائرية بـ«الإرهاب» ووضعته على لائحة المطلوبين، لضلوعه، وفقها، في الحرائق التي ضربت منطقة القبائل (شرق) عام 2021، وخلفت عشرات القتلى ودماراً كبيراً في الأملاك والغطاء النباتي.

وتشتغل محكمة بالجزائر العاصمة، حالياً، على جمع الأدلة التي تثبت أن أكسيل بلعباسي عضو قيادي في «حركة الحكم الذاتي بمنطقة القبائل» المعروفة اختصاراً باسم «ماك»، وبأن له يداً في «نيران القبائل عام 2021»، بعد أن أعطت محكمة باريسية في 11 سبتمبر (أيلول) الماضي النيابة الجزائرية مدة شهرين لـ«تقديم معلومات إضافية لدعم طلبها تسليم المعارض القبائلي إلى الجزائر»؛ وفق ما نقلته صحف فرنسية عن المحكمة.

ويعيش بلعباسي في فرنسا منذ عام 2012، ولم يعد إلى بلاده منذ عام 2019، وتتهمه الجزائر بـ«رعاية أعمال إرهابية» وتطلب من فرنسا تسليمه.

جانب من حرائق منطقة القبائل في صيف 2021 (الشرق الأوسط)

وخلال جلسة استماع، عدّت النيابة الفرنسية أن «الرهان كان خطراً جداً لتسليم أكسيل بلعباسي إلى السلطات الجزائرية، بناء على المعلومات المقدمة فقط».

وفي 2 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أيدت محكمة الاستئناف في باريس توصية النيابة، وطالبت السلطات الجزائرية بـ«تقديم معلومات إضافية» حول الشاب المعارض، وهو أحد مساعدي فرحات مهني رئيس التنظيم الانفصالي، الذي يقع تحت طائلة مذكرة اعتقال دولية، صادرة عن النيابة الجزائرية في 2021، بتهمة «الإرهاب»... ويملك مهني صفة «لاجئ سياسي».

وعدّت محكمة الاستئناف المعلومات التي قدمتها الجزائر «ناقصة جداً»، بالنظر إلى «المخاطر التي يواجهها أكسيل إذا أُعيدَ إلى الجزائر».

وحُكم على القيادي في «ماك»، البالغ من العمر 41 عاماً، غيابياً مرات عدة، ويواجه 14 تهمة، من بينها ما قد تعرضه لعقوبة الإعدام، وهي عقوبة لا يزال يشملها قانون العقوبات الجزائري، رغم أن البلاد لم تطبقها منذ عام 1993 وذلك بعد إعدام 3 إسلاميين اتهموا بتفجير مطار الجزائر العاصمة في 1992.

بلدة بمنطقة القبائل بعد إخماد النيران عام 2021 (تواصل اجتماعي)

ووفقاً للائحة الاتهامات، فإن أكسيل بلعباسي متورط في «التحريض على إشعال النار» التي دمرت منطقة القبائل قبل 3 سنوات. كما اتهم بـ«الضلوع في القتل والتنكيل بجثة شاب»، اسمه جمال بن سماعين، اتهمه السكان خطأً بأنه هو من تسبب في النيران. وحُكم بإعدام 30 شخصاً في هذه القضية العام الماضي.

يذكر أن «ماك» حركة تتهمها الجزائر بأن لديها «أهدافاً انفصالية»، وصُنفت«منظمةً إرهابيةً» إلى جانب تنظيم إسلامي يسمى «رشاد». كما أن رئيس «ماك»، فرحات مهني، محكوم عليه غيابياً بالسجن 20 سنة في حادثة الحرائق، وقد طالب، في فيديو نشره على منصات التواصل الاجتماعي، بـ«تحقيق مستقل» في الأحداث، ونفى أي مسؤولية له في المأساة التي ألمّت بالمنطقة التي ينطق سكانها بالأمازيغية.


مقالات ذات صلة

رئيس الجزائر يصف زيارة كانت مقررة إلى فرنسا بـ«الخضوع والإذلال»

شمال افريقيا الرئيس تبون خلال المقابلة الصحافية التي بثها التلفزيون العمومي (الرئاسة)

رئيس الجزائر يصف زيارة كانت مقررة إلى فرنسا بـ«الخضوع والإذلال»

قال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون: «لن أذهب إلى (كانوسا)»؛ تعبيراً عن أن التوجه إلى فرنسا في الوقت الحالي يعدّ «استسلاماً» و«خضوعاً».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الاقتصاد أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الجزائر تعتزم شراء أسهم بقيمة 1.5 مليار دولار في بنك «بريكس»

كشف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عن أن بلاده تعتزم شراء أسهم في بنك «بريكس» للتنمية، بقيمة مليار ونصف مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الوفد الجزائري خلل مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة (الخارجية الجزائرية)

