دعوات حقوقية لكشف مصير دبلوماسي ليبي اختفى في بنغازي

سفارة طرابلس بعمّان عدّت الواقعة «انتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية»

الدبلوماسي الليبي أسامة يونس بوحلاق (حسابات مقربة من الدبلوماسي)
الدبلوماسي الليبي أسامة يونس بوحلاق (حسابات مقربة من الدبلوماسي)
TT

دعوات حقوقية لكشف مصير دبلوماسي ليبي اختفى في بنغازي

الدبلوماسي الليبي أسامة يونس بوحلاق (حسابات مقربة من الدبلوماسي)
الدبلوماسي الليبي أسامة يونس بوحلاق (حسابات مقربة من الدبلوماسي)

وسط دعوات منظمات حقوقية محلية لكشف مصيره، دخلت السفارة الليبية في العاصمة الأردنية عمّان على خط أزمة الدبلوماسي الليبي أسامة يونس بوحلاق، الذي اختفى في بنغازي، قبل أسبوع، وقالت إنها تلقت بـ«أسف شديد» خبر فقدان الاتصال واختفاء الموظف الدبلوماسي، أثناء قيامه بزيارة المدينة، الواقعة شرقي البلاد.

وكان حقوقيون ليبيون تحدثوا عن أنه نشبت مشادة بين نجل بوحلاق الذي كان بصحبة والده في زيارة إلى بنغازي وقوات من الشرطة العسكرية، وبعد انتهائها توجه الدبلوماسي لزيارة شقيقته في أحد مستشفيات المدينة، فألقت الشرطة العسكرية القبض عليه.

هذه الرواية لم تكذبها أو تؤكدها أي جهة رسمية في بنغازي، لكن بعد بيان السفارة الليبية في عمّان، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي عبر حساباتهم، تفاصيل مشابهة لعملية توقيف بوحلاق، وسط دعوات حقوقية من بينها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، بضرورة الكشف عن مصيره.

وتداول نشطاء تعليقاً منسوباً لحساب «عطية حلاق»، من قبيلة العواقير التي ينتمي إليها الدبلوماسي، ناشد فيه القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» التي وصفها بـ«الحكيمة» لإطلاق سراحه. وقال إن بوحلاق ألقي القبض عليه بعد «مشاجرة ودفاع عن نجله مع الشرطة العسكرية».

وأعربت السفارة الليبية في عمّان عن «بالغ قلقها» من واقعة اختفاء بوحلاق، وقالت إن هذا الحادث يمثل «انتهاكاً صارخاً للقوانين والأعراف والاتفاقيات الدولية والدبلوماسية؛ وما تتضمنه من حماية للموظفين الدبلوماسيين».

وناشدت السفارة الجهات الرسمية والأمنية في مدينة بنغازي كافة إلى «التحرك العاجل» وبذل الجهود الحثيثة في سبيل البحث عن الدبلوماسي لعودته إلى أهله بأمن وسلام.

وتخوف نشطاء ليبيون عبر حساباتهم من أن يلقى بوحلاق مصير النائب إبراهيم الدرسي، الذي اختفى في بنغازي في 18 مايو (أيار) الماضي، ولم تعلن أي جهة عن مصيره حتى الآن. وتنتشر في ليبيا بشكل واسع عمليات الخطف والإخفاء القسري منذ الفوضى التي سادت البلاد بعد ثورة 17 فبراير (شباط) 2011.

وكان مقربون من الدرسي عضو مجلس النواب عن بنغازي أعلنوا خطفه من منزله، بعد حضوره الاحتفال بذكرى «عملية الكرامة» التي نظمها «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، مشيرين إلى أن الأجهزة الأمنية عثرت على سيارته في منطقة سيدي فرج شرقي المدينة.

وتفيد تقارير دولية ومحلية برواج عمليات الخطف القسري في ليبيا، ما دفع البعثة الأممية غير مرة إلى إدانة «أشكال الاحتجاز التعسفي كافة في جميع أنحاء ليبيا»، وقالت إن «مثل هذه الأعمال تقوّض سيادة القانون، وتخلق مناخاً من الخوف»، مذكرة أيضاً السلطات بالتزامها باحترام الحريات الأساسية، ودعم حقوق الإنسان وسيادة القانون.

وفي سياق يتعلق بعمليات الإخفاء القسري في ليبيا، أكدت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة، روزماري ديكارلو، خلال اجتماعها مع ممثلي المجتمع المدني ومنظمات الشباب والنساء في كل من طرابلس وبنغازي، أهمية وجود «حيز مدني حر ومفتوح»، وأوضحت أن المجتمع المدني المزدهر هو «قوة لا غنى عنها للتغيير من أجل تعزيز الحقوق».

