«الجامعة العربية» تبحث دعم الاقتصاد الفلسطيني

أبو الغيط قال إن حجم القنابل التي ألقيت على غزة تجاوز «نووية هيروشيما»

اجتماع المجلس الاقتصادي (الجامعة العربية)
اجتماع المجلس الاقتصادي (الجامعة العربية)
TT

«الجامعة العربية» تبحث دعم الاقتصاد الفلسطيني

اجتماع المجلس الاقتصادي (الجامعة العربية)
اجتماع المجلس الاقتصادي (الجامعة العربية)

بحثت جامعة الدول العربية، الخميس، آليات «دعم الاقتصاد الفلسطيني»، ولا سيما ما يشهده من تداعيات في ظل الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وبينما يُعرض ملف دعم الاقتصاد الفلسطيني للنقاش «بصفة دورية» على اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي في سبتمبر (أيلول) من كل عام منذ نحو 30 عاماً. قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، إنه «يكتسب اليوم أهمية خاصة وأولوية واضحة» في ظل الحرب على غزة.

وأوضح أبو الغيط، في كلمته خلال افتتاح أعمال الدورة الـ114 من المجلس الاقتصادي والاجتماعي على المستوى الوزاري بالقاهرة، أن «التقرير المعروض على المجلس هذا العام يبرز بالأرقام الخسائر البشرية والمادية الهائلة التي تكبّدها الشعب الفلسطيني، جرّاء العدوان الإسرائيلي الوحشي عليه منذ السابع من أكتوبر الماضي». وقال: «تؤكد تلك الأرقام والإحصائيات أن حجم القنابل والمتفجرات التي أُلقيت على قطاع غزة قد تجاوز عشرات الآلاف من الأطنان، وهو ما يفوق بمراحل قوة القنبلة النووية التي أُلقيت على مدينتي هيروشيما ونغازاكي خلال الحرب العالمية الثانية»، مضيفاً أن «هذه الجرائم قد خلّفت خسائر بشرية ومادية باهظة لن يكون التعافي منها أمراً سهلاً، ولن يحدث في وقت قصير».

وعدّ أبو الغيط حرب غزة «العدوان الأعنف والأكثر همجية والأشد انسلاخاً من القانون والأخلاق والإنسانية»، مشيراً إلى أن «الجامعة ترصد بقلق شديد محاولات إسرائيل المستمرة في توسيع دائرة الصراع». وحذّر مما يترتب على ذلك من «مخاطر حقيقية باندلاع حرب إقليمية ستكون بلا شك ذات عواقب وخيمة على المنطقة والعالم أجمع».

ولفت الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى أن «السنوات الماضية لم تكن الأفضل عالمياً من زاوية مؤشرات التنمية الإنسانية»، مشيراً إلى «تراجع أعداد من يخرجون من دائرة الفقر لأول مرة، وهشاشة شبكات التوريد، والتراجع البيئي والتغير المناخي». وأوضح أن «المنطقة العربية ليست ببعيدة عن هذه المشكلات، بل تتحمل أيضاً عبء الصراعات المستفحلة والأوضاع غير المستقرة التي تؤثر على صورة المنطقة وجاذبيتها كمقصد للاستثمار»، ضارباً المثل بـ«تعطل مسيرة التنمية في السودان واليمن وليبيا بسبب الصراع الداخلي».

أبو الغيط خلال اجتماع المجلس الاقتصادي (الجامعة العربية)

ودعا أبو الغيط إلى «نقلة نوعية في التعامل مع بؤر الأزمات وانعدام الاستقرار كأولوية ملحة لتعزيز النمو الاقتصادي المستدام في المنطقة». وشدّد على «ضرورة تسريع وتكثيف جهود التكامل الاقتصادي العربي لتكون على مستوى التحديات القائمة».

من جانبه، أكد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، حسن الخطيب، «ضرورة تكاتف الجهود العربية في ظل ما تشهده المنطقة من ظروف استثنائية، خصوصاً مع الوضع الذي يعيشه قطاع غزة بسبب الاعتداءات الاسرائيلية التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً من قتل وتشريد وتجويع ومنع الغذاء والدواء». ووصف الوضع بأنه «بالغ التعقيد والخطورة، ما يهدد بكارثة إنسانية واشتعال للوضع الإقليمي».

