اشتباكات في دارفور غداة تجديد حظر تسليح الإقليم

مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)
مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)
TT

اشتباكات في دارفور غداة تجديد حظر تسليح الإقليم

مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)
مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)

تجددت الاشتباكات والقصف المدفعي المتبادل، الخميس، بين الجيش السوداني والحركات المسلحة الداعمة له، وقوات «الدعم السريع» في الفاشر بولاية شمال دارفور (غرب البلاد)، وجاء التصعيد بعد ساعات من تجديد مجلس الأمن الدولي حظر السلاح في الإقليم، ووسط تحذيرات دولية مستمرة للأطراف المتحاربة لوقف القتال بالمدينة.

وقال سكان في الفاشر لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا منذ الصباح الباكر (الخميس) أصوات القذائف المدفعية تأتي من الاتجاه الشرقي للمدينة. وأضافوا: «القصف يأتي بعد أيام من حالة الهدوء التي شهدتها المدينة، وتراجع المواجهات البرية التي كانت تجري بين الأطراف المتحاربة».

وتحاول «الدعم السريع» التقدم إلى داخل الفاشر بعد أن تمكنت خلال المعارك الماضية من التوغل في الأحياء الطرفية ونصبت خنادق دفاعية على مسافة قريبة من قيادة الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش، لكنها تواجه مقاومة شديدة من الجيش والحركات الداعمة له.

وقالت «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر» في صفحتها على «فيسبوك» إن «الاشتباكات والقصف المدفعي العنيف تجددا بين الجيش ومليشيات الجنجويد في المحور الشرقي الجنوبي للمدينة».

وذكر السكان أن اشتباكات عنيفة تدور على الأرض مع تبادل القصف المدفعي في الحي الشرقي للفاشر، الذي تتمركز فيه قوات الدعم السريع بأعداد كبيرة.

وذكرت منصات إعلامية تابعة للجيش والقوات المتحالفة معه، أن قواتهم «تصدت لهجوم جديد من (ميليشيا الدعم السريع) على المدينة وأجبرتها على التراجع».

وتفيد أنباء بوصول تعزيزات عسكرية كبيرة لدعم القوة المشتركة للفصائل الدارفورية المسلحة التي تتولى حماية الفاشر من محاولات «الدعم» للاستيلاء على المدينة وفرض السيطرة على ولايات الإقليم الغربي للبلاد.

ومطلع الأسبوع الحالي قصفت «الدعم» أحياءً سكنية تضم مراكز لإيواء النازحين، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.

وقال مقيمون في الفاشر، إن «مئات الأسر نزحت من المدينة خلال الأشهر الماضية بسبب القصف المدفعي والصاروخي العشوائي الذي تنفذه (الدعم السريع) على المناطق المأهولة بالمدنيين».

وأدى الحصار وارتفاع أسعار السلع، والتوقف شبه التام للخدمات العلاجية، إلى تزايد موجات النزوح نحو المناطق الآمنة في الشمال.

وتفرض «الدعم السريع» حصاراً محكماً على الفاشر بعد أن أحكمت قبضتها على أربع مدن في إقليم دارفور من أصل خمس مدن.

امرأة وطفلها في مخيم «زمزم» للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور بالسودان خلال يناير 2024 (رويترز)

بدورها قالت «الدعم السريع»، إن «الطيران الحربي للجيش السوداني شن (الخميس) غارات جوية استهدفت المواطنين والأعيان المدنية في بلدة مليط التي تبعد حوالي 60 كيلومتراً عن العاصمة الفاشر».

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى مقتل وإصابة أكثر من 800 شخص على الأقل في صفوف المدنيين، من جراء القتال الدائر بالفاشر الذي دخل شهره الرابع.

ووفقاً للأمم المتحدة وشركاء العمل الإنساني في السودان، فقد قتل أكثر من 188 ألف شخص، وأصيب أكثر من 33 ألف شخص منذ اندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل (نيسان) 2023.