وأعرب المشاركون في اللقاءات مع ديكارلو، بحسب البعثة الأممية، عن مخاوفهم بشأن «القيود الرسمية المفروضة على الحيز المدني، بما في ذلك حالات الاختفاء القسري»، وأكدوا أن معظم المناقشات العامة تركز على الشرق والغرب، ولا تشمل في كثير من الأحيان الجنوب. كما قدموا تفاصيل عن التحديات التي تواجهها النساء على وجه الخصوص عند الانخراط في عمل المجتمع المدني والسفر والمشاركة في الحياة العامة.

وأكدت وكيلة الأمين العام أن «منظمات المجتمع المدني تلعب دوراً بالغ الأهمية في تعزيز المشاركة العامة والشفافية والمساءلة»، مضيفة أن «الوضع في ليبيا بات أكثر انقساماً من ذي قبل. إنها فترة حرجة. لا يمكننا أن نخسر ما اكتسبناه بالفعل. النساء والشباب والمجتمع المدني هم مفتاح التحول السياسي وبناء السلام في ليبيا».


مقالات ذات صلة

خيبة أمل لفشل مفاوضات حل أزمة «المركزي» في ليبيا

شمال افريقيا وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة ديكارلو متحدثة وتجاورها خوري في لقاء بممثلين من المجتمع المدني الليبي (البعثة الأممية)

خيبة أمل لفشل مفاوضات حل أزمة «المركزي» في ليبيا

انتهت مشاورات أجرتها أطراف أزمة «المركزي» الليبي دون حل نهائي، لكنها أثمرت الاتفاق على مواصلة «توسيع المشاورات»، إثر ذلك عبرت البعثة الأممية عن «أسفها».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» عماد الطرابلسي (وزارة الداخلية)

«داخلية» الدبيبة تواصل إبعاد الميليشيات عن المقار الحكومية

وفق اتفاق بين حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة وكبار التشكيلات المسلحة بطرابلس، تواصل السلطات الأمنية الرسمية تسلم المقار الحكومية وإبعاد الميليشيات عنها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا روزماري ديكارلو وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة خلال زيارتها إلى ليبيا (البعثة الأممية)

الأمم المتحدة تحض الليبيين على إجراء انتخابات لإنهاء «الانسداد السياسي»

عدّت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة إجراء انتخابات في ليبيا «تتحرى المصداقية والشمول» «السبيل الأوحد» الكفيل بإنهاء الانسداد السياسي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع عقيلة صالح مع ديكارلو (مجلس النواب)

​البعثة الأممية تستأنف وساطتها لحل أزمة «المركزي» الليبي

اجتمع ممثلو مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» والمجلس الرئاسي في ليبيا مساء الأربعاء بالعاصمة طرابلس برعاية بعثة الأمم المتحدة.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا بلقاسم خلال تفقّد الإعمار في درنة (صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا)

درنة الليبية على طريق «الإعمار» وسط تحديات الانقسام السياسي

في الذكرى السنوية الأولى لكارثة «الإعصار»، لا يزال سكان درنة يتذكرون السيول التي ضربت مدينتهم، مخلِّفةً قرابة 4 آلاف قتيل، وآلاف المفقودين.

جاكلين زاهر (القاهرة)

الجزائر: بوادر أزمة حادة في «مجتمع السلم» بعد انتكاسة «الرئاسية»

الرئيس عبد المجيد تبون الفائز بولاية ثانية (الرئاسة)
الرئيس عبد المجيد تبون الفائز بولاية ثانية (الرئاسة)
TT

الجزائر: بوادر أزمة حادة في «مجتمع السلم» بعد انتكاسة «الرئاسية»

الرئيس عبد المجيد تبون الفائز بولاية ثانية (الرئاسة)
الرئيس عبد المجيد تبون الفائز بولاية ثانية (الرئاسة)

يواجه الحزب الإسلامي الجزائري «حركة مجتمع السلم» أزمة داخلية حادة، بعد أقل من أسبوع من الخسارة الكبيرة التي تكبدها رئيسه ومرشحه للانتخابات الرئاسية، عبد العالي حساني، بحصوله على 03 في المائة فقط من الأصوات. وقال رئيسه السابق عبد الرزاق مقري، إن قيادته الحالية منعته من المشاركة في حملة الانتخابات، «بسبب ضغوط من الرئيس عبد المجيد تبون»، الذي فاز بولاية ثانية بنسبة فاقت 94 في المائة.

