بينما طالب مرشح انتخابات الرئاسة الجزائرية المنهزم، يوسف أوشيش، بـ«تحقيق معمق» في نتائجها التي أعطته 6 في المائة فقط من الأصوات، طالبت المعارضة الرئيس عبد المجيد تبون الفائز بولاية ثانية بـ«إطلاق إجراءات تهدئة» كشرط لتلبية دعوة أطلقها لـ«حوار وطني يفضي إلى ديمقراطية حقيقية».
وطرح الحزبان المعارضان، اللذان قاطعا الاستحقاق، «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، و«حزب العمال»، شروطاً لقبول دعوة أطلقها تبون، أمس الثلاثاء، في خطاب تنصيبه رئيساً لولاية ثانية، تخص «البدء بحوار مفتوح».
وتحدث الرئيس عن رغبته بإجراء «اتصالات مكثفة واستشارات مع كل الطاقات الحية للوطن، السياسية منها والاقتصادية وكذا الشبانية»، لكن اشترط لإطلاقها «توفر ظروف تسمح لنا بذلك»، من دون تقديم تفاصيل. وقال إن الفكرة تتعلق بـ«التخطيط معاً للمسيرة التي ستنتهجها بلادنا فيما يخص الديمقراطية الحقة، وليس ديمقراطية الشعارات... الديمقراطية التي تعطي السيادة لمن يستحقها»، ولم يوضح تبون ما يقصد بـ«الديمقراطية التي تعطي السيادة لمن يستحقها».
وأكد رشيد حساني، المتحدث باسم «التجمع من أجل الثقافة»، بحساب الحزب بالإعلام الاجتماعي، أن «فكرة الرئيس بإطلاق حوار كنا من الداعين إليها منذ زمن بعيد، ولهذا نرحب بها ونتطلع إلى تحقيقها». مضيفا أنه «في انتظار أن تتضح معالم هذا الحوار الذي ينبغي أن يفضي إلى إنهاء الأزمة العميقة، التي تعيشها الأمة، ويرى التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أنه من الضروري التحرك نحو تدابير الانفتاح، والتخفيف من التضييق، بما في ذلك رفع القيود عن الحريات السياسية والإعلامية، وإطلاق سراح معتقلي الرأي».
من جهته، قال حزب «العمال» في بيان إن «أي حوار ينبغي أن يسبقه رفع كل القيود عن ممارسة حرية التعبير السياسي وحرية الصحافة، وإلغاء التدابير التي تجرم ممارسة الحريات الديمقراطية». عاداً أن الحوار الذي دعا إليه الرئيس «يجب أن يشمل كل الشعب الجزائري دون إقصاء، ضمن نقاش وطني حر وديمقراطي، حتى يتمكن من تحديد شكل ومضمون المؤسسات والأدوات التي يحتاج إليها لممارسة سيادته الكاملة».
في غضون ذلك، أكد أوشيش في مؤتمر صحافي، عقده اليوم الأربعاء بالعاصمة، أنه «يصر على المطالبة بفتح تحقيق معمق حول الظروف التي أحاطت بتنظيم العملية الانتخابية، وحول إعلان النتائج المؤقتة من قبل السلطة الوطنية للانتخابات». وقال إنه «من الواضح أن هذه الهيئة تجاهلت تماماً الإرادة الشعبية بنشرها أرقاماً دون أي أساس، تتناقض مع كل محاضرها الصادرة عن امتداداتها المحلية، ناهيك عن الغموض التام الذي لف حساب نسبة المشاركة، والخروقات الجسيمة التي رُصدت في عدة مراكز اقتراع، والتي كانت بالتواطؤ مع الإدارة المحلية».
وأكثر ما لفت الأنظار في الانتخابات التي جرت في السابع من سبتمبر (أيلول) الحالي، كان هو الفارق الشاسع بين النتائج المؤقتة التي قدمتها «السلطة الانتخابية»، ونسختها النهائية التي أعلنتها «المحكمة الدستورية». ففيما كان عدد المصوتين في البداية 5.6 مليون من أصل جسم انتخابي يضم 24 مليوناً، انتهت إلى أكثر من 11 مليوناً. وبذلك انتقل عدد الأصوات التي فاز بها تبون من 5.3 مليون إلى قرابة 8 ملايين. وزادت حصة أوشيش من الأصوات بنسبة كبيرة (من 2 في المائة إلى 6 في المائة)، ونفس الأمر حدث مع المرشح الإسلامي عبد العالي حساني (من 3 في المائة إلى 9 في المائة).
وطالب أوشيش من السلطات «اتخاذ إجراءات صارمة لتحديد المسؤوليات، ومتابعة جميع المتورطين في هذا التلاعب الفاضح، الذي شوّه الانتخابات وألحق الضرر بصورة البلد». مشيراً إلى أن «مثل هذه التناقضات تضرب مصداقية المسار الانتخابي والديمقراطي، وتمس ثقة المواطنين في المؤسسات الدستورية، وتعزز مطالبنا التاريخية بضرورة إرساء دولة القانون».