«قيود جديدة» على دخول السودانيين إلى مصر

«الجوازات» اشترطت «الموافقة الأمنية» للقادمين من دول أخرى

سودانيون في مكتب شؤون اللاجئين بالقاهرة (مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)
سودانيون في مكتب شؤون اللاجئين بالقاهرة (مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)
TT

«قيود جديدة» على دخول السودانيين إلى مصر

سودانيون في مكتب شؤون اللاجئين بالقاهرة (مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)
سودانيون في مكتب شؤون اللاجئين بالقاهرة (مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)

فرضت السلطات المصرية «قيوداً جديدة»، على دخول السودانيين القادمين من دول أخرى إلى أراضيها، تتضمّن الحصول على «موافقة أمنية» مسبقة، إلى جانب تأشيرة الدخول، ما أثار تساؤلات حول مدى تأثير ذلك الإجراء على أعداد السودانيين المقيمين في مصر هرباً من الحرب الداخلية.

وحسب منشور لإدارة الجوازات والهجرة، التابعة لوزارة الداخلية المصرية، فإنه يشترط «حصول الركاب السودانيين القادمين للبلاد، على تأشيرة دخول مسبقة، مع موافقة أمنية من السفارات المصرية بالدول القادمين منها، اعتباراً من 18 سبتمبر (أيلول) الجاري»، و«إلغاء التعليمات السابقة التي كانت تسمح بدخول السودانيين بعد الحصول على تأشيرة مسبقة مشفوعة بمحل إقامة بدول الخليج ودول الاتحاد الأوروبي».

ولا يتعلق الأمر بالقادمين من السودان، حيث نصّت ضوابط السلطات المصرية على «السماح بدخول الركاب السودانيين حاملي تأشيرات الدخول المسبقة، الصادرة من السفارة المصرية بالسودان، مدوّن بها (معروف لدى البعثة)، دون الحصول على موافقة أمنية».

وأرجع مراقبون تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»، تلك الإجراءات، إلى «مخاوف لدى مصر من حصول مواطنين من دول جوار السودان على الجنسية السودانية، ثم دخول مصر بصفتهم سودانيين»، متوقّعين أن تحُدّ تلك الإجراءات من أعداد الوافدين، حيث «عاد ركاب كانوا قادمين للقاهرة من المطارات لتوفيق أوضاعهم بعد بدْء تطبيق الاشتراطات الجديدة».

وتستضيف مصر أكثر من نصف مليون سوداني فرّوا من الحرب الداخلية بين الجيش و«قوات الدعم السريع» التي اندلعت منتصف أبريل (نيسان) العام الماضي، فضلاً عن ملايين من السودانيين الذين يعيشون في مصر منذ سنوات.

ووفق وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، فإن مصر «أكبر دولة مجاورة للسودان استضافت سودانيين، منذ اندلاع الحرب، وعلى مدار عشرات السنين الماضية».

سياسيون سودانيون مجتمعون في القاهرة قبل أشهر (الشرق الأوسط)

ويرى نائب رئيس الجالية السودانية بمصر، أحمد عوض، أن «الإجراءات الجديدة ستحُدّ من أعداد السودانيين القادمين للقاهرة»، وقال: «هناك أعداد من السودانيين عادوا من بعض المطارات في الخارج، بعد تطبيق الاشتراطات».

وعَدّ عوض في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إجراءات السلطات المصرية طبيعية في ضوء الأوضاع الأمنية المحيطة بها»، وأشار إلى «وجود مخاوف أمنية، بسبب حصول بعض مواطني دول جوار السودان على الجنسية السودانية»، وقال: «بعض هذه الحالات قد تأتي لإثارة الفتن، والتأثير على وضعية الجالية المقيمة في مصر منذ سنوات».

وتشترط السلطات المصرية على السودانيين المقيمين بأراضيها، تقنين وضع إقامتهم، بإصدار تصاريح الإقامة القانونية، وفقاً لوزارة الداخلية المصرية.