الاحتقان بين الجزائر ومالي يصل إلى ذروته

تعرف العلاقات بين الجزائر وجارتها الجنوبية مالي احتقاناً حاداً منذ إلغاء باماكو بشكل أحادي «اتفاق المصالحة والسلام»، الذي وقعته مع المعارضة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

حملة فرنسية لمراجعة «اتفاق الهجرة» مع الجزائر

جرى التوقيع على اتفاق الهجرة في 27 ديسمبر (كانون الأول) 1968، بهدف تنظيم حركة العمال الجزائريين بفرنسا بعد استقلال البلاد في 1962.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

أعلنت السلطات الجزائرية، السبت، مناطق شاسعة بأقصى الجنوب الشرقي «بؤرة وباء»، وذلك إثر تفشي الملاريا والدفتيريا وسط السكان.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر: عودة حركة قطارات سيناء... تعزيز التنمية بعد «سنوات الإرهاب»

تشغيل تجريبي لـ«قطار التنمية» خط سكة حديد «الفردان - بئر العبد» بطول 100 كلم تمهيداً لافتتاحه (مجلس الوزراء المصري)
تشغيل تجريبي لـ«قطار التنمية» خط سكة حديد «الفردان - بئر العبد» بطول 100 كلم تمهيداً لافتتاحه (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر: عودة حركة قطارات سيناء... تعزيز التنمية بعد «سنوات الإرهاب»

تشغيل تجريبي لـ«قطار التنمية» خط سكة حديد «الفردان - بئر العبد» بطول 100 كلم تمهيداً لافتتاحه (مجلس الوزراء المصري)
تشغيل تجريبي لـ«قطار التنمية» خط سكة حديد «الفردان - بئر العبد» بطول 100 كلم تمهيداً لافتتاحه (مجلس الوزراء المصري)

خطوة مصرية جديدة لتعزيز التنمية في سيناء، بعد سنوات طويلة من المواجهة مع الجماعات الإرهابية، وذلك بتشغيل أول قطار في محافظة شمال سيناء (شرق مصر)، بعد نصف قرن من توقف حركة السكك الحديدية، وسط تفاعل على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصاً مع تزامنها مع احتفالات مصر بذكرى انتصارات أكتوبر (تشرين الأول) 1973.

وحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن تدشين حركة القطارات بسيناء يعني مزيداً من التنمية وحماية تلك المنطقة الحدودية، لافتين إلى أن حركة القطارات استكملت مثلث التنمية بعد تدشين أنفاق وطرق وجسور، ما سيُسهم في زيادة حركة التنقل والتجارة والتعمير.

وقبل أن تعود حركة القطارات إلى تلك المحافظة، خاضت قوات الجيش والشرطة على مدار سنوات مواجهة شاملة في شمال سيناء، ضد جماعات إرهابية موالية لتنظيم «داعش». وعدّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تعمير شبه جزيرة سيناء بمثابة «خط الدفاع الأول»، وفق خطاب رئاسي في أبريل (نيسان) 2022، قبل أن يعلن في فبراير (شباط) 2023 إحباط تحول سيناء إلى بؤرة دائمة للإرهاب، واستمرار الدولة في تنميتها.

فتاة من أهالي بئر العيد في سيناء ترفع علم مصر فرحة بعودة خط قطار إلى العمل بعد نصف قرن من توقفه (مجلس الوزراء المصري)

ووفق رئيس «الجهاز التنفيذي لمشروعات تعمير سيناء»، اللواء وائل مصطفى، في حديث متلفز مايو (أيار) الماضي، فإنه تم تنفيذ استثمارات في السنوات العشر الماضية بنحو 9 مليارات جنيه (الدولار يساوي 48.40 جنيه مصري) في سيناء، تشمل بناء طرق، وتوصيل كهرباء في جنوب سيناء وشمالها، وتنفيذ ألف و15 منزلاً بدوياً، وإقامة 160 عمارة إسكان اجتماعي، و105 مشروعات إسكان تعاوني.

بينما أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الأحد، أن الاستثمارات العامة الموجهة لتنفيذ المشروعات في سيناء ومدن القناة (شمال سيناء - جنوب سيناء - السويس - الإسماعيلية - بورسعيد) منذ العام المالي 2014 - 2015 حتى 2024 - 2025، بلغت نحو 530.5 مليار جنيه.

المحلل السياسي المصري بلال الدوي، يعتقد أن «ما يعزّز التنمية في سيناء في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، يتمثّل في وجود إرادة سياسية وخطة واضحة وتمويل»، لافتاً إلى أن «الدولة المصرية ترى أن تعمير سيناء جزء أساسي من حمايتها؛ لذا وُضعت على خريطة المشروعات بعد مواجهة آلاف الإرهابيين والقضاء عليهم».

