رئيس الجزائر يصف زيارة كانت مقررة إلى فرنسا بـ«الخضوع والإذلال»

التلويح بإلغاء «اتفاق الهجرة» يوتر العلاقات بين البلدين

الرئيس تبون خلال المقابلة الصحافية التي بثها التلفزيون العمومي (الرئاسة)
الرئيس تبون خلال المقابلة الصحافية التي بثها التلفزيون العمومي (الرئاسة)
TT

رئيس الجزائر يصف زيارة كانت مقررة إلى فرنسا بـ«الخضوع والإذلال»

الرئيس تبون خلال المقابلة الصحافية التي بثها التلفزيون العمومي (الرئاسة)
الرئيس تبون خلال المقابلة الصحافية التي بثها التلفزيون العمومي (الرئاسة)

عندما سُئل الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، خلال مقابلة بثها التلفزيون العمومي ليل السبت، عما إذا كان سيزور فرنسا في الشهر الحالي، كما جرى الاتفاق عليه من قبل مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، رد قائلاً: «لن أذهب إلى (كانوسا)»؛ عبارة قالها بالفرنسية، وهي تعبير عن أن التوجه إلى فرنسا في الوقت الحالي يعدّ «استسلاماً» و«خضوعاً».

وتشير هذه العبارة: «لن أذهب إلى (كانوسا)»، إلى حدث تاريخي وقع عام 1077 عندما ذهب الإمبراطور الروماني، هنري الرابع، إلى قلعة «كانوسا» في إيطاليا لطلب العفو من البابا غريغوري السابع بعد صراع بينهما، وهو تصرف كان يمثل خضوعاً واعترافاً بسلطة البابا.

ومنذ أن وقعت هذه الحادثة، أصبح «عدم الذهاب إلى كانوسا» يعني أن يرفض الشخص أن يذل أو يخضع أو يستسلم للضغوط، وهو تعبير عن عدم الاستعداد للتنازل أو الاعتذار بطريقة مذلّة، أو رفض السعي إلى المصالحة بطريقة فيها إهانة.

وعندما استخدم تبون هذه العبارة، فُهم منها أن زيارة فرنسا في الوقت الحالي «مذلة» له وللجزائر. لكن، ماذا حدث مع فرنسا حتى يستعمل تبون هذه البلاغة القوية للتعبير عن التوتر الحاد في علاقات البلدين؟

الرئيسان الجزائري والفرنسي خلال «قمة المناخ» في شرم الشيخ المصرية 2022 (الرئاسة الجزائرية)

أشار تبون، في رده على الأسئلة خلال المقابلة الصحافية، إلى تذمر بلاده من اعتراف فرنسا في نهاية يوليو (تموز) الماضي، بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية. فقبل أن يجري هذا الاعتراف بأسبوع أبلغ «قصر الإليزيه» الرئاسة الجزائرية بأنه سيُقبل على هذه الخطوة على سبيل تهنئة ملك المغرب محمد السادس بمناسبة الاحتفالات بعيد العرش.

وقالت الحكومة الجزائرية يومها إنها «أخذت علماً، بأسف كبير واستنكار شديد، بالقرار غير المنتظر، وغير الموفق، وغير المجدي، الذي اتخذته الحكومة الفرنسية بتقديم دعم صريح لا يشوبه أي لبس، لمخطط الحكم الذاتي لإقليم الصحراء الغربية في إطار السيادة المغربية المزعومة». وأكدت أن القرار الفرنسي «يعكس حسابات سياسية مشبوهة، وافتراضات غير أخلاقية، وقراءات قانونية، لا تستند إلى أي مرتكزات سليمة تدعمها أو تبررها». وأرفقت الجزائر موقفها بسحب سفيرها من باريس للدلالة على بلوغ غضبها ذروته حيال أكبر شريك تجاري لها في منطقة المتوسط.

كما تطرق تبون، وهو يفسر سوء العلاقة بباريس، إلى الاتفاق الجزائري - الفرنسي عام 1968، الذي يمنح الجزائريين وضعاً خاصاً فيما يتعلق بحقوق التنقل والإقامة والعمل في فرنسا. وقال إنه «أصبح راية تسير خلفها جيوش المتطرفين» من اليمين في فرنسا الذين يسعون إلى إلغائه.

وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو (رويترز)

وأعلن وزير الداخلية الفرنسي الجديد، برونو روتايو، الذي ينتمي إلى اليمين التقليدي، بشكل صريح، رغبته في إلغاء الاتفاق لأسباب عدة؛ منها أنه «يعوق خطط الحد من الهجرة النظامية والسرية»، وأن الجزائر «لا تتعاون مع فرنسا» في مسألة إصدار التصاريح القنصلية بوصف ذلك شرطاً لتنفيذ أوامر إبعاد المهاجرين الجزائريين غير النظاميين من الأراضي الفرنسية. وكانت فرنسا، بسبب هذه القضية، قد قلصت حصة الجزائر من التأشيرة إلى النصف عام 2021، وأكد روتايو بأنه سيخفضها من جديد.


