ماذا تستهدف مصر من حضورها العسكري في الصومال؟

سفير مقديشو أعلن وصول معدات ووفود

الرئيس المصري ونظيره الصومالي يشهدان مراسم توقيع بروتوكول التعاون العسكري منتصف الشهر الجاري (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري ونظيره الصومالي يشهدان مراسم توقيع بروتوكول التعاون العسكري منتصف الشهر الجاري (الرئاسة المصرية)
TT
20

ماذا تستهدف مصر من حضورها العسكري في الصومال؟

الرئيس المصري ونظيره الصومالي يشهدان مراسم توقيع بروتوكول التعاون العسكري منتصف الشهر الجاري (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري ونظيره الصومالي يشهدان مراسم توقيع بروتوكول التعاون العسكري منتصف الشهر الجاري (الرئاسة المصرية)

أثار حديث صومالي عن بدء وصول معدات ووفود عسكرية مصرية إلى مقديشو، تساؤلات عن أهداف وتداعيات الحضور العسكري المصري المتوقع في الصومال، في ضوء بروتوكول تعاون دفاعي بين البلدين وتوتر متصاعد مع إثيوبيا.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن تلك الخطوة تستهدف تعزيز العلاقات بين البلدين عبر «تطبيق الاتفاقيات على أرض الواقع»، لافتين إلى أن الوجود العسكري المصري «سيكون لتدريب القوات الصومالية والمشاركة في قوات حفظ السلام»، في ضوء محددات أبرزها «دعم مقديشو في مواجهة الإرهاب والحفاظ على وحدة أراضيها».

وتباينت آراء الخبراء بشأن تداعيات الخطوة المصرية بين من يرى أنها «إجرائية ولا تستهدف أي تصعيد»، وآخرين قالوا إنها «ستحمل تعقيدات جديدة مع إثيوبيا المتوترة علاقاتها مع مصر بشأن سد النهضة الإثيوبي، ومع الصومال بشأن وجودها في ميناءٍ تراه مقديشو يهدد سيادتها».

وحسب صحيفة «الصومال الجديد» فقد «وصلت طائرتان عسكريتان مصريتان، الثلاثاء، إلى مطار آدم عدي الدولي في العاصمة الصومالية مقديشو، كان على متنهما معدات عسكرية وضباط ضمن إعادة تنظيم استراتيجي أوسع نطاقاً في منطقة القرن الأفريقي، حيث يسعى الصومال إلى تعزيز قدراته العسكرية من خلال الشراكات الدولية».

يأتي هذا في الوقت الذي «تستعد فيه مصر للمشاركة في بعثة الدعم التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال (AUSSOM)، والتي من المقرر أن تحل محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية الحالية (ATMIS) بحلول يناير (كانون الثاني) 2025»، وفق الصحيفة.

وبينما لم تعلق القاهرة، ثمَّن سفير الصومال لدى مصر، علي عبدي أواري، في إفادة، الأربعاء، «بدء وصول المعدات والوفود العسكرية المصرية إلى العاصمة الصومالية مقديشو في إطار مشاركة مصر بقوات حفظ السلام»، موضحاً أن «مصر بذلك ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية».

وعدَّ السفير الصومالي هذه الخطوة «مهمة وأولى الخطوات العملية لتنفيذ مخرجات القمة المصرية الصومالية» التي عُقدت في القاهرة مؤخراً بين الرئيسي المصري عبد الفتاح السيسي والصومالي حسن شيخ محمود (في 14 أغسطس «آب» الجاري)، والتي شهدت توقيع اتفاق دفاعي مشترك بين البلدين.

وفي 14 أغسطس، كشف الرئيس المصري، في مؤتمر صحافي مشترك في القاهرة مع نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، أنه «في هذا العام سيتم تجديد بعثة حفظ السلام في الصومال، وسنتقدم للمشاركة في هذه البعثة، والأمر متروك للدولة المضيفة (الصومال)، إن كانت ترغب أن نكون موجودين فسنكون».

السيسي يستقبل شيخ محمود في قصر الاتحادية خلال زيارته القاهرة منتصف الشهر الجاري (الرئاسة المصرية)
السيسي يستقبل شيخ محمود في قصر الاتحادية خلال زيارته القاهرة منتصف الشهر الجاري (الرئاسة المصرية)

جاء الإعلان عن توقيع الاتفاقية بعد نحو شهر من إعلان التلفزيون الرسمي الصومالي، في تدوينة نشرها على منصة «إكس»، في 20 يوليو (تموز)، موافقة الحكومة الصومالية خلال «اجتماع استثنائي» لمجلس الوزراء، على اتفاقية دفاعية بين مصر والصومال.

