ليبيا: صالح يحذر من «انفلات الدولار» ويحمّل «الرئاسي» المسؤولية

خوري تبحث في روما أزمتي «المركزي» و«النفط»

صالح في لقاء سابق بالمبعوث الأميركي إلى ليبيا (المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب)
صالح في لقاء سابق بالمبعوث الأميركي إلى ليبيا (المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب)
TT

ليبيا: صالح يحذر من «انفلات الدولار» ويحمّل «الرئاسي» المسؤولية

صالح في لقاء سابق بالمبعوث الأميركي إلى ليبيا (المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب)
صالح في لقاء سابق بالمبعوث الأميركي إلى ليبيا (المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب)

حذر رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، من انفلات سعر صرف الدولار في السوق الموازية مقابل الدينار، وذلك على خلفية أزمة المصرف المركزي، محملاً المجلس الرئاسي المسؤولية، وفي غضون ذلك تواصل المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، في إيطاليا بحث تداعيات الصراع.

ووسط ترقب في ليبيا لما قد تسفر عنه الأيام المقبلة من تأثيرات سلبية نتيجة الصراع الدائر على إدارة المصرف وغلق النفط، أبدى صالح تخوفه من انفلات سعر صرف الدولار، وحذر من أن «الدولار في طريقه لتجاوز الـ10 دنانير، ما لم تحل أزمة المصرف، وإرجاع الأمور إلى وضعها الطبيعي». (الدولار يساوي 4.74 في السوق الرسمية، بينما يصل سعره في السوق الموازية 7.66).

وقال صالح في تصريحات صحافية نقلها مركزه الإعلامي: «ما حاولنا تفاديه من ارتفاع سعر الصرف من خلال وضع الضريبة هدمه المجلس الرئاسي بقراراته الخاطئة المنعدمة، والتي لا أثر قانونياً لها».

ويقصد صالح بـ«إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي» أن يعدل المجلس الرئاسي عن عزل محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، ومن ثم تعود سلطات شرق ليبيا إلى تشغيل النفط المغلق».

الصديق الكبير (رويترز)

وأضاف صالح موضحاً: «بذلنا جهوداً مضنية لتوحيد المصرف المركزي، والمحافظة عليه كمؤسسة مالية تهم الليبيين، كما تفرض الضرورة اتخاذ إجراءات لإنقاذ المصرف المركزي من سيطرة الجماعة، التي استولت عليه بطريقة غير شرعية، وأصبحت تهدر المال العام إرضاء للحكومة منتهية الولاية».

وأوضح صالح أن المجلس الأعلى الدولة مطالب بحسم موقفه في قضية المصرف المركزي؛ حفاظاً على المصلحة الليبية، كما قال إن البعثة الأممية «أمام اختبار حقيقي في قضية المصرف المركزي»، داعياً إياها لإعلان «عدم شرعية ما اتخذه المجلس الرئاسي بخصوص المصرف المركزي؛ لخروجه عن اختصاصه، ومخالفته للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي واغتصاب السلطة».

واجهة البنك المركزي بطرابلس (رويترز)

كما أوضح صالح أن «أي محاولة لوقف الاتفاق على مشاريع التنمية وإعادة الإعمـار سـتضر بالمصلحة العامة، وستواجه من قبلنا بالرفض»، مؤكداً دعمه الكامل لصندوق التنمية والإعمار، قائلاً: «لن نسمح بتعطيله، أو وقف ما ينفذه من مشاريع ستكون في كل أرجاء الوطن».

ووجه صالح، الخميس، الدعوة إلى أعضاء مجلسه لحضور جلسة رسمية، الثلاثاء المقبل، بمقر المجلس في مدينة بنغازي. وقال المجلس في إيجاز مقتضب، نشره مكتب صالح وصفحة المتحدث باسم المجلس عبد الله بليحق، إن الجلسة ستخصص لمناقشة عدد من القوانين بجدول أعمال المجلس.

وفي تحرك ذي صلة، قالت رئيس البعثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، إنها ناقشت في العاصمة الإيطالية روما مع باسكوالي فيرارا، المدير العام للشؤون السياسية والأمنية في وزارة الخارجية الإيطالية، التطورات المتلاحقة في ليبيا، لا سيما أزمة مصرف ليبيا المركزي المستمرة، وإغلاق حقول النفط.