وتوقّف نائب رئيس الجالية السودانية بمصر مع ما أسماه «الأضرار والصعوبات التي يتعرض لها السودانيون المقيمون منذ سنوات طويلة في مصر، بسبب الممارسات التي صاحبت قدوم أعداد كبيرة من الفارّين من الحرب»، وعدّد من بينها «صعوبات التعليم، وتوقُّف الدراسة أمام الطلاب السودانيين».

ولاقت الاشتراطات الجديدة تفاعلاً بين المستخدمين على منصّات التواصل الاجتماعي.

وسعى البعض للتذكير بأن القرارات الجديدة لا تشمل السودانيين داخل السودان، ولا تشترط حصول الركاب على موافقة أمنية لدخول مصر.

وعَدّ الكاتب والمحلّل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، (رئيس تحرير صحيفة «التيار» السودانية)، ضوابط دخول السودانيين الجديدة لمصر «اشتراطات مشدّدة على السودانيين»، مشيراً إلى أنها «ستؤثر على حركة أبناء الجالية السودانية في الدول الأخرى، الذين يرغبون في القدوم لمصر».

ولا يرى ميرغني، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، وجود تأثيرات للاشتراطات الجديدة على حركة السودانيين القادمين من السودان، وقال إن «التأثير الأكبر سيكون على حركة السياحة والأعمال للسودانيين الذين يعيشون في الخليج والدول العربية وأوروبا وأميركا»، مشيراً إلى أن «غالبية هذه الشرائح ترتبط بأعمال بالدول التي يقيمون فيها، ولا يستهدفون القدوم لمصر للإقامة».

وليست هذه المرة الأولى التي تقوم فيها السلطات المصرية بتحديث إجراءات دخول السودانيين لأراضيها، حيث اشترطت في نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي، ضرورة تقديم جميع المسافرين السودانيين قبل الحصول على تأشيرة دخول «شهادة صحية معتمدة وموثقة من وزارة الصحة السودانية، لتطعيم شلل الأطفال (جرعة سولك)»، وطالبت أن يتم «مراعاة - بدايةً من شهر أكتوبر المقبل - مرور 4 أسابيع على التطعيم، قبل تاريخ الوصول لمصر، وبما لا يتجاوز 12 شهراً من التطعيم».


مقالات ذات صلة

«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

شمال افريقيا سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)

«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

قامت «قوات الدعم السريع» السودانية بتدمير وإخفاء أدلة على عمليات قتل جماعي، ارتكبتها بعد اجتياحها مدينة الفاشر في إقليم دارفور.

«الشرق الأوسط» (بورت سودان (السودان))
شمال افريقيا عناصر من «قوات الدعم السريع» (رويترز - أرشيفية)

تقرير: «الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

كشف تقرير جديد عن أن «قوات الدعم السريع» السودانية دمرت وأخفت أدلة على عمليات قتل جماعي ارتكبتها بعد اجتياحها مدينة الفاشر بإقليم دارفور غرب البلاد.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا حقول «هجليج» السودانية النفطية (متداولة)

حكومة نيالا تنفي التنسيق مع حكومة بورتسودان على تأمين حقول «هجليج»

أبقى أطرافُ اتفاق حماية حقول النفط الثلاثي في حقول «هجليج» السودانية تفاصيلَ ترتيبات تأمين الحقول والمنشآت، التي أعقبت سيطرة «الدعم السريع» على المنطقة، سرية.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا عائلات سودانية نازحة من الفاشر تتواصل مع عمال الإغاثة أثناء توزيعهم الإمدادات الغذائية بمخيم العفد الذي أُنشئ حديثاً في الضبعة بولاية شمال السودان (أ.ب)

«الصحة العالمية» قلقة إزاء احتجاز أفراد طواقم صحية ومدنيين بجنوب غربي السودان

أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها إزاء تقارير تفيد باحتجاز أكثر من 70 من أفراد طواقم صحية ونحو خمسة آلاف مدني بشكل قسري في نيالا بجنوب السودان.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا شاحنة محمّلة بممتلكات شخصية لعائلات نازحة تنتظر مغادرة نقطة حدودية في مقاطعة الرنك بجنوب السودان (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الصحة العالمية» قلقة إزاء احتجاز طواقم صحية ومدنيين في جنوب غرب السودان

