مصر تلغي تراخيص شركات سياحية «متورطة» في تسفير حجاج «غير نظاميين»

الحجاج المصريون النظاميون يؤدون مناسك الحج (أرشيفية - وزارة التضامن الاجتماعي)
الحجاج المصريون النظاميون يؤدون مناسك الحج (أرشيفية - وزارة التضامن الاجتماعي)
TT

مصر تلغي تراخيص شركات سياحية «متورطة» في تسفير حجاج «غير نظاميين»

الحجاج المصريون النظاميون يؤدون مناسك الحج (أرشيفية - وزارة التضامن الاجتماعي)
الحجاج المصريون النظاميون يؤدون مناسك الحج (أرشيفية - وزارة التضامن الاجتماعي)

ألغت وزارة السياحة والآثار المصرية تراخيص 36 شركة سياحة، على خلفية تورطها في تسفير حجاج «غير نظاميين» إلى السعودية، عبر «تأشيرة زيارة» لا تسمح لحاملها بأداء الحج، في مخالفة للضوابط والإجراءات المعمول بها في مصر والسعودية.

وجاء قرار الوزارة الذي أُعلن، الثلاثاء، تنفيذاً لقرارات «خلية الأزمة» التي شكلها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في يونيو (حزيران) الماضي لمتابعة أوضاع الحجاج «غير النظاميين»، والتي سحبت بعد أيام من تشكيلها تراخيص 16 شركة سياحة، وأحالت مسؤوليها إلى النيابة العامة بتهمة «التحايل» لتسفير الحجاج بصورة غير نظامية.

وتعوّل «السياحة والآثار» المصرية على سرعة الانتهاء من كل التحقيقات مع الشركات المثبت بحقها ارتكاب مخالفات في موسمي الحج والعمرة، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة من أجل «تصويب الأمور وضمان التزام جميع الشركات بالقوانين والقرارات المنظمة لنشاطها»، حسب البيان الرسمي.

ووفق الحكومة المصرية، فإن البعثة الرسمية هذا العام، التي يزيد عدد حجاجها على 50 ألف حاج، أدت المناسك وفق «منظومة متابعة متكاملة على أعلى مستوى»، مع رصد 31 حالة وفاة فقط نتيجة «أمراض مزمنة»، وهي «نسبة تعد الأقل على مدى السنوات السابقة»، حسب بيان سابق لمجلس الوزراء.

لم يواجه الحجاج النظاميون مشكلات في موسم الحج (أرشيفية - وزارة التضامن الاجتماعي)

وتعدُّ أمين سر لجنة «السياحة والطيران» بمجلس النواب (البرلمان)، النائبة أماني الشعولي، القرار بمثابة خطوة ضرورية لمنع تكرار «المأساة» التي حدثت في موسم الحج الماضي، بسبب الوعود الوهمية التي قدمتها هذه الشركات للراغبين في أداء فريضة الحج، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن السلطات المصرية والسعودية لن تسمحا بتكرار هذا الأمر في السنوات المقبلة.

وأضافت أن تصرفات هذه الشركات وضعت الحجاج «غير النظاميين» في موقف صعب للغاية، بعدما قدمت لهم وعوداً وهمية لا يمكن تنفيذها، لافتة إلى أن استمرار متابعة التحقيقات في هذا الملف أمر مطلوب لمحاسبة جميع المتورطين فيه.

ويشير عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية الدكتور إبراهيم عليوة إلى ضرورة محاسبة المتورطين في استغلال تأشيرات الزيارة، لكن مع التأكد من عدم تعرض الشركات لخداع من المسافرين الذين استخرجوا «باركود» الزيارة من الشركات كخطوة نحو السفر إلى السعودية وقاموا بأداء الحج بشكل «غير نظامي» دون ترتيب مع الشركة.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن العدد الذي جرى شطبه حتى الآن كبير مقارنة بعدد الشركات السياحية العاملة في تنظيم برامج السياحة الدينية، الذي يصل إلى نحو 1300 شركة سياحة تقريباً، مؤكداً ضرورة أن يجري التأكد قبل تطبيق قرار إلغاء التراخيص من مسؤولية الشركة حول الأمر.

