الجزائر: استمرار الجدل إزاء «أرقام» الانتخابات الرئاسية

مراقبون لاحظوا فوارق كبيرة بين النسب المؤقتة والنهائية

عرض للفارق بين النتائج الأولية والنهائية لانتخابات الرئاسة في الجزائر (الشرق الأوسط)
عرض للفارق بين النتائج الأولية والنهائية لانتخابات الرئاسة في الجزائر (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: استمرار الجدل إزاء «أرقام» الانتخابات الرئاسية

عرض للفارق بين النتائج الأولية والنهائية لانتخابات الرئاسة في الجزائر (الشرق الأوسط)
عرض للفارق بين النتائج الأولية والنهائية لانتخابات الرئاسة في الجزائر (الشرق الأوسط)

عبّر قطاع من المعارضة الجزائرية، عن رفضه ما وصفه بـ«تزوير انتخابات الرئاسة»، التي جرت في السابع من سبتمبر (أيلول) الحالي، بينما أكدت أحزاب موالية للسلطة، أن إعادة انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون، بنتيجة عريضة، تعكس «انخراط الجزائريين في مشروع بناء جزائر جديدة».

وأثار الفارق بين عدد المُصوّتين الذي جاء في النتائج الأولية (5.6 مليون)، والعدد المعلن ضمن النتائج النهاية، السبت الماضي، (أكثر من 9 ملايين) حفيظة الحزب المعارض «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، فعبَّر رئيسه عثمان معزوز عن ذلك بشكل ساخر، على حسابه بالإعلام الاجتماعي، قائلاً: «إلى كل علماء الرياضيات... عليكم أن تدرجوا، من اليوم فصاعداً، الأعداد الجزائرية في نظرياتكم. درسنا الأعداد الطبيعية، والأعداد الأولية، والأعداد الصحيحة، والأعداد الكسرية، والأعداد الحقيقية، والأعداد المركبة، واليوم دخلنا مرحلة الأعداد الجزائرية في علم الجبر والرياضيات».

رئيس المحكمة الدستورية (الشرق الأوسط)

من جهتها، أكدت مديرية حملة المرشح الاشتراكي المعارض يوسف أوشيش، في بيان (الأحد)، أنه سيعقد مؤتمراً صحافياً (الثلاثاء)، يعرض فيه قراءة الحزب، الذي يقوده (جبهة القوى الاشتراكية)، للنتائج التي أعلنتها المحكمة الدستورية، مؤكدةً أنه «سيطرح نظرته حول الأوضاع السياسية العامة للبلاد في الظرف الحالي»، من دون أن يعلق على النتائج.

أما المرشح الإسلامي عبد العالي حساني، فقال في بيان، إن «ما حدث في الانتخابات من تجاوزات وعبث، يعدّ بنص القانون، جريمة انتخابية تقتضي حلّ السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وتحميل المسؤولية للمتسببين فيها، ومتابعة أولئك الذين أجرموا في حق الوطن، والقانون، والمرشحين». وشدد على أن «ظاهرة العزوف الانتخابي، تعاظمت بسبب فشل السياسات العمومية، وانعدام ثقة الناخبين في العملية الانتخابية والقائمين عليها».

وفي النتائج التي قدمها، قال عمر بلحاج رئيس المحكمة الدستورية، إنها «صححت الأخطاء المادية التي وقعت فيها»، سلطة مراقبة الانتخابات في أثناء إعلان النتائج المؤقتة.

محمد شرفي رئيس سلطة مراقبة الانتخابات (الشرق الأوسط)

وأفاد بأن المرشح الفائز عبد المجيد تبون (78 عاماً) حصل على نحو 84 في المائة من الأصوات (94 في المائة في النتيجة المؤقتة)، بينما حصل الإسلامي عبد العالي حساني شريف رئيس «حركة مجتمع السلم» على 9.5 في المائة تقريباً (3 في المائة في النتيجة المؤقتة)، أما يوسف أوشيش فحصل على نحو 6 في المائة من الأصوات (2 في المائة في النتيجة المؤقتة). وبينما كانت نسبة التصويت في حدود 24 في المائة، وفق أرقام «سلطة الانتخابات»، قفزت إلى 46 في المائة.

ولم يصدر رد فعل عن حزب «العمال» الذي سحبت زعيمته لويزة حنون ترشحها قبل انطلاق الحملة الانتخابية، منددة بـ«افتعال عراقيل لإقصائها». لكن القيادي البارز رمضان تعزيبت، كتب بحسابه بـ«فيسبوك»: «عندما يتجاوز الخيال الحقيقة، فهذا يعني أن شيئاً مريباً يحدث»، في إشارة إلى نتائج الاستحقاق التي يراها مراقبون «مضخمة».

