أساتذة قانون يحذرون من فقدان الانتخابات الرئاسية التونسية «شرعيتها»

رداً على رفض الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إعادة 3 مرشحين إلى السباق الانتخابي

الرئيس قيس سعيد المرشح لولاية ثانية (رويترز)
الرئيس قيس سعيد المرشح لولاية ثانية (رويترز)
TT

أساتذة قانون يحذرون من فقدان الانتخابات الرئاسية التونسية «شرعيتها»

الرئيس قيس سعيد المرشح لولاية ثانية (رويترز)
الرئيس قيس سعيد المرشح لولاية ثانية (رويترز)

حذّر عشرات من أساتذة القانون البارزين، وعمداء كليات الحقوق التونسية، في بيان، اليوم (الخميس)، من أن الانتخابات الرئاسية مهددة بفقدان شرعيتها ومصداقيتها إذا لم تعد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات 3 مرشحين إلى السباق الانتخابي، تنفيذاً لقرار المحكمة الإدارية، بحسب ما أوردته وكالة «رويترز» للأنباء.

ويضع بيان نخبة خبراء القانون في البلاد مزيداً من الضغوط على الهيئة الانتخابية، ويعزز كذلك مخاوف المعارضة وجماعات حقوقية من أن الهيئة لم تعد حكماً محايداً في انتخابات 6 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

المرشح لرئاسية 2024 العياشي زمال (الشرق الأوسط)

والأسبوع الماضي، قضت المحكمة الإدارية، وهي أعلى هيئة قضائية تفصل في النزاعات الانتخابية، بإعادة 3 مرشحين بارزين، هم منذر الزنايدي، وعبد اللطيف المكي، وعماد الدايمي، إلى السباق الانتخابي، بعد أن رفضت الهيئة ملف ترشحهم في وقت سابق، بدعوى نقص التزكيات الشعبية.

وتقتضي شروط الترشح، وفق دستور وقانون انتخابي جديدين، بأن يؤمن المرشح تزكيات من 10 برلمانيين، أو 40 مسؤولاً محلياً منتخباً، أو 10 آلاف ناخب. لكن الهيئة رفضت هذا الأسبوع تنفيذ القرار القضائي، متحدية المحكمة الإدارية. ووافقت على أوراق ترشيح الرئيس الحالي قيس سعيد، واثنين آخرين فقط، هما زهير المغزاوي والعياشي زمال.

المترشح زهير المغزاوي (أ.ف.ب)

وقال فاروق بوعسكر، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إن الهيئة «هي الجهة الوحيدة المخولة دستورياً بضمان نزاهة الانتخابات».

وأثار القرار انتقادات واسعة بين الأحزاب ونشطاء وجماعات حقوقية في الداخل والخارج. وقال الزنايدي والدايمي والمكي إنهم لن يعترفوا بإبعادهم من السباق، وسيواصلون معركتهم القانونية ضد ما يقولون إنه «احتيال من قبل هيئة هدفها الوحيد تمهيد الطريق أمام سعيد للفوز بولاية ثانية دون عناء».

ودعا أساتذة القانون الهيئة «إلى الالتزام بقرار المحكمة، ضماناً لمصداقية المسار الانتخابي وسلامته، وحماية مقومات دولة القانون». وأضافوا، في بيانهم، أن «قرار الهيئة يجعل المسار الانتخابي في خطر، باعتباره يمس من مصداقيته ونزاهته وسلامته، ويؤدي لا محالة إلى التشكيك في نتائج الانتخابات».

والأربعاء الماضي، أمرت النيابة العامة بسجن المرشح الرئاسي زمال، على ذمة المحاكمة، وهي أحدث خطوة فيما وصفه منتقدون «بمناورات من جانب نظام سعيد» للإطاحة بالمنافسين، الذين يتحدون مساعيه لإعادة انتخابه. وقد اعتقلت الشرطة زمال يوم الاثنين بشبهة تزوير تزكيات شعبية.

والرئيس سعيد، الذي انتخب ديمقراطياً في عام 2019، أحكم قبضته على جميع السلطات، وبدأ في الحكم بالمراسيم في عام 2021 في خطوة وصفتها المعارضة بأنها انقلاب. وقال العام الماضي إنه لن يسلم تونس إلى «غير الوطنيين».