أعربت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء عن قلقها إزاء تقارير تفيد باحتجاز أكثر من 70 من أفراد طواقم صحية وحوالى خمسة آلاف مدني بشكل قسري في نيالا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
TT

تحديث مصري لنماذج التنبؤ ورصد المياه المقبلة من منابع النيل

وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم يتابع إجراءات تحديث مراكز التنبؤ والرصد في اجتماع الأربعاء (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

تواصل الحكومة المصرية إجراءات متابعة تدفقات مياه نهر النيل بعد أن تعرضت أراضٍ زراعية للغرق خلال الأشهر الماضية؛ بسبب ما وصفته بـ«الإدارة غير المنضبطة لسد النهضة الإثيوبي»؛ وقررت وزارة الري والموارد المائية تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل.

وبين مصر وإثيوبيا توترات متصاعدة بسبب «سد النهضة» الذي دشنته أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل دون التنسيق مع دولتَي المصب، مصر والسودان.

وناقش اجتماع عقده وزير الموارد المائية والري، هاني سويلم، الأربعاء، إجراءات «تحديث نماذج التنبؤ والرصد بدول منابع النيل لتقدير كميات المياه الواصلة لبحيرة السد العالي» بجنوب البلاد.

ولجأت مصر، الشهر الماضي، إلى فتح «مفيض توشكى» لتصريف كميات المياه الزائدة خلف «السد العالي» عقب شكواها من إدارة «غير منضبطة» للسد الإثيوبي، و«تصريفات عشوائية» لمياه النيل الأزرق، الذي يعد المنبع الرئيسي لنهر النيل في السودان ومصر.

متابعة مصرية يومية لتدفق مياه نهر النيل (وزارة الري المصرية)

وقال أستاذ الموارد المائية بالمركز القومي للبحوث، أحمد فوزي دياب، إن نماذج التنبؤ بالأمطار وتدفقات المياه إلى نهر النيل تشكل جزءاً رئيسياً من السياسة المائية للدولة، ويزداد الاهتمام بها «نظراً لعدم إبلاغ إثيوبيا دولتَي المصب بتصريفات المياه من سد النهضة، ما يجعل التحديث المستمر في تقنياتها أمراً مطلوباً».

وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن نماذج التنبؤ «تقوم على معادلات رياضية من خلال حساب كميات الأمطار المتوقعة والمياه الواردة من دولة المنبع (إثيوبيا) إلى السودان، ومنها إلى مصر، وقياس إيراد النيل حسب الطبيعة الجغرافية واستخدامات الدول وحركة الفيضان للتعرف على كميات المياه القصوى والدنيا التي يمكن أن تصل إلى مصر».

وعددّت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة فيضانات النيل بعد أن تعرّضت أراضٍ زراعية ومنازل للغرق في عدد من المناطق بدلتا النيل في شمال البلاد، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقالت إنها أولت اهتماماً بعمليات تطهير الترع وإزالة التعديات على أراضي «طرح النهر» إلى جانب إقدامها على فتح «مفيض توشكى» لاستيعاب كميات المياه حال زيادة منسوب مياه النيل.

ووجهت الحكومة المصرية الشهر الماضي اتهامات لإثيوبيا بالقيام بـ«تصرفات متتابعة في سد النهضة في غياب للضوابط الفنية والعلمية في تشغيله، مع استمرار النهج العشوائي في إدارته، بما يعرض نهر النيل لتقلبات غير مأمونة التأثير»، وأكدت أن «الإدارة الأحادية للسد تُمثل تهديداً لحقوق ومصالح دولتَي المصب، وتؤثر على تشغيل السدود الواقعة خلف سد النهضة».

لكن دياب أكد أن أي مخاطر سلبية من سد النهضة يمكن التعامل معها عبر منظومة إدارة المياه في مصر، وأن السد العالي إلى جانب مفيض توشكى لديهما القدرة على استيعاب تدفق كميات كبيرة من المياه على المدى القريب أو البعيد.