«لم تعرف سيناء التنمية بهذا الحجم غير المسبوق من المشروعات إلا مع القضاء على الإرهاب»، حسب الشيخ عيسى الخرافين، شيخ مشايخ سيناء، لافتاً إلى أن «سيناء شهدت إنشاء أنفاق تربطها بمصر قلّلت ساعات حركة التنقل من 4 ساعات إلى عدة دقائق، وعزّزت نقل منتجات المحافظة بصورة أسرع، بالإضافة إلى افتتاح خط قطارات بئر العبد».

وكانت حركة القطارات إلى سيناء مع موعد للانطلاق بعد توقف نصف قرن، وفق ما أفادت به وزارة النقل المصرية، الأحد، في بيان صحافي نقلته وكالة الأنباء الرسمية للبلاد، بحضور «مسؤولين يتقدّمهم نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، الفريق كامل الوزير».

نائب رئيس مجلس الوزراء المصري وزير الصناعة والنقل كامل الوزير مع محافظي شمال سيناء والإسماعيلية ومشايخ القبائل (مجلس الوزراء)

وشهد الوزير «انطلاق تشغيل أول قطار في سيناء بعد توقف 50 عاماً، وشارك أهالي سيناء الاحتفال بانطلاق التشغيل التجريبي لقطار التنمية من جديد في ربوع سيناء، وهو خط (الفردان - بئر العبد) للسكك الحديدية بطول 100 كلم».

واستقل الوزير «قطار التنمية من محطة الشيخ زايد، حتى محطة بئر العبد، وتابع عبور أحد قطارات البضائع عبر الخط باتجاه ميناء شرق بورسعيد»، على أن يكون ركوب القطار مجاناً لمدة 7 أيام بدءاً من الأسبوع المقبل، وفق البيان.

بدوره، أكد الوزير أن «انطلاق قطار التنمية من جديد في سيناء هو هدية الرئيس السيسي إلى أهالي سيناء الحبيبة»، لافتاً إلى أن «إعادة تشغيل هذا الخط تُعدّ إضافة قوية لوسائل النقل والمواصلات في ربوع سيناء، خصوصاً أن قطار التنمية سيقدم إلى الركاب مستويات خدمة مميزة ونظيفة وسريعة».

وسيُسهم «تشغيل هذا الخط في تسهيل حركة نقل الأفراد والبضائع من سيناء إلى المحافظات كافّة، وخلق مجتمعات عمرانية جديدة ومناطق صناعية متعددة، ودعم مشروعات التنمية الاقتصادية بمحافظة شمال سيناء، فضلاً عن خفض تكلفة نقل البضائع والأفراد عن وسائل النقل الأخرى، وكذلك دعم حركة السياحة داخل المدن السياحية بشمال سيناء»، وفق الوزير.

وبرأي الشيخ عيسى الخرافين لـ«الشرق الأوسط»، فإن عودة حركة القطارات إلى سيناء ستعزّز من حركة النقل والتنمية، لتُضاف إلى جهود أخرى تبذلها الدولة لمزيد من تعمير سيناء، بعد مد خط القطارات الذي انطلق، الأحد، إلى مدينة العبد؛ وفي العام المقبل إلى مدينة العريش، بخلاف مشروعات عديدة أخرى.

تدشين القطار، وفق المحلل السياسي بلال الدوي، لـ«الشرق الأوسط»، يعمل على تعزيز الربط بين أهالي سيناء والقاهرة وباقي محافظات مصر، لافتاً إلى أن هذا نجاح لاستراتيجية الدولة في تنمية سيناء بعد تطهيرها من الإرهاب.

ولاقى انطلاق هذا القطار بعد توقف 50 عاماً ترحيباً في منصات التواصل، وقال الإعلامي المصري، محمد علي خير، عبر صفحته بـ«فيسبوك»، إن «حركة القطارات إلى سيناء تعود بعد انقطاع نصف قرن... خطوة ممتازة وقرار عظيم لربط سيناء بباقي محافظات مصر». وعدّ المحامي والإعلامي المصري خالد أبو بكر تلك الخطوة، عبر تغريدة في منصة «إكس»، بأنها «تدل على نجاح حقيقي في منظومة الأمن في سيناء».

ويعد الشيخ عيسى الخرافين هذه الفرحة بعودة حركة القطارات تعبيراً عن تلك اللحظة التاريخية التي يرى فيها كل مصر تنمية وتعميراً في قطعة غالية من بلده بعد سنوات طويلة من مكافحة الإرهاب والقضاء عليه، متوقعاً أن «هذه الفرحة ستدوم مع استمرار التنمية والتعمير ومزيد من المشروعات بسيناء».