كما يأتي الإعلان بعد أشهر من معارضة مصر توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) الماضي، اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال» تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمن ميناءً تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلةً. وعدّت القاهرة حينها الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداء على السيادة الصومالية».

محددات

الخبير الاستراتيجي اللواء سمير فرج، يرى أن مصر تستهدف من حضورها العسكري في الصومال 3 محددات: «أولاً مساعدة الجيش الصومالي ورفع كفاءته القتالية للتعامل مع عمليات (منظمة الشباب) الإرهابية عبر الخبرات الكبيرة للجيش المصري، وثانياً دعم وحدة الأراضي الصومالية برفع كفاءة قواتها المسلحة، وثالثاً تعزيز مشاركة مقديشو في تأمين قناة السويس من باب المندب».

واستبعد فرج أن «يكون الوجود المصري مرتبطاً بالتوازن العسكري مع دولة أو أخرى موجودة هناك»، ودلَّل على ذلك بعدم وجود قواعد عسكرية مصرية هناك كما هو حال الآخرين، متوقعاً ألا يثير هذا الأمر أي تداعيات، خصوصاً أن «الصومال دولة عربية طلبت حضور مصر بقوات حفظ السلام وسط علاقات استراتيجية للبلدين».

وتتفق مساعدة وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية الأسبق، السفيرة منى عمر، مع هذا التقدير، مؤكدةً «أنها تأتي في سياق ما بعد توقيع اتفاقية الدفاع المشترك وستشمل دعم مصر للقوات الصومالية وتدريبها وربما تزويدها بالسلاح لمواجهة الإرهاب هناك حتى تستعيد مقديشو استقرارها» .

وعن المدى المتوقع لتلك المساعدة المصرية وتأثيرها، أكدت السفيرة منى عمر، أن «مصر لا تتدخل عسكرياً ولا تلجأ إلى القوة الخشنة، وهذا أسلوبها في التعامل مع الأزمات، لذا سيكون الواقع في الصومال قائماً على التدريب والمساعدة والمشاركة في قوات حفظ السلام»، فالصومال دولة استراتيجية لمصر ويجب أن تتعاونا معاً خصوصاً أن لهما مواقف مشتركة «رافضة للتحركات الإثيوبية الجديدة تجاه مقديشو أو الأمن المائي المصري»، وفق عمر، التي لفتت إلى أن مصر مشاركة بقوات حفظ سلام منذ سنوات طويلة في الصومال، وبالتالي، فهذا التعاون الجديد مبنيٌّ على علاقات البلدين وأهمية دعم استقرار مقديشو.

تعقيدات محتملة

وباعتقاد الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، فإن تلك المساعدات المصرية «تعد خطوة مهمة جداً في إطار تعزيز العلاقات المصرية-الصومالية، وتؤكد حضور القاهرة في الصومال في ظل تنامي دور إثيوبيا وتركيا وغيرهما من الدول»، لافتاً إلى أن مقديشو كانت بحاجة إلى تلك الخطوة لإعادة تأهيل القوات الأمنية والعسكرية وإرسال رسائل إلى الجانب الإثيوبي بأنها «لديها شركاء أقوياء ولا يمكن الاستهانة بها».

ويرى أن «تداعيات ذلك الحضور بلا شك ستكون معقدة»، مُرجعاً ذلك إلى «عدم تقبل الجانب الإثيوبي هذه الخطوة في ظل توتر علاقاته مع مصر، بشأن ملف سد النهضة خصوصاً أنه سيفهم الحضور المصري على أنه رسالة من مصر تفيد بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه أي تهديد لأمنها المائي».

وهناك خلافات بين مصر والسودان من ناحية، وإثيوبيا على الجهة الأخرى، بشأن «سد النهضة» الذي تبنيه إثيوبيا على فرع النيل الأزرق، والذي تقول القاهرة والخرطوم إنه سيؤثر بشكل كبير في حصتيهما من مياه النيل، وتتمسكان بالتوصل أولاً إلى «اتفاق ملزم» مع أديس أبابا بشأن ملء وتشغيل السد، لضمان استمرار تدفق حصتيهما المائية من نهر النيل، وهو ما تنفيه إثيوبيا، وتؤكد أنها لا تستهدف الإضرار بدولتَي مصبّ النيل.