وركز اجتماع وزير الري، الأربعاء، على تعزيز التعاون بين مصر ودول حوض النيل، وذلك من خلال «تنفيذ مشروعات لخدمة المواطنين بهذه الدول مثل إنشاء آبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية لأغراض الشرب، وخزانات أرضية، ومراسٍ نهرية، ومشروعات لمكافحة الحشائش، وإنشاء مراكز للتنبؤ بالفيضان، ومركز لنوعية المياه، وتنفيذ دراسات فنية للإدارة المتكاملة للموارد المائية بدول حوض النيل».

ويؤكد أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن مصر تمتلك مراكز لمتابعة حالة الأمطار والتنبؤ بها عن طريق الأقمار الاصطناعية وتتبع السحب وسرعتها وكثافتها وزمن وصولها إلى مناطق منابع النيل باستخدام نماذج رياضية لتحديد الكميات الواردة، وأن التحديث المستمر فيها ضروري في ظل وجود متغيرات تمثلت في تدفقات المياه من سد النهضة، ووجود إدارة مائية منفردة عليه من جانب إثيوبيا.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن مصر تحسب إيراد النيل وفقاً لتقديرات سنوية للتعرف على منسوب المياه في المعدلات الطبيعية، «لكن ما حدث بعد تشغيل سد النهضة أن وصول المياه يُمكن أن يختلف من شهر إلى آخر بسبب غلق بوابات السد وفتحها بتوقيتات غير معروفة وغير منتظمة».

وتضع مصر سياسة مائية تبدأ مع العام المائي في مطلع أغسطس (آب) الذي ينتهي في يوليو (تموز)، وفقاً لشراقي الذي أكد أنه «لا مخاوف من تراجع إيراد النيل، ولكن يمكن أن تتدفق كميات كبيرة من المياه في شهر وتنخفض في آخر بسبب فتح توربينات سد النهضة أو غلقها».

وقال وزير الموارد المائية المصري في تصريحات إعلامية، الاثنين الماضي: «النمط الإثيوبي في إدارة الأنهار الدولية يعتمد على افتعال الأزمات»، محذراً من «سوء إدارة سد النهضة في الجفاف والفيضان، وهو ما يترك تبعات خطيرة على دولتَي مصب نهر النيل».


آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
TT

آلاف التونسيين يتظاهرون ضد التلوث البيئي في قابس

أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)
أهالي قابس ناشدوا الرئيس قيس سعيد تفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث (أ.ف.ب)

خرج الآلاف من أهالي مدينة قابس، جنوبي تونس، الأربعاء، في مسيرة جديدة، مطالبين الرئيس قيس سعيد، والسلطات المحلية بتفكيك مجمع للصناعات الكيميائية بسبب التلوث البيئي، حسبما ذكر تقرير لوكالة الصحافة الألمانية.

وهذا أحدث تحرك احتجاجي في المدينة، الواقعة على جنوب الساحل التونسي، بعد مسيرات سابقة، وإضراب عام في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للضغط على السلطة.

وخلال المظاهرة ردَّد المحتجون بشكل خاص «الشعب يريد تفكيك الوحدات»، ورفعوا شعار «أنقذوا قابس».

وعلى مدار الأشهر الأخيرة شهدت قابس حالات اختناق جماعية متكررة بين أطفال في مدرسة «شط السلام»، القريبة من المجمع الكيميائي، مما أثار غضب الأهالي.

وتصنَّف قابس من بين الواحات البحرية النادرة في البحر الأبيض المتوسط، لكنَّ التلوث الممتد لعقود، ومنذ تأسيس المجمع الكيميائي عام 1972، أضر كثيراً بالبيئة والهواء والشواطئ والثروة السمكية، ووضع المنطقة أمام مستقبل قاتم.

وتسعى الحكومة على الأرجح إلى استكمال مشاريع سابقة للحد من التلوث المنبعث من المجمع الكيميائي، لتفادي التكلفة الاقتصادية والمالية للتفكيك، وهو ما يرفضه الأهالي والمجتمع المدني في قابس.

ومنذ إنشاء المجمع الكيميائي عام 1972، تحول «خليج قابس» إلى واحد من أكثر المواقع تلوثاً في البحر الأبيض المتوسط، حيث يمكن ملاحظة سواد المواد السامة وهي تطفو على سطح مياه الخليج.

