كثّفت مصر حديثها عن «إنجازاتها» في ملف الحريات خلال لقاءات عقدها وزير خارجيتها، الدكتور بدر عبد العاطي، مع 12 عضواً بالكونغرس الأميركي في العاصمة واشنطن، حيث أكد عبد العاطي أن القاهرة تعتمد «منظوراً شاملاً» فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
وبدأ وزير الخارجية المصري، أمس (الخميس)، زيارة للولايات المتحدة تستهدف، بحسب إفادة رسمية، «بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين القاهرة وواشنطن، إضافة إلى التشاور حول أبرز القضايا الإقليمية».
وشهدت لقاءات اليوم الأول لعبد العاطي في واشنطن حديثاً عن قضايا حقوق الإنسان والحريات الدينية والمدنية، حيث كان هذا الملف محوراً أساسياً مشتركاً في اجتماعات عدة عقدها وزير الخارجية المصري مع أعضاء بالكونغرس الأميركي، مساء الخميس.
وأشار عبد العاطي، خلال لقاءاته وأعضاء الكونغرس، إلى ما شهدته القاهرة من «تقدم على صعيد حقوق الإنسان»، مستعرضاً أهم التطورات التي تشهدها مصر على صعيد التنمية الاجتماعية، وخاصة ما يتعلق بحقوق الإنسان، وفق إفادة رسمية للمتحدث باسم «الخارجية المصرية»، السفير تميم خلاف.
وعرض الوزير عبد العاطي تطورات تنفيذ «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 2021 - 2026»، التي تتناول حقوق الإنسان من «منظور شامل»، كما شرح «الجهود المبذولة» لتعديل قانون «الإجراءات الجنائية»، وما تحقق على صعيد الحريات الدينية والمدنية»، مؤكداً أن ذلك «يعكس المنحى الإيجابي الذي تتعامل به مصر في هذا الملف»، بحسب الإفادة الرسمية.
كما أشار وزير الخارجية المصري إلى «التطورات الإيجابية التي تشهدها مصر على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي»، مستعرضاً «جهود بلاده في تطوير الحقوق السياسية والمدنية، وجهود الإصلاح الاقتصادي». كما شرح «الخطوات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية للارتقاء بالمنظومة الحقوقية في البلاد، فضلاً عن الإنجازات المتحققة على صعيد حقوق المرأة والحريات الدينية».
وأوضح متحدث «الخارجية المصرية» أن لقاءات عبد العاطي مع أعضاء الكونغرس الـ12 في واشنطن «أتاحت الفرصة لاستعراض كافة جوانب العلاقات الثنائية السياسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية، وما شهدته مصر من تقدم على صعيد حقوق الإنسان».
ويعد ملف حقوق الإنسان أحد الملفات الرئيسية على صعيد العلاقات المصرية - الأميركية. وكانت واشنطن قد علقت خلال السنوات القليلة الماضية نحو 320 مليون دولار من المساعدات العسكرية المقدمة للقاهرة، بعد ربطها باشتراطات تتعلق بملف حقوق الإنسان، قبل أن تقرر الأسبوع الماضي التغاضي عن هذه الاشتراطات، ومنح مصر كامل قيمة المساعدات العسكرية، البالغ قيمتها 1.3 مليار دولار.
ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، أن «جميع القرارات، التي صدرت سابقاً لاستقطاع جزء من المساعدات الأميركية لمصر، ارتبطت بملف حقوق الإنسان، ما يجعل هذا الملف مثار نقاش في جميع اللقاءات الثنائية».
وقال هريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «واشنطن رحّبت في جولة الحوار الاستراتيجي بين البلدين عام 2021 بإطلاق القاهرة الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، مع وضع هذا الملف محل متابعة من الجانبين، في إطار الاحترام المتبادل».
وعادة ما تثار قضايا الحريات في العلاقات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة، خصوصاً مع إصدار الخارجية الأميركية تقارير سنوية لتقييم حالة حقوق الإنسان والحريات الدينية في دول العالم، ومن بينها مصر، بحسب هريدي، الذي يؤكد أن «القاهرة دائماً ما تطالب بعدم تسييس هذا الملف»، مؤكدة أن «حقوق الإنسان لها شقان: اجتماعي وسياسي، ولا يجب إغفال أي منهما».
وأوضح هريدي أن القاهرة لديها «منظور شامل للديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد حققت إنجازات في هذا الملف»، لكن هذا «لن يمنع من إثارة القضية بين الحين والآخر للضغط على مصر».
على صعيد آخر، تطرقت مباحثات وزير الخارجية المصري مع أعضاء الكونغرس الأميركي إلى «القضايا الإقليمية الرئيسية، وأبرزها حرب غزة والتطورات في ليبيا والسودان والصومال، والقرن الأفريقي والسد الإثيوبي وأمن الملاحة في البحر الأحمر».
وقال متحدث «الخارجية المصرية» إن اللقاءات «شهدت اتفاقاً في الرؤى حيال أغلب القضايا، وتقديراً لوجهة نظر مصر حيال سبل التعامل السليم معها، ما يسهم في تعزيز السلم والأمن الإقليميين».
وفي هذا السياق، لفت عبد العاطي خلال لقاءاته مع أعضاء الكونغرس إلى «الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها الدول الحدودية مع مصر، ما ينعكس على زيادة حدة المخاطر والعواقب الاقتصادية والأمنية عليها»، مجدداً التأكيد على موقف بلاده «الرافض لأي شكل من أشكال التهجير للفلسطينيين، أو تصفية القضية الفلسطينية».
وشدد عبد العاطي على «ضرورة انسحاب إسرائيل من الجانب الفلسطيني من معبر رفح ومن محور (فيلادلفيا)، بما يسمح باستئناف تدفق المساعدات الإنسانية». كما جدد التأكيد على «ضرورة العمل على تجنب اتساع نطاق الصراع في المنطقة»، مستعرضاً الجهود المكثفة التي تبذلها مصر مع مختلف الأطراف لحثها على عدم التصعيد وضبط النفس.
وشكر وزير الخارجية المصري أعضاء الكونغرس على دعمهم للشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن. كما شهدت اللقاءات «الإعراب عن التقدير المتبادل للشق العسكري من العلاقات الثنائية بين البلدين، ما يمثل إحدى الركائز الأساسية للشراكة بينهما».
وبحسب متحدث «الخارجية المصرية»، فإن «وزير الخارجية أكد على خصوصية الشراكة الاستراتيجية المصرية - الأميركية، التي تمتد لعقود وتحقق المنفعة المتبادلة، وتناول في هذا السياق إطلاق جولة جديدة من الحوار الاستراتيجي بين البلدين بالقاهرة».
كما أشار عبد العاطي خلال لقاءاته إلى «أهمية تعزيز التعاون بين مصر والولايات المتحدة في المجال الاقتصادي، بما في ذلك من خلال زيادة حجم الاستثمارات الأميركية في البلاد، والتنسيق الجاري مع غرفة التجارة الأميركية لاستضافة القاهرة منتدى مستقبل مصر الاقتصادي العام المقبل»، الذي عدّه «نقلة نوعية في معدلات التبادل التجاري والاستثمارات بين البلدين».
ومن المقرر أن يعقد عبد العاطي خلال زيارته إلى واشنطن «لقاءات مكثفة مع مبعوثي الولايات المتحدة المعنيين بقضايا وأزمات الشرق الأوسط وأفريقيا، كما يشارك في طاولة مستديرة لأحد أهم مراكز الأبحاث الأميركية»، قبل أن يتوجه للمشاركة في اجتماعات الشق رفيع المستوى من أعمال الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.