​التونسيون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية يغيب عنها الحماس

مخاوف من ضعف المشاركة مثلما حدث في الانتخابات التشريعية

الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
TT

​التونسيون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية يغيب عنها الحماس

الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)

بدأ التونسيون، الأحد، الاقتراع من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها الحماس، مما زاد المخاوف من انعكاس فقدان الحماس على نسبة الاقتراع، مثلما حدث في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية عام 2022 وبداية 2023، حين بلغت نسبة المشاركة نحو 12 في المائة فقط.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9.7 مليون الإدلاء بأصواتهم عند الثامنة صباحاً في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقاً لهيئة الانتخابات.

وبدا أن عدداً كبيراً من المقترعين، في عدد من مراكز الاقتراع في العاصمة، من الكهول والشيوخ الذين يمثلون نحو نصف الناخبين، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال النوري المصمودي (69 عاماً) في مركز اقتراع في العاصمة: «جئت مع زوجتي لدعم قيس سعيّد، العائلة بأكملها ستصوت له». وعلى مسافة قريبة منه، أفصحت فضيلة (66 عاماً) بأنها جاءت «من أجل القيام بالواجب، والرد على كل من دعا إلى مقاطعة الانتخابات».

في مركز آخر، أعرب حسني العبيدي (40 عاماً) عن خشيته من حصول عمليات تلاعب بالتصويت، لذلك: «قدمت بالتصويت حتى لا يتم الاختيار في مكاني». وتقول الطالبة وجد حرّار (22 عاماً): «في الانتخابات السابقة لم يكن لي حق التصويت والناس اختاروا رئيساً سيئاً. هذه المرة من حقي التصويت».

وأدلى سعيّد بصوته ترافقه زوجته في مركز اقتراع بمنطقة النصر في العاصمة بعد نحو ساعة من فتحه. وأفادت رئيسة المركز عائشة الزيدي بأن «الإقبال محترم للغاية». وتحدث رئيس الهيئة العليا للانتخابات فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي بعد فتح المراكز عن «توافد بأعداد لافتة».

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية «على أقصى تقدير» الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

3 متنافسين

المرشح الرئاسي التونسي زهير المغزاوي يدلي بصوته بأحد مراكز الاقتراع في المرسى بالقرب من تونس العاصمة (أ.ف.ب)

ويتنافس سعيّد (66 عاماً) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاماً)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ 47 عاماً والمسجون بتهم «تزوير» تواقيع تزكيات. ولا يزال سعيّد، الذي انتخب بما يقرب من 73 في المائة من الأصوات، و58 في المائة من نسبة المشاركة في انتخابات عام 2019 يتمتّع بشعبية كبيرة لدى التونسيين حتى بعد أن حلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور 5 سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين يتهمونه بتكريس كثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، خاصة حزب «النهضة» الإسلامي الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديمقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في عام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية، بـ«الانجراف السلطوي» في بلد مهد ما سمّي بـ«الربيع العربي»، من خلال تسليط الرقابة على القضاء والصحافة، والتضييق على منظمات المجتمع المدني، واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين.

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى «موعد مع التاريخ»، قائلاً: «لا تترددوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات»، لأنه «سيبدأ العبور، فهبّوا جميعاً إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد».

أحد مراكز الاقتراع في المرسى بالقرب من تونس العاصمة (أ.ف.ب)

حملة باهتة

في الطرف المقابل، حذّر يوم الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي: «في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات... إيّاكم والعبث بصوت التونسيين». وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين، مثلما كانت عليه الحال في عام 2019.

ويعتقد البعض أن الرئيس سعيّد «وجّه» عملية التصويت لصالحه، «ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات»، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب «النهضة» إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات. وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت إلى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قراراً قضائياً بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس يوم الجمعة للتنديد بـ«القمع الزائد». وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف. وتشير إحصاءات منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى أن «أكثر من 170 شخصاً محتجزون لدوافع سياسية أو لممارسة الحقوق الأساسية» في تونس.


مقالات ذات صلة

الرئيس التونسي يستعرض مع وزير الداخلية السعودي التعاون الأمني

الخليج الرئيس التونسي خلال استقباله وزير الداخلية السعودي في قصر قرطاج الرئاسي (واس)

الرئيس التونسي يستعرض مع وزير الداخلية السعودي التعاون الأمني

استعرض الرئيس التونسي قيس سعيد، مع وزير الداخلية السعودي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف، الأحد، العلاقات الثنائية والتعاون الأمني القائم بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد (الشرق الأوسط)

محكمة تونسية تصدر بطاقة إيداع بالسجن ضد رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد

محكمة مختصة في قضايا الفساد المالي قررت إحالة 10 متهمين على أنظار الدائرة الجنائية من بينهم رجل الأعمال ورئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد ووزراء سابقون

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا مغني الراب سامح الرياحي (متداولة)

الأمن التونسي يطيح مغني راب مشهوراً في حملة ضد عصابات المخدرات

قال المتحدث باسم الإدارة العامة لـ«الحرس الوطني» حسام الدين الجبابلي، إن الأجهزة الأمنية أوقفت في عام 2024 قرابة خمسة آلاف مروج للمخدرات...

«الشرق الأوسط» (تونس)
الاقتصاد وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة التونسية فاطمة شيبوب في مؤتمر التعدين الدولي (الشرق الأوسط) play-circle 01:15

وزيرة الصناعة التونسية: نستهدف مضاعفة مساهمة الفوسفات في الناتج المحلي

أكدت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة التونسية فاطمة شيبوب، أن الفوسفات يساهم بنسبة 1 في المائة بالناتج المحلي الخام، وتهدف البلاد إلى مضاعفة هذه المساهمة.