وأضافت خوري أن اللقاء «تطرق لمختلف جوانب العملية السياسية، وشددنا على الحاجة إلى أن تكون مؤسسات الدولة موحدة، وأن تحظى بالشرعية، كما أكدنا أن الحوار يبقى السبيل الوحيد لتحقيق حلول مستدامة للتحديات العديدة التي تواجه ليبيا».

خوري رفقة باسكوالي فيرارا المدير العام للشؤون السياسية والأمنية في وزارة الخارجية الإيطالية (البعثة)

كما أوضحت خوري، اليوم (الخميس)، أنها زارت مقر عملية (إيريني) التابعة للقوة البحرية الأوروبية في البحر المتوسط ​​في روما، والتقت بالأميرال البحري غيوم فونتارينسكي، الذي أطلعها على عملياتهم والتحديات التي يواجهونها. وشددت على أهمية فرض حظر الأسلحة، الذي تفرضه الأمم المتحدة من أجل استقرار ليبيا.

خوري خلال زيارتها لمقر عملية «إيريني» (البعثة)

وفي إطار الجهود الدولية لحل أزمة المصرف المركزي، قالت السفارة الفرنسية لدى ليبيا، إن السفير مصطفى مهراج التقى المكلف بتسيير وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، الطاهر الباعور، وتناولت المناقشات الأزمات في المصرف، والانقسام في المجلس الأعلى للدولة، وسبل تجاوزها وتعزيز العلاقات الثنائية.

في شأن آخر، قالت السفارة إن مهراج التقى الممثلة المقيمة للبرنامج في ليبيا، صوفي كيمخندزه، مؤكداً دعم بلاده المستمر لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا، والمساهمة في برامج تهدف إلى الاستقرار وتحسين الحوكمة وتنويع الاقتصاد. فيما قالت السفارة إن باريس تلتزم بدعم عمل البرنامج لتحسين أوضاع السكان في جميع أنحاء الأراضي الليبية.

من جانبه، رد المصرف المركزي الليبي على تصريحات للمحافظ المقال الصديق الكبير، وصفها بالأخبار «المضللة والشائعات، التي ليس لها أساس من الصحة»، من دون أن يأتي على ذكر اسم الكبير.

وقال المصرف إن «ما نشره من بيانات تتعلق بالإيراد العام والإنفاق هو لتعزيز عملية الإفصاح والشفافية، والالتزام التام بكافة التشريعات المنظمة من خلال البيانات، والأرقام المدرجة من واقع الدفاتر المالية».

وأضاف المصرف في تصريح صحافي أنه «يمتلك الموارد الكافية لإطفاء الدين العام، غير أن الإدارة السابقة لم تفصح عن ذلك، وجميع الحسابات، التي من ضمنها الرسوم الضريبة والاحتياطيات، ما زالت كما هي بالسجلات».

ونبّه مصرف ليبيا المركزي إلى أن إدارته الحالية لم تنفّذ أي قيود محاسبية بشأن رسوم الضريبة، أو تحويل أي أرصدة أو غيرها من هذه الإجراءات، ودعا الجهات الرقابية إلى الاطلاع على السجلات والمنظومات للتأكد من ذلك في أي وقت. كما جدد المصرف دعوته لوسائل الإعلام كافة إلى «التحلي بروح المسؤولية، وعدم نشر الأخبار المضللة، والقفز على الحقائق، وتحري المعلومات الدقيقة من مصدرها الرئيسي، ومن خلال المنصات المعتمدة للمصرف».

وكان الكبير قد انتقد في حوار مع قناة «الوسط» الليبية تصريحات سابقة للإدارة الحالية للمصرف، وقال إن «سيناريو النفط مقابل الغذاء قادم إلى ليبيا إذا طالت أزمة المصرف المركزي»، لكن خبراء ليبيين قللوا من حدوث ذلك، وعدوه «تهويلاً».


مقالات ذات صلة

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

شمال افريقيا المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

حسمت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا الجدلَ حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

تتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص تواجه دعوات تحجيب النساء «جبراً» رفضاً لفكرة «تقييد الحريات» في مجتمع غالبية نسائه أصلاً من المحجبات (أ.ف.ب)

خاص دعوات «إلزامية الحجاب» تفجر صراعاً مجتمعياً في ليبيا

بعد إعلان السلطة في غرب ليبيا عن إجراءات واسعة ضد النساء من بينها "فرض الحجاب الإلزامي"، بدت الأوضاع متجه إلى التصعيد ضد "المتبرجات"، في ظل صراع مجتمعي محتدم.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

بعد أكثر من أسبوعين أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا حالة من الجدل بعد وصفه بأنه شخص «مزيف».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.