سلطات الجزائر تضع بن حاج في الإقامة الجبرية بتهمة «الإرهاب»

منعته من الخطاب وسجنت أكبر أبنائه بالتهمة نفسها

علي بن حاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ (حسابات ناشطين إسلاميين بالإعلام الاجتماعي)
علي بن حاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ (حسابات ناشطين إسلاميين بالإعلام الاجتماعي)
TT

سلطات الجزائر تضع بن حاج في الإقامة الجبرية بتهمة «الإرهاب»

علي بن حاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ (حسابات ناشطين إسلاميين بالإعلام الاجتماعي)
علي بن حاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ (حسابات ناشطين إسلاميين بالإعلام الاجتماعي)

أفاد ناشطون بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» الجزائرية المحظورة بأن محكمة بالعاصمة وضعت الرجل الثاني فيها، علي بن حاج، في الإقامة الجبرية بعد توجيه تهم له تتعلق بموقفه الرافض لانتخابات الرئاسة المقررة في 7 سبتمبر (أيلول) المقبل. جاء ذلك تزامناً مع وضع المعارض اليساري، فتحي غراس، في الرقابة القضائية، وفق تهم متصلة بموقفه من الاستحقاق.

علي بن حاج مع نجله عبد الفتاح (حسابات ناشطين إسلاميين)

وأكد الناشطون الإسلاميون بحساباتهم في الإعلام الاجتماعي، نقلاً عن محامين، أن قاضي التحقيق بمحكمة حسين داي في العاصمة أمر الاثنين الماضي، بمنع بن حاج (70 سنة) من مغادرة العمارة التي يسكن فيها، بعدما كان منذ سنوات ممنوعاً من التنقل خارج الحدود الإدارية للعاصمة، ومن الصلاة في المساجد، ومن حضور الجنازات وحفلات الزفاف.

واتهم قاضي التحقيق بن حاج بـ«نشر وترويج أخبار مغرضة وكاذبة بين الجمهور، والإشادة بأعمال إرهابية». كما قيد حركته بإجراءين آخرين، يتمثلان في الامتناع عن لقاء أي شخص غير مقيم معه إلا بإذن من قاضي التحقيق، ومنعه من إلقاء الخطب «بأي شكل كان»، بما فيها على منصات التواصل الاجتماعي.

علي بن حجر (يمين) زعيم جماعة مسلحة سابقاً في السجن منذ عام (حساب نجله بالإعلام الاجتماعي)

وفي اليوم نفسه، أودع قاضي التحقيق ذاته، عبد الفتاح بن حاج، أكبر أبناء القيادي الإسلامي، الحبس الاحتياطي بناء على التهمة الأولى التي طالت والده، إضافة إلى اتهامه بـ«المشاركة في الإشادة بأعمال إرهابية».

ويعود سبب التدابير الصارمة، التي اتخذت بحق بن حاج، إلى فيديوهات نشرها بحسابه بالإعلام الاجتماعي، خلال حملة انتخابات الرئاسة الجارية حالياً، أظهر فيها معارضته الشديدة للانتخابات، وانتقد بحدة الرئيس المترشح لولاية ثانية، عبد المجيد تبون. لكن لا تتوفر تفاصيل عن تهمة «الإرهاب» التي تلاحقه. أما سبب متابعة نجله فتعود إلى مساعدته في نشر خطابه، ما فسره القضاء على أنه دعم لوالده. كما لا تُعرف دواعي اتهامه بـ«الإرهاب».

ومعلوم أن أحد أبناء بن حاج الخمسة، عبد القهار، التحق بالجماعات المسلحة عام 2007. ونشرت صحف في تلك الفترة أنه «قتل في اشتباك مع الجيش»، غير أن والده قال إنه لا يصدق الخبر، وطالب برؤية جثته للتعرف عليه، لكنه لم يُمكَّن من ذلك.

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون المترشح لولاية ثانية (الرئاسة)

وقضى علي بن حاج 12 عاماً في السجن (من 1991 إلى 2003)، رفقة رئيس «جبهة الإنقاذ» عباسي مدني (توفي عام 2019 بالدوحة حيث كان يقيم بين أولاده)، بتهمة «تهديد أمن الدولة». وتم حل حزبهما في 1992 بحجة «التمرد على سلطة الدولة ونشر الإرهاب». واستمر بن حاج في معارضة النظام بعد مغادرة السجن، على الرغم من شدة المضايقات التي لاحقته. كما أن أشهر قياديي «الإنقاذ»، مثل كمال قمازي وعبد القادر مغني، «انفضوا من حوله» خشية التعرض لمشاكل مع السلطات.

ومنذ نحو عام، يقبع في الحبس الاحتياطي 16 شخصاً من «الإنقاذ» بتهمتي «الإرهاب»، و«السعي لتغيير نظام الحكم بطرق غير دستورية». ويوجد من بين فريق «الإنقاذيين» علي بن حجر، زعيم جماعة مسلحة سابق استفاد من تدابير تهدئة صدرت مطلع 1999، في إطار طي صفحة الاقتتال مع الجماعات المتشددة. وقد جرى توقيفه بعد ساعات قليلة من ظهوره في فيديو على شبكة الإعلام الاجتماعي وهو يقرأ بياناً باسم «كوادر الجبهة الإسلامية للإنقاذ الأصيلة»، تناول فيه الوضع الاجتماعي بالبلاد، الذي يبرز، وفقه، «عمق المأساة من خلال الانقسام الحاد الذي تعيشه البلاد، بفعل السياسات الخاطئة، والأنانية المدمرة والجشع اللامحدود».