الكادر القيادي لـ«حركة مجتمع السلم» (حساب الحزب بالإعلام الاجتماعي)

ونشر مقري، ليل الخميس بحسابه بالإعلام الاجتماعي منشوراً طويلاً سماه «توضيحاً» بخصوص غيابه عن حملة مرشح حزبه في الاستحقاق الذي جرى السبت 07 سبتمبر (أيلول) الجاري، أكّد من خلاله أنه «أبعد منها»، ربما السبب هو أن الشيطان ألقى في قلب رئيس الحركة ومن حوله، بأن وجودي كشخص فاعل في الحركة يهددهم ويهدد توجهاتهم الجديدة».

ويقصد بـ«التوجهات الجديدة» للحزب مؤشرات ظهرت في تصريحات قياداته، تفيد باحتمال عودته إلى الحكومة، بعد 12 سنة من خروجه منها، على خلفية ما سمي «أحداث الربيع العربي»، إذ ظهرت يومها بوادر سقوط النظام وهو ما لم يحدث.

عبد الرزاق مقري رئيس «حركة مجتمع السلم» سابقاً (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

ويقول مقري في منشوره، الذي لقي متابعة واسعة: «فهمت، من جهة أخرى، أن سبب منعي من المشاركة في الحملة الانتخابية هو خوف المرشح رئيس الحركة، ومدير حملته، من رد فعل رئيس الجمهورية ضدهم لو تدخلت في الحملة، بسبب معارضتي الواضحة له وانزعاجه مني، وقد وصلني انزعاج تبون مني عن طريق الحركة ذاتها».

وأضاف: «لو تدخلت في الحملة الانتخابية كان ذلك سيكون تطفلاً مني وتشويشاً عليهم مع السلطة الحاكمة، وذلك خلافاً لمشاركة مسؤولين سابقين في الحركة أصبح يُبتهج بوجودهم قرب قيادة الحركة وأنشطتها»، في إشارة ضمناً، إلى الوزير والمتحدث باسم الحزب سابقاً، عبد المجيد مناصرة الذي انخرط في الحملة بعد أن ظل بعيداً عن الحزب لمدة طويلة.

ووصل مقري إلى رئاسة «الحركة» في مؤتمر نظم عام 2012، مستخلفاً أبو جرة سلطاني وزير الدولة سابقاً. وتميزت فترة قيادته لها بمعارضة حادة للسلطة، وهو ما يفسر، حسبه، صدور قرار بمنعه من السفر نهاية 2023، ثم تم رفعه بعد فترة قصيرة في ظروف لا تزال غامضة.

وظل الحزب الإسلامي الأكبر في البلاد، على نهج المعارضة، إلى غاية المؤتمر الذي عُقد في مارس (آذار) 2023، الذي شهد ابتعاد مقري عن القيادة بحكم أن لوائح «الحركة» لا تسمح إلا بولايتين على رأسها، وأخذ مكانه مسؤول التنظيم عبد العالي حساني، وهو قيادي غير معروف لدى الإعلام. وأشيع يومها أن مقري هو من وضعه في القيادة، ليضمن عودته إليها في المؤتمر المقرر عام 2028.

وفي منشوره، يهاجم مقري حساني فيتهمه بـ«الانقلاب على الرؤية التي كان شريكاً فيها»، ويعني ذلك أن الرجلين كانا متفقين على استمرار الحزب في نهج المعارضة، فيما رئيسه الحالي اتجه به إلى «هدنة» مع السلطة، سيعقبها دخول إلى الحكومة من جديد، بعد انتخابات الرئاسة، وهو ما يفهم من كلام مقري، الذي أثار زلزالاً داخل الحزب. ويعبّر عن ذلك، بشكل أكثر وضوحاً في مقطع آخر من منشوره، عندما يقول: «لا أحد من المتابعين يخفى عليه أن الحركة تُجر فعلياً إلى العودة إلى ما قبل 2013».

عبد العالي حساني رئيس «مجتمع السلم» ومرشحه لانتخابات الرئاسة (حملة المترشح)

ويشار إلى أن مرشح «الحركة» للاستحقاق الرئاسي رفض التسليم بنتيجته، واتهم رئيس «السلطة المستقلة للانتخابات» محمد شرفي، بـ«حرمانه من ضعف الأصوات» التي آلت إليه (178 ألفاً). ورفع الأسبوع الماضي طعناً لدى «المحكمة الدستورية» يطالب بضعف النسبة على الأقل. كما قدم المرشح الاشتراكي يوسف أوشيش طعناً، مطالباً هو أيضاً بأكثر من 200 ألف صوت، بدل 122 ألف صوت. ومهما كانت النتائج التي ستعلن عنها «المحكمة الدستورية»، فسيظل الفارق كبيراً بينهما وبين تبون الذي حصل على 5.3 مليون صوت من 5.6 مليون. أما أكثر ما ميز الانتخابات، فهو غياب 19 مليون ناخب عن التصويت، من جسم انتخابي يضم 24 مليوناً.