السيسي وإردوغان يؤكدان تطابق مواقف مصر وتركيا تجاه القضايا الإقليمية

مباحثات في أجواء ودية ومذكرات تفاهم للتعاون في مختلف المجالات

TT

السيسي وإردوغان يؤكدان تطابق مواقف مصر وتركيا تجاه القضايا الإقليمية

جلسة ثنائية بين السيسي وإردوغان بقصر الرئاسة في أنقرة (الرئاسة التركية)
جلسة ثنائية بين السيسي وإردوغان بقصر الرئاسة في أنقرة (الرئاسة التركية)

أكدت مصر وتركيا تطابق موقفهما بشأن القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها وقف إطلاق النار في غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية، وحل القضية الفلسطينية بما يضمن حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم وعاصمتها القدس الشرقية، والتصدي للتعنت الإسرائيلي وعرقلة التوصل إلى هذا الحل.

وعكست المباحثات، التي أجراها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب إردوغان في أنقرة، الأربعاء، في أول زيارة له لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014، تطابقاً في وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها الأوضاع في غزة والانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين، وملفات سوريا والسودان والقرن الأفريقي، مع تباين نسبي بالنسبة للوضع في ليبيا، لا سيما بشأن الوجود الأجنبي، ووجود ميليشيات ومرتزقة في البلد الجار لمصر.

ووقعت مصر وتركيا عدداً من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم للتعاون في مجالات الطاقة والصناعة والنقل والتجارة والاستثمار والتعاون المالي والدفاعي وغيرها، خلال الاجتماع الأول للمجلس الاستراتيجي رفيع المستوى للعلاقات بين البلدين، الذي عُقد برئاسة السيسي وإردوغان.

السيسي وإردوغان خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الرئاسة التركية)

وقال إردوغان، في مؤتمر صحافي مشترك مع السيسي، عقب انتهاء المباحثات: «بحثنا خلال الاجتماع الأول للمجلس الاستراتيجي رفيع المستوى تعزيز التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والصناعة»، مضيفاً أن زيارته للقاهرة في فبراير (شباط) الماضي كانت «نقطة تحول» في علاقات البلدين، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن «واصلنا حوارنا وتعاوننا على أعلى مستوى. وقد واصلنا خلال العام الماضي أيضاً تعزيز العلاقات الاقتصادية، ورجال أعمالنا ومستثمرونا يواصلون الإسهام في الاستثمارات في مصر، ونشجعهم على ذلك، وننتظر قدوم المستثمرين المصريين إلى تركيا»، مشيراً إلى أن هناك «إقبالاً كبيراً من الشعب المصري على الثقافة واللغة التركية، والعام المقبل سنحتفل بالذكرى المئوية لتأسيس علاقاتنا الدبلوماسية، وسنواصل البناء على العلاقات التاريخية بين البلدين».

جلسة ثنائية بين السيسي وإردوغان بقصر الرئاسة في أنقرة (الرئاسة التركية)

وأكد إردوغان ثقته بأن التقدم الإيجابي في العلاقات «سيسهم في تعزيز السياحة أيضاً»، مضيفاً: «نريد زيادة تعاوننا في مجالات الغاز الطبيعي والطاقة النووية والطاقة المتجددة، وقد وقّعنا العديد من الاتفاقيات في مجالات التعاون المختلفة، التي ستزيد من تعزيز العلاقات بين البلدين في الفترة المقبلة، بعد أن اتفقنا خلال زيارتي للقاهرة على إعادة تشكيل المجلس الاستراتيجي»، مشيراً إلى أن مصر «بين أكبر 5 شركاء تجاريين لتركيا، ونمضي بخطوات جيدة في هذا الشأن، وسنزيد حجم التبادل بين البلدين».