مقالات ذات صلة

مصر تجدد التزامها بدعم كامل للصومال في مواجهة الإرهاب

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود يوقِّعان في يناير 2025 إعلاناً مشتركاً لترفيع العلاقات إلى «شراكة استراتيجية شاملة» (الرئاسة المصرية)

مصر تجدد التزامها بدعم كامل للصومال في مواجهة الإرهاب

أكدت مصر التزامها الكامل بدعم وحدة وسلامة الصومال ومؤسساته الوطنية في مواجهة خطر «الإرهاب والتطرف».

أحمد إمبابي (القاهرة)
أفريقيا استنفار أمني بعد هجوم إرهابي في النيجر (أرشيفية - متداولة)

مقتل 12 جندياً بهجوم إرهابي في النيجر

قُتل 12 جندياً نيجرياً الجمعة في هجوم إرهابي بغرب البلاد قرب مالي، وفق ما أعلن الجيش السبت، في نشرة عملياته.

«الشرق الأوسط» (نيامي (النيجر) - نيروبي)
شمال افريقيا جانب من حضور «قمة عنتيبي» (مجلس الوزراء المصري)

ما تأثير «قمة عنتيبي» على جهود دعم مقديشو في مواجهة الإرهاب؟

تساؤلات تطرحها مخرجات قمة رؤساء الدول والحكومات المشاركة في بعثة الاتحاد الأفريقي للدعم والاستقرار في الصومال بمدينة «عنتيبي» الأوغندية.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا أمير قطر يستضيف كاغامي وتشيسيكيدي بالدوحة في مارس الماضي ضمن جهود الوساطة (وكالة الأنباء القطرية)

«إعلان المبادئ» بين الكونغو الديمقراطية ورواندا «يقرّب» الحل مع «إم 23»

توقيع رواندا والكونغو الديمقراطية على «إعلان مبادئ» في واشنطن، يقود لمسوَّدة اتفاق وشيكة، يفتحُ تساؤلات حول إمكانية حل نزاع غير مباشر بينهما.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيس رواندا بول كاغامي عام 2024 (أرشيفية - الرئاسة المصرية)

مصر تؤكد دعمها لجهود تسوية النزاعات بالطرق السلمية في أفريقيا

أكدت مصر «دعمها جميع الجهود الرامية إلى تسوية النزاعات بالطرق السلمية في القارة الأفريقية، واحترام مبادئ القانون الدولي والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«الدعم السريع» تسيطر على ثاني أكبر مدن كردفان

الأضرار التي لحقت بالقصر الجمهوري في الخرطوم  جراء المعارك (أ.ف.ب)
الأضرار التي لحقت بالقصر الجمهوري في الخرطوم جراء المعارك (أ.ف.ب)
TT
20

«الدعم السريع» تسيطر على ثاني أكبر مدن كردفان

الأضرار التي لحقت بالقصر الجمهوري في الخرطوم  جراء المعارك (أ.ف.ب)
الأضرار التي لحقت بالقصر الجمهوري في الخرطوم جراء المعارك (أ.ف.ب)

أعلنت «قوات الدعم السريع»، أمس، سيطرتها على النهود، ثاني أكبر مدن ولاية غرب كردفان، بعد معارك عنيفة مع الجيش السوداني والقوات الموالية له.

وبسيطرتها على هذه المدينة ستتمكن «الدعم السريع» من قطع كل الطرق أمام الجيش لفك الحصار على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، كما تضع مدينة الأبيض، عاصمة شمال كردفان، تحت الحصار.

وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش، العميد نبيل عبد الله، لـ«الشرق الأوسط»: «قواتنا موجودة في مدينة النهود، وتصدّت لهجمات عدة من (الدعم السريع)».

كذلك، استهدفت «الدعم السريع» القصر الجمهوري وسط العاصمة، الخرطوم، بقصف مدفعي بعيد المدى. وقال مواطنون في مدينة كوستي، بولاية النيل الأبيض، إن سرباً من المسيّرات هاجم صباح أمس مقر الفرقة الـ18 التابعة للجيش في المدينة.