آيات نور (الرياض)
شمال افريقيا المتهمون بالتآمر ضد أمن الدولة (الموقع الرسمي لغازي الشواشي)

إحالة سياسيين متهمين بـ«التآمر على أمن تونس» إلى الجنايات

محكمة النقض في تونس العاصمة ترفض الطعون التي تقدمت بها هيئة الدفاع عن عشرات القادة السياسيين الموقوفين منذ نحو عامين بتهم خطيرة.

كمال بن بونس (تونس)

مصر: تضاعُف نسب «الشائعات» رغم استنفار الحكومة لمواجهتها

أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
TT

مصر: تضاعُف نسب «الشائعات» رغم استنفار الحكومة لمواجهتها

أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)
أبراج وفنادق ومكاتب شركات على نهر النيل في العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

تشكو الحكومة المصرية من «تضاعُف نسب الشائعات» رغم استنفارها لمواجهتها، في حين تواصل مؤسسات رسمية بشكل يومي نفي الكثير من «الأنباء المتداولة» على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، بوصفها مجرد «ادعاءات وأكاذيب».

وتحدث تقرير حكومي، الأحد، عن زيادة معدل انتشار «الأخبار المضللة» في 2024 بنسبة 16.2 في المائة، مقارنةً بـ15.7 في 2023، وزيادتها 3 أضعاف خلال الفترة من 2020 إلى 2024 مقارنةً بالفترة من 2015 إلى 2019.

ورأى التقرير الذي أصدره «المركز الإعلامي لمجلس الوزراء»، الجهة المنوطة بالتواصل مع الوزارات للاستفسار عن أي «شائعة» يتم رصدها ثم نفيها في إفادة رسمية، أن قطاعي الاقتصاد والصحة «الأكثر استهدافاً» بـ«الشائعات» بنسبة 19.4 في المائة خلال العام الماضي.

ووجه رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الوزراء بالرد على ما يثار عبر «السوشيال ميديا»، مؤكداً حينها أن ذلك «يدخل في صميم دور الحكومة... حتى لا نترك المجال لبعض الأخبار غير الصحيحة للانتشار».

وربط التقرير الحكومي، الأحد، بين «زيادة الشائعات» و«الجهود التنموية والتداعيات السلبية للأزمات العالمية». ووفق عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، فريدة الشوباشي، فإن «الشائعات سلاح يستخدمه البعض ضد الدولة، في محاولة لزعزعة الثقة بين الجمهور والحكومة، أو زعزعة ثقة المصريين في أنفسهم».

وجاءت «الشائعات» المتعلقة بالتداعيات السلبية للأزمات العالمية في المرتبة الأولى لإجمالي الشائعات في البلاد، مسجلة «54 في المائة 2024، مقارنةً بـ53.8 في المائة عام 2023، و46 في المائة في 2022». كما بلغت نسبة «الشائعات» المتعلقة بالجهود التنموية 32.5 في المائة عام 2024»، ومن بينها «اعتزام الحكومة بيع المطارات المصرية لجهات أجنبية»، حسب التقرير.

الحكومة المصرية تشكو من «تضاعُف نسب الشائعات» (الشرق الأوسط)

كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد قال خلال الاحتفال بعيد الشرطة في يناير (كانون الثاني) الماضي: «لا أحد يستطيع أن يمس مصر، رغم ما يتردد من إشاعات وأكاذيب ومحاولات لاستهدافنا».

الخبير الإعلامي المصري، خالد البرماوي، يرى أنه «رغم الجهود الرسمية الجيدة في رصد الشائعات، لكن لا تزال الإشكالية تتمثل في القدرة على دحضها ومواجهتها»، معتبراً أن إصدار بيانات لتكذيبها رغم أهميتها غير كافٍ، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مواجهة الشائعات تحتاج إلى جهود كبيرة من مؤسسات علمية متخصصة مصرياً وعربياً، لكن ما يحدث حالياً جهود منفردة وغير منظمة، ولا تستند إلى جانب علمي وأكاديمي في دراسة هذه الشائعات وطرق انتشارها والجهات الصادرة عنها وطرق مواجهتها».

مسؤولون مصريون خلال تفقد منافذ لبيع السلع بأسعار مخفضة (وزارة التموين)

في حين أثنت الشوباشي على «الجهود الرسمية لمواجهة الشائعات»، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن رد الحكومة على الشائعات بمجرد رصدها «يرسخ الشفافية بين المواطن والحكومة، ويدحض الادعاءات والهدف منها».

وأعلن «المجلس الأعلى للإعلام» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إطلاق حملة «امسك مزيف»، التي هدفت إلى «رصد وإغلاق الصفحات المزورة التي تنتحل أسماء مسؤولين وشخصيات عامة وفنانين، وتنشر أخباراً مفبركة ومضللة».

وحسب تقرير «مجلس الوزراء»، جاءت قطاعات «التعليم والسياحة والآثار» في مرتبة متقدمة لانتشار الشائعات بنسبة 11.3 في المائة، ثم «التموين والزراعة» بنسبة 9.7 في المائة، و«الطاقة والوقود» بنسبة 4.8 في المائة.

ويقترح البرماوي أن تستبق الحكومة الشائعة، بدلاً من انتظار انتشارها ونفيها، وذلك من خلال تقنيات لتوقعها، لا سيما «الموسمية» منها، مثل «شائعات نقص السلع قبل شهر رمضان»، على حد قوله، داعياً أيضاً إلى تفعيل صفحات الوزارات على «السوشيال ميديا» بمحتوى معلوماتي شارح للمواطنين، بدلاً من اقتصارها حالياً على رصد نشاط الوزراء.