تصريحات ومواقف إثيوبية «تعمِّق التوتر» مع مصر

أديس أبابا رفضت وجود قوات تُشكل «تهديداً لها» في الصومال

رئيس «أرض الصومال» يستقبل السفير الإثيوبي الجديد تيشومي شوندي هاميتو الذي قدم أوراق اعتماده الخميس (رئاسة أرض الصومال على إكس)
رئيس «أرض الصومال» يستقبل السفير الإثيوبي الجديد تيشومي شوندي هاميتو الذي قدم أوراق اعتماده الخميس (رئاسة أرض الصومال على إكس)
TT

تصريحات ومواقف إثيوبية «تعمِّق التوتر» مع مصر

رئيس «أرض الصومال» يستقبل السفير الإثيوبي الجديد تيشومي شوندي هاميتو الذي قدم أوراق اعتماده الخميس (رئاسة أرض الصومال على إكس)
رئيس «أرض الصومال» يستقبل السفير الإثيوبي الجديد تيشومي شوندي هاميتو الذي قدم أوراق اعتماده الخميس (رئاسة أرض الصومال على إكس)

رغم حديث إثيوبي عن رغبة في «حل الخلافات بشأن سد (النهضة) مع مصر عبر الحوار»؛ فإن انتقادات إثيوبية «غير مباشرة» لإرسال القاهرة قوات إلى مقديشو، وكذلك تعيين سفير لدى «أرض الصومال الانفصالية»، مؤشرات عدّها محللون «تعمِّق التوتر» مع القاهرة التي رفضت الاتفاق بين هرجيسا وأديس أبابا.

وفي خطوة تصعيدية جديدة من إثيوبيا تجاه الصومال، عيّنت أديس أبابا، الخميس، سفيراً لدى «أرض الصومال»، غير المعترف بها دولياً، تلاها بيان من الأخيرة، أعربت خلاله عن «الاعتراض بشدة على الانتشار الأخير للقوات العسكرية المصرية في مقديشو»، وسط حديث وسائل إعلام إثيوبية، بأن «أديس أبابا ستنقل قوات عسكرية إلى حدودها مع الصومال رداً على وصول تعزيزات عسكرية مصرية».

ومن ثم، كان هناك مؤتمر صحافي لوزير الخارجية الإثيوبي، تاي أصقي سيلاسي، الجمعة، حذر خلاله من «تحركات حكومة الصومال مع جهات (لم يسمها) لا تريد الاستقرار للمنطقة». ودعا مقديشو إلى «وقف تحركاتها مع جهات تسعى لاستهداف مصالح إثيوبيا»، مضيفاً: «سنحاول الاستمرار في موقفنا باتخاذ الصبر والسلام إن كانت خيارات الصومال حالياً اتباع سياسة الاستقواء علينا بجهات خارجية؛ لكنْ لذلك حدود».

ووفق سيلاسي، فإن «الموقف الإثيوبي بشأن البعثة الجديدة لقوات حفظ السلام في الصومال؛ ومطالبتها بألا تكون بها قوات تشكل تهديداً لأمننا القومي، هذا ليس خوفاً؛ لكنه تجنُّب لإشعال صراعات أخرى بالمنطقة، ونؤكد أننا أصبحنا قوة كبرى قادرة على حماية مصالحها».

وبينما لم يوضح الوزير الإثيوبي الجهات التي ذكرها؛ إلا أن تصريحاته تأتي بعد يومين من إعلان سفير الصومال لدى مصر، علي عبدي أواري، «بدء وصول المعدات والوفود العسكرية المصرية إلى العاصمة الصومالية مقديشو في إطار مشاركة مصر بقوات حفظ السلام»، موضحاً حينها أن «مصر بذلك ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية».

ووسط تلك الانتقادات «غير المباشرة»، غازل الوزير الإثيوبي، القاهرة، بعد شهور من جمود المفاوضات بشأن سد «النهضة»، قائلاً: «نسعى لحل خلافاتنا مع مصر عبر الحوار والتفاوض وإنهاء جميع القضايا العالقة بشأن سد (النهضة) بنية حسنة»، مؤكداً أن «السد أصبح أمراً واقعياً»، وأنه «ليس هناك خلافات كبرى؛ لكن تدخُّل السياسة يعوق وصولنا لاتفاق».