وفي صف «الموالاة»، قال حزب «جبهة التحرير الوطني» في بيان، إن عدد الأصوات التي حصل عليها تبون (7.9 مليون) «يؤكد التفاف الشعب حول رئيسه، لاستكمال مسار بناء الجزائر الجديدة، ومواصلة المسيرة من أجل بناء دولة قوية بمؤسساتها الشرعية وجيشها القوي والمتطور وقواها الأمنية، وكذا اقتصادها المتنوع... دولة ستكون في مصاف الدول الناشئة في السنوات القليلة المقبلة، بفضل البرنامج الواعد والطموح للسيد رئيس الجمهورية».

عبد المجيد تبون سيؤدي اليمين الدستورية في غضون الأيام العشرة التي تلي انتخابه رسمياً (الشرق الأوسط)

وهنأ فاتح بوطبيق رئيس حزب «جبهة المستقبل»، المؤيد لسياسات الحكومة، رئيس الجمهورية بمناسبة إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية، مؤكداً أن فوزه كان «مستحقاً، وعاكساً لانتصار الجزائر من خلال مؤسساتها».

أما أشد المؤيدين للرئيس ولاءً، عبد القادر بن قرينة الذي يرأس «حركة البناء الوطني»، فتحدث عن «مكافأة مستحقة أكدت بوضوح الثقة والتقدير العاليين، اللذين يحظى بهما رئيس الجمهورية لدى الناخبين في جميع أنحاء البلاد».


مقالات ذات صلة

الأردن: الملك عبد الله يكلّف جعفر حسان بتشكيل حكومة جديدة

المشرق العربي ملك الأردن عبد الله الثاني (الديوان الملكي)

الأردن: الملك عبد الله يكلّف جعفر حسان بتشكيل حكومة جديدة

كلف ملك الأردن عبد الله الثاني، اليوم الأحد، الدكتور جعفر حسان بتشكيل حكومة جديدة، خلفاً لحكومة الدكتور بشر الخصاونة، التي قبِل استقالتها.

«الشرق الأوسط» (عمّان)
آسيا هنود يتابعون في سريناغار دورة تثقيفية حول الانتخابات المحلية في كشمير (إ.ب.أ)

مقتل جنديين هنديين قبل أيام من الانتخابات في كشمير

قُتل جنديان هنديان وجرح اثنان آخران خلال تبادل لإطلاق النار مع متمردين في كشمير قبل أيام قليلة على انتخابات محلية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
أفريقيا سلفاكير (يسار) يصافح ريك مشار (أرشيفية - رويترز)

رئاسة جنوب السودان تعلن إرجاء الانتخابات وتمديد المرحلة الانتقالية

أعلنت رئاسة جنوب السودان، اليوم الجمعة، أن الانتخابات التي طال انتظارها ستؤجل لعامين إضافيين، ما يمدّد مجدداً المرحلة الانتقالية المتفق عليها بموجب اتفاق سلام.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
شمال افريقيا الرئيس عبد المجيد تبون الفائز بولاية ثانية (الرئاسة)

الجزائر: بوادر أزمة حادة في «مجتمع السلم» بعد انتكاسة «الرئاسية»

يواجه الحزب الإسلامي الجزائري «حركة مجتمع السلم» أزمة داخلية حادة، بعد أقل من أسبوع من الخسارة الكبيرة التي تكبدها رئيسه ومرشحه للانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الولايات المتحدة​ خلال المناظرة بين كامالا هاريس ودونالد ترمب في فيلادلفيا - بنسلفانيا 10 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

هاريس وترمب يستأنفان الحملة الانتخابية بعد مناظرة هيمنت فيها المرشحة الديمقراطية

تستأنف كامالا هاريس ودونالد ترمب الحملة الانتخابية، الخميس، في حين تأمل المرشحة الديمقراطية للرئاسة بأن يساهم أداؤها القوي في المناظرة بتعزيز فرص فوزها بالرئاسة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مقترح «إخواني» جديد بترك العمل السياسي

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)
TT

مقترح «إخواني» جديد بترك العمل السياسي

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في «أحداث عنف» بمصر (أ.ف.ب)

على الرغم من عدم تلقي تنظيم «الإخوان المسلمين»، رداً من السلطات المصرية، على مبادرة الصلح التي طرحها نائب القائم بأعمال المرشد العام حلمي الجزار (مقيم في لندن)، منتصف الشهر الماضي، جدد التنظيم، الذي تصنّفه القاهرة «إرهابياً»، طرح فكرة التخلي عن العمل السياسي، والتركيز على العمل الدعوي، ما فسره خبراء بأنه «محاولة للمصالحة والعودة لمصر».