مقالات ذات صلة

السعودية ترحب بفتح معبر لإيصال المساعدات لـ«الفاشر»

الخليج مدينة الفاشر السودانية تعاني وضعاً إنسانياً متدهوراً (أ.ب)

السعودية ترحب بفتح معبر لإيصال المساعدات لـ«الفاشر»

رحّبت السعودية بقرار رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، تكليف مفوضية العون الإنساني بفتح معبر أدري لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الفاشر.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم العربي الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة في شمال دارفور (رويترز)

المجاعة تتفشى في إقليم دارفور بالسودان

قالت لجنة من خبراء الأمن الغذائي في تقرير صدر، الخميس، إن الحرب في السودان والقيود المفروضة على توصيل المساعدات تسببتا في مجاعة في شمال دارفور.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا سودانيون نازحون يصلون يوم الأحد مدينة القضارف شرق البلاد هرباً من ولاية سنار جنوباً (أ.ف.ب)

تقديرات بوفاة 990 سودانياً جوعاً ومرضاً في دارفور

تجددت موجات النزوح في إقليم دارفور؛ إذ فر أكثر من 50 ألف شخص من المعارك المحتدمة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في مدينة الفاشر سيراً على الأقدام.

وجدان طلحة (بورتسودان (السودان))
شمال افريقيا طفل سوداني نازح من دارفور يتلقى العلاج في مستشفى للاجئين شرق تشاد (إ.ب.أ)

«أطباء السودان»: أكثر من 40 ألف قتيل بالحرب

قدّر المتحدث باسم نقابة الأطباء في السودان أن أكثر من 40 ألف شخص قتلوا في الحرب الدائرة بين الجيش وقوات «الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) الماضي.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا سيدة في مخيم «زمزم» للنازحين في إقليم دارفور تحمل طفلاً (رويترز)

مقابر دارفور تتضاعف... والموت يتربص بالجوعى

أظهر تحليل لصور الأقمار الاصطناعية أن مقابر في دارفور بالسودان توسعت وتضاعفت مساحتها بمعدلات مختلفة بينما حذرت تقارير من ارتفاع معدلات الوفيات المرتبطة بالجوع.

«الشرق الأوسط» (دارفور)

مصر: تصاعد الخلاف بين «تشريعية النواب» و«الصحافيين» بسبب «الإجراءات الجنائية»

جانب من مناقشات اللجنة لمشروع قانون «الإجراءات الجنائية» (اللجنة)
جانب من مناقشات اللجنة لمشروع قانون «الإجراءات الجنائية» (اللجنة)
TT

مصر: تصاعد الخلاف بين «تشريعية النواب» و«الصحافيين» بسبب «الإجراءات الجنائية»

جانب من مناقشات اللجنة لمشروع قانون «الإجراءات الجنائية» (اللجنة)
جانب من مناقشات اللجنة لمشروع قانون «الإجراءات الجنائية» (اللجنة)

تصاعد الخلاف بين لجنة «الشؤون الدستورية والتشريعية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، ونقابة الصحافيين، الخميس، على خلفية «موافقة اللجنة على مشروع قانون (الإجراءات الجنائية)»، وانتقادات نقيب الصحافيين خالد البلشي، للجنة.

وعدَّت اللجنة البرلمانية في بيان، مساء الأربعاء، أن حديث البلشي «يفتقر إلى الدقة، ويعتمد على مغالطات فجة وتضليل للرأي العام»، مؤكدة أنها «لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ادعاءات مغرضة تهدف إلى إرباك الرأي العام وزعزعة الثقة في مؤسسات الدولة المصرية، حتى ولو صدرت من أناس يستترون خلف جدار حرية الرأي».

وكان البلشي، قد قال في مؤتمر صحافي، الأربعاء، إن «مشروع القانون لا يلبي كثيراً من المعايير لوجود نصوص تخالف الدستور، بالإضافة إلى نيله من مواد الدستور الخاصة بالتقاضي ونظام العدالة». وأعدت نقابة الصحافيين ملاحظات على مشروع القانون تضمنت «التأكيد على ضرورة مراجعة المشروع بشكل عام من قِبَل لجنة خبراء القانون الدستوري والجنائي والقانون الدولي العام، مع الإشارة إلى أهمية إجراء حوار مجتمعي قبل مناقشته في مجلس النواب».

ومن بين مطالب «الصحافيين» ضرورة وضع قواعد واضحة للتظلم من قرارات أو إجراءات يتم اتخاذها من إحدى السلطات، على أن يكون التظلم لجهة خارجية عنها ورقيبة عليها.

وقال عضو لجنة «الشؤون الدستورية والتشريعية» بمجلس النواب، النائب إيهاب رمزي، إن تصريحات نقيب الصحافيين لم تأت من واقع دراسة ودراية بمشروع القانون، والمسودة التي أعدت وطرحت للنقاش المجتمعي مع الأطراف المعنية على مدار نحو عامين، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التصريحات استخدم فيها عبارات «فضفاضة وعامة». وأضاف أن «نقابة الصحافيين لم تقدم إلى اللجنة أي مخاطبات مكتوبة أو اعتراضات مسببة على مواد بعينها في مشروع القانون الجديد، وعدَّ أن «ادعاءات البلشي لها أغراض أخرى».