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على إكس)

توتر يتصاعد

الكاتب المصري المتخصص في العلاقات الدولية، نبيل نجم الدين، يرى أن «إثيوبيا تريد فتح صفحة غير بيضاء في العلاقات مع مصر، وتتحرك منذ مسار سد (النهضة) بشكل غير ناضج، لا يرقى للعرف أو القانون الدولي بين دولتين بينهما تاريخ كبير»، محذراً من أن أي «اندلاع لأعمال عسكرية جراء تلك الاستفزازات الإثيوبية ستدفع المنطقة ثمنه باهظاً».

وباعتقاد نجم الدين، فإن «أفعال إثيوبيا الأحادية لا تظهر نيّات طيبة، وتصر على توتير الأجواء، بداية من ملف سد (النهضة)، مروراً بتوقيع اتفاق غير قانوني مع إقليم أرض الصومال، ثم تعيين سفير به»، مؤكداً أن «هذه الضجة الإثيوبية لا تخدم الشعب الإثيوبي، ولا العلاقات مع مصر».

وتعارض دول الجامعة العربية وبينهم مصر، توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) الماضي، اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال» تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمن ميناءً تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلةً. وعدّت القاهرة حينها الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداءً على السيادة الصومالية».

وزير الخارجية الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي الجمعة (الخارجية الإثيوبية على إكس)

تداعيات مفتوحة

وبرأي الباحث الصومالي، عبدالواحد عبد الله شافعي، فإن الخلافات بين مصر وإثيوبيا «صارت أكثر تعقيداً» بعد الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال، وما تلاه من اتفاق بروتوكول دفاعي بين القاهرة ومقديشو، ثم إرسال قوات ومعدات عسكرية مصرية لتحل محل القوات الإثيوبية المنتشرة الآن في الصومال بوصفها جزءاً من قوات حفظ السلام الأفريقية التي تنتهي مهمتها نهاية هذا العام.

جميع هذه التطورات «أثارت مخاوف إثيوبيا» التي ترى التعاون المصري - الصومالي خصوصاً في شؤون الدفاع «يهدد مصالحها الاستراتيجية»، وفق شافعي، الذي رأى أن هذا التقارب عمّق من الخلاف المصري - الإثيوبي، محذراً من أن الأمور قد تتطور في المستقبل إلى «مواجهات عسكرية مباشرة» أو غير مباشرة بين البلدين، إذا لم يستأنف البلدان حواراً جاداً لإيجاد حلول جذرية للأسباب التي أدت إلى هذه التعقيدات، ومنها قضية سدّ النهضة والاعتداء على سيادة الصومال.

ولا تزال الخلافات متصاعدة بين مصر وإثيوبيا في ملف «سد النهضة» الذي تبنيه إثيوبيا على فرع النيل الأزرق، والذي تقول القاهرة والخرطوم إنه سيؤثر بشكل كبير في حصتيهما من مياه النيل، وتتمسكان بالتوصل أولاً إلى «اتفاق ملزم» مع أديس أبابا بشأن ملء وتشغيل السد، لضمان استمرار تدفق حصتيهما المائية من نهر النيل، وهو ما تنفيه إثيوبيا، وتؤكد أنها لا تستهدف الإضرار بدولتَي مصبّ النيل.

ويرى الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، أنه بعد توالي التصريحات والمواقف الإثيوبية، «سيتجه التوتر مع القاهرة إلى ذروته وإلى مرحلة غير محمودة»، مرجحاً أن «تدعم أديس أبابا الجماعات المسلحة في الصومال بوصفه خطوة جديدة ضد مقديشو ومصر».

وتعبر التصريحات والمواقف الإثيوبية، بحسب تورشين، عن أن أديس أبابا أدركت أن «الوجود العسكري المصري بمقديشو تطويق لإثيوبيا»، في ظل عدم حل أزمة سد «النهضة»، متوقعاً أن «ينتقل الصراع بين مصر وإثيوبيا إلى الصومال وسط تداعيات مفتوحة».

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع «أرض الصومال» الانفصالية في بداية العام الماضي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وتدخلت تركيا عبر مبادرة للوساطة بين البلدين، واستضافت جولتين من المفاوضات لحل الخلاف.


مقالات ذات صلة

حرب السودان الكارثية... مشكلة كبرى أمام العالم الصامت

شمال افريقيا صورة أرشيفية تُظهر دخاناً يتصاعد فوق الخرطوم مع اشتباك الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» (رويترز)

حرب السودان الكارثية... مشكلة كبرى أمام العالم الصامت

يلقى النزاع في السودان جزءاً ضئيلاً من الاهتمام الذي حظيت به الحرب في غزة وأوكرانيا، ومع ذلك فهو يهدد بأن يكون أكثر فتكاً من أي صراع آخر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مطار طابا الدولي (محافظة جنوب سيناء)

مصر تنفي طعن سائحين إسرائيليين في طابا

نفت مصر تعرض سائحين إسرائيليين في طابا للطعن، بحسب ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، نقلاً عن مصدر أمني مسؤول، مساء الجمعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق السيناريست المصري عاطف بشاي (صفحته على «فيسبوك»)

الوسط الفني بمصر يودّع السيناريست عاطف بشاي

ودّع الوسط الفني بمصر المؤلف والسيناريست المصري عاطف بشاي، الذي رحل عن عالمنا، الجمعة، إثر تعرضه لأزمة صحية ألمت به قبل أيام.  