وجاء الطرح هذه المرة من خلال المستشار الإعلامي لحزب «الحرية والعدالة» (الذي جرى حله بموجب حكم قضائي مصري) مراد علي، حيث قدّم عبر صفحته على «فيسبوك»، السبت، عدة مقترحات، قال إنها «تساعد (الإخوان) في تطوير رؤية جديدة وتقديم قيادة شابة قادرة على مواجهة التحديات».

وتضمنت المبادرة الجديدة «التأكيد على التزام (الإخوان) بالتركيز على العمل الدعوي، وإصلاح المجتمع من خلال الأنشطة الاجتماعية والدعوية، وترك العمل السياسي لأحزاب إسلامية وسياسيين متخصصين ومتفرغين». كما شملت أيضاً «إجراء مراجعة شاملة وتقييم ذاتي لأهداف (الإخوان) وممارساتها على مدى السنوات الماضية، مع تبني رؤية جديدة تتوافق مع العصر الحديث، تكون مرنة وقابلة للتكيف مع المستجدات، وتتضمن التركيز على قضايا المجتمع الحقيقية بدلاً من التركيز على الآيديولوجيا فقط».

وشكك مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور حسن أبو طالب، في مصداقية مثل هذه المبادرات. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنها «محاولة من جانب (الإخوان) للعودة إلى الداخل المصري، بسبب الأزمات التي تواجه التنظيم في الخارج، على خلفية تخلي الدول التي احتضنته عنه، وتقييد حريات أعضائه بشكل كبير»، مؤكداً أن «تخلي التنظيم عن العمل السياسي لا يتماشى مع آيديولوجيته».

وأضاف أبو طالب أن «التنظيم يعتقد أن الترويج لفكرة اعتزال العمل السياسي ستكون جذابة للسلطات المصرية ومقبولة بشكل ما؛ لكن في الواقع هناك أزمة أخرى مرتبطة بعدم وجود قبول شعبي لـ(الإخوان)». وأوضح أن «الجانب الدعوي مسؤول عنه جهات مؤسسية في مصر، ولا يمكن قبول انخراط جماعات غير قانونية، لا يتوافق تشكيلها مع الدستور والقانون، في العمل».

ويقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام، محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت في مصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة عام 2013.

محمد بديع (رويترز)

في حين أكد الخبير الأمني المصري اللواء فؤاد علام، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هدف (الإخوان) هو الوصول إلى السلطة، وبالتالي لا يمكن الاعتقاد بتخليهم عن هذا الهدف تحت أي اسم»، عادّاً «ما يحدث مناورة للعودة إلى مصر والتأقلم مع الظرف الحالي».

وأضاف أن «(الإخوان) في حال السماح لهم بالعودة سيكون لديهم اهتمام بالعمل السياسي مرة أخرى، وهو الأمر الذي سيظل التنظيم ينتظر الوقت المناسب لتنفيذه»، مشدداً على أنه «لا يمكن قبول عودتهم مرة أخرى تحت أي اسم».

ويستهدف تنظيم «الإخوان» من خلال المبادرة الجديدة التواصل مع المجتمع الدولي، وتحسين صورته عبر الحوار والتواصل مع مختلف الجهات الفاعلة، بحسب علام، الذي يرى في ذلك «انعكاساً لرغبة التنظيم في الظهور أمام الإعلام والسياسيين داخل وخارج مصر بشكل يُمكن قبوله سياسياً واجتماعياً؛ لكن في الوقت نفسه لا يعبر عن حقيقة (الإخوان) الذين سيعودون إلى ممارسة العمل السري مرة أخرى لتحقيق أهدافهم غير المعلنة».

وهنا أشار أبو طالب إلى «اعتماد (الإخوان) على إبقاء بعض أنشطتهم سرياً، كجزء من عقيدتهم التي لا يوجد أي مؤشرات على تغييرها بشكل فعلي»، عادّاً «العمل الدعوي الذي ترغب الجماعة في العودة إليه هو نفسه الذي يؤدي إلى الوصول إلى السلطة في فكر مؤسس التنظيم، حسن البنا».