مقالات ذات صلة

الجزائر تعتزم شراء أسهم بقيمة 1.5 مليار دولار في بنك «بريكس»

الاقتصاد أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الجزائر تعتزم شراء أسهم بقيمة 1.5 مليار دولار في بنك «بريكس»

كشف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عن أن بلاده تعتزم شراء أسهم في بنك «بريكس» للتنمية، بقيمة مليار ونصف مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الوفد الجزائري خلل مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة (الخارجية الجزائرية)

الاحتقان بين الجزائر ومالي يصل إلى ذروته

تعرف العلاقات بين الجزائر وجارتها الجنوبية مالي احتقاناً حاداً منذ إلغاء باماكو بشكل أحادي «اتفاق المصالحة والسلام»، الذي وقعته مع المعارضة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

حملة فرنسية لمراجعة «اتفاق الهجرة» مع الجزائر

جرى التوقيع على اتفاق الهجرة في 27 ديسمبر (كانون الأول) 1968، بهدف تنظيم حركة العمال الجزائريين بفرنسا بعد استقلال البلاد في 1962.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

أعلنت السلطات الجزائرية، السبت، مناطق شاسعة بأقصى الجنوب الشرقي «بؤرة وباء»، وذلك إثر تفشي الملاريا والدفتيريا وسط السكان.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (إ.ب.أ)

الجزائر تعيد فرض تأشيرات دخول على مواطني المغرب

قررت الجزائر «إعادة العمل الفوري» بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، وفق ما أكدت وزارة الخارجية، على خلفية نشاطات «تمسّ باستقرار» البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر تشرع في خطوة تنفيذية جديدة بأول محطة نووية

تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الثالثة (هيئة المحطات النووية المصرية)
تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الثالثة (هيئة المحطات النووية المصرية)
TT

مصر تشرع في خطوة تنفيذية جديدة بأول محطة نووية

تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الثالثة (هيئة المحطات النووية المصرية)
تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الثالثة (هيئة المحطات النووية المصرية)

شرعت مصر، الأحد، في تركيب «مصيدة قلب المفاعل» للوحدة النووية الثالثة، في خطوة تنفيذية مهمة ضمن مراحل تدشين أول محطة نووية في البلاد تُقام بالتعاون مع روسيا.

وتُعرف المصيدة بأنها «نظام حماية يتم تركيبه أسفل قاع وعاء المفاعل، بهدف تعزيز مستوى الأمان والسلامة في المحطة».

ووقّعت مصر وروسيا في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاق تعاون لإنشاء محطة للطاقة الكهروذرية، بتكلفة تبلغ 25 مليار دولار، قدمتها موسكو قرضاً حكومياً ميسّراً للقاهرة، وفي ديسمبر (كانون الأول) 2017، وقّعت مصر وروسيا اتفاقات نهائية لبناء محطة الضبعة خلال زيارة الرئيس الروسي للقاهرة.

وتضم محطة الضبعة التي تقام شمال البلاد، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل، ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً ضمن مزيج الطاقة الكهربائية لمصر.

ونظّمت هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، الأحد، بالتعاون مع المقاول العام الروسي، فعالية هندسية بموقع المحطة النووية بالضبعة، لتدشين بدء أعمال تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة النووية الثالثة، بالتزامن مع ذكرى الاحتفال بـ«انتصارات أكتوبر» بمصر.

وأعطى الدكتور أمجد الوكيل، رئيس مجلس إدارة هيئة المحطات النوية لتوليد الكهرباء، المالكة والمشغلة للمحطات النووية بمصر، الضوء الأخضر للمقاول العام الروسي المنفّذ للمحطة، شركة «أتوم ستروي إكسبورت» لبدء الأعمال، بحضور قيادات هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، والمقاول العام الروسي شركة «أتوم ستروي أكسبورت»، وفريقَي العمل من كلا الجانبين.

وقال الوكيل، إن «مصر تعطي أولوية قصوى للأمن والأمان النوويين، حيث إن مصيدة قلب المفاعل أحد العناصر الأساسية في نظام الأمان بمحطة الضبعة النووية، وتعكس أعلى معدلات الأمان النووي؛ لضمان التشغيل الآمن والمستمر لمحطة الضبعة».

وعبّر أليكسي كونونينكو، نائب رئيس شركة «أتوم ستروى إكسبورت» ومدير مشروع محطة الضبعة، خلال كلمته، عن سعادته بإتمام معْلم آخر على مسار تنفيذ المشروع، مشيراً إلى أن هذا الإنجاز هو نتاج التعاون المثمر بين الجانبين المصري والروسي ممثلَين في هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء المالك والمشغل للمحطة، والمقاول العام الروسي للمشروع شركة «أتوم ستروي إكسبورت».