وأرجع التقرير الصادر عن الأمانة الفنية لـ«خلية إدارة الأزمة»، في يونيو (حزيران) الماضي، أسباب ارتفاع حالات وفاة الحجاج غير المسجلين إلى «قيام بعض شركات السياحة بتنظيم برامج بتأشيرة زيارة شخصية»، ما يمنع حامليها من دخول مكة، ويتم التحايل على ذلك عبر التهرب داخل دروب صحراوية سيراً على الأقدام، ودون توفير أماكن إقامة لائقة بباقي المشاعر؛ ما تسبب في تعرضهم للإجهاد مع ارتفاع درجات الحرارة.

وهنا تؤكد أمين سر لجنة السياحة والطيران ضرورة استمرار الملاحقات القانونية من خلال الوزارة والأجهزة المعنية لرصد الشركات التي تنظم هذه النوعية من الرحلات، بالإضافة إلى توعية المواطنين بالمصاعب والمخاطر التي قد يواجهونها فيها، واستقبال البلاغات من المواطنين بشأن الشركات المخالفة التي تقدم وعوداً وهمية؛ استغلالاً لرغبة المواطنين بأداء المناسك.

وجاء الإعلان عن قرار شطب الشركات بالتزامن مع إعلان الوزارة المصرية البدء في الاستعدادات الخاصة بموسم العمرة عبر مناقشة الضوابط المنظمة للرحلات، التي ستتضمن اجتماعات مع مسؤولي شركات السياحة، من أجل الاستماع إلى وجهات النظر المختلفة، فيما ستتضمن الضوابط الجديدة آليات لتقديم شركات السياحة خدمات متميزة بصورة أكبر في تنفيذ رحلات العمرة بأفضل المعايير المعتمدة، وفق بيان صدر، الثلاثاء.


مقالات ذات صلة

السعودية تودّع آخر طلائع الحجاج عبر مطار المدينة المنورة

الخليج 7700 رحلة جوية عبر 6 مطارات نقلت حجاج الخارج إلى السعودية لأداء فريضة الحج (واس)

السعودية تودّع آخر طلائع الحجاج عبر مطار المدينة المنورة

غادر أراضي السعودية، الأحد، آخر فوج من حجاج العام الهجري المنصرم 1445هـ، على «الخطوط السعودية» من مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي في المدينة المنورة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة للطرفين عقب توقيع الاتفاقية (مجموعة السعودية)

«مجموعة السعودية» توقّع صفقة لشراء 100 طائرة كهربائية

وقّعت «مجموعة السعودية» مع شركة «ليليوم» الألمانية، المتخصصة في صناعة «التاكسي الطائر»، صفقة لشراء 100 مركبة طائرة كهربائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الثوب الأغلى في العالم بحلته الجديدة يكسو الكعبة المشرفة في المسجد الحرام بمكة المكرمة (هيئة العناية بشؤون الحرمين)

«الكعبة المشرفة» تتزين بالثوب الأنفس في العالم بحلته الجديدة

ارتدت الكعبة المشرفة ثوبها الجديد، الأحد، جرياً على العادة السنوية من كل عام هجري على يد 159 صانعاً وحرفياً سعودياً مدربين ومؤهلين علمياً وعملياً.

إبراهيم القرشي (جدة)
الخليج 
«اعتدال» و«تلغرام» يتعاونان منذ عام 2022 على الوقاية ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» و«تلغرام» يزيلان خلال الحج مليوني محتوى «متطرف»

تمكّن «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف» (اعتدال)، ومنصة «تلغرام» خلال موسم الحج للعام الحالي، من إزالة أكثر من مليونَي محتوى متطرف، ورصد الجانبان ازدياداً.

غازي الحارثي (الرياض)
الخليج الأمير محمد بن سلمان لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء في جدة (واس)

ولي العهد السعودي يقدّر الجهود والأعمال المميزة خلال موسم الحج

أعرب الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الثلاثاء، عن تقديره لما بُذل من جهود مباركة وأعمال مميزة خلال موسم الحج لهذا العام.

«الشرق الأوسط» (جدة)

من ينتصر في معركة «لي الذراع» بين شرق ليبيا وغربها؟

حفتر ونجله صدام خلال لقاء بالمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفان خوري في بنغازي (القيادة العامة)
حفتر ونجله صدام خلال لقاء بالمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفان خوري في بنغازي (القيادة العامة)
TT

من ينتصر في معركة «لي الذراع» بين شرق ليبيا وغربها؟

حفتر ونجله صدام خلال لقاء بالمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفان خوري في بنغازي (القيادة العامة)
حفتر ونجله صدام خلال لقاء بالمبعوثة الأممية بالإنابة ستيفان خوري في بنغازي (القيادة العامة)

بدأت نذر معركة «النفط» مقابل «المركزي» تدور رحاها سريعاً، بين السلطتين التنفيذيتين في كل من غرب ليبيا وشرقها، وسط استياء مجتمعي واسع من استخدام «مقدرات الشعب» ورقة ضغط سياسي.