مقالات ذات صلة

أميركا تندد بتنصيب مادورو رئيساً... وتفرض عقوبات جديدة على فنزويلا

الولايات المتحدة​ الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يُحيي أنصاره لدى وصوله إلى الجمعية الوطنية لأداء اليمين الدستورية لولاية ثالثة مدتها 6 سنوات في كاراكاس بفنزويلا 10 يناير 2025 (رويترز)

أميركا تندد بتنصيب مادورو رئيساً... وتفرض عقوبات جديدة على فنزويلا

ندّدت الولايات المتحدة، اليوم (الجمعة)، بـ«مهزلة» تنصيب نيكولاس مادورو رئيساً لفنزويلا لولاية ثالثة، وفرضت عقوبات جديدة على كاراكاس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أميركا اللاتينية غلق جسر أتاناسيو غيرادوت الدولي بأوامر من رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)

فنزويلا تغلق حدودها مع كولومبيا قبل تنصيب مادورو

أغلقت فنزويلا حدودها مع كولومبيا متحدثة عن «مؤامرة دولية» قبل ساعات من تنصيب الرئيس نيكولاس مادورو لولاية ثالثة من 6 سنوات.

«الشرق الأوسط» (كراكاس)
أميركا اللاتينية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يصل إلى مقر الجمعية الوطنية لحضور حفل تنصيبه (أ.ف.ب)

تنصيب نيكولاس مادورو لولاية رئاسية ثالثة في فنزويلا

أدى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو اليمين لولاية ثالثة تستمر 6 أعوام، الجمعة، ليبقى في السلطة على الرغم من نزاع استمر 6 أشهر بشأن نتائج انتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (كاراكاس)
المشرق العربي الرئيس الجديد جوزيف عون جالساً على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا لأول مرة بعد انتخابه الخميس (أ.ف.ب)

ماكرون قريباً في لبنان... وتأكيد فرنسي على دعم «غير مشروط» بعد انتخاب عون

بعد انتخاب العماد جوزيف عون، تؤكد باريس أن «دعمنا للبنان سيكون متواصلاً وتاماً وغير مشروط»، وتحث السياسيين اللبنانيين على تشكيل حكومة قوية تدعم الرئيس.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي سفراء الدول والدبلوماسيون حاضرون في جلسة انتخاب الرئيس اللبناني (رويترز)

ترحيب عربي ودولي واسع بانتخاب عون رئيساً للبنان

لاقى انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للبنان ردود فعل دولية وعربية مرحبّة ومشددة على أهمية أن تستعيد البلاد الأمن والاستقرار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الجزائر تصعّد مع فرنسا برفض تسلُّم متهمين بـ«العنف»

مراقبون يؤكدون أن العلاقات الجزائرية - الفرنسية وصلت إلى نقطة اللاعودة (الرئاسة الجزائرية)
مراقبون يؤكدون أن العلاقات الجزائرية - الفرنسية وصلت إلى نقطة اللاعودة (الرئاسة الجزائرية)
TT

الجزائر تصعّد مع فرنسا برفض تسلُّم متهمين بـ«العنف»

مراقبون يؤكدون أن العلاقات الجزائرية - الفرنسية وصلت إلى نقطة اللاعودة (الرئاسة الجزائرية)
مراقبون يؤكدون أن العلاقات الجزائرية - الفرنسية وصلت إلى نقطة اللاعودة (الرئاسة الجزائرية)

تسارعت حدّة الخلافات بين الجزائر وباريس، بعد أن رفضت السلطات الجزائرية تسلُّم واحد من رعاياها، تم ترحيله من فرنسا بقرار من وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، إثر احتجازه فترة قصيرة، بشبهة «التحريض على استخدام العنف، ونشر الكراهية».

وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو (أ.ف.ب)

وبامتناع الجزائر عن تسلم المؤثر «دوالمين»، مساء الخميس، فقد أعطت مؤشرات قوية للحكومة الفرنسية بأنها ستتعامل بالطريقة نفسها وبالرفض نفسه مع بقية «المؤثرين» الجزائريين الموقوفين بالشبهة والوقائع نفسها.

وذكرت إذاعة «أوروبا 1» الفرنسية، الجمعة، في تحديث للخبر، أن الشرطة الفرنسية وضعت «دوالمين» (59 عاماً) في طائرة تابعة للخطوط الفرنسية، متوجهة إلى الجزائر العاصمة بعد ظهر الخميس، لكن سلطات البلاد رفضت دخوله عندما حطّت الطائرة في مطار هواري بومدين، فاضطرت لأن تعود به إلى مطار باريس شارل ديغول في رحلتها العكسية ليلاً، وفق «أوروبا 1»، التي أكدت نقله إلى مركز احتجاز إداري في شمال العاصمة الفرنسية.