كما عدّ وزير الاقتصاد الإماراتي، عبد الله بن طوق المري، الذي ترأست دولته الاجتماع، الدورة الحالية من اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي «محطة مهمة لدفع جهود التنمية بين الدول العربية إلى مستويات أعلى»، مشيراً في كلمته إلى أن «الاجتماع يأتي في ظروف استثنائية صعبة، وتوترات جيوسياسية مستمرة تستدعي مزيداً من التعاون والعمل العربي المشترك، لمواصلة دفع عجلة التنمية».

وأقرّ المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الخميس، مشروع الملف الاقتصادي والاجتماعي لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته العادية الـ34 المقرر عقدها العام المقبل في العراق. وتضمن المشروع تقرير الأمين العام عن العمل الاقتصادي والاجتماعي التنموي العربي المشترك، والتقدم المحرز في استكمال متطلبات منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وإقامة الاتحاد الجمركي العربي. ويشمل الملف أيضاً إعلان مبادئ حول مستقبل الموارد البشرية في ظل الثورة التكنولوجية، والاستراتيجية العربية لتنمية القوى العاملة، وإنشاء الوكالة العربية للدواء.

وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية قد دعا في اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي عقد ضمن تحضيرات قمة البحرين في مايو (أيار) الماضي، إلى «هبة عربية» لإغاثة قطاع غزة، في إطار مناقشة المجلس في حينه آليات تفعيل «خطة طارئة للتعامل مع التداعيات الاقتصادية والإنسانية للعدوان الإسرائيلي على غزة»، أعدّتها فلسطين، بالتعاون مع الأمانة العامة للجامعة والمنظمات العربية المتخصصة ذات الصلة.


مقالات ذات صلة

البيت الأبيض: أجزاء من «فيلادلفيا» ليست مناطق كثافة سكانية ولا تتطلب انسحاب إسرائيل منها

المشرق العربي جانب من الحدود بين قطاع غزة ومصر التي تعرف بـ«محور فيلادلفيا» (د.ب.أ)

البيت الأبيض: أجزاء من «فيلادلفيا» ليست مناطق كثافة سكانية ولا تتطلب انسحاب إسرائيل منها

تزايد الجدل حول الإصرار الإسرائيلي على البقاء في محور «فيلادلفيا» مع ادعاءات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحدوث تهريب للأسلحة عبر أنفاق تحت الممر.

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال عملية عسكرية في جنين بالضفة الغربية 5 سبتمبر 2024 (أ.ب)

المستوطنون يسعون لتحطيم السلطة الفلسطينية و«حماس» معاً

رغم تعبير الجيش الإسرائيلي عن «قلقه البالغ» من تفاقم نشاطات الإرهاب اليهودي ضد الفلسطينيين فالكثيرون يرون أن أفعاله في الضفة تُغذي هذا التوجه.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي شعار مجموعة «ميتا» (رويترز)

إسرائيل تندد بقرار مجلس الرقابة على «فيسبوك» بشأن عبارة «من النهر إلى البحر»

اتهمت وزارة الخارجية الإسرائيلية مجلس الرقابة على «فيسبوك» بـ«تأييد صرخة إبادة جماعية» بعد قراره بأن عبارة «من النهر إلى البحر» لا تستخدم لتمجيد «حماس» دائماً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي فلسطيني نازح يتفقد منزله في دير البلح بقطاع غزة نهاية أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

«حماس» تطلب من واشنطن «ممارسة ضغط حقيقي» على إسرائيل

حضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الخميس الولايات المتحدة على «ممارسة ضغط حقيقي» على إسرائيل للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل أسرى.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي نتنياهو مشيراً إلى «محور فيلادلفيا» على الخريطة (أ.ف.ب)

53 % من الإسرائيليين يؤيدون صفقة من دون محور «فيلادلفيا»

أظهر استطلاع للرأي العام الإسرائيلي، أن 53 في المائة من الإسرائيليين يؤيدون انسحاب جيشهم من محور «فيلادلفيا» للوصول إلى صفقة تبادل للأسرى مع حركة «حماس».