فتحي غراس رئيس حزب الحركة الديمقراطية مع زوجته (حسابه الشخصي على «فيسبوك»)

والخميس الماضي، أمر قاضي التحقيق بمحكمة باب الوادي بالعاصمة، بوضع المعارض اليساري، فتحي غراس، وزوجته مسعودة شبالة، تحت الرقابة القضائية، على أساس تهم «الإساءة إلى رئيس الجمهورية وترويج أخبار كاذبة، ونشر خطاب الكراهية، من خلال منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي».

وعرف الزوجان السياسيان بموقفهما المعارض للانتخابات الرئاسية، وسبق لغراس أن تعرض للسجن عام 2021، وأغلقت السلطات مقر الحزب الذي يرأسه «الحركة الديمقراطية والاجتماعية»، وأطلقت إجراءات في المحكمة لحله.


مقالات ذات صلة

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)

الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

لاحظ مراقبون في الجزائر غياب «العمق السياسي» عن التعديل الحكومي الذي أحدثه الرئيس عبد المجيد تبون في حكومته.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، تعديلاً حكومياً احتفظ فيه وزراء الحقائب السيادية بمناصبهم، بعد أن كان الوزير الأول نذير عرباوي قدم استقالة…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
TT

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)

قضت محكمة تونسية، مساء أمس (الجمعة)، بتخفيف حكم قضائي استئنافي في حق المعارضة عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، من السجن سنتين إلى سنة و4 أشهر في قضية تتعلق بانتقادها لهيئة الانتخابات، بحسب ما أكد محاميها نافع العريبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ومطلع أغسطس (آب) الماضي، أصدرت محكمة ابتدائية حكماً بالسجن لمدّة عامين بحقّ موسي لانتقادها أداء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023.

وأصدرت المحكمة حُكمها بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد عام 2022 لمكافحة «الأخبار الكاذبة»، والذي يواجه انتقادات شديدة من المعارضة ونقابة الصحافيين. وأوقفت موسي، النائبة السابقة البالغة 49 عاماً، في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أمام القصر الرئاسي في قرطاج. وأعلنت بعد ذلك ترشحها للانتخابات الرئاسية، لكن هيئة الانتخابات رفضت ملفها لعدم استكمال الوثائق وجمع تواقيع التزكيات اللازمة. وتواجه موسي تهماً خطيرة في قضايا أخرى، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة».

وجاء هذا القرار، بعد أن قال علي البجاوي، المحامي ورئيس هيئة الدفاع عن رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن وضعها الصحي في السجن «متدهور ولا يبشر بخير»، وذلك بعد أن قام بزيارتها في السجن الخميس، مشيراً إلى أنها «تعاني من ضعف وحالة إنهاك شديد».

مظاهرة نظمها مؤيدون لعبير موسي ضد المرسوم 54 الذي أصدره الرئيس سعيد (أ.ف.ب)

وتابع البجاوي موضحاً: «وزنها يتراجع بسبب النقص في التغذية، كما تعاني من أوجاع في الكتف والرقبة»، مبرزاً أن رئيسة «الحزب الدستوري الحر» أجرت تحاليل وخضعت لكشوفات طبية لم يتم الاطلاع على نتائجها بعد. وتواجه موسي، وهي من بين المعارضين الرئيسيين للرئيس الحالي قيس سعيد، تهمة «الاعتداء القصد منه تبديل هيئة الدولة»، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وتعود هذه التهمة إلى قضية «مكتب الضبط» للقصر الرئاسي، حين توجهت موسى إليه لإيداع تظلم ضد مراسيم أصدرها الرئيس قيس سعيد، وأصرت على إيداعه لدى المكتب، قبل أن يتم إيقافها من قبل الأمن وإيداعها لاحقاً السجن.

وعلى أثر ذلك، تقدمت هيئة الدفاع بطعن ضد قرار قضاة التحقيق. وقال المحامي البجاوي إنه «لا توجد جريمة، ورئيسة الحزب قدمت تظلمها وفق الإجراءات القانونية». وعلاوة على ذلك، تلاحق موسي أيضاً في قضايا أخرى، من بينها قضية قامت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتحريكها ضدها بتهمة نشر «معلومات مضللة» عن الانتخابات التشريعية لعام 2022، بعد إطاحة الرئيس سعيد بالنظام السياسي السابق في 2021، وصدر حكم ضدها بالسجن لسنتين في هذه القضية، لكن هيئة الدفاع تقدمت بطعن ضده.

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إ.ب.أ)

وخلف القضبان تقبع شخصيات معارضة أخرى، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وعصام الشابي وغازي الشواشي، المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين سبقا أن أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة قبل أن يتراجعا عن ذلك. وتنتقد المعارضة ومدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات دولية وتونسية الرئيس التونسي، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي بأكثر من 90 في المائة من الأصوات، وتتهمه بـ«التضييق على الحريات».