بالنسبة للقضايا الإقليمية، قال إردوغان إن تعاون مصر وتركيا وإسهامهما في سلام واستقرار المنطقة «أمر ضروري للغاية، وقد تناولنا في اجتماعنا مشاكل المنطقة وسبل حلها، واتفقنا على استمرار التشاور بيننا، والوضع الداخلي في فلسطين كان محور اجتماعنا اليوم، وتركيا ومصر لهما موقف مشترك بشأن ضرورة التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة فوراً، ووصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع»، مؤكداً أن هناك «تطابقاً في مواقفنا، ونحن على تشاور وثيق بشأن هذه القضايا، وستسهم زيارة أخي السيسي في تعزيز وتعميق هذا التشاور».

وأضاف أن ثلث المساعدات التي وصلت إلى غزة حتى اليوم كان 32 في المائة منها من تركيا، وعبّر عن شكره للسيسي على دور مصر في إيصال هذه المساعدات.

جانب من استقبال إردوغان للسيسي بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

كما انتقد إردوغان صمت بعض الدول تجاه سياسة العدوان الممنهج، التي تواصلها حكومة نتنياهو، وقال إنه يجب أن يتم الحؤول دون أن توسع إسرائيل نطاق الحرب إلى دول أخرى بالمنطقة.

من جانبه، قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن السنوات الماضية شهدت ازدهاراً في التواصل بين الشعبين المصري والتركي، لا سيما من خلال الحركة السياحية المتنامية، والعلاقات التجارية والاستثمارية، التي تشهد نمواً مطرداً، فضلاً عن زيادة الاستثمارات التركية المشتركة في مصر، لا سيما في مجال التصنيع.

وأضاف السيسي موضحاً: «شهدنا اليوم توقيع عدد من مذكرات التفاهم خلال اجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي، الذي يهدف إلى تحقيق نقلة في التعاون في مجالات الاستثمار والتجارة والنقل والزراعة والسياحة»، مشيراً إلى أن هذه المذكرات ستضع إطاراً مؤسسياً جديداً للعلاقات بين البلدين.

السيسي وإردوغان (الرئاسة التركية)

وتابع الرئيس السيسي قائلاً: «مباحثاتنا تناولت كذلك تأكيد أهمية تيسير اتفاقية التجارة البينية، وتوسيع اتفاقية التجارة الحرة، بهدف زيادة حجم التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار خلال السنوات المقبلة، بالإضافة إلى تعزيز الاستثمارات المتبادلة، ومنح التسهيلات الممكنة لرجال الأعمال الأتراك في ظل مناخ الاستثمار المتيسر في مصر، الذي مكنهم من زيادة حجم أعمالهم وبيع منتجاتهم في مصر والتصدير للخارج».

وأضاف الرئيس المصري: «لعل زيارتي اليوم، ومن قبلها زيارة الرئيس إردوغان للقاهرة، تعكس الإرادة المشتركة لبدء مرحلة جديدة من الصداقة والتعاون بين مصر وتركيا، استناداً لدورهما المحوري في محيطيهما الإقليمي والدولي، وبما يلبي طموحات وتطلعات شعبينا الشقيقين».

ووفق إفادة للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، فإن زيارة الرئيس السيسي التاريخية لتركيا «تمثل محطة جديدة في مسار تعزيز العلاقات بين البلدين، وللبناء على زيارة الرئيس إردوغان التاريخية لمصر في فبراير الماضي، وتأسيساً لمرحلة جديدة من الصداقة، والتعاون المشترك بين البلدين، سواء ثنائياً أو على مستوى الإقليم، الذي يشهد تحديات جمة تتطلب التشاور والتنسيق بين البلدين».

وبخصوص الأزمات التي تعيشها المنطقة، قال الرئيس المصري إن «ما تعيشه منطقتنا والعالم اليوم من أزمات وتحديات بالغة، يوضح أهمية التنسيق والتعاون بين مصر وتركيا، وقد ناقشت مع الرئيس إردوغان سبل التنسيق والعمل معاً للمساهمة في التصدي للأزمات الإقليمية، وعلى رأسها معالجة المأساة الإنسانية التي يتعرض لها إخواننا الفلسطينيون في غزة، في كارثة غير مسبوقة قاربت على العام».