وأغلقت سلطات بنغازي، ممثلة في حكومة أسامة حمّاد بشرق ليبيا، الحقول والمواني النفطية كافة التي تقع تحت سيطرتها، رداً على تعمّد المجلس الرئاسي تغيير محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، على غير رغبة مجلس النواب.

واجهة المصرف المركزي الليبي (رويترز)

وفتح الصراع الدائر راهناً بين الطرفين الباب حول ما يمكن تسميتها «لعبة عض الأصابع» ضمن معركة «لي الذراع» بين ساسة البلاد المتنفذين، تخوفاً من تعطيل مصادر التمويل المتحصلة من أموال النفط، وسط تساؤلات حول من ينتصر فيها.

وفي ظل حالة الاستقطاب الحادة التي تتصاعد على خلفية الصراع، ينتظر الليبيون لمعرفة ما إذا كانت الأزمة ستُحل بالتحرك الأممي أم تزداد تعقيداً في قادم الأيام، وذلك بالنظر إلى «الأوزان السياسية» لقادة البلاد على الأرض، وخصوصاً بين المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي.

الصديق الكبير (رويترز)

سياسيون ليبيون عدُّوا دعوة المنفي للبرلمان، أمس (الاثنين)، في بيان رسمي، إلى اختيار محافظ جديد للمصرف المركزي في جلسة «قانونية علنية وشفافية»، بالتشاور مع مجلس الدولة، نوعاً من «التراجع عن موقفه السابق».

وكان المجلس الرئاسي قد قرر تعيين محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي، وإعادة هيكلة مجلس إدارته، رداً على إنهاء البرلمان ولاية «الرئاسي» وحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة؛ لكن حمّاد الذي يحظى بدعم قائد «الجيش الوطني» سارع بإغلاق النفط.

ويعتقد الكاتب الصحافي الليبي، عيسى عبد القيوم، أن حديث المنفي يشير «بما لا يدع مجالاً للشك إلى أن ما أقدم عليه كان بمثابة محطة لقياس الأوزان، استعداداً للجولة القادمة. تقدم فيها خطوة لم تكن محسوبة بدقة؛ لكنه تراجع اليوم ميلاً إلى الوراء».

المنفي مستقبلاً الكبير في لقاء سابق (المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي الليبي)

وقدّم المنفي ما يشبه «استعطافاً»، وفق رؤية المنتمين لجبهة شرق ليبيا، قائلاً: «نراهن على المسؤولية الوطنية لقيادة المؤسسة العسكرية، لمنع مغامرات إغلاق ما تبقى من النفط الليبي الذي أُغلق نصفه قبل أسابيع».

ويرى عبد القيوم -في تصريح صحافي- أن بيان المنفي «حمل نداء استغاثة للبرلمان، أن يكلف محافظاً لـ(المركزي)؛ واستعطافاً للقيادة العامة أن ترفع حالة (القوة القاهرة) عن حقول النفط».

مع ذلك، يتمسك المنفي بتعيين محافظ ومجلس إدارة جديد للمصرف المركزي، ويعدُّه «قراراً نافذاً»، مؤكداً على «حقه في ممارسة اختصاصاته، وفقاً للاتفاق السياسي حول تعيين كبار الموظفين».

ليبيون انتقدوا استخدام النفط «ورقة ضغط سياسي» (رويترز)

وتقع غالبية الحقول تحت سيطرة «الجيش الوطني»، علماً بأن منطقة الواحات بجنوب غربي ليبيا تعد من أبرز المناطق الغنية بالحقول النفطية في البلاد.

وكان جُل الليبيين يتوقعون هذه الخطوة، لا سيما بعد تلويح عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، بذلك، عندما حذَّر الأسبوع الماضي من أن «أي تغيير في منصب محافظ المصرف المركزي قد يؤدي إلى إغلاق منشآت النفط، ووقف تحويل الإيرادات إلى المصرف المركزي».

ومضى صالح حين ذلك في تهديده الذي بات واقعاً؛ حيث قال: «لن نسمح باستمرار ضخ إيرادات الثروة الليبية لأشخاص جاؤوا بطريقة مشبوهة، وأيدٍ غير أمينة».