نظير مجلي

رسائل مصرية حادة لإسرائيل تنذر بمزيد من التصعيد

رئيس أركان الجيش المصري يتفقد منظومة التأمين لخط الحدود الشمالية الشرقية ومعبر رفح البري (المتحدث العسكري)
رئيس أركان الجيش المصري يتفقد منظومة التأمين لخط الحدود الشمالية الشرقية ومعبر رفح البري (المتحدث العسكري)
TT

رسائل مصرية حادة لإسرائيل تنذر بمزيد من التصعيد

رئيس أركان الجيش المصري يتفقد منظومة التأمين لخط الحدود الشمالية الشرقية ومعبر رفح البري (المتحدث العسكري)
رئيس أركان الجيش المصري يتفقد منظومة التأمين لخط الحدود الشمالية الشرقية ومعبر رفح البري (المتحدث العسكري)

انتقادات مباشرة لإسرائيل، تلاها الإعلان عن زيارة مفاجئة لرئيس أركان الجيش المصري الفريق أحمد خليفة، الخميس، للحدود مع قطاع غزة، عدها محللون «رسائل حادة» من القاهرة رداً على تصعيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتمسكه بالبقاء في محور «فيلادلفيا»، واتهاماته للقاهرة بغضها الطرف عن تهريب الأسلحة.

و«محور فيلادلفيا» هو شريط حدودي بطول 14 كيلومتراً بين غزة ومصر، ويعدّ منطقة عازلة بموجب «اتفاقية السلام» الموقعة بين القاهرة وتل أبيب عام 1979. ومنذ اندلاع حرب غزة بات نقطة أزمة بين القاهرة وتل أبيب، خاصة بعد احتلاله من جانب الجيش الإسرائيلي في مايو (أيار) الماضي مع الجانب الفلسطيني من معبر رفح.

الفريق أحمد خليفة يتفقد إحدى نقاط تأمين خط الحدود الدولية على الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي (المتحدث العسكري)

ورداً على تصريحات نتنياهو، نقلت قناة «القاهرة» الإخبارية الخاصة بمصر، الخميس، عن مصدر رفيع المستوى قوله إن رئيس الوزراء الإسرائيلي «لا يهمه عودة المحتجزين الإسرائيليين أحياء طالما ذلك يتعارض مع أهدافه ومصالحه الشخصية، وتصريحاته تفتقد الواقعية ويسعى من خلالها تحميل الدول الأخرى مسؤولية فشله في تحقيق أهدافه في قطاع غزة الذي شهد إبادة جماعية».

وكان هذا التعليق الثاني من نوعه للمصدر المصري، رداً على تصريحات نتنياهو على البقاء في محور فيلادلفيا، حيث قال الأربعاء إن تلك التصريحات «رسالة استباقية لواشنطن برفضه أي مقترحات لوقف إطلاق النار بغزة وإجهاض لجهود التهدئة والإفراج عن الأسرى»، متهماً إياه بـ«ترويج أكاذيب عن تهريب سلاح من مصر لتبرير فشله في السيطرة على تهريب السلاح من إسرائيل للقطاع».

وفي «زيارة مفاجئة»، تفقد رئيس أركان الجيش المصري، الفريق أحمد خليفة «الأوضاع الأمنية وإجراءات التأمين على الحدود مع قطاع غزة»، وفق بيان للمتحدث باسم الجيش المصري العقيد غريب عبد الحافظ.

شملت الجولة، بحسب البيان، «زيارة القوات المكلفة بتأمين معبر رفح البرى وزيارة خط الحدود الدولية، بمشاركة قائد قوات حرس الحدود ونائب رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة وقائد قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب والقائم بأعمال رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية وقائد الجيش الثاني الميداني وقادة القوات الخاصة».

رئيس أركان الجيش المصري يتفقد عدداً من الارتكازات الأمنية بمدينة رفح (المتحدث العسكري)

رئيس الأركان المصري أكد أن «رجال الجيش قادرون على الدفاع عن حدود الوطن جيلاً بعد جيل»، داعياً مقاتلي إحدى نقاط خط الحدود الدولية إلى «ضرورة تفهمهم لمهامهم المكلفين بها التي تعتمد على اليقظة العالية والقدرة على التعامل مع جميع المواقف الطارئة»، واستمع إلى «شرح مفصل تضمن أسلوب العمل والتنسيق بين كل التخصصات بما يحقق السيطرة الكاملة على خط الحدود الدولية على مدار الـ24 ساعة».