وأضاف السيسي قائلاً: «يهمني في هذا الصدد إبراز وحدة موقفي مصر وتركيا في المطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار، ورفع التصعيد الإسرائيلي الحالي في الضفة الغربية، والدعوة للبدء في مسار يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة».

جانب من توقيع مذكرات التفاهم خلال اجتماع المجلس الاستراتيجي للتعاون بين مصر وتركيا (الرئاسة التركية)

كما لفت السيسي إلى أنه تم خلال اللقاء «تبادل وجهات النظر حول الأزمة الليبية؛ حيث اتفقنا على التشاور بين مؤسساتنا لتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في ليبيا، مع تأكيد أهمية طي صفحة تلك الأزمة الممتدة، من خلال عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية بالتزامن، وخروج القوات الأجنبية غير المشروعة والمرتزقة من البلاد، وإنهاء ظاهرة الميليشيات المسلحة حتى يتسنى لليبيا الشقيقة إنهاء مظاهر الانقسام، وتحقيق الأمن والاستقرار».

كما تمت مناقشة الأوضاع في سوريا؛ حيث أكد الرئيسان تطلعهما إلى «التوصل إلى حل للأزمة السورية التي أثرت على الشعب السوري الشقيق بشكل غير مسبوق»، وأعرب السيسي عن ترحيبه بمساعي التقارب بين تركيا وسوريا.

إردوغان مستقبلاً السيسي عند باب القصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

وتابع السيسي: «استعرضنا أيضاً الأزمة في السودان، والجهود التي تبذلها مصر بالتعاون مع مختلف الأطراف لوقف إطلاق النار وتغليب الحل السياسي، كما بحثنا وباستفاضة الأوضاع في القرن الأفريقي، خصوصاً في الصومال؛ حيث اتفقنا على ضرورة الحفاظ على وحدته وسيادته وسلامة أراضيه ضد التحديات التي تواجهه».

وزار السيسي أنقرة، الأربعاء، بدعوة من إردوغان، في رد على زيارة الأخير للقاهرة في 14 فبراير الماضي، في أول زيارة يقوم بها لتركيا منذ توليه الرئاسة في مصر عام 2014، إذ تعد أول زيارة لرئيس مصري إلى تركيا منذ عام 2012.

وفي تقليد نادر الحدوث، استُقبل السيسي في مطار إسنبوغا في أنقرة؛ حيث كان في مقدمة مستقبليه عند سلم الطائرة، الرئيس إردوغان ثم اصطحبه والوفد المرافق إلى قصر «بيشتبه» الرئاسي؛ حيث أقيمت مراسم استقبال رسمية للرئيس المصري.

وأعرب الرئيس المصري عن سعادته بزيارته الأولى لتركيا ولقاء الرئيس رجب طيب إردوغان.


مقالات ذات صلة

السيسي يؤكد للمستشار الألماني ضرورة الضغط لوقف العمليات العسكرية في غزة فوراً

المشرق العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (رويترز)

السيسي يؤكد للمستشار الألماني ضرورة الضغط لوقف العمليات العسكرية في غزة فوراً

قالت الرئاسة المصرية اليوم الخميس إن الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد للمستشار الألماني فريدريش ميرتس ضرورة الضغط لوقف العمليات العسكرية في غزة فوراً.

العالم العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في لقاء سابق مع رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان (الرئاسة المصرية)

ما حقيقة دعم القاهرة للجيش السوداني؟

نفى مصدر مصري لـ«الشرق الأوسط» اتهامات قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (الشهير بحميدتي) لمصر بمساندة الجيش السوداني.