رئيس مجلس النواب حذَّر من أن أي تغيير في منصب محافظ المصرف المركزي قد يؤدي لإغلاق منشآت النفط (المكتب الإعلامي لعقيلة)

وقبيل توجيه حمّاد إلى إغلاق النفط، أقدم محتجون على إقفال حقل «الشرارة» الذي تشغله شركة «ريبسول» الإسبانية، وذلك بإيعاز من اللواء صدام حفتر، حسب وسائل إعلام محلية، رداً على إصدار مذكرة قبض بحقه، أثناء عودته إلى ليبيا من العاصمة الإيطالية روما.

ومن غير أموال النفط الذي يُوصف بـ«قوت الليبيين»، والذي يُشكّل 98 في المائة من موارد البلاد، فإن السلطة التنفيذية في طرابلس، ممثلة في «الرئاسي» و«الوحدة»، تعد «منزوعة الأظافر»، إذ إنها تستمد قوتها ونفوذها من عوائد النفط التي تعتمدها لبقية مؤسسات الدولة، ومن بينها حماية العاصمة.

وتظهر بيانات ديوان المحاسبة الليبي، أن النصف الأول من السنة المالية 2024 سجَّل إجمالاً للموارد النفطية ما يزيد على 44 مليار دينار، موزعة على إيرادات النفط والغاز والمشتقات النفطية. والدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية.

وتسبب إغلاق حقل «الشرارة» الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 300 ألف برميل يومياً، في خسارة ليبيا حتى الآن 3.5 مليار دينار ليبي، حسب تصريحات صحافية لنقيب قطاع النفط، سالم الرميح.

وأمام تعهد محافظ المصرف المركزي المكلف مؤقتاً من المجلس الرئاسي، عبد الفتاح غفار، بأن رواتب الموظفين سيتم صرفها في مواعيدها، أشار إلى أنهم على استعداد لتسليم مهامهم لأي مجلس إدارة جديد متوافق عليه.

غير أن المصرف المركزي، برئاسة الكبير، قد حذَّر عبر موقعه الإلكتروني من تعطيل عمل المصرف، وعدم تمكينه من تنفيذ راتب شهر أغسطس (آب)، وفتح وتغطية الاعتمادات المستندية والحوالات الشخصية، وقال إن اقتحام المصرف لليوم الثاني يعرض أصوله وحساباته ومنظوماته وعلاقاته الخارجية وسمعته للخطر.

ويعتقد مراقبون ليبيون أن «من يمتلك مفاتيح حقول النفط، قادر على تحريك دفة الأزمة السياسية»، لذا يشيرون إلى أن لجوء معسكر حفتر إلى تعطيل إنتاج النفط، بقدر ما يُلحق ضرراً بالبلاد في المنظور القريب، فإنه «يسرّع من تحريك المياه الراكدة على المسار السياسي، ويزيد من لي ذراع خصومه».

الكبير بدوره برر لنظرية «لي الذارع» في خطاب إلى المبعوث الأميركي إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، تم تسريبه، ونشرته صفحات شخصيات ليبية؛ حيث تعهد الكبير بأن إغلاق حقول ومواني النفط «بحكم التجارب السابقة، لن يؤثر على الوضع الاقتصادي للبلاد، ويمكن تسيير كافة شؤون ليبيا لمدة طويلة».

وذهب الكبير موضحاً الغرض من الإغلاق قائلاً: «نحن لا نشجع على هذا الإغلاق، إلا أن حدوثه يعد تعبيراً مقبولاً للضغط على المجلس الرئاسي للتراجع عن قراره، حفاظاً على مصالح الدولة الليبية».

وعَدَّ رئيس الهيئة التأسيسية لحزب «التجمع الوطني الليبي» أسعد زهيو، رسالة الكبير للمبعوث الأممي «مخجلة»، وقال: «لا تنبغي إعادته إلى منصب محافظ المصرف».

وذكَّر زهيو بأن الكبير «سبق واشتكى عشرات المرات من أن إقفال النفط يعمل على تشويه الاقتصاد الوطني، ويسبب عجزاً في الموازنة العامة، وإذا به يتوسل للأميركان حتى لا يحتجوا على وقفه هذه المرة فقط، ليتم الضغط على المجلس الرئاسي، ويعود هو لوظيفته التي شغلها لأربعة عشر عاماً متواصلة».