وكان نتنياهو جدد تصريحاته الأربعاء بشأن تمسّكه بالبقاء في «محور فيلادلفيا» الحدودي، رغم رفض مصري وعربي رسمي، وحديث «هيئة البث الإسرائيلية»، الثلاثاء، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي رفيع، بأنه «تم تبليغ الوسطاء، الأيام الأخيرة، أن إسرائيل توافق على الانسحاب من محور فيلادلفيا في المرحلة الثانية (من اتفاق الهدنة)».

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري المصري، اللواء سمير فرج، أن الزيارة «تستهدف تفقد الحدود والتأكيد على الاستعداد لتنفيذ أي مهمة ورفع الروح المعنوية للمقاتلين بوجود رئيس الأركان وكبار قادة الجيش، وأخيراً رسالة لمن يهمه الأمر أن حدود مصر مؤمنة بالكامل».

فيما ربط المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، بين زيارة رئيس الأركان وتصعيد وتعنت نتنياهو، مؤكداً أن «الجيش المصري له تقييماته بشأن الوضع، ونثق في قدرة مصر على التعامل، خاصة وأن موقفه الرافض لبقاء الجيش الإسرائيلي يتسق مع اتفاقية السلام التي تنص على أن تلك المنطقة منزوعة السلاح».

الفريق خليفة يتفقد إجراءات التأمين على الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي (المتحدث العسكري)

الانتقادات المصرية المباشرة لإسرائيل وزيارة رئيس الأركان للحدود مع غزة تعد «رسائل طمأنة للداخل وردع للخارج»، وفق الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء نصر سالم، في حديث لـ«الشرق الأوسط» الذي أكد أن تصعيد نتنياهو وتمسكه بالبقاء في فيلادلفيا لن يكونا لصالح المنطقة ووجوده يعني أنه «لا اتفاق ولا سلام في غزة».

ويأتي التصعيد المصري الإسرائيلي قبيل مقترح جديد مرتقب من الوسطاء، قالت عنه هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، إنه «على الأرجح سيعلن من قِبل الرئيس بايدن، بحلول الجمعة المقبل».

«حماس» بدورها أعلنت، الخميس، في بيان أن «قرار نتنياهو التوصل لاتفاق بعدم الانسحاب من محور صلاح الدين (فيلادلفيا) يهدف لإفشال المفاوضات»، مضيفة: «لسنا بحاجة إلى مقترحات جديدة، المطلوب الآن هو الضغط على نتنياهو وحكومته وإلزامهما بما تم التوافق عليه»، في إشارة إلى الاقتراح الذي كان قد تقدّم به الرئيس الأميركي جو بايدن في مايو (أيار)، ووافقت عليه «حماس» في يوليو (تموز)، وينص على 3 مراحل تنتهي بانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.

وباعتقاد الرقب، ليس لدى الأميركان شيء جديد يقدمونه في ظل الحديث عن تخفيف الوجود الإسرائيلي بمحور فيلادلفيا بالمرحلة الأولى من تنفيذ مقترح بايدن، على أن يتم الانسحاب بالمرحلة الثانية، مشيراً إلى أن «حماس» ترفض ذلك، ومن ثمّ لا جديد ينتظر طالما لم يتراجع نتنياهو.

ويرى أن نتنياهو يعوّل على استمرار الحرب لاستمرار بقائه السياسي ووصول حليفه دونالد ترمب، للبيت الأبيض مع قرب إجراء الانتخابات الرئاسية، مستدركاً: «لكنه قد يقبل بتنفيذ المرحلة الأولى المتزامنة مع الانتخابات للتهدئة، على أن يعود للحرب في المرحلة الثانية بعدما أخذ بعضاً من المحتجزين».

فيما حذر فرج من أن «الهدنة في مهب الرياح» وقد تصل إلى «طريق مسدود» إذا استمر نتنياهو على عدم مغادرة محور فيلادلفيا ولم تمارس ضغوط حقيقة عليه من إدارة بايدن.