انتصار دردير (القاهرة )
شمال افريقيا إحدى الصيدليات داخل مستشفى حكومي في مصر (الصحة المصرية)

مصر: تعهدات حكومية جديدة بحل أزمة «نواقص الأدوية»

أكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، «تخصيص 10 مليارات جنيه حتى الآن في إطار حل أزمة الدواء».

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مرافق منتجع هيلتون طابا على الساحل الشرقي لشبه جزيرة سيناء في مصر (أرشيفية/أ.ف.ب)

مصر: إصابة سياح في «مشاجرة» بمنتجع طابا

أفاد مصدر، وصفه تلفزيون «القاهرة الإخبارية» بأنه رفيع المستوى، بإصابة عدد من السياح في منتجع طابا بمصر في حادثة طعن. 

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر تنفي طعن سائحين إسرائيليين في طابا

مطار طابا الدولي (محافظة جنوب سيناء)
مطار طابا الدولي (محافظة جنوب سيناء)
TT

مصر تنفي طعن سائحين إسرائيليين في طابا

مطار طابا الدولي (محافظة جنوب سيناء)
مطار طابا الدولي (محافظة جنوب سيناء)

نفت مصر تعرض سائحين إسرائيليين في طابا بمحافظة جنوب سيناء المصرية للطعن، بحسب ما أوردت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، نقلاً عن مصدر أمني مسؤول، مساء الجمعة.

وبحسب المصدر الأمني، فإن مشاجرة نشبت بين عامل في أحد الفنادق، وعدد من السائحين من «عرب 48» على خلفية عدم رغبة السائحين في سداد مقابل الخدمة التي حصلوا عليها، ما أسفر عن «إصابة عامل مصري بإصابات بالغة الخطورة، بجانب إصابة 3 عمال آخرين، وكذا إصابة 3 من السائحين، أصحاب المشكلة».

وباشرت الجهات الأمنية في مصر تحقيقات في الحادث، وتم نقل المصابين للمستشفى لتلقي العلاج، فيما نفى المصدر أن يكون الحادث «طعناً لسائحين إسرائيليين» كما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.

ويسمح لحملة الجنسية الإسرائيلية بالدخول إلى مدن جنوب سيناء، ومن بينها طابا، على الشريط الحدودي، من دون الحصول على تأشيرة دخول مسبقة بموجب اتفاقية «كامب ديفيد».

يصل حملة الجنسية الإسرائيلية لطابا من دون تأشيرة (محافظة جنوب سيناء)

وتقع طابا على رأس خليج العقبة على بعد 7 أميال من إيلات، واستردتها مصر في 19 مارس (آذار) عام 1989 بعد مفاوضات ومعركة قانونية استمرت لنحو 7 سنوات مع إسرائيل بسبب الخلاف حول العلامات الحدودية.

وكان رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد أكد، الخميس، في مؤتمر صحافي، أن مصر الدولة الوحيدة بالمنطقة التي استطاعت تحقيق الجذب السياحي الخارجي رغم الصراعات الموجودة في المنطقة، بحسب التقارير الدولية، مؤكداً «استمرار العمل على تحقيق مستهدفات الوصول إلى 30 مليون سائح سنوياً.

وبلغ إجمالي أعداد السائحين الوافدين لمصر خلال النصف الأول من العام الحالي 7.069 مليون سائح، بحسب بيانات رسمية صدرت عن وزارة السياحة والآثار المصرية، مطلع الشهر الماضي.

وبحسب مراقبين، «واجهت فنادق طابا ونويبع منذ أحداث (حرب غزة) في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تراجعاً في نسب الإشغالات، وطلب عدد منها الحصول على دعم حكومي، نتيجة تراجع أعداد السائحين الإسرائيليين، الذين كانوا يشكلون غالبية مرتادي فنادق هذه المناطق».

من جهتها، عملت الحكومة المصرية على الاعتماد بشكل أكبر في الترويج للمنطقة على «سياح من دول وسط وغرب أوروبا».