محمد تاجديت ضحية تحريض بالقتل من مؤثر جزائري مقيم في فرنسا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

والمعروف أن «دوالمين» اعتقل الأسبوع الماضي بمدينة مونبلييه (جنوب)، إثر تداول فيديو له على منصة «تيك توك»، يدعو فيه إلى «قتل المعارضين أعداء الجزائر، سواء كانوا في الجزائر أو في فرنسا». وخصّ بكلامه محمد تاجديت، وهو ناشط معروف يعيش في الجزائر، وتعرّض للسجن عدة مرات بين 2019 و2024، بسبب مواقف أزعجت الحكومة. وحرّض «دوالمين» على «تعذيب» الناشط الذي لقب بـ«شاعر الحراك».

وتم سحب وثائق الإقامة المؤقتة من «دوالمين»، المكنّى أيضاً «عمي بوعلام»، وكان مقرراً أن يمثل أمام المحاكمة في 24 من الشهر المقبل، غير أن وزير الداخلية أصدر أمراً إدارياً بإبعاده من فرنسا على جناح السرعة، ما أثار استنكار محامي المشتبه به، بحجة أن السلطات «تعمّدت ترحيله بسرعة، حتى لا تتم معالجة استئناف تم إيداعه من طرف قاضٍ»، وفق ما ذكرته وسائل إعلام محلية.

دوالمين جزائري رحّلته فرنسا ورفضت سلطات بلاده تسلُّمه (متداولة)

ونقلت «أوروبا 1» عن «مصدر حكومي فرنسي» أنه «ستبدأ الآن مفاوضات بين الحكومتين للتوصل إلى اتفاق بشأن ترخيص مرور قنصلي، وفهم الأسباب الحقيقية التي دفعت السلطات الجزائرية إلى رفض دخول المؤثر دوالمين».

ونشبت أزمة حادة بين البلدين في 2021، عندما رفضت الجزائر إصدار «تراخيص قنصلية» كانت مطلوبة لترحيل مئات المهاجرين الجزائريين غير النظاميين بفرنسا. ويومها اتهم رئيس البلاد عبد المجيد تبون وزير الداخلية الفرنسي بـ«الكذب»، بخصوص عدد من الجزائريين المعنيين بالإبعاد، فردّت فرنسا بتقليص حصة الجزائر من التأشيرات إلى النصف.

كما أوقفت الشرطة في مدينة ليون (وسط)، الخميس، صوفيا بن لمان، وهي جزائرية عُرفت بتشجيعها منتخب بلادها لكرة القدم، وتُقيم في فرنسا منذ مدة طويلة. ووُجّهت لها تهمة «التحريض على القتل»، بحق معارضة جزائرية؛ إذ خاطبتها عبر منصة بالإعلام الاجتماعي، قائلة: «أتمنى أن تُقتلي... أتمنى أن يقتلوك». كما حملت بشدة على السلطات الفرنسية حينما ذكرت لها المرأة المعنية بأنها لن تسكت حيال تهديداتها لها.

البلوغر الجزائري المعروف باسم تانتان خلال مثوله أمام المحكمة بتهمة الإرهاب في مدينة غرونوبل (أ.ف.ب)

والاثنين الماضي، أعلن مكتب الادعاء بمدينة ليون أن بلاغات وصلت إليه ضد بن لمان، واثنين آخرين من مستخدمي «تيك توك» معروفين باسم «عبد السلام بازوكا» و«لاكساس 06». مؤكداً فتح تحقيقين؛ الأول بتهمة «التحريض على ارتكاب جريمة أو مخالفة»، والثاني بتهمة «التهديد بالقتل والتحريض العلني على الكراهية»، ضدهم، وفق ما نشرته عدة صحف فرنسية.

كما تم الأسبوع الماضي حبس «المؤثر» المُكنى «زازو يوسف» بمدينة بريست (شمال)، و«المؤثر» المعروف بـ«عماد تن تن» بمدينة غرونوبل (جنوب)، لوقائع مرتبطة بتهديد المعارضين الجزائريين المقيمين في فرنسا.

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

واللافت أن «إطلالات» كل هؤلاء «المؤثرين»، جرت في وقت واحد تقريباً، ما يوحي بأن الأمر يتعلق بـ«حملة منظمة». وقد أثار توقيفهم موجة سخط في الجزائر، ظهرت في قطاع من الصحف، وفي حسابات أشخاص في الإعلام الاجتماعي، عبّروا عن تأييدهم للسلطات في خلافها مع فرنسا، الذي احتدم بشكل كبير الصيف الماضي، عندما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تأييده خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. وزادت حدة التوتر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بسبب احتجاج فرنسا على سجن الكاتب مزدوج الجنسية، بوعلام صنصال.

وما زاد من تفاقم الأزمة أن الرئيس ماكرون هاجم الجزائر الاثنين الماضي، بوصفها أنها «تسيء إلى نفسها»، بعدم إطلاق سراح الروائي السبعيني.