هشام المياني (القاهرة)
الخليج رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد وهو يستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في المطار الرئاسي في أبوظبي (أ.ف.ب)

محمد بن زايد والسيسي يبحثان التعاون الثنائي وتطورات الأوضاع في غزة

بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يقوم بزيارة إلى الإمارات، سبل تعزيز التعاون الثنائي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
العالم العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد في أبوظبي 4 يونيو 2025 (رويترز)

رئيسا مصر والإمارات يؤكدان أهمية الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة وتبادل المحتجزين

أكد الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والإماراتي الشيخ محمد بن زايد خلال لقاء في أبوظبي، اليوم الأربعاء، أهمية الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي عراقجي يتناول العشاء بمنطقة خان الخليلي مع 3 وزراء خارجية مصريين سابقين يوم الاثنين (منصة إكس)

جولة عراقجي في القاهرة الفاطمية تثير تفاعلاً واسعاً على وسائل التواصل

أثارت جولة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في القاهرة الفاطمية، وتناوله الطعام مع نخب سياسية مصرية، تفاعلاً واسعاً على وسائل التواصل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

وزير الخارجية المصري ونظيره الصيني ناقشا هاتفياً العلاقات الثنائية وتطورات الشرق الأوسط

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير الخارجية الصيني وانغ يي يتصافحان بعد إحاطة مشتركة في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير الخارجية الصيني وانغ يي يتصافحان بعد إحاطة مشتركة في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

وزير الخارجية المصري ونظيره الصيني ناقشا هاتفياً العلاقات الثنائية وتطورات الشرق الأوسط

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير الخارجية الصيني وانغ يي يتصافحان بعد إحاطة مشتركة في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير الخارجية الصيني وانغ يي يتصافحان بعد إحاطة مشتركة في بكين، 13 ديسمبر 2024 (رويترز)

أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اتصالاً هاتفياً مع وزير خارجية الصين وانغ يي، اليوم الأربعاء، حيث تناول الاتصال العلاقات الثنائية بين البلدين وآخر مستجدات الوضع في الشرق الأوسط.

وأعرب الوزيران عن الاعتزاز بما تشهده السنوات الأخيرة من تطور في العلاقات المصرية - الصينية في المجالات المختلفة، والتطلع للعمل بشكل مشترك للارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية بما يحقق المنفعة المتبادلة للشعبين الصديقين، حسبما أفادت الخارجية المصرية.

على الصعيد الإقليمي، تناول وزير الخارجية تطورات التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، والجهود المصرية الرامية لخفض التصعيد بالمنطقة، وتحييد خطر اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، محذراً من التداعيات بالغة الخطورة على أمن واستقرار المنطقة، مؤكداً أنه لا بديل عن اللجوء للحلول الدبلوماسية والسياسية، وضرورة خفض التصعيد، وتحييد خطر اشتعال الأوضاع وانزلاق المنطقة إلى فوضى شاملة، وذلك من خلال بذل المساعي الحثيثة للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار والعودة لمسار المفاوضات باعتباره السبيل الوحيد للوصول إلى اتفاق مستدام حول البرنامج النووي الإيراني.

من جانبه، أكد وزير الخارجية الصيني على تطابق الموقفين المصري والصيني، مشيداً بالبيان المشترك الذي صدر يوم 16 يونيو (حزيران) من 24 دولة عربية وإسلامية بمبادرة مصرية، الذي شدد على ضرورة وقف إطلاق النار والعودة لمسار المفاوضات في أسرع وقت ممكن باعتباره السبيل الوحيد للتوصل إلى اتفاق مستدام حول البرنامج النووي الإيراني.

ونقلت قناة «شينخوا» عن وزير الخارجية الصيني قوله إن بكين تشعر بقلق بالغ إزاء احتمال خروج الوضع في الشرق الأوسط عن السيطرة، وقال إنه سيتم العمل على تهيئة الظروف للعودة إلى المفاوضات والحوار.