ويحوِّل المجمع الكيميائي الفوسفات القادم من مناجم ولاية قفصة إلى حمض فوسفوري ومواد كيميائية، مثل «الأمونيتر» و«فوسفات الأمونيوم»، ثم يصب نفاياته الصناعية في البحر دون معالجة، بمعدل يصل إلى 14 ألف طن من مادة «الفوسفوجيبس» يومياً، وهي كميات كفيلة بتحويل البحر إلى مقبرة للثروة السمكية، التي كانت تتباهى بها الولاية قبل عقود، حسب خبراء.

ويُنتج المجمع أيضاً سماد DAP 18-46 المعروف بسمّية تصنيعه، وهو نفس السماد، الذي أوقفت فرنسا تصنيعه وظلت تستورده من تونس، غير آبهة بمطالبات داخلية بوقف استيراده بسبب تكلفته البيئية والصحية.


«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
TT

«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)

قامت «قوات الدعم السريع» السودانية بتدمير وإخفاء أدلة على عمليات قتل جماعي، ارتكبتها بعد اجتياحها مدينة الفاشر في إقليم دارفور بغرب البلاد، وفق ما كشف تقرير جديد.

وقال «مختبر الأبحاث الإنسانية» بجامعة ييل، الذي يستخدم صوراً للأقمار الاصطناعية لرصد الفظائع منذ بدء الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، الثلاثاء، إن هذه الأخيرة «دمرت وأخفت أدلة على عمليات القتل الجماعي واسعة النطاق، التي ارتكبتها» في عاصمة ولاية شمال دارفور.

وأثارت سيطرة «قوات الدعم السريع» العنيفة على آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، غضباً دولياً بسبب تقارير تحدثت عن عمليات إعدام خارج إطار القضاء، واغتصاب ممنهج واحتجاز جماعي. وأكد «مختبر الأبحاث الإنسانية» أنه حدد في أعقاب سيطرة «الدعم السريع» على المدينة 150 أثراً يتطابق مع رفات بشرية. وتتطابق عشرات من هذه الآثار مع تقارير عن عمليات الإعدام، كما تتطابق عشرات أخرى مع تقارير تفيد بأن «قوات الدعم السريع» قتلت مدنيين أثناء فرارهم.

وأضاف المختبر، حسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه في غضون شهر اختفى ما يقرب من 60 من تلك الآثار، بينما ظهرت 8 مناطق حفر قرب مواقع القتل الجماعي، لا تتوافق مع ممارسات الدفن المدنية. وخلص التقرير إلى أن «عمليات قتل جماعي، وتخلص من الجثث على نطاق واسع ومنهجي قد حدثت»، مقدراً عدد القتلى في المدينة بعشرات الآلاف. وطالبت منظمات إغاثة والأمم المتحدة مراراً بالوصول الآمن إلى الفاشر، حيث لا تزال الاتصالات مقطوعة، ويُقدر عدد الناجين المحاصرين بعشرات الآلاف، وكثير منهم محتجزون لدى «قوات الدعم السريع».

وأمس الثلاثاء، أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها إزاء تقارير تفيد باحتجاز أكثر من 70 من أفراد طواقم صحية، ونحو خمسة آلاف مدني بشكل قسري في نيالا بجنوب غربي السودان.

وأسفرت الحرب المتواصلة في السودان، منذ 15 أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، عن مقتل عشرات الآلاف. ودفعت الحرب نحو 12 مليوناً إلى النزوح داخل البلاد أو اللجوء إلى خارجها، وأدت إلى تدمير البنية التحتية، مما جعل السودان يعاني «أسوأ أزمة إنسانية» في العالم، حسب الأمم المتحدة.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، على «إكس»: «نشعر بالقلق إزاء التقارير الواردة من نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور السودانية، التي تفيد باحتجاز أكثر من 70 عاملاً في مجال الرعاية الصحية، بالإضافة إلى نحو خمسة آلاف مدني». مضيفاً أن المعتقلين «محتجزون في ظروف غير صحية، كما هناك تقارير عن تفشي الأمراض».