لكن وكيل نقابة الصحافيين، محمد سعد عبد الحفيظ، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن تدخل النقابة وإعلان رفض مشروع القانون يأتي «انطلاقاً من أهمية القانون الذي يمس قطاعاً عريضاً من المصريين وحرياتهم في المقام الأول»، مشيراً إلى أنهم أعدوا ملاحظاتهم على القانون والتعديلات المقترحة بالفعل وجرى إعلانها للرأي العام بالتزامن مع إعلان البرلمان انتهاء المناقشات.

وأضاف عبد الحفيظ أن «وتيرة المناقشات في القانون وإغلاق الباب أمام اقتراح تعديلات بشكل سريع، في الوقت نفسه الذي كانت تعمل فيه نقابة الصحافيين مع محامين وحقوقيين وممثلين من أطياف مجتمعية عدة، يثير تساؤلات حول أسباب الاستعجال في الأمر»، مؤكداً أن «هناك تساؤلات حول طريقة تمرير القانون بهذه الطريقة».

رئيس مجلس النواب خلال استقباله نقيب المحامين (البرلمان المصري)

وكانت نقابة المحامين قد أعلنت موافقتها على مشروع القانون بعد الاستجابة لعدد من التعديلات التي اقترحتها، ومن بينها «إلغاء إمكانية التحقيق مع المتهم من دون وجود محاميه، وإحالة مذكرة رئيس الجلسة حال حدوث مخالفة إلى النيابة بدلاً من إحالة المحامي»، وهي الاستجابة التي أبدى نادي القضاة اعتراضاً عليها.

في السياق أشار عضو لجنة «الشؤون الدستورية والتشريعية» بمجلس النواب، النائب ضياء الدين داود، إلى وجود ممثلين من مختلف الجهات القضائية المعنية بالقانون في المناقشات الأولية التي استمرت على مدار نحو عامين، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «اعتراضات نادي القضاة مرتبطة بمطلب واحد فقط من أصل 540 مادة شملها القانون». وعدَّ داود أن «هناك من لا يرغب في صدور قانون جديد للإجراءات الجنائية رغم المزايا المتعددة التي يتضمنها المشروع الجديد، ومن بينها إقرار مبدأ التعويض عن الحبس الاحتياطي، وتأسيس إدارة للتعاون الدولي للتعامل مع الجرائم العابرة للحدود، بالإضافة إلى تقليص مدة الحبس الاحتياطي مع تفعيل البدائل الخاصة، وهي أمور لا يتحدث عنها رافضو مشروع القانون».

لكن وكيل نقابة الصحافيين يؤكد أن «المشكلة ليست فئوية ومرتبطة بالصحافيين الذين تمت الاستجابة لمطالبهم بتعديل المواد الخاصة بالتصوير وحظر النقاشات حول القضايا، لكن بإجراءات سير العدالة»، مؤكداً «إعداد النقابة ملاحظات متكاملة حول مشروع القانون والتعديلات المقترحة بشأنه».

ودافع مجلس النواب في بيان، الخميس، عن مشروع القانون كونه حمل استجابة 6 توصيات من الحوار الوطني، وتضمن دمج توصيات عدة لجان، مع التأكيد على أن مشروع القانون الذي سيُحال للعرض على البرلمان في دور الانعقاد المقبل خلال أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لا تزال بعض التوصيات الخاصة به قيد الدراسة، مع اتضاح أن إدماج بعضها سيكون في قوانين أخرى بخلاف «الإجراءات الجنائية».

محمد سعد عبد الحفيظ أكد اعتزامهم إرسال مذكرات رسمية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس النواب، حنفي جبالي، بالإضافة إلى لجنة الشؤون الدستورية، تتضمن «كل النقاط التي يعتقدون أنها تحتوي على عوار دستوري وتتعارض مع مواد الدستور، من أجل تحميلهم المسؤولية في حال قرروا تمرير القانون بصيغته الحالية».

وهنا يبدي ضياء الدين داود تخوفه من أن «يؤدي ما يحدث إلى تجميد القانون بدعوى المزيد من الدراسة، والاكتفاء بتعديلات محدودة خاصة بمواد الحبس الاحتياطي فحسب، الأمر الذي سيهدر مجهوداً قانونياً ونتاج مناقشات تهدف إلى إصدار قانون يواكب العصر».