يواجه الحزب الإسلامي الجزائري «حركة مجتمع السلم» أزمة داخلية حادة، بعد أقل من أسبوع من الخسارة الكبيرة التي تكبدها رئيسه ومرشحه للانتخابات الرئاسية، عبد العالي حساني، بحصوله على 03 في المائة فقط من الأصوات. وقال رئيسه السابق عبد الرزاق مقري، إن قيادته الحالية منعته من المشاركة في حملة الانتخابات، «بسبب ضغوط من الرئيس عبد المجيد تبون»، الذي فاز بولاية ثانية بنسبة فاقت 94 في المائة.
ونشر مقري، ليل الخميس بحسابه بالإعلام الاجتماعي منشوراً طويلاً سماه «توضيحاً» بخصوص غيابه عن حملة مرشح حزبه في الاستحقاق الذي جرى السبت 07 سبتمبر (أيلول) الجاري، أكّد من خلاله أنه «أبعد منها»، ربما السبب هو أن الشيطان ألقى في قلب رئيس الحركة ومن حوله، بأن وجودي كشخص فاعل في الحركة يهددهم ويهدد توجهاتهم الجديدة».
ويقصد بـ«التوجهات الجديدة» للحزب مؤشرات ظهرت في تصريحات قياداته، تفيد باحتمال عودته إلى الحكومة، بعد 12 سنة من خروجه منها، على خلفية ما سمي «أحداث الربيع العربي»، إذ ظهرت يومها بوادر سقوط النظام وهو ما لم يحدث.
ويقول مقري في منشوره، الذي لقي متابعة واسعة: «فهمت، من جهة أخرى، أن سبب منعي من المشاركة في الحملة الانتخابية هو خوف المرشح رئيس الحركة، ومدير حملته، من رد فعل رئيس الجمهورية ضدهم لو تدخلت في الحملة، بسبب معارضتي الواضحة له وانزعاجه مني، وقد وصلني انزعاج تبون مني عن طريق الحركة ذاتها».
وأضاف: «لو تدخلت في الحملة الانتخابية كان ذلك سيكون تطفلاً مني وتشويشاً عليهم مع السلطة الحاكمة، وذلك خلافاً لمشاركة مسؤولين سابقين في الحركة أصبح يُبتهج بوجودهم قرب قيادة الحركة وأنشطتها»، في إشارة ضمناً، إلى الوزير والمتحدث باسم الحزب سابقاً، عبد المجيد مناصرة الذي انخرط في الحملة بعد أن ظل بعيداً عن الحزب لمدة طويلة.
ووصل مقري إلى رئاسة «الحركة» في مؤتمر نظم عام 2012، مستخلفاً أبو جرة سلطاني وزير الدولة سابقاً. وتميزت فترة قيادته لها بمعارضة حادة للسلطة، وهو ما يفسر، حسبه، صدور قرار بمنعه من السفر نهاية 2023، ثم تم رفعه بعد فترة قصيرة في ظروف لا تزال غامضة.
وظل الحزب الإسلامي الأكبر في البلاد، على نهج المعارضة، إلى غاية المؤتمر الذي عُقد في مارس (آذار) 2023، الذي شهد ابتعاد مقري عن القيادة بحكم أن لوائح «الحركة» لا تسمح إلا بولايتين على رأسها، وأخذ مكانه مسؤول التنظيم عبد العالي حساني، وهو قيادي غير معروف لدى الإعلام. وأشيع يومها أن مقري هو من وضعه في القيادة، ليضمن عودته إليها في المؤتمر المقرر عام 2028.
وفي منشوره، يهاجم مقري حساني فيتهمه بـ«الانقلاب على الرؤية التي كان شريكاً فيها»، ويعني ذلك أن الرجلين كانا متفقين على استمرار الحزب في نهج المعارضة، فيما رئيسه الحالي اتجه به إلى «هدنة» مع السلطة، سيعقبها دخول إلى الحكومة من جديد، بعد انتخابات الرئاسة، وهو ما يفهم من كلام مقري، الذي أثار زلزالاً داخل الحزب. ويعبّر عن ذلك، بشكل أكثر وضوحاً في مقطع آخر من منشوره، عندما يقول: «لا أحد من المتابعين يخفى عليه أن الحركة تُجر فعلياً إلى العودة إلى ما قبل 2013».
ويشار إلى أن مرشح «الحركة» للاستحقاق الرئاسي رفض التسليم بنتيجته، واتهم رئيس «السلطة المستقلة للانتخابات» محمد شرفي، بـ«حرمانه من ضعف الأصوات» التي آلت إليه (178 ألفاً). ورفع الأسبوع الماضي طعناً لدى «المحكمة الدستورية» يطالب بضعف النسبة على الأقل. كما قدم المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش طعناً، مطالباً هو أيضاً بأكثر من 200 ألف صوت، بدل 122 ألف صوت. ومهما كانت النتائج التي ستعلن عنها «المحكمة الدستورية»، فسيظل الفارق كبيراً بينهما وبين تبون الذي حصل على 5.3 مليون صوت من 5.6 مليون. أما أكثر ما ميز الانتخابات، فهو غياب 19 مليون ناخب عن التصويت، من جسم انتخابي يضم 24 مليوناً.