رفض مصري لحديث إخواني عن «مبادرة صلح»

وسط انقسام في صفوف الجماعة المحظورة

محمد بديع خلال إحدى جلسات محاكمته في وقت سابق بمصر (أرشيفية)
محمد بديع خلال إحدى جلسات محاكمته في وقت سابق بمصر (أرشيفية)
TT

رفض مصري لحديث إخواني عن «مبادرة صلح»

محمد بديع خلال إحدى جلسات محاكمته في وقت سابق بمصر (أرشيفية)
محمد بديع خلال إحدى جلسات محاكمته في وقت سابق بمصر (أرشيفية)

أثار حديث لجماعة «الإخوان» عن مبادرة صلح مع الدولة المصرية حالةً من الرفض بالداخل المصري، وتسبّب في انقسام بين عناصر «الإخوان» بالخارج، وربط سياسيون تحركات الجماعة الآن بتخوّف قادتها من «التقارب في العلاقات المصرية - التركية».

مبادرة «الإخوان» ظهرت إلى المشهد عبر رسالة منسوبة لنائب القائم بأعمال المرشد العام، حلمي الجزار (مقيم في لندن)، بثّها الإعلامي في قناة «الشرق»، ماجد عبد الله، على قناته الخاصة عبر «يوتيوب»، ونقلتها وسائل إعلام وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، طرح فيها الجزار الصلح مع الدولة المصرية، وإطلاق سراح سجناء الجماعة، مقابل اعتزال «الإخوان» العمل السياسي.

رسالة الجزار «باعتزال (الإخوان) العمل السياسي تسبّبت في أزمة داخل الجماعة»، حسب خبراء، ما دفع الجماعة إلى نفي الحديث عن «اعتزال العمل السياسي»، وقالت في بيان، مساء السبت، عبر حسابها على «إكس» إنه «بخصوص ما يتردّد بين الحين والآخر بشأن ممارسة (الإخوان) للعمل السياسي؛ تؤكد الجماعة أن عدم المنافسة على السلطة لا يعني أبداً الانسحاب من العمل السياسي الذي يظل من ثوابت مشروع الجماعة الإصلاحي».

وذكر بيان الجماعة، المُذيّل بتوقيع الجزار أيضاً، أن «مطلب ترك ممارسة السياسة الذي تحُوم حوله الشائعات والتطلعات يؤكد عدم قبول التعدّدية السياسية»، وتحدّث البيان عن أن «الجماعة جزء أصيل من الشعب المصري، تدافع عن حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في كل ميدان».

مجموعة من «شباب الإخوان» خلال تجمّع لهم بتركيا في وقت سابق (صفحات على فيسبوك وتلغرام)

لينتقل حديث «مبادرة الإخوان» بعد ذلك إلى «السوشيال ميديا»، وعَدّ عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، الإعلامي مصطفى بكري، مبادرة «الإخوان» أنها «دليل على وصول الجماعة إلى مرحلة اليأس، ونهاية مشروعها الذي أطلقته بالسعي للعودة إلى الحكم مرة أخرى».

وكتب بكري عبر حسابه على «إكس»، الأحد، أن المبادرة دليل أيضاً على «فقدان (الإخوان) للظهير الشعبي»، لافتاً إلى أن «حديث الصلح» يعكس «خلافاً حاداً في صفوف الجماعة»، متوقعاً أن تؤدي المبادرة إلى «زيادة حدة الانقسام داخل الجماعة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، ويقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام، محمد بديع داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر، بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة 2013.

وجاء الحديث عن «مبادرة الصلح» بعد ما تردّد أخيراً عن طرح شباب الجماعة في السجون المصرية «مبادرة للتخلّي عن أفكارهم»، وهو الطرح الذي لم تؤكده الجماعة أو تنفيه، كما لم «يعلق الأمن المصري عليه».

ويرى الباحث في شؤون الحركات الأصولية بمصر، سامح عيد، أن مبادرة «الإخوان» بشأن الصلح تعكس انقسامات داخل صفوف الجماعة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن المبادرة جاءت من مجموعة لندن التي يقودها حلمي الجزار، وهي الأقوى في الوقت الراهن، لكن المبادرة قد «لا تَلقَى قبولاً كافياً من مجموعات إخوانية أخرى، مثل مجموعة إسطنبول بقيادة محمود حسين».

ويتصارع على قيادة «الإخوان» جبهتان؛ الأولى في لندن بقيادة صلاح عبد الحق، والثانية في إسطنبول بقيادة محمود حسين، كما ظهرت جبهة ثالثة متصارعة أطلقت على نفسها «تيار الكماليّين»، الذي أسّسه في السابق محمد كمال، وهو مؤسس الجناح المسلّح لـ«الإخوان» ولجانه النوعية، وقُتل في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2016.

سامح عيد ربط توقيت مبادرة «صلح الإخوان» بتحركات الحكومة المصرية في ملف «الحبس الاحتياطي»، لكنه أشار إلى أن «المجتمع المصري ما زال يرفض عودة الجماعة للمشهد بأي شكل».

أيضاً دخل علاء مبارك، الابن الأكبر للرئيس الأسبق لمصر حسني مبارك، على خط «مبادرة الإخوان» بتعليق مقتضب عبر حسابه على «إكس»، قائلاً: «لا أمان لتجّار الدين».

وعلّق الإعلامي المصري أحمد موسى بقوله إن «شعب مصر قال كلمته، ولن يسمح لأي شخص بالحديث في هذا الموضوع نهائياً، ستظل جماعة (الإخوان) إرهابية وغير وطنية»، بينما قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، الدكتور سعيد الزغبي، إن حديث «الإخوان» عن «الصلح» «خدعة» لن يصدقها أحد.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «عودة الإخوان للمشهد مرفوض اجتماعياً بشكل قاطع»، وحسب الزغبي، فإنه «قد يكون توقيت المبادرة الإخوانية يرتبط بتحركات الحكومة المصرية والبرلمان لإقرار تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية».

جانب من لقاء الرئيسين السيسي وإردوغان خلال زيارته للقاهرة في 14 فبراير الماضي (أرشيفية - الرئاسة التركية)

ووفق مراقبين، «يحظى رفض عودة (الإخوان) للمشهد في مصر بتوافق واسع من جانب القوى السياسية، بما فيها المعارضة».

وربط القيادي بـ«الحركة المدنية الديمقراطية»، وتضم أحزاباً معارِضة، أحمد بهاء الدين شعبان، توقيت مبادرة «الإخوان» بـ«تسارُع التقارب المصري - التركي»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارب في العلاقات المصرية - التركية يُقلِق قيادات (الإخوان)، خصوصاً مع وجود عدد كبير في تركيا». وأكّد أن «الحركة المدنية الديمقراطية ترفض عودة الجماعة للمشهد بأي شكل من الأشكال».

وتتزامن التحركات الإخوانية الأخيرة مع ما ذكرته مصادر تركية بشأن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة، في 4 سبتمبر (أيلول) المقبل، للقاء نظيره التركي رجب طيب إردوغان.

ووفق المصادر ستكون الزيارة هي الأولى للسيسي إلى تركيا منذ تولّيه الحكم عام 2014، وذكرت المصادر أن السيسي وإردوغان سيترأسان اجتماع «مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى» بين تركيا ومصر في نسخته الجديدة، التي أُعلن عنها خلال زيارة الرئيس التركي للقاهرة في 14 فبراير (شباط) الماضي، والتي كانت الأولى التي يقوم بها إردوغان لمصر منذ 12 عاماً.


مقالات ذات صلة

كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (الرئاسة المصرية)

السيسي: الأوضاع المضطربة في المنطقة تفرض بناء قدرات شاملة لحماية مصر

أشاد الرئيس عبد الفتاح السيسي بالجهود التي تبذلها القوات المسلحة لـ«حماية الحدود المصرية من أي تهديدات محتملة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من قطاع الاتصالات في مصر (وزارة الاتصالات)

زيادة مرتقبة لأسعار خدمات الاتصالات تعمق أزمة الغلاء بمصر

أثار حديث مسؤول حكومي مصري عن زيادة مرتقبة في أسعار خدمات الاتصالات مخاوف لدى المصريين من موجة غلاء جديدة.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من المحادثات المصرية - الإيطالية للتعاون في مجال المياه (الري المصرية)

تعاون مصري - إيطالي لمجابهة «الفقر المائي»

تعاني مصر من «عجز مائي» بنحو 30 مليار متر مكعب سنوياً، حيث «تبلغ حصتها من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب سنوياً».

عصام فضل (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
TT

زيارة «وزير غيني» لحكومة حمّاد تفجر جدلاً في ليبيا

الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)
الحويج و«الوزير الغيني» (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

أحدثت زيارة أجراها «وزير دولة في غينيا بيساو» لحكومة شرق ليبيا في الرابع من الشهر الحالي، حالة من الجدل في البلاد، بعدما وصف بأنه «مزيف».

«الوزير الغيني» يتوسط الحويج ودومة والفضيل (يسار) (وزارة الخارجية)

وكان وزير الخارجية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب عبد الهادي الحويج، والنائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة استقبلا ما وصف بـ«وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو أمادو لامين سانو»، قبل أكثر من أسبوعين، غير أن نشطاء وإعلاميين شككوا في شخصية الأخير، وعدوه «شخصاً مزيفاً».

وانتشر بيان منسوب لوزارة الخارجية الغينية، لم يتسن لـ«الشرق الأوسط» التأكد منه، ينفي صلة «أمادو لامين سانو» برئيس الجمهورية والحكومة الغينية، وأنه «ليس مستشاراً للرئيس، ولم يُكلَّف من طرفه بنقل أي رسالة».

وعدّ الإعلامي الليبي خليل الحاسي، الواقعة «اختراقاً أمنياً مذهلاً في حكومة حمّاد في قلب بنغازي»، كما وصفها بأنها «فضيحة دبلوماسية سياسية مزلزلة في خارجيته».

وقال الحاسي، الذي كان أول المتناولين للواقعة عبر حسابه على منصة «إكس»، إن «شخصاً اسمه أمادو لامين سانو استطاع أن ينتحل صفة وزير الدولة والمستشار الخاص لرئيس جمهورية غينيا بيساو، وأن يضحك على الحكومة، وحظي باستقبال رسمي ومراسم وأرتال وفنادق وجولات سياسية».

«الوزير الغيني» خلال استقباله في شرق ليبيا (وزارة الخارجية بحكومة حماد)

وأمام تصاعد الجدل حول حقيقة «الوزير المزعوم» خرج وزير الخارجية الحويج، في مداخلة لقناة «الحدث» الليبية (الخميس)، ليدافع عن موقف حكومته، ويؤكد أن أمادو لامين سانو هو «وزير غيني تم استقباله في ليبيا بشكل رسمي».

واتهم الحويج حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بالوقوف وراء هذه «الشائعات»، وأرجع ذلك لأن حكومته «تحقق اختراقات» رغم الاعتراف الدولي بحكومة طرابلس، التي قال إن «لديها مشاكل».

بل إن الحويج قال إن أمادو لامين سانو يشغل أيضاً منصب وزير مكلف بشؤون الحج والعمرة لدولة غينيا بيساو، كما أنه مسؤول عن الشؤون الإسلامية والعربية في برلمانها.

وكان أمادو لامين سانو بحث في اللقاء الذي حضره أيضاً رئيس ديوان مجلس النواب عبد الله المصري الفضيل، سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين الصديقين.

ومع تواصل أصداء هذه الواقعة، قال رئيس تحرير جريدة «الوسط»، بشير زعبية إن حادثة «(الوزير الغيني المزعوم) ليست الأولى».

وذكّر زعبية بحادثة مماثلة كانت أحداثها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 عندما استقبل عدد من مسؤولي حكومة «الوفاق الوطني» آنذاك شخصاً من مالطا وقد انتحل صفة مبعوث رئيس الوزراء المالطي جوزيف موسكات، قبل أن تكشف أمره الحكومة المالطية.

وقد قال خليل الحاسي: «لم يكتشف الأمن الداخلي ولا المخابرات في بنغازي ذلك الاختراق الأمني، بل دولة غينيا بيساو التي أرسلت مذكرة عاجلة رداً على احتجاج سفارة ليبيا على الزيارة؛ لأنها تعني الاعتراف بحكومة حماد وليس الدبيبة».

يُشار إلى أنه في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أجرى حماد اتصالاً هاتفياً مع روي دوارتي دي باروس رئيس وزراء جمهورية غينيا بيساو.

وقالت الحكومة حين ذلك، إنهما تبادلا وجهات النظر حول تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل التعاون في المجالات ذات